الأكاديميات … دجاجة تبيض ذهبا

تراجع التكوين داخل الأندية ساهم في انتشار المدارس الكروية بعد فشل التكوين داخل الأندية الوطنية لكرة القدم، ومحدوديته على مستوى الفئات العمرية للمنتخبات، ظهرت الأكاديميات بكل حمولاتها الرياضية والثقافية لتجتاح الفضاء في الآونة الأخيرة، وأضحى أولياء التلاميذ (اللاعبين)، يفضلون التكوين الأكاديمي، رغم ارتفاع تكاليفه المالية، على التكوين داخل الأندية، الذي تتحكم فيه العديد من المعطيات. وأصبحت الأكاديميات بالمغرب، تشارك في البطولات الوطنية بمختلف فئاتها العمرية، وأضحت في الكثير من الأحيان، رائدة في مجالها كما هو الحال بالنسبة لاكاديمية محمد السادس، التي أنجبت العديد من اللاعبين منهم من ولج عالم الاحتراف، وبات يؤثث فضاء المنتخب الأول، كما هو الحال بالنسبة للنصيري ومنديل وأكرد. وصارت بعض الأكاديميات تستحوذ على ألقاب بطولات الفئات العمرية، كما هو الحال بالنسبة للفتح الرياضي، وأكاديمية محمد السادس، والمغرب التطواني، التي تعتمد على مؤطرين من أعلى مستوى، تلقوا تكوينا عاليا في المجال. وما ساهم في استحواذ الأكاديميات على الألقاب الوطنية، تراجع مستوى التكوين داخل الأندية الرائدة، التي باتت تهتم بالفرق الكبرى والانتدابات لإرضاء مطالب جماهيرها. ويبقى استقرار العديد من الأندية بالمغرب، وإنشائها أكاديميات تابعة لها، من قبيل أرسنال وبرشلونة وجوفنتوس، الظاهرة التي أثارت الاهتمام في الآونة الأخيرة، وتطرح العديد من الأسئلة حول طبيعة العلاقة التي تجمع هاته الأكاديميات بالفريق الأم. أكاديميات أجنبية استقر اختيار العديد من كبريات الأندية العالمية على الاستثمار في مجال التكوين الكروي بالمغرب عن طريق تشييد مدارس وأكاديميات خاصة بالتكوين، بينها برشلونة وأرسنال وباريس سان جيرمان. وتأتي الرغبة في الاستفادة من السوق المغربية تكريسا لسياسة الانفتاح والقرب، واكتشاف المواهب بأقرب بلد إفريقي للقارة العجوز، دون أن تخلو الخطوة من البحث عن الربح المادي من خلال الانخراط في المؤسسات التي تحمل صفة التميز والعالمية. الرغبة في تلقي تدريب يستجيب للمعايير المنشودة أملا في تطوير المستوى وتحسين المؤهلات والملكات الفنية والبدنية، عامل دفع عددا من الأطفال إلى ترك النوادي التي ينتمون إليها، في اتجاه الأكاديميات بالبيضاء والرباط، وهذا مؤشر سلبي تراجع مستوى التكوين داخل الأندية. وكشف طارق بوكرين، مدير "أنفا سوكر"، أقدم أكاديمية للتكوين بالمغرب، أن مجموعة من الأندية الأوربية، اختارت العاصمة الاقتصادية لتحتضن أول مدرسة لها بإفريقيا عبر المغرب. وأضاف أن "إستراتيجيتنا التكوينية تتمثل في اتباع فلسفة الأندية الكبرى، لضمان التدرج التدريبي نفسه، بداية بالمدرسة، ومرورا بالفئات الصغرى، ووصولا إلى الفريق الأول". وبات المسؤولون عن الأندية العالمية وبالتحديد الأوببية يهتمون بفتح مدارس تابعة لهم بالمغرب، نظرا للطاقات والمواهب النادرة التي تزخر بها المملكة، إضافة إلى الحس الكروي الكبير الذي يملكه الأطفال سواء المنخرطين بالأندية أو الممارسين لكرة القدم بشكل عشوائي في الأحياء والشوارع. المنافسة الكروية اعتبر اللاعب السابق بوكرين، أن توجه كبريات الفرق العالمية نحو افتتاح أكاديميات ومدارس كروية بالمغرب من شأنه رفع مستوى الممارسة وإحداث نوع من التنافس مع مراكز التكوين داخل الأندية الوطنية، لتحسين المنتوج وإعادة النظر في سياسة التكوين. وختم أنه صحيح أن المقابل المادي للانخراط في أكاديميات فرق عالمية باهظ، مع ما تشمله من رحلات وأنشطة ذات طابع دولي مكلف، لكن في المقابل فإن جودة المنتوج من شأنها تقديم الإضافة المنتظرة. استثمار رياضي نظمت العديد من الأكاديميات الأجنبية على هامش تدشين مقراتها حفلات بالفضاءات السياحية داخل العاصمتين الإدارية والاقتصادية، لتسليط الضوء على أبرز أهداف و مستجدات هذا المشروع الرياضي الضخم الذي خصص له النادي الأم ميزانية كبيرة من أجل تكوين الأطفال المغاربة و البحث عن مواهب صغيرة السن قد يعزز بها فريقه الأول مستقبلا. وتتراوح أثمنة التسجيل بالأكاديمية ، 8000 درهم واجبا للانخراط، أي ما يعادل 80 درهما للساعة، بمعدل ساعتين ونصف كل أسبوع ، غير أن هناك فرصة الانخراط في الأكاديمية بالمجان لمواهب استثنائية تخول لها فرصة الالتحاق بالأكاديمية دون تأدية مصاريف التسجيل. تهافت العائلات باشرت العديد من الأسر المغربية، منها محدودة الدخل، المهتمة بتلقين أبنائها أبجديات كرة القدم، تسجيل أبنائها بالأكاديميات لتجاوز الاختبار الأولي قصد الولوج إلى مؤسسة كروية لتلقي التكوين الكروي. وفتحت الأكاديميات باب الانخراط أمام الأطفال الذين يملكون موهبة لعب كرة القدم، ويحلمون بنهج مسار مهني في مجال الرياضة، والبحث عن مواهب خام قابلة للتطور ليصنعوا منها نجوم المستقبل. ومن حق العائلات أن تستثمر في أبنائها، لكن يجب عليها تجنب الاستغلال الذي تقع فيه في الكثير من الأحيان، حينما يعتقدون أن الانتماء لأي أكاديمية كروية، السبيل الوحيد لمعانقة حلم الاحتراف، واللعب على أعلى مستوى. إنجاز: العقيد درغام ونور الدين الكرف لارغيث: هناك أكاديمية وحيدة بالمغرب المدير التقني الوطني قال إن هناك دفتر تحملات لمزاولة النشاط قال ناصر لارغيث، المدير التقني الوطني، إن هناك أكاديمية وحيدة بالمغرب، التي تحترم المعايير الدولية ودفتر التحملات الذي أقرته الجامعة، ألا وهي أكاديمية محمد السادس. وكشف لارغيث في حديث ل"الصباح" أن الأكاديميات الموزعة عبر تراب المملكة يمكن اعتبارها مدارس كروية لا أقل ولا أكثر، وقال" لا يمكنها أن تشارك في المنافسات المحلية، لأنها لا تحترم دفتر التحملات ولا تستجيب للمعايير التي حددتها الجامعة". وعن الأكاديميات التابعة للأندية الوطنية، أكد لارغيث أنه مسموح لها بالمشاركة في المنافسات، كما هو الشأن بالنسبة لأكاديمية نجم الشباب، وتابع" أعتقد أنها الأكاديمية التي تتوفر على شرعية، وتحترم شروط المنافسة، وتساهم فعلا في تنمية كرة القدم الوطنية، أما الباقي فهدفه مادي بالدرجة الأولى:، مستدركا" لا يمكننا أن ننفي الإضافة التي حققتها في الساحة". ولم يخف لارغيث انزعاجه من ظهور بعض الأكاديميات التي تحمل أسماء أندية كبيرة، وزاد قائلا" يجب أولا أن نتأكد من الصفة التي تشتغل بها، والاسم الذي تزاول به، وإذا تأكدنا من صحة المعلومات، حينها لا يمكننا سوى أن نبارك هذه الخطوة". وأفاد المدير التقني، أن الأكاديميات استغلت الفراغ الذي تعانيه الأندية، في مجال التكوين لتستحوذ على السوق، وتابع" طبيعي أن تتوجه العائلات صوب الأكاديميات، لأن الأندية لم تعد تشتغل على هذا الجانب، وتركت الفرصة أمام أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في المجال". وختم المدير التقني، أن جامعة كرة القدم، وحرصا منها على مواكبة التكوين، وضعت دفتر تحمل لجميع الأكاديميات التي تشتغل في المجال، ولا يمكنها الاعتراف سوى بالمؤسسات التي وفرت هذه الشروط، وأفاد" صحيح أن هناك تنافسا في المجال، لكنه يجب أن يخضع لضوابط وقوانين، فليس كل من اكترى فضاء يمكنه أن يحدث أكاديمية، فالوحيدة المعترف بها وطنيا ودوليا هي أكاديمية محمد السادس". لاعبون قدامى ... "الرجوع للأصل فضيلة" الجيلاني: لجوء البعض إلى تشييد أكاديميات بارقة أمل لشبابنا وفرصة أخيرة لتحضير الخلف ذهب بعض اللاعبين القدامى في الفترة الأخيرة في اتجاه تشييد أكاديميات لكرة القدم، وهي «موضة» ظهرت أخيرا بقوة، وعرفت نجاحا باهرا وجذبا كبيرا للشباب والصغار. وقال عبد المجيد الجيلاني، اللاعب السابق لفرق كثيرة، من بينها الرجاء الرياضي والنادي المكناسي واتحاد الخميسات والفتح الرياضي والعربي الكويتي وأولمبيك بجاية التونسي والنصر والأهلي الليبيين، إن اللاعبين القدامى «يعودون للأصل» بتشييد أكاديميات لكرة القدم، وإنهم «يرسمون للاعبين الصغار الطريق نفسه الذي سلكوه في مسيرتهم الاحترافية». وأوضح الجيلاني الذي حاز رفقة الرجاء على وصافة كأس العالم للأندية في 2013، أن هذه «هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحضير خلف من اللاعبين الشباب الموهوبين»، ثم «هي فرصة لإنقاذ شباب كثر من الشارع وآفة المخدرات»، خاصة أن هؤلاء اللاعبين القدامى يملكون خبرة في المجال ستساعدهم في عملهم. وأسس الجيلاني مدرسة لكرة القدم الاحترافية بمنطقة حجامة أيت أويحيى قرب تيفلت قبل سنتين، إذ وهب قطعة أرضية لجمعيات اتحدت من أجل تشييد الأكاديمية، قبل أن يأخذ اللاعب السابق زمام الأمور ويدبر أمورها كاملة، لرغبته الكبيرة في منح شباب المنطقة فرصة ذهبية لولوج عالم كرة القدم، بما أنهم متشوقون لذلك، في فكرة أثارت الانتباه على الصعيد الوطني، خاصة أنها أقيمت في منطقة قروية تحتاج لمبادرات كثيرة من هذا النوع. وقال الجيلاني إن الأكاديمية انتظرت سنتين من أجل تفريخ أول اللاعبين الذين زادوها إشعاعا، لتطعم فرقا وطنية كثيرة بشباب موهوبين، منهم من وقع للرجاء الرياضي والفتح الرياضي، ثم فرق أخرى بالقسم الثاني وأقسام الهواة، إذ أن هذه الطريقة فرصة ذهبية من أجل تحضير الخلف، بسبب النقص الحاصل اليوم في مراكز التكوين واللاعبين الشباب. وحسب الجيلاني دائما، فإن الأكاديمية «زرعت أملا جديدا في شباب المنطقة، الذين باتوا يعملون جاهدين للالتحاق بها بعدما رأوا أن عمل المؤطرين والقائمين على الأكاديمية يأتي أكله في النهاية، خاصة بعض الأصدقاء واللاعبين القدامى الذين يقدمون الدعم لهؤلاء المواهب، مثل رفيق عبد الصمد وهشام أبوشروان وعبد الإله فهمي، الذين أعجبوا بالفكرة». وأشار الجيلاني إلى أن «الأكاديمية منحت لحد الآن ثمانية لاعبين للفرق الوطنية، وهو رقم كبير أثار انتباه العديدين، خاصة أبناء المنطقة الذين سعدوا بالفكرة، وعبروا عن استعدادهم للمساهمة في تطويرها. وقعنا أيضا اتفاقيات مع بعض الفرق من بينها نهضة تيفلت، ناهيك عن تنظيم مباريات إعدادية كبيرة مع فرق وطنية بالقسم الأول، مثل الفتح الرياضي والدفاع الجديدي». وعن اللاعبين الذين التحقوا بالأكاديمية إلى فرق وطنية أخرى، نذكر كريم الهاشمي الملتحق بالدفاع الجديدي بطلب من المدرب السابق للفريق عبد الرحيم طالب، ثم الدولي المغربي صلاح الدين باهي لاعب الرجاء الحالي، والذي مر من الأكاديمية وشباب بنكرير، ثم أيمن مصلح والعربي الزياني ونبيل ابن الإمام الذين يمارسون في أمل الرجاء، وهناك لاعبون آخرون التحقوا بالفتح والجيش الملكي في فترة الانتقالات الصيفية الماضية. وأوضح الجيلاني أن الأكاديمية تكبر يوما بعد يوم وبدأت في تجهيز ملعبين جديدين بالعشب الطبيعي، سيوسع قاعدة الممارسين، بحكم أنها باتت معروفة، ناهيك عن بعض المرافق التي سيتم تشييدها خلال الأشهر القليلة المقبلة. وطالب الجيلاني السلطات بتيفلت بدعم الأكاديمية وتطبيق الرسالة الملكية في مناظرة الصخيرات 2008، والتي تدعو إلى تشجيع مثل هذه المبادرات لدعم الشباب وتقديم بديل لهم، يليق بإمكانياتهم ومواهبهم وطموحاتهم.

الأكاديميات … دجاجة تبيض ذهبا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كامرونيان يغيبان أمام الأسود

مسؤول عسكري يبعثر أوراق حادث بوقنادل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات