غلاء الكتاب المدرسي يدفع الأسر إلى الاستدانة

أكومي: النقاش حول الكتاب المدرسي يجب أن يشمل مضمونه أوجاع حادة تنتاب رؤوس الآباء والأولياء هذه الأيام، وتقض مضاجعهم وتدفع كثيرين منهم إلى الاستدانة لمجابهة غول مصاريف جديد، أتى بعد مسلسل إنفاق طويل، خلال عطلة الصيف وخلال شهر رمضان وكذلك عيد الفطر، ثلاث مناسبات كانت كافية لتجفيف موارد الأسر إلى آخر فلس. اليوم جاء الدور على المدرسة لتستنزف بدورها ما تبقى من احتياطيات الأسر. «غير الله يلطف والسلام»، يقول عبد الله معلقا على اقتراب موعد الدخول المدرسي. عبد الله، الذي يشتغل موظفا بإحدى الإدارات العمومية بالعاصمة الرباط، أب لطفلين؛ أحدهما في السنة الثانية والآخر في السنة الخامسة من المرحلة الابتدائية. يقول هذا الرجل ل»الصباح»، خلال جلسة بأحد مقاهي العاصمة أول أمس (السبت)، إنه قد يلجأ إلى الاقتراض من أحد معارفه وفي أسوأ الأحوال سيلجأ إلى بنك من البنوك لتوفير مصاريف الأدوات الباهظة لتلاميذ المدارس الخاصة، خصوصا في هذه الفترة من السنة التي تتوالى فيها عمليات استنزاف مدخرات العائلات المغربية بلا رحمة».عبد الله، كما هو الشأن بالنسبة إلى الكثير من الآباء والأولياء المنتمين، إحصائيا، إلى الطبقة المتوسطة تنتظرهم خلال مطلع الشهر الجاري حزمة مصاريف تتوزع بين مصاريف إعادة تسجيل ابنيه اللذين يتابعان دراستهما في إحدى المدارس الخاصة، ومصاريف المقررات المدرسية وما يرافقها من مستلزمات وأدوات ومحافظ جديدة، علاوة على مصاريف الكساء.«هذه الأيام سأكون مضطرا إلى توفير مبلغ 5500 درهم لتغطية مصاريف إعادة تسجيلهما (طفلاه) وشراء مقرراتهما ودفاترهما وأدواتهما وملابسهما»، يضيف عبد الله، وهو يبدو مغموما من «ضخامة» هذا المبلغ، الذي سيتنزف حوالي ثلثي راتبه الشهري، دون ذكر واجبات الكراء وأقساط السيارة ومصاريف البيت الأخرى. «لا حل أمام هذه المصاريف سوى الاقتراض، إما من أحد الأقارب وهو احتمال ضعيف، أو أحد البنوك وهو الملاذ الذي بإمكانه ضمان توفير هذه المصاريف»، يشرح الرجل باستسلام. الغلاء الذي تعرفه أسعار الكتب، خاصة بالنسبة إلى الآباء والأولياء الذين اختاروا لأبنائهم القطاع الخاص لمتابعة تمدرسهم، يؤكده أيضا الكتبيون. فأحد هؤلاء، والذي يملك مكتبة بالعاصمة الإدارية الرباط، قدم ل»الصباح» أرقاما حول «تكلفة» تلميذ مثلا في المرحلة النهائية من المستوى الثانوي تخصص علوم اقتصادية أو رياضية، وهي بالمناسبة الشعب التي صارت تستقطب أعدادا متزايدة من التلاميذ ما أن كثيرا من الآباء يشجعون أبناءهم على الالتحاق بها، إذ تتراوح مصاريف شراء المقررات المدرسية والأدوات والمستلزمات فقط ما بين 2500 درهم و3 آلاف درهم، من دون محفظة الكتب.ويضيف هذا الكتبي، الذي رفض الكشف عن هويته، أن الأمر نفسه يكاد يتكرر مع الذين يتابعون تعليمهم في شعبة العلوم التجريبية (مستوى الباكلوريا)، إذ أن مقرارات دفاتر وأدوات الذين يتابعون دراستهم في تخصصات من قبيل الفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة والأرض... تكلف ميزانية قد تتجاوز مبلغ 2000 درهم، خاصة إذا كانت لائحة الكتب تتضمن مرجعا أو أكثر يتطلب توفيره إرسال طلبية (كوموند) إلى إحدى المطابع الأجنبية، وهي الحالة التي تتكرر غير ما مرة. ويؤكد الكتبي أن مثل هذه الحالات تدفع بعض العائلات إلى التعبير عن تذمرها وغضبها من غياب مراجع منصوص عليها في اللوائح التي تحددها المدارس الخاصة التي يتابعون فيها تمدرسهم.أما تلميذ في المرحلة الابتدائية، وبالضبط في السنة السادسة، فإنه سيكلف والديه، مبلغا يصل إلى 1500 درهم متضمنا للمقررات والدفاتر والأدوات وكذلك المحفظة، ويوضح مصدر الجريدة أن هذه الأسعار، التي يعتبرها الآباء والأولياء مرتفعة جدا، يكتوي بنارها الذين سجلوا أبناءهم في المدارس الخاصة التي تفرض على التلاميذ لوائح مقررات وحتى دفاتر ولوازم معينة وبأسماء ماركات معينة، عكس الذين يتابعون تمدرسهم في مؤسسات التعليم العمومي الذي تمنح لهم جميع الكتب الدراسية مجانا. وفي هذا السياق، قال عبد السلام أكومي، رئيس كونفدرالية جمعيات الآباء والأولياء للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي بالمغرب، إن هناك فعلا زيادات تعرفها أسعار الكتب من موسم دراسي لآخر، محذرا من أن مثل هذه الزيادات الاعتباطية وغير المقننة تهدد بدفع أسر التلاميذ إلى النزول إلى الشارع، والذين في نظرهم يشتكون من المعاملات التي يلقونها من لدن مؤسسات التعليم الخاص.وأكد أكومي أنه النقاش حول أسعار الكتاب المدرسي في السوق الوطنية ينبغي أن يتوسع ليشمل كذلك مضمون هذه المقررات، التي رأى أنها يجب أن تخضع للمراجعة والمراقبة من طرف الجهات الوصية على قطاع التعليم، وقال في اتصال هاتفي أجرته معه «الصباح» ظهر أول أمس (الأحد)، إن الكتب المدرسية مازالت «لم ترق إلى التطورات والمستجدات التي نص عليها كل من الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي».وفي سياق حديثه عن أسعار الكتب أشار أكومي إلى أن أي زيادة في أسعار الكتب أو الدفاتر وباقي مستلزمات تمدرس التلاميذ تمثل إرهاقا مضافا إلى كاهل الأسر المغربية المغلوب على أمرها جراء كثرة مصاريف الحياة، داعيا إلى إعادة النظر في هذه المسألة التي باتت تؤرق وترهق الأسر المغربية. محمد أرحمني

غلاء الكتاب المدرسي يدفع الأسر إلى الاستدانة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحديد أسعار "المقررات" يحول دون التلاعب بها

مستلزمات الدخول المدرسي تدخل عالم التجارة الإلكترونية بأكادير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات