لا نمتلك القوة ولا القدرة لمقاطعة أمريكا

لا يختلف أشخاص طبيعيون على أن الفيلم الذى أخرجه بعض المرضى والموتورين عن الرسول الكريم من أحط وأسوأ الأفلام التي يمكن أن تخرج عن أي شخصية في تاريخ الإنسانية، فما بالنا إذا كانت عن نبي الإسلام الذي آمن برسالته ملايين البشر، ووصلت الإساءة والإهانة إلى قمتها حين تعمد البعض مع سبق الإصرار والترصد إخراج هذا الفيلم المتدني أخلاقيا وفنيا لإهانة المسلمين.وقد شاهدت الفيلم منذ 3 أيام على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ومدته حوالي 14 دقيقة، ومهما تحدث البعض عن إساءات لكل الأديان جرت في الغرب ضد المسيحية، ونادراً اليهودية، بتلميحات هنا أو إشارات هناك - شاهدت بعض هذه الأفلام في فرنسا في التسعينات- إلا أن هذا الفيلم كان من الوضاعة والتدني بحيث تصعب مقارنته بأي فيلم آخر.والمؤكد أن حق الشعوب العربية والإسلامية في التظاهر السلمى ضد الفيلم وملاحقة كل من تورط فيه من المصريين قضائياً أمر لا خلاف عليه، لكن أن يتحول التظاهر السلمي إلى اعتداء على رجال الشرطة وحرق ممتلكات عامة وخاصة واقتحام للسفارة الأمريكية وإنزال العلم في مصر، وقتل السفير الأمريكي في ليبيا، واعتداءات مشابهة في اليمن وتونس والسودان، ومظاهرات سلمية استثنائية في المغرب وبعض العواصم الآسيوية.والحقيقة أن كثيراً من ردات الفعل في مصر كانت شديدة السوء وبعيدة تماماً عن الانتصار الحقيقي لقيم الإسلام ورسالته، فهناك «التعميم في رد الفعل»، وهو عكس ما كنا نطالب به الغرب في تعامله معنا بعدم اعتبار كل العرب والمسلمين إرهابيين نتيجة أفعال تنظيم القاعدة، وكنا نصر مع كل عمل إرهابي يستهدف أجانب أو عرباً أو مسيحيين أن ندينه ونعتبر أن الإرهاب ليس له دين، ونرفض أن يعمم الغرب موقفه على كل العرب والمسلمين بسبب جرائم فردية قامت بها قلة منا.وللأسف الشديد بسبب التعصب الأعمى قام بعضنا برد الفعل نفسه الذي قام به كثير من المتعصبين في الغرب تجاهنا حين اعتبروا أن المشكلة في الإسلام، وأن العنف لا تقوم به قلة منحرفة، إنما هو بسبب ثقافة بأكملها تحض على العنف والكراهية، وعدنا واعتبرنا كل أمريكا مسؤولة عن الفيلم حكومة وشعبا، وأن كل أقباط المهجر، بل ربما كل الأقباط، مسؤولون عن هذا الفيلم، بسبب تورط بعض الموتورين والمرضى والكارهين لأنفسهم قبل أن يكونوا كارهين للإسلام فى جريمة إخراج هذا الفيلم.نعم كان يجب أن تقطع العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا - مهما كانت التكلفة السياسية والاقتصادية - لو كانت الإدارة الأمريكية هي التي أنتجت الفيلم أو روجت له أو تبنت مضامينه، لكنها لم يكن لها أي علاقة به وأدانته، وهو فيلم لم تنتجه أي مؤسسة أمريكية كبرى أو صغرى، بما فيها أكثرها تعصبا وكراهية للعرب، حتى يتطلب الأمر مقاطعة كل أمريكا - وهو طبعاً أمر لا نمتلك القوة ولا القدرة على تحقيقه.إن هناك قضايا كثيرة يجب أن نختلف فيها مع أمريكا، خاصة انحيازها الدائم لإسرائيل، ولكي نكون طرفاً مؤثراً في العالم كله لابد أن نتعلم كيف نختلف، وكيف نحتج، وكيف نؤثر في باقي دول العالم، لا أن نكون متفردين في كل شىء: طريقة حبنا وتأييدنا، وطريقة خلافنا ورفضنا. عمرو الشوبكي, عن «المصري اليوم»

لا نمتلك القوة ولا القدرة لمقاطعة أمريكا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أكادير قبلة لمهرجانات موسيقى العالم

موظفو الحي الجامعي بالرشيدية يحتجون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات