الشروط والأحكام القانونية لاستئصال وزرع الأعضاء البشرية

مناقشة للإطار القانوني العام المتضمن لكافة الشروط الأساسية والضرورية لتنظيم هذه العمليات كثيرا ما تصدر التشريعات والقوانين التنظيمية دون العمل على التعريف بها وتهييء الوسائل اللازمة لتفعيلها، وإعداد الأرضية المناسبة لتطبيقها بشكل إيجابي، وفق الغاية التي قننت من أجلها، الشيء الذي يجعلها تصطدم أثناء الممارسة الميدانية في أغلب الأحيان بعدة إكراهات بنيوية ومعوقات لوجستيكية، وأخرى بشرية يطرحها ويفرضها الواقع العملي. نتناول فيما يلي وعبر سطور هذا المقال، القانون الهام المتعلق بصحة وحياة الإنسان، ألا وهو قانون التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، الصادر أيضا دون قيام الوزارة المعنية بتوفير التجهيزات والبنيات والآليات الضرورية وتأهيل الموارد البشرية الكافية، بالإضافة إلى عدم القيام بالمجهودات اللازمة للتعريف بهذا القانون المتميز، والكفيلة بتنوير الرأي العام الوطني بفائدته وأهميته القصوى، عبر وسائل الإعلام الوطنية، وبواسطة جمعيات المجتمع المدني باعتبارها وسيلة تواصلية مهمة وناجعة، والتي يمكن لها أن تلعب في هذا الإطار أدوارا كبيرة عن طريق قيامها بعقد ندوات تحسيسية، وتنظيمها لأيام دراسية في مختلف ربوع وأنحاء المملكة لأجل تعميم الفائدة، وتوضيح بنود القانون المشار إليه، والعمل على تحفيز الناس وتشجيعهم على القيام بهذا العمل الإنساني النبيل الذي يدخل في باب الإحسان، والهادف إلى تخفيف المعاناة والآلام عن المرضى المحتاجين للأعضاء، وبعث الأمل في نفوسهم، خصوصا المرضى الذين يعانون من مرض القصور الكلوي، والذين يخضعون وهم كارهون لحصص تصفية الدم، وما يترتب عنها من تداعيات سلبية كالإرهاق البدني والمعاناة النفسية والمصاريف المكلفة.نطرح للمناقشة بهذه المناسبة القانون المشار إليه، والمتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها، من خلال استعراضنا للشروط الضرورية، والعقوبات الزجرية، التي تتضمنها مواده.فلأجل ملء الفراغ التشريعي، وتدارك النقص القانوني الحاصل في هذا المجال، ورغبة من المشرع في حماية الأرواح، والتخفيف من آلام المرضى المحتاجين إلى الأعضاء البشرية، وحماية للمجتمع وتحصينه بمواد قانونية تمكنه من تفادي كل ما من شانه أن يؤدي إلى بروز ظاهرة الاتجار في الأعضاء البشرية.لأجل كل الأسباب السالفة الذكر، وضع المشرع المغربي على غرار الدول الأوربية ذات السبق في هذا المجال، الظهير الشريف رقم: 1.99.208 الصادر في 13 جمادى الأولى 1420 (25 أغسطس 1999) بتنفيذ القانون رقم: 98.16، وكذا المرسوم رقم 2.01.1643 الصادر في شعبان 1423 (9 أكتوبر 2002) بتطبيق القانون نفسه المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها، والذي أصبح يشكل بهذا الخصوص الإطار القانوني العام المتضمن لكافة الشروط الأساسية والضرورية التي من شأنها تنظيم عمليات أخذ أو زرع الأعضاء البشرية، وألزم التقيد بها وتطبيقها وفق ما تنص عليه مواد القانون المشار إليه، والنصوص المنظمة له والصادرة لتطبيقه.في هذا الصدد ولأجل القيام بعمليات استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية من أجسام المتبرعين بها سواء الأحياء أو الأموات، والقيام بعمليات زرعها للأشخاص المحتاجين لها، أو أخذها لأجل البحث العلمي، حدد المشرع في هذا الإطار سلسلة من الإجراءات القانونية التي توضح ما يجوز وما لا يجوز في هذا المجال، كما وضع جملة من الشروط الهامة والتدابير الوقائية، والعقوبات الزجرية الصارمة التي يمكن أن تطول كل مخالف لبنود ومقتضيات هذا القانون.ونتناول فيما يلي حالات التبرع الثلاث الواردة في هذا القانون وهي:1- حالة تبرع شخص حي لفائدة شخص آخر لغاية العلاج.2- حالة تبرع شخص قيد حياته لغاية العلاج أو لفائدة البحث العلمي بعد وفاته.3- حالة أخذ أعضاء شخص ثبتت وفاته دماغيا.وقبل مناقشة الحالات الثلاث المشار إليها نقدم فيما يلي تعريفا للأعضاء والأنسجة البشرية من جهة، وكذا تعريفا للأعضاء والأنسجة البشرية القابلة للخلفة بشكل طبيعي من جهة ثانية، وأخيرا تحديد نوعية تلك الأعضاء والأنسجة، كما نصت على ذلك بنود هذا القانون.فبخصوص عبارة «عضو بشري» توضح المادة 2 ق.ت.أ.ب. بأن المقصود من تلك العبارة هو كل جزء من جسم الإنسان سواء كان قابلا للخلفة أم لا، كما يراد بها أيضا الأنسجة البشرية باستثناء تلك المتصلة بالتوالد.وقد نصت المادة الأولى من المرسوم رقم 2.01.1643 الصادر بتطبيق القانون رقم 98.16 على تحديد الأعضاء البشرية وهي كالتالي:الكلية – القلب – الرئة – الكبد – البانكرياس – الأمعاء – مجموعة القلب والرئتين – المقلة.كما ورد في نفس المادة تحديد الأنسجة البشرية وهي:العظام – الشرايين – الأوردة – النخاع العظمي – صمامات القلب – الغشاء السابيائي – الجلد - الأوتار – قرنية العين – الأربطة المفصلية – غشاء الدماغ والحبل الشوكي – الغشاء العضلي – الخلايا الأصلية المكونة للدم – كل الخلايا الأخرى باستثناء الخلايا المتصلة بالتوالد.وفيما يتعلق بالأعضاء والأنسجة البشرية القابلة للخلفة بشكل طبيعي فقد تم تحديدها بموجب المادة رقم 2 من المرسوم المشار إليه وهي: الجلد – النخاع العظمي – العظام.ولأجل التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، ثم أخذها وزرعها سواء من الأحياء أو من الأموات عند ثبوت وفاتهم بصفة نهائية، أو فقط عند ثبوت الوفاة الدماغية، اشترط القانون في هذا الصدد عدة شروط وضوابط صارمة وهي كالتالي:1- وجوب تصريح المتبرع بموافقته أمام القضاء:تعتبر موافقة المتبرع على أخذ عضو من أعضائه من أهم وأول الشروط التي ينص عليها القانون.فطبقا للمادة 4 ق.ت.أ.ب لا يجوز أخذ أعضاء أي شخص إلا بعد الحصول على موافقته، مع إمكانية تراجع المتبرع عن موافقته والقيام بإلغائها في جميع الحالات.في هذا الصدد، وفي حالة إبداء المتبرع لرغبته في منح عضو من أعضائه تنص المادة 10 من القانون رقم 98.16 المتممة بموجب المادة الفريدة الصادر بمقتضاها الظهير الشريف رقم 1.06.140 بتنفيذ القانون رقم 05.26 وتتميم القانون رقم 98.16 وطبقا للمادة 22 من المرسوم رقم 2.01.1643 على ضرورة حضور المتبرع شخصيا أمام رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها مقر إقامته، أو أمام رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها المستشفى العمومي المعتمد لغاية إجراء عمليات أخذ وزرع الأعضاء أو أمام قاض من المحكمة المختصة يعينه الرئيس خصيصا لهذه الغاية، بحضور طبيبين يعينهما وزير الصحة باقتراح من رئيس المجلس الوطني لهيأة الأطباء الوطنية، واللذين يعهد إليهما بأن يشرحا للشخص المتبرع بالعضو أبعاد وتبعات عملية التبرع التي سوف يقدم عليها، كما يوضحان للقاضي الفائدة العلاجية المتوخاة من عملية الأخذ.وبطلب من رئيس المحكمة، أو من القاضي المنتدب يتم استطلاع رأي وكيل الملك أو من ينوب عنه الذي يعتبر حضوره ضروريا في هذا النوع من القضايا باعتبارها من النظام العام.ويحرر في النهاية الرئيس أو القاضي المنتدب محضرا مفصلا بذلك يضمن فيه هوية المتبرع والمتبرع له وعلاقة القرابة التي تربط بينهما، كما يشهد من خلاله على موافقة المتبرع، ثم يوقعه، كما يوقع الطبيبان المعينان إلى جانبه، ثم يحيل المحضر المنجز على كتابة الضبط التي تعمل بدورها على تسجيله في السجل المعد لهذه الغاية وترقيمه، ثم أخيرا تعمل على تسليم نسخة منه مطابقة للأصل إلى الأطباء المسؤولين والمكلفين بإجراء عملية استئصال العضو قصد إيداعها في ملف المتبرع إذا كان حيا، رفقة التقرير المنجز من طرف الأطباء المكلفين بعملية أخذ العضو، وذلك طبقا لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 24. بقلم: المصطفى ناضر بوعبيد: منتدب قضائي إقليمي بالنيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء

الشروط والأحكام القانونية لاستئصال وزرع الأعضاء البشرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تبرئة 13 شخصا من تهمة تزوير محرر رسمي بسطات

تنامي الاتجار في المخدرات الصلبة بتطوان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات