المغرب منزعج من روس منذ تقرير 2009

الباحث عبد المجيد بلغزال قال إن الرباط تأخرت في سحب الثقة من الوسيط الأممي أكد عبد المجيد بلغزال، الباحث المهتم بالشؤون الصحراوية، أن الوسيط الأممي، لم يلتزم بتوجيه الأمين العام للأمم المتحدة، الذي شدد في تقريره مباشرة بعد تعيين كريستوفر روس، على أن جولة المفاوضات ستنطلق من التقدم المحرز في الجولات الأربع التي عقدت في مانهاست، مشيرا إلى أن المبعوث الأممي "اختار أن يؤسس عمله على القطيعة عوض التراكم، الشيء الذي جعله يدخل في مأزق اللقاءات غير الرسمية". واعتبر بلغزال في حوار مع "الصباح" أن روس نفسه لم يحقق من خلال منهجية اللقاءات غير الرسمية، سوى شرعنة حالة الجمود، التي يبدو أن أطرافا كثيرة حريصة عليها على الأقل في الوقت الراهن. في ما يلي نص الحوار: كيف تقرؤون موقف المغرب، بسحب الثقة من كريستوفر روس، على ضوء التطورات الأخيرة في قضية الصحراء؟أعتقد أن قرار سحب الثقة من روس كان واردا منذ مدة، لكن حرص المملكة على عدم معاكسة الشرعية الدولية، والسعي الدائم إلى إيجاد حل سياسي لملف الصحراء هو ما جعل الدبلوماسية المغربية تتريث في اتخاذ هذا القرار. للإشارة فإن انزعاج المغرب من روس يمكن رصد ملامحه منذ تاريخ صدور تقرير الأمين العام بتاريخ 30 أبريل 2009، إذ رغم أنه شدد أيضا "على أن المفاوضات المقبلة ستنبني على التقدم المحرز في الجولات الأربع التي عقدت في مانهاست، وأن مبعوثي الخاص (يقصد روس) الجديد سيسترشد بقرار مجلس الأمن 1813 والقرارات التي سبقته"، إلا أن روس لم يلتزم بهذا التوجيه، واختار أن يؤسس عمله على القطيعة عوض التراكم الشيء الذي جعله يدخل في مأزق اللقاءات غير الرسمية دون أي تقدم يذكر، عدا عن أنه سعى بشكل أو بآخر من خلال اللقاءات غير الرسمية، خاصة الجولة السابعة والثامنة إلى الدفع نحو بعث مخطط بيكر. للتذكير، فإن انزعاج المغرب من مقاربة روس، ظهر بشكل كبير خلال زيارته الأخيرة للرباط، إذ لم يحضر وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري التصريح الذي أدلى به روس لوسائل الإعلام في ختام المباحثات التي جمعت الطرفين...ومع التسليم بأن قرار سحب الثقة من روس قرار سيادي خالص، فإن توقيته الذي يأتي في سياق وصول الاشتراكيين إلى الحكم بفرنسا، ربما يتطلب مجهودا مضاعفا من بلادنا من أجل اقتناع شركائها الأساسيين بما يعزز فعليا خروج روس عن المهام الموكولة إليه... رغم أن هكذا قرار كان يتطلب إجراء العديد من المشاورات مع أصدقاء المغرب، فإنني شخصيا اعتقد أن بلادنا تأخرت في موعد إعلان سحب الثقة، إذ كان يفترض في تقديري إعلان القرار حال صدور تقرير الأمين العام، تلافيا لأي تناقض في الموقف. هل نحن أمام العودة إلى مربع الأزمة بعد مسلسل مفاوضات ساهم في خلخلة وضع الجمود؟< لا يمكن في نظري الحديث عن العودة إلى المربع الأول انطلاقا من قرار سحب الثقة من روس، على اعتبار أن روس نفسه لم يحقق من خلال منهجية اللقاءات غير الرسمية، سوى شرعنة حالة الجمود، التي يبدو أن أطرافا كثيرة حريصة عليها على الأقل في الوقت الراهن، من هذا المنطلق يغدو قرار سحب الثقة خطوة مركزية في اتجاه خلخلة المياه الراكضة، وتسليط الضوء على هذه المتاهة التي امتدت لأزيد من ثلاثة عقود، علما أن المغرب، ومن خلال مبادرة الحكم الذاتي التي تأسست على قاعدة الانتصار للفضاء المغاربي أولا وأخيرا كان ومازال يمسكه بمبادرة جريئة، قائمة على تتنازل مؤلم من طرف الدولة المغربية، من أجل إنهاء هذا الملف الذي لا تستفيد منه إلا قوى الفساد والتردد في كل الفضاء المغاربي.قبل شهر صدر تقرير للأمين العام يتحدث عن عراقيل تعترض مهمة بعثة مينورسو وغيرها من الأمور التي رفضها المغرب، كيف تقرؤون التقرير وتوقيته بالنظر إلى تزايد ضغوط الجزائر وبوليساريو لتوسيع مهام البعثة؟ أعتقد أن التقرير الأخير للأمين العام للأمم، تضمن العديد من المنزلقات، ورغم أن الضغط الذي مارسته فرنسا، أدى إلى حذف توصية تدعو إلى توسيع صلاحيات مينورسو، فإن هيكل التقرير، ظل حافلا بما يمكن أن نصنفه في سياق المنطق المشرعن لمطلب توسيع صلاحيات مينورسو، سواء في ما يتعلق بتفاصيل دقيقة حول ادعاءات لخروقات في مجال حقوق الإنسان أو من خلال الإفراط في رصد تآكل مهمة البعثة بشكل عام. ورغم أن اهتمام الرأي العام الوطني انصب بشكل مكتف حول مسألة الدعوة لإيجاد آلية لمراقبة وضعية حقوق الإنسان، فأنا شخصيا أعتقد أن أكبر منزلق تضمنته التقرير الأخير بالمقارنة مع جميع التقارير السابقة، هو ذلك الحرص القوي على نسف البعثة، وإظهار تآكلها، بل وعدم قردتها على وقف هذا التآكل فقد جاد في الفقرة 92 من الباب السابع، وأدى هذان التفسيران المتباينان إلى الأخذ بنهج في التعامل مع البعثة، أفضى بمرور الوقت، إلى تآكل سلطة البعثة وضعف وظائفها وساهم في الخروج عن الممارسة المتبعة في مجال حفظ السلام.... وفي الفقرة 94 جاء في التقرير "وقد قوضت هذه العوامل قدرة البعثة على رصد الوضع على الأرض والإبلاغ عنه بانتظام...".ومن بين القضايا المثيرة للدهشة أيضا أن التقرير لم يتردد في الحديث في أكثر من فقرة عن الهواجس الأمنية التي باتت تحاصر البعثة في أعقاب اختطاف العاملين في المساعدة الإنسانية، والهجوم على دورية للجيش الموريتاني، على أن الوقوف عند الهواجس الأمنية المتنامية شرق الجدار، مع ذلك لم تقنع أصحاب التقرير بترتيب أي توصية بخصوص الأوضاع الأمنية، مما يطرح أكثر من علامة استفهام.وأكاد أجزم أن علامات الاستفهام تكاد تصاحب مجمل التقرير، ففي موضوع تدابير بناء الثقة تضمن التقرير دعوة لإجراء منتديين ثقافيين حول موضوع، المرأة والخيمة خلال شهر يونيو وأكتوبر المقبل، لكن السؤال المطروح، هو من الجهة التي تحدد موضوع المنتدى؟ وبالتالي لماذا اختيار موضوع الخيمة مثلا في هذا الوقت بالذات؟ وما علاقة هذا الاختيار بأطروحة بوليساريو؟جرى الحديث قبل سحب الثقة من روس عن زيارة مرتقبة للوسيط الأممي إلى العيون، ما هي الرسائل التي كنتم تودون إبلاغها إلى روس بصفتكم أحد الفاعلين في المجتمع المدني بالجنوب؟في موضوع المسارات الموازية، شخصيا كنت ومازلت أعتقد بأهمية هذه المسارات باعتبارها من جهة أداة لبناء الثقة، ومن جهة ثانية وسيلة للضغط على ترددات الأطراف التي تسعى إلى الحفاظ على وضعية الركود، بل اعتقد أن من بين الأعطاب الكبرى التي يعرفها العقل السياسي المغربي أنه لم يتمكن من إنتاج أفكار ومبادرات موازية في مستوى مبادرة الحكم الذاتي، لكن يجب التنبيه إلى أن هذه المسارات لا ينبغي أن تكون بديلا عن المسار الرسمي، ومن هذا المنطق يطرح مقترح زيارة روس للأقاليم الجنوبية. من أجل لقاء أهل "الصحراء الغربية" أكثر من علامة استفهام، لماذا اختار روس شهر ماي لهذه الزيارة؟ هل يتوفر روس على شبكة لتحديد الأفراد أو الجهات التي سيلتقيها خارج بعثة المينورسو، التي اتهمها بالتقصير؟ ما المقصود بلقاء أناس ذوي مصداقية؟ وهل المصداقية تقاس من موقع الارتباط بالاستقلال أو من موقع الوحدة؟ما السيناريوهات الممكنة في تدبير قضية الصحراء في حال تقرر تعيين مبعوث أممي جديد؟ ومن أين يفترض أن يبدأ؟أعتقد أن حصول تقدم من تدبير ملف الصحراء لم ولن يكون مرتبطا بمجرد تغيير الوسيط الأممي، مهما كانت كفاءته ودرجة حياده، يقدر ما يتطلب حصول متغيرات جوهرية على المستويات التالية.لابد من حصول تغيير ايجابي في مواقف الدول الكبرى المؤثرة في هذا الملف، والتي يبدو أنها اليوم تسير إلى الحفاظ على حالة الجمود، ذلك أن المتغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة العربية، وانفتاح الفضاء الإقليمي على حالة من اللاستقرار، وورطة العراق وأفغانستان، والخوف على مصير إسرائيل أمام التحولات الجارية، واحتدام الصراع على الموارد الطاقية بإفريقيا، وحجم الأزمة الاقتصادية والمالية الضاغط، كلها عوامل تؤشر على أن الغرب غير مستعجل في إيجاد حل يقدر ما هو حريص على الحفاظ على الوضع الحالي.المستوى الثاني مرتبط بحدوث متغيرات في الموقف الجزائري، ومعلوم أن مبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب، تستهدف في المقام الأول، من حيث انفتاح أفقها على مصلحة الفضاء المغاربي، تشجيع الأخوة في الجزائر على الانتقال من الربط بين رهان الريادة في الفضاء المغاربي، بالحرص على تمديد العمر الافتراضي للعراقيل السياسية إلى تملك الريادة على قاعدة فضاء مفتوح على الانتصار للخيار الديمقراطي القائم على تحرير الشعوب وجعلها مصدر الثروة والسلطة.وفي انتظار حصول هكذا متغيرات، فإنني اعتقد أن بلادنا مدعوة للاشتغال بقلب مفتوح على مسارين، المسار الأول مرتبط بضرورة مواصلة تدبير الملف على المستوى الدبلوماسي، دون الاستكانة إلى التحليل التبسيطي الذي يسعى إلى التحويل على هذا الموقف أو ذاك مهما كانت درجة أهميته، على أن مواقف الدول في النهاية مرتبطة بالمصالح والمصالح متغيرة، وهذا يدفعني إلى التنبيه من الإفراط في التفاؤل بالموقف الفرنسي، ففرنسا في عهد الاشتراكيين، وإن كانت ستبقى وفية لخط إستراتيجي مرتبط بمصالحها، فإنها قد تجد صعوبة في الوقوف أمام ضغط بعض الجهات الهادفة إلى توضيح صلاحيات مينورسو في مجال حقوق الإنسان، علما أن المعركة في مجال حقوق الإنسان، وان كانت في بعض جوانبها لا تخلو من توظيف سياسي بئيس، فإنها أيضا، تكشف وجود خصاص كبير يفترض من بلادنا أن تعمل على النهوض به، ومن هذا الموقع تبرز الحاجة إلى النهوض بالأوراش التالية، كيف السبيل لتحرير الطاقات الصحراوية من اقتصاد الريع، الذي يكاد يؤمم الإقليم، وبالتالي يختف كل فرص التغيير والاندماج؟ ما هي الوصفة الحقيقية لتجاوز الخصاص الحاصل في العلاقة مع الإنسان بشكل عام؟ ما هي أسس المصالحة مع تدبير المجال على قاعدة الانتصار للإنسان وأخيرا؟ كيف يمكن تجاور أعطاب زمن الرصاص؟ ما السبيل لتجاور ترددات ورش الإنصاف والمصالحة على مستوى جبر الضرر الفردي والجماعي؟ كيف يمكن ترميم سؤال الحقيقة؟ ما السبيل لوقف عمق الانقسام الذي خلفته أحداث اكديم ازيك والداخلة، ألم يحن الوقت لإطلاق سراح بعض ضحايا اكديم ازيك؟؟ منزلقات تقرير كريستوفر روس في الفقرة 97 يخلص التقرير إلى القول إنه من الصعب على البعثة الأممية الوفاء بمتطلبات تنفيذ ولايتها بطريقة تتسم بالمصداقية نظرا للقيود التي استحدثت مع مرور الوقت كما هو موضح أعلاه.وفي الفقرة 112 يواصل التقرير نسف بعثة مينورسو ويخلص إلى القول "البعثة لا تستطيع أن تمارس بصورة كاملة مهامها في الرصد والمراقبة والإبلاغ في إطار حفظ السلام. ولا أن تغتنم السلطة لوقف تآكل قدراتها على تنفيذ الولاية من تلقاء نفسها". إن المتتبع للتفاصيل الواردة بشأن تشخيص وضعية البعثة– وهي بالمناسبة سابقة بالمقاربة مع جميع التقارير السابقة يستنتج أن هكذا تشخيص كان يتطلب من التقرير ليكون منسجما مع نفسه على الأقل، أن يترقب توصية على هذا التشخيص، ندعو إلى عدم تجديد مهمة بعثة مينورسو انطلاقا من كونها غير قادرة على الاطلاع بمهامها. فما السر في هذا الإصرار على نسف البعثة في هذا الوقت بالضبط؟ ثم ألا يعتبر الرهان على تفويض البعثة مدخلا إضافيا لمراجعة مهامها بما فيها توسيع صلاحيتها؟وفي اتصال بعملية نسف بعثة مينورسو ركز التقرير أيضا على الدفع في اتجاه نقاش حول الاتفاق العسكري رقم 1 الذي يؤطر طبيعة التحركات بالمنطقة المقيدة كليا والمنطقة محدودة التقييد، رغم أن هذا النقاش يتأسس، حسب التقرير على خلفية الرغبة في دفع طرفي النزاع إلى الالتزام بالاتفاق وفق معايير حفظ السلام، فإنه من حيث لا يدري فتح المجال لتقويض الاتفاق وبالتالي الإجهاز على التقدم الوحيد المسجل لفائدة بعثة مينورسو بالصحراء، وهو المتعلق بالنجاح في الحفاظ الفعلي علي وقف إطلاق النار.وبشكل عام، فإن التقرير حافل بالمنزلقات والاتهامات، ومن ذلك الادعاء بتعرض الاتصالات الخارجية للبعثة للمراقبة والرصد من طرف المغرب والادعاء بانتهاك حرية الاتصال في مرحلة واحدة على الأقل دون البرهنة على ذلك فضلا عن التعبير عن الانزعاج من وجود قوات الأمن أمام البعثة ومن حمل سيارات الأمم المتحدة للوحات ترقيم مغربية وتبرم من وجود أعلام وطنية على مدخل البعثة بدعوى أنها مؤشر على انعدام الحياد.والمؤسف أن التقرير ما يلبث أن يعبر عن تناقض كبير حين يتحدث عن تأمين الدرك الجزائري مهام البعثة من طريقها إلى المخيمات، وهكذا يصبح وجود الدرك بجنوب الجزائر مبررا بالحفاظ على الأمن والسلامة ويتحول في العيون إلى عنصر معبر عن عدم الحياد. منزلقات التقرير تظهر أيضا من خلال تجاهله التام للتذكير بمعاناة المصطفى ولد سلمى الذي مازال معتصما بنواكشوط أمام مفوضية غوث اللاجئين، كما يتجاهل ما تعرض له الناجم علال فقط لأنه قدم أغاني تنتقد الفساد القائم بالمخيمات. أجرى الحوار: إحسان الحافظي

المغرب منزعج من روس منذ تقرير 2009

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"شعب الأموي" ينتفض ضد بنكيران

تقرير روس يسائل نجاعة الدبلوماسية المغربية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات