الفاروق” يتعرض للظلم في “عمر”

"مساحة الدور المخصص لأبي سفيان وبلال أكثر أهمية من دور خليفة المسلمين تجاوز مسلسل «عمر»، الذي يعرض خلال شهر رمضان الجاري على عدد من الفضائيات العربية والأجنبية، أكثر من نصف حلقاته، دون أن يتمكن المشاهد، لحد الآن، من التعرف على الشخصية الحقيقية لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب، أو حتى بعض الجوانب الخفية منها، ليكون العمل متحدثا عن كل شيء إلا عن سيرة عمر. وكان أحرى بالقائمين على المسلسل الذي أقام الدنيا وشغل الناس حتى قبل موعد عرضه، أن يختاروا اسما آخر للعمل تكون له علاقة بمجريات الأحداث التي يعرضها، إذ ركز «عمر»، على مدى حلقاته السابقة، على دعوة الإسلام التي جاء بها النبي محمد وخرج بها إلى قومه قريش، بكل تفاصيلها التي سبق للمشاهد أن اطلع عليها في فيلم «الرسالة» الشهير للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد، بل إن مساحة الدور المخصص إلى بعض الشخصيات في العمل مثل شخصية أبي سفيان، أو شخصيتي عتبة وأبي جهل، كانت أكبر مما خصصه العمل للفاروق عمر، مؤسس أول «حكومة» إسلامية «ديمقراطية» عادلة بعد وفاة الرسول عليه السلام، وصاحب الإنجازات الكبرى والمضيئة في تاريخ الإسلام. وربما فاق ظهور الممثلين اللذين أديا دوري العبدين بلال ووحشي، الظهور المخصص للممثل الصاعد سامر إسماعيل، مجسد شخصية عمر بن الخطاب، والذي كان اختياره غير موفق تماما، وظهر أن الدور أكبر من حجمه بكثير، إذ كان أداؤه جامدا وآليا، ولم ينجح في أن يجعل المشاهد يتفاعل معه.وفي السياق نفسه، لا يفهم لماذا أصر بعض الفقهاء والعلماء الذين أجازوا إظهار «وجه» الخليفة عمر في المسلسل، (وهي سابقة في تاريخ الأعمال الدرامية والسينمائية العربية)، على أن يكون مجسد الشخصية ممثلا لم يسبق له الظهور قبل ذلك في أعمال أخرى، بدعوى تجنب الإساءة إلى شخصية عمر وحتى لا يقرن المشاهد الشخصية «المقدسة» في تاريخ المسلمين، بشخصيات أخرى قد يكون لعبها الممثل نفسه في أدوار سابقة، خاصة أن شخصيات لا تقل أهمية و»قداسة» عن عمر، مثل أبي بكر الصديق أو علي بن أبي طالب لعب أدوارها ممثلون معروفون لدى الجمهور دون أن يشكل ذلك أدنى حرج، بل بالعكس، أضاف الممثل السوري القدير غسان مسعود، مثلا، رونقا خاصا على شخصية الصديق أبي بكر، صديق الرسول، وأول خليفة للمسلمين، وذلك بفضل أدائه المتميز وموهبته التي لا يشق لها غبار.وفي هذا الإطار، يحضر بقوة اسم الممثل السوري المتميز تيم الحسن، والذي كان بالتأكيد سيشكل إضافة نوعية إلى شخصية الفاروق عمر، بعد أن أثبت علو كعبه أثناء مشاركته في العديد من المسلسلات العربية التي حققت جماهيرية كبيرة عند عرضها، مثل مسلسلات «الزير سالم» و»صقر قريش» و»صلاح الدين الأيوبي» و»ملوك الطوائف»، إضافة إلى دوره المتميز في مسلسل «الملك فاروق». من ناحية أخرى، قدم العمل إلى المشاهد تحفة فنية جميلة من الناحية التقنية، وعلى مستوى التصوير البارع للمعارك، جعلته يتغاضى عن بعض هفوات المسلسل، خاصة الأخطاء النحوية التي ترتكب بفظاعة لأكثر من مرة في الحلقة نفسها وتزعج أذني المتلقي. ويسجل للعمل أنه استطاع أن يكسر حاجز تصوير الصحابة والخلفاء في خطوة أولى نتمنى أن تتلوها خطوات أخرى أكثر جرأة وشجاعة، حين تنكب أعمال عربية في المستقبل على تقديم بعض شخصيات الإسلام بكل واقعية وصدق، وتنزع عنها رداء القداسة. إن أعمالا من شاكلة «عمر» تحتاج إلى مساحة كبيرة من الحرية، لتكون أعمالا ضخمة فعلا من الناحية التاريخية والتوثيقية، وليس فقط على مستوى الإنتاج. نورا الفواري

الفاروق” يتعرض للظلم في “عمر”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الخلفي: قريبا سنغلق صفحة دفاتر التحملات

دراسة: قل كلمتك في إصلاح القضاء ... وامش (الحلقة الأخيرة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات