“نايضة” عند “فيس أبَابَا”

"ايمي" و"ميمي" و"سيمو" و"زيكو" ألقاب تلاميذ من أبناء الثانويات الخاصة أمام إحدى الثانويات المعروفة بمدينة البيضاء، يقف شباب في مقتبل العمر، يرتدون ملابس تثير انتباه كل من مر بمحاذاتهم، فالذكور أبدعوا في تطوير «التشويكة»، ووحدتهم سراويل «سليم» الضيقة التي تكاد تسقط عن المؤخرة، فيما وحدت ملابس شبه عارية الإناث اللواتي ضربن بكعوبهن العالية نظرات المارة عرض الحائط. بحركة «التيكتونيك»، الرقصة التي عرفت انتشارا واسعا في أوساط الشباب المغاربة، يتحاور الشباب في ما بينهم، بالقرب من إحدى المؤسسات التعليمية بمدينة الدار البيضاء. وبلغة امتزجت فيها الفرنسية بالدارجة المغربية الشبابية وبالكلمات النابية، يناقشون مواضيعهم الخاصة، والتي غالبا ما تنحصر في الألوان الموسيقية الشبابية، وآخر صيحات موضة الملابس والأحذية التي خرجت بها أكبر الماركات العالمية. قد يعتقد الكثير من الناس انطلاقا من مظهرهم وحركات أيديهم، أنهم يناقشون كل المواضيع إلا التطرق إلى موضوع الدراسة، رغم أنهم بالقرب من مؤسسة تعليمية، ينتظرون أن تفتح أبوابها ليلتحقوا بمقاعدهم الدراسية.بعد كل 5 دقائق، يزداد عدد «الكليكة»، وينضاف لها شباب، يسايرون الموضة ذاتها. قال سيمو، 17 سنة، أحد المتسمرين بالقرب من باب الثانوية، اختار أيضا التميز باختياره لموضة «غريبة»، إنه لا يهتم كيف ينظر الناس له، باعتبار أنه يؤمن بأن كل شخص حر في تصرفاته وأفعاله، مادام أنه لا يؤذي الآخرين، مضيفا أنه راض عن شكله وعن انتمائه، فكل عصر يتميز بـ»ستيل» مختلف في اللباس والرقص. وأشار سيمو الذي كان يتحدث إلى «الصباح» بثقة كبيرة، أن والده، الذي يرفض طريقة لباسه وكلامه، وحتى أصدقاءه، كان يتبع أيضا الموجة التي كانت منتشرة في السبعينيات، والتي كانت «غريبة» على المجتمع المغربي حينها، رغم انتقادات عائلته التي كانت أكثر تحفظا من الآن «كان والدي يخبئ صوره وهو شاب، ويحرص على أن لا نراها، بدون أن يقدم أي مبرر، وفي أحد الأيام صادفت صورة له. فوجئت بطريقة لباسه وبمنظره التي كان يثير الضحك، وحينها تأكدت أنه كان يتفادى أن نقول له إننا نساير الموضة كما كنت تفعل في شبابك».لم يستطع الشاب أن يكمل حديثه، حتى قاطعته صديقته، 16 سنة، والملقبة بـ»ميمي». كانت ترتدي فستانا قصيرا ضيقا فاتح اللون، وحذاء وقبعة «كوبوي»، قائلة إنها ترفض أن يتوقف المغاربة عندهم ليتحدثوا عن لباسهم وحركاتهم وتصرفاتهم، موضحة أنهم يسايرون فقط الموضة، وأنهم يحرصون على أن يكونوا بمظهر جديد وجذاب في الوقت ذاته «إذا كانوا يرفضون ملابسنا، فيجب أن يمنعوا مصممي الأزياء من التصميم وإقامة العروض».وأشارت «ميمي» في حديثها مع «الصباح» إلى أن السراويل والفساتين الضيقة وحتى وضع الحلقات على الأذن بالنسبة للذكور، هي فقط مظاهر خارجية، يؤمن الكثير من محبيها، بأنهم سيتخلصون منها عند وصولهم لسن معين.ومن جانبه قال، أستاذ بإحدى الثانويات الخاصة بالدار البيضاء، إنه لا يمكن أن نؤكد أن هذه الفئة من الشباب غير مهتمة بما يمكن أن يعود عليها بالنفع، فإلى جانب أن اهتمامهم بالموضة يمكن أن يبالغ فيه، ففئة كبيرة منهم تحرص على التوفيق بين الدراسة والترفيه مع الاهتمام بمنظرهم، «وهذا ما أعتقد أن الآباء يتطلعون إليه».وأضاف الأستاذ الذي رفض ذكر اسمه، أنه تعرف على شباب لا تتجاوز أعمارهم 18 سنة، كان يبدو أن الاهتمام بمظهرهم الخارجي، هو كل ما يفكرون فيه، باعتبار أن ملابسهم وتسريحة شعرهم، يعتبرها المجتمع المغربي غريبة عن ثقافتهم ودخيلة عليها، إلا أنه بعد الاحتكاك بهم أكثر، تأكد أنه لا يمكن أن يحكم عليهم انطلاقا من منظرهم وحركات أيديهم المبالغ فيها.وأشار المتحدث إلى أن طموحات تلك الفئة من الشباب تفوق كل التوقعات، إذ أنها تسعى لأن تحصل على مناصب مهمة، ولو اضطرت لمغادرة المغرب للحصول على شهادات عليا. وقال سعيد 17 سنة، إن الشتائم والكلمات النابية وما شابهها من الحركات والإشارات، توجد في كل اللغات والثقافات والمجتمعات، مضيفا أن معظم الأفراد بغض النظر عن مستواهم الثقافي والاجتماعي يلجؤون إلى الشتم عند تعرضهم إلى حالات انفعالية معينة، ولكن بنسب وأساليب مختلفة.وفي موضوع ذي صلة، أقر أغلب الشباب الذين يسايرون الموضة، الذين التقتهم «الصباح»، بأن عائلاتهم حاولت أن تفرض عليهم الاستغناء عن تلك الملابس وتغيير تسريحة شعرهم التي قد تكون مبالغا فيها، موضحين أنها حرمتهم من أشياء يعتبرها شباب اليوم من الكماليات في أوقات كثيرة..وقال «زيكو» 18 سنة، إن والده قام أكثر من مرة بحرق سراويله الفضفاضة، في الوقت الذي كان مغرما بموضة «الهيب الهوب» الذي يحرص محبوه على ارتداء سراويل وأقمصة فضفاضة وقلادات ضخمة وطويلة، كما يحرصون على حلق شعر الرأس، ويضعون قبعات مقلوبة. إيمان رضيف

“نايضة” عند “فيس أبَابَا”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحزب السياسي ومنطق الغيتوهات العائلية الضيقة

أبناء الأثرياء يتمردون على أنفسهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات