شعباني: الآباء وراء تبني أبنائهم نمط حياة مختلفا

أستاذ علم الاجتماع أكد أن أبناء الميسورين يميلون إلى عدم الاختلاط بأبناء الطبقات الأخرى يرى علي شعباني، أستاذ باحث في علم الاجتماع أن الآباء هم من يدفع أبناءهم إلى تبني نمط حياة مختلف عما هو سائد، مبرزا أن أبناء الطبقات الغنية في المغرب، غالبا ما تجمع بينهم صفات مشتركة، فهم يميلون نحو خلق عالم خاص بهم، ويتبنون سلوكات وقيما مشتركة، سواء تعلق الأمر بالهوايات أو الأماكن التي يرتادونها، أو طريقة الكلام والمواضيع أو الفنون والرياضات التي يفضلونها. تفاصيل أكثر حول الموضوع في الحوار التالي: هناك فئة في المجتمع المغربي، سيما شباب ومراهقي أبناء الطبقات الميسورة، يعيشون في عالم خاص بهم، كما لو أن لهم حياتهم الخاصة: طريقة تعليمهم، لباسهم، هواياتهم، أماكن تسليتهم.. كيف ترون الأمر؟ منذ أواخر القرن التاسع عشر، كتب تورستين فيبلين، أحد علماء الاجتماع الأمريكيين، عن طبقة اجتماعية، أطلق عليها نعت «طبقة الترويح». فهل يمكن اعتبار أبناء الطبقة الميسورة في المغرب الراهن، «أبناء طبقة الترويح»؟هذا ما يظهر من خلال ملاحظة أساليب حياة هؤلاء الشباب والمراهقين، ومن خلال سلوكاتهم وما يتمتعون به من امتيازات، وما يحظون به من عناية -على المستوى المادي- وما يستفيدون به من كماليات، واستهلاك مبالغ فيه إلى حد الغثيان، وحب التظاهر، والرغبة في الاختلاف والتميز عن أبناء الطبقات الأخرى. لا يوجد خلاف بين العديد من الملاحظين والباحثين الاجتماعيين، في أن ظاهرة جديدة بدأت تطفو على سطح المجتمع المغربي الراهن، تتمثل في ظهور فئة من الشباب والمراهقين، تجمع بينهم قواسم مشتركة، ويتحدرون من أسر ظهر عليها الثراء واليسر المادي.وتجمع بين هؤلاء الشباب والمراهقين صفات مشتركة أصبحت عامة بينهم، ويميلون نحو خلق عالم خاص بهم، ويتبنون سلوكات وقيما مشتركة، سواء تعلق الأمر بالهوايات أو الأماكن التي يرتادونها، أو في طريقة الكلام والمواضيع أو الفنون والرياضات التي يفضلونها. أو تعلق الأمر باللباس وطريقة حلاقة الرأس أو الذقن. أو تعلق الأمر كذلك باختيار المدارس ونوعية التكوين ولغة الدراسة والتواصل. لقد أصبح من السهل على أي إنسان، سواء كان مهتما بهذه الفئة من الشباب والمراهقين أو لا، ملاحظة تجمعاتهم في بعض أحياء المدن الكبرى المغربية، أو في بعض محلات بيع الأكلات السريعة وبعض المقاهي. يركبون سيارات فارهة وفاخرة ودراجات نارية من الحجم الكبير، ويتجمعون في أماكن خاصة تعودوا على الالتقاء بها. يميلون إلى العزلة والحرص على عدم الاختلاط بأبناء الطبقات الأخرى. هم شديدو الاعتداد بأنفسهم ونفوذ وثراء وجاه الأسر التي يتحدرون منها، ويظهرون تعلقهم بنمط الحياة الغربية رغم أنهم يعيشون في مجتمع حضارته عريقة، وسكانه متشبثون بقيمه وثقافته. هل يمكن أن نتحدث عن انفصام في الهوية، ما دمنا نتحدث عن شباب يعيشون في المغرب وفق منهاج ونمط حياة غربي؟إن كان هناك انفصام في الهوية، فإن المسؤولية لا تعود إليهم بالكامل، لأنها تعود بالأساس وبالدرجة الأولى إلى آبائهم الذين دفعوا بهم نحو تبني نمط حياة مختلف عما هو سائد في المجتمع المغربي. فعندما تدخل الأسرة أبناءها إلى مدارس البعثات الأجنبية، التي تلقن التلاميذ تاريخ مجتمعاتها وتفتخر بمنجزاتها العلمية والتكنولوجية، وتشيد بأعلامها في ميادين الفكر والعلم والآداب، وبلغة بلد المؤسسة التعليمية التي يتابع فيها هذا الطفل المغربي دراسته، فإن النتائج لا يمكن أن تختلف عما يمكن ملاحظته لدى هذه الفئة من الشباب والمراهقين المنتمين للطبقات الميسورة في غالبيتها. إن المدرسة الأجنبية، لا تعلم الأطفال، مغاربة كانوا أو غير مغاربة، القراءة والكتابة فقط، بل تغرس فيهم قيمها وتلقن لهم تاريخها وانتصاراتها، وتعمل على ترسيخ مبادئها وعادات وسلوكات مواطنيها. إنها من خلال ذلك تعمل على تربية النشء على مقومات حضارتها، لتدفع بهم إلى التعلق بهذه الحضارة وتبنيها والدفاع عنها، وهذا ما يحصل عندما نلاحظ تعلق أبناء الطبقات الميسورة في المغرب، بنمط الحياة في أوربا أو أمريكا، والرغبة في الانسلاخ من هوية البلد الذي ينتمون إليه. إن الابتعاد عن ثقافة وقيم ولغة المجتمع الذي ينشأ ويتربى فيه الإنسان، من العوامل الأساسية التي تجعل هذا اّلإنسان، مستعدا لتبني عادات وسلوكات المجتمع الذي تشبع بثقافته وأعجب بمنجزاته وأتقن لغته وتقرب من فئات في نفس عمره، أو شاركهم مقاعد المدرسة، أو له معهم ذكريات مشتركة. إن الهوية الحقيقية لهذا الإنسان هي التي اكتسبها بفعل الدراسة والتكوين والمعايشة، وليست تلك التي تحصل عليها بفعل الانتماء الجغرافي لسكن والديه. برأيكم، ما هي الأسباب والدوافع التي جعلتهم ينزاحون إلى هذا النمط من العيش؟من القواعد البسيطة في الحياة الاجتماعية، هي أن الإنسان يميل بالفطرة إلى الأماكن التي يجد فيها الراحة والطمأنينة، ويفضل الزملاء والرفاق الذين يشاطرونه ميولاته وأفكاره وهواياته، ويتكلمون لغته. وهذا ما يحصل عندما نرى بأن فئة من أبناء الطبقة الميسورة، وليس كلهم، ينزاحون نحو تبني نمط من الحياة، قد يكون خاصا بهم. المسألة بسيطة. قد يكون في ذلك راحة لهم وانسجاما مع طموحاتهم وتطلعاتهم في ميادين الترفيه والتسلية، ومن يشاطرونهم أفكارهم وأحلامهم. هذا بالإضافة إلى أن نمط التكوين والاقتناع والتعلق بقيم وسلوكات مجتمعات أخرى، يكون لها من القوة والجاذبية، ما يجعلهم يميلون إلى هذا النمط من الحياة. أجرت الحوار: هجر المغلي

شعباني: الآباء وراء تبني أبنائهم نمط حياة مختلفا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أبناء الأثرياء يتمردون على أنفسهم

مدارس البعثات... تعليم أجنبي لفائدة أبناء الميسورين

مقالات ذات صلة