تجاور الأزواج في العمل أضحى مألوفا

محمد مرجان أستاذ علم الاجتماع يقول إن الكثير من الرجال يرون في عمل المرأة تحديا لسلطتهم يرى الدكتور محمد مرجان أن انخراط المرأة المغربية في سوق العمل هو استجابة لمقتضيات سوسيو ثقافية حملها المشروع الوطني الحداثي الذي يؤمن بتساوي الأفراد وتكافؤ فرصهم من أجل المساهمة في بناء المجتمع، لكن هذا الخروج في نظر أستاذ علم الاجتماع ظل خاضعا للتجاذب بين النظام الأجري النابعة من الحاجة المادية الملحة، وبين ما أسماه ننط التفكير البطريركي الذي يحن دائما إلى الدور التقليدي للمرأة. ويشير أستاذ علم الاجتماع الحضري بكلية الآداب جامعة ابن طفيل بالقنيطرة إلى أن وجود المرأة بجانب الرجل في العمل هو يتسم بالطابع الندّي. ويخلص صاحب كتاب "مقاربة سوسيولوجية لآليات التغير الاجتماعي بالمغرب" إلى أن عمل المرأة المندرج ضمن صيرورة نضالية تاريخية، لا يمكنه أن يتحقق بكيفية موفقة إلا في إدراك الشروط السوسيولوجية المصاحبة لهذا الخروج، وإلا أصبح عبارة عن تعدد للأدوار والوظائف لن يكون بمقدور المرأة التوفيق التام بينها. وربما يشكل هدا العمل تهديدا مباشرا لاستقرار الأسرة واستمراريتها خروج المرأة إلى العمل في المجتمع المغربي، هل هو بدافع الحاجة إلى المال، أم هو تحول في وعي المرأة بذاتها ورغبة منها في بناء شخصيتها؟ من المعلوم أن خروج المرأة المغربية للعمل تم في سياق مطبوع بانتشار التمدن والتصنيع والتمدرس، ومما لاشك فيه أن انخراط المرأة المغربية في سوق العمل استجاب في بداية الأمر إلى المقتضيات السوسيو ثقافية التي حملها المشروع الوطني باعتباره مشروعا حداثيا يؤمن بتساوي الأفراد وبتكافؤ فرصهم من أجل المساهمة في بناء المجتمع. غير أن هذا النوع من التاريخ يجعلنا نعتقد بان المرأة سابقا لم تعمل ولم تساهم بتاتا في تنمية الاقتصاد الأسري، في حين لا يمكن لأي باحث أن ينكر الدور الذي قامت به المرأة سابقا من أجل النهوض بالأسرة وبالمجتمع بشكل عام .التحول الذي يبدو في اعتقادنا لافتا من الناحية السوسيولوجية هو الانتقال من التقسيم الوظيفي للعمل (المرأة داخل البيت والرجل خارجه) إلى تعدد الأدوار وتداخلها بالنسبة إلى المرأة. هذا الانتقال لم يتم في ظروف عادية وسليمة، نظرا لغياب الوعي بشروطه السوسيو ثقافية من طرف المرأة والرجل على حد سواء، مع محدودية الاستعداد والتهيؤ لهدا النوع من التطور من طرف المؤسسات والهياكل الرسمية داخل المجتمع. النتيجة أن أرض الفاعل الحداثي أرض غير حداثية، والصراع اليومي الذي أصبح يحكم سلوك المرأة العاملة بشكل عام هو بين النظام الأجري النابع من الحاجة المادية الملحة، وبين نمط التفكير البطريركي المتشوق دوما لدورها التقليدي. للمزيد من التوضيح يمكن التساؤل عن مجموعة من القضايا المرتبطة بخروج المرأة للعمل. إلى أي حد ساهم هذا الخروج في تحول العلاقة بين الزوجين وفي تطورها نحو الأحسن ؟ هل أصبح الرباط الزواجي والعاطفي والإنساني أكثر قوة ومتانة بفضل هدا العمل؟حقيقة أن وجود المرأة بجانب الرجل في مكان العمل على اختلاف درجاته أصبح اليوم أمرا مألوفا، والغالب أن السلوك الندي هو الذي يطبع هده العلاقة المهنية بينهما، ومع ذلك فالقليل من الدراسات الاجتماعية التي اهتمت بهذه العلاقة على المستوى الأفقي والعمودي، إضافة إلى طبيعة العلاقة بين المرأة العاملة وبين المدرين الذكور أو العكس.بصورة عامة لا يمكننا إغفال العديد من التغيرات التي يمكن أن تلامس الحياة العاطفية والجنسية للرجل والمرأة نتيجة عملهما خارج المنزل. لقد أصبح علماء الاجتماع يتكلمون اليوم عن تراجيدية الإيقاع السريع في الحياة اليومية وكثافة ساعات العمل، الأمر الذي لا يترك ما يكفي من الوقت لإنتاج السعادة الزوجية والتي تتطلب شروطا إنسانية وعاطفية مستقرة وقوية، ولعل الإحصاء البسيط لمعدل ساعات العمل خارج البيت لكلا الطرفين مقارنة مع ساعات الاستجمام والراحة داخل الأسرة يكفي للشعور بهذا التوتر المؤلم في بعض الحالات. لكن إذا كان الرجل يقبل بهده المساواة على المستوى المهني، فهل يرتضيها فعلا داخل البيت؟هناك مواقف متباينة يمكن تلخيصها فيما يلي :البعض من الرجال يعيشون أزمة نفسية غير معلنة، نتيجة الإحساس العميق بالخطر المحدق بذكورتهم، أو بلغة علماء النفس بإمكانية الإخصاء الممكن لهذه الذكورة.والبعض الآخر يخشى من التحول الذي يمكن أن يطرأ على علاقة التبعية التقليدية الموجودة أساسا بين الرجل والمرأة، وبالتالي احتمال فقدان هيبتهم واحترامهم تجاه الزوجة العاملة.بينما يرى الآخرون أن هذا العمل هو نوع من التحدي لسلطتهم. تكامل هذه المواقف وتداخلها أحيانا لا يمنعنا من القول بوجود نوع من التوافق الضمني بينها يقوم على التالي: يقبل الرجال بالمساواة على المستوى المهني، ولكنهم حريصون على الحفاظ على سلطتهم داخل المنزل، وفي حالة المقاومة لهذه السيطرة من طرف المرأة العاملة فان ردود الفعل تكون متفاوتة، فإما أن الرجل ينسحب أو يستقيل نسبيا من كافة المهمات والمسؤوليات المنوطة عادة به. أو أن الصراع بين الطرفين يصبح السمة الغالبة في الحياة الأسرية. يؤدي هذا الوضع في الغالب إلى بروز بعض الظواهر مثل طمع الأزواج في رواتب زوجاتهم، كيف ترون مثل هاته الظواهر، وبالتالي يتحول هذا الراتب إلى عامل مهدد لكيان الأسرة؟إن عملية بناء الهوية الزوجية في مثل هده الأوضاع تتسم بنوع من التنافسية ومن الصراع المبطن والذي يتخذ أشكالا عديدة للتعبير عن نفسه. ليس أقلها الاستحواذ على أجرة المرأة العاملة. إذ تساهم المرأة العاملة بشكل قوي في الاقتصاد الأسري، لكن أظهرت بعض الدراسات أنه داخل الفئات المتوسطة والضعيفة يميل الرجال إلى الاستحواذ التام على أجور زوجاتهم، ويقل هذا السلوك كلما ارتفع مستوى التمدرس والعلاقات الاجتماعية والرأسمال الرمزي لدى المرأة.إن الاعتبار الأساسي الذي يجعل من عمل المرآة محركا جوهريا وعنصرا فعالا في العلاقات الزواجية، بما يمثله من تغيير في الصورة النمطية للمرأة وفي وضعيتها التقليدية لا يمكنه أن يخفي مجموعة من التناقضات التي يمكن أن تلامس مستوى تحديث السلوكات والقيم. وعلى هذا الأساس يمكن القول إن عمل المرأة المندرج ضمن صيرورة نضالية تاريخية، لا يمكنه أن يتحقق بكيفية موفقة إلا في إدراك الشروط السوسيولوجية المصاحبة لهدا الخروج، وإلا أصبح عبارة عن تعدد للأدوار والوظائف لن يكون بمقدور المرأة التوفيق التام بينها. وربما يشكل هذا العمل تهديدا مباشرا لاستقرار الأسرة واستمراريتها. أجرى الحوار: عزيز المجدوب

تجاور الأزواج في العمل أضحى مألوفا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تغيير لون الشعر... مغامرة قد تؤدي إلى كارثة

حين يكون راتب الزوجة أعلى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات