البيضـاء … حافـلات مهترئـة وحكامـة غائبـة

اختلالات 15 سنة من تجربة التدبير المفوض وأموال عمومية بالملايير في مهب الريح عرت دراسة أنجزها فريق خبراء من فدرالية اليسار الديمقراطي بالبيضاء اختلالات شركة "مدينة بيس" التي تستعد للرحيل بعد نهاية عقد التدبير المفوض الذي ظل يربطها بمجلس مدينة البيضاء منذ 15 سنة، والذي انتهى إلى إعلان الفشل في تدبير مرفق النقل العمومي بالحافلات بالعاصمة الاقتصادية. ويأتي إعلان فدرالية اليسار بالبيضاء عن الدراسة على بعد ثلاثة أشهر من انتهاء عقد الشركة الحالية، للمطالبة بالعودة إلى تجربة التدبير العمومي لمرفق النقل الحضري، من خلال إحداث وكالة مستقلة جديدة، أو تأسيس شركة للتنمية المحلية تسهر مباشرة على تدبير النقل بالحافلات. انطلقت الدراسة التي قدمها عبد الله أباعقيل وأيمن سامي، من تشخيص وضعية النقل الحضري بالمدينة، مشيرة إلى 7.8 ملايين تنقل يوميا عبر حافلات النقل الحضري، 18 في المائة منها تهم التلاميذ والطلبة، و16 في المائة تهم التوجه إلى العمل. وأوضحت الدراسة أن 62 في المائة من البيضاويين يفضلون المشي في تنقلهم، وأن مستعملي الحافلات لا يتجاوز 13 في المائة، بينما يفضل 12 في المائة استعمال سياراتهم الخاصة، و9 في المائة فقط يستعملون سيارات الأجرة في التنقل. وبخصوص الفئات، أوضحت الدراسة أن 76 في المائة من النساء يفضلن المشي، مقابل 57 في المائة بالنسبة إلى الرجال، وتتركز تنقلات البيضاويين عبر الحافلات في ساعات الذروة. فشل التدبير المفوض كشفت الدراسة بالمعطيات والأرقام فشل تجربة التدبير المفوض التي اعتمدت في 2004 لتدبير مرفق النقل الحضري بالحافلات، إذ تم الوقوف على تردي جودة النقل، وتعميق معاناة السكان مع نوعية الأسطول المشغل، وأغلبيته من الحافلات المستعملة، وعدم احترام التعهدات الواردة في دفتر التحملات. ورغم الدعم والإعانات العمومية التي منحتها الوزارة الوصية والتي تجاوزت، حسب الدراسة 700 مليون درهم، فإن الشركة لم تحترم التعهدات الواردة في دفتر التحملات، الذي يشترط جودة الخدمة وسلامة الركاب، مكتفية باستيراد حافلات مستعملة، تعود أغلبيتها إلى أحد المساهمين، في تجاوز لقواعد ومعايير الجودة المنصوص عليها في العقد، ناهيك عن الزيادات المتتالية في تسعيرة الرحلات، دون أي تحسين في الخدمة. ضعف حكامة المتدخلين حملت الدراسة تدهور الخدمات المقدمة إلى جميع المتدخلين ، وفي مقدمتهم مصالح وزارة الداخلية والجماعات الحضرية الثماني عشر المفوضة، والتي لم تتحمل مسؤوليتها في تفعيل آلية لجنة التتبع، والتي خولت لها صلاحيات واسعة في مراقبة الاستغلال واقتناء التجهيزات والصفقات والتغييرات التي تمس فصول دفتر التحملات. وكشفت الدراسة من خلال البحث أن المراجعة المفترض القيام بها كل ثلاث سنوات، والتي يفترض أن تجمع وزارة الداخلية والجماعات الحضرية لم تجتمع سوى مرة واحدة منذ 2008، كانت مع تعيين عزيز عماري عمدة للبيضاء في 2016. والأدهى من ذلك، يقول معدو الدراسة، إن مجلس المدينة فشل في القيام بدوره، باعتباره السلطة المفوضة، إذ لم يف بالتزاماته المنصوص عليها في العقد، من خلال مراقبة حصرية لخطوط النقل، والمنافسة غير الشريفة لسيارات الأجرة داخل المجال الحضري، والممرات الخاصة بالحافلات. شركة التنمية المحلية في 2009، أعلن عن تأسيس شركة للتنمية المحلية، ساهمت في رأسمالها الجماعات المحلية بـ 34 في المائة، إلى جانب مجلس الجهة والولاية والوكالة الحضرية، وعدد من المؤسسات مثل صندوق الإيداع والتدبير والمكتب الوطني للسكك الحديدية وصندوق الحسن الثاني، وكان الهدف من وراء الشركة تمكين سلطات المدينة من آلية لتنزيل توصيات مخطط التنمية الحضرية لولاية الدارالبيضاء، والذي خصصت له اعتمادات ضخمة بلغت 16 مليار درهم، وجهت إلى إنجاز شبكة النقل العمومي في أفق 2015-2020. وتضمن المخطط إنجاز أربعة خطوط للطرامواي، أنجز منها اثنان، فيما يتواصل العمل في المشروعين المتبقيين، وإطلاق دراسة تهم خطين للحافلات الخاصة ذات جودة عالية، وبناء محطة مركزية لتقنين النقل مع نهاية 2019. "مدينة بيس״ ... تدبير فاشل كشفت المعطيات الرقمية فشل شركة "مدينة بيس" في تدبير مرفق النقل، وتحقيق ما وعدت به في دفتر التحملات، إذ انطلقت في 2004 بـ 320 حافلة، منها 110 حافلات مستعملة، تغطي 42 خطا، وكانت أربع سنوات كافية لتعلن مديرية الوكالات والخدمات المفوضة، التابعة لوزارة الداخلية، أن الوضعية المالية والاقتصادية للشركة سلبية، يصعب معها استمرارية الخدمة العمومية للنقل بالعاصمة الاقتصادية، وهي الوضعية التي اقتضت دخول صندوق الإيداع والتدبير في 2009، من خلال رفع رأسمالها إلى 140 مليون درهم، لاقتناء 34في المائة من الأسهم. وكشفت الدراسة أن الشركة شغلت 75 خطا فقط من أصل 154 المنصوص عليها في العقد، بنسبة تغطية لا تتجاوز 45 في المائة، إذ جرى التركيز على الخطوط التي تحقق لها أرباحا أكبر، وإهمال ما تعتبره خطوطا غير مربحة، علما أن أسطولها لا يتجاوز 866 حافلة، 770 منها قديمة، في الوقت الذي يشترط العقد استعمال حافلات جديدة لا يتجاوز عمرها في الأقصى سبع سنوات. وبخصوص الاستثمار، لم تستثمر الشركة سوى 600 مليون درهم، مقابل التزام في العقد يقضي باستثمار 1616 مليون درهم، كما أنها عمدت إلى كراء مرأبين بقيمة 6.67 ملايين درهم في السنة، عوض بناء مرأب خاص تقدر قيمته بـ 18 مليون درهم، حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات لـ2015. ورغم حصولها على دعم بمبلغ 50 مليون درهم من أجل إنجاز نظام للتذاكر، إلا أنها لم تنجز هذا الورش، وهو ما طرح تساؤلات كبرى حول مبدأ الشفافية وطريقة تدبير عائدات الشركة. وعلى صعيد العقد، وصف تقرير المجلس الأعلى للحسابات بعض القرارات التي اتخذتها الشركة بغير القانونية، في إشارة إلى عدد من الزيادات والذعائر، والتي بلغت 128 مليون درهم، ناهيك عن تفجر العديد من الفضائح التي شوهت صورة الشركة، مثل الحرائق وحوادث السير المميتة بسبب الوضعية الميكانيكية للحافلات. وفشلت الشركة في الحد من تنافسية الطاكسيات، ومحاربة النقل السري. إعداد: برحو بوزياني

البيضـاء … حافـلات مهترئـة وحكامـة غائبـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

‎فض اشتباك ينتهي بقتل

الابتزاز وراء تسريب شريط الملاح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات