مفهوم الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي

موضوع التقييد الاحتياطي يجب أن يكون منسجما مع المقال الافتتاحي للدعوى (الحلقة الخامسة) بقلم: ذ. مبارك السباغي* من الغرابة أن نجد حكما قضائيا مقيدا بالرسم العقاري المعني لفائدة المدعي مع حجز تحفظي تحمله وتقييد احتياطي لفائدته ما زالا مقيدين بهذا الرسم العقاري. كيف يمكن تفسير هذا الوضع وقبوله؟. متى سيطبق الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي والحكم القضائي قد قيد لفائدة المدعي؟. ماذا ينتظر هذا التقييد الاحتياطي؟. التشطيب عليه بطلب من المدعى عليه؟ أمر مستحيل لأن المدعى عليه خسر الدعوى. التشطيب عليه من قبل المحافظ دون استعمال أثره الرجعي؟. أمر مستحيل كذلك لأن التقييد الاحتياطي بناء على مقال لا يشطب عليه تلقائيا، كما هو الحال بالنسبة للتقييد بناء على سند أو على أمر قضائي غير ممدد، بل لا يذوب إلا في التقييد النهائي للأحكام القضائية الصادرة لفائدة المدعي. كيف سيحل هذا المشكل الذي إن بقي على حاله سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه لما يقيد محضر البيع الجبري بالرسم العقاري والتقييد الاحتياطي ما زال شاهرا لسيفه الفتاك، ينتظر من المحافظ الضوء الأخضر لكي يتلف حق الراسي عليه المزاد. زمنيا وجود تقييد احتياطي لفائدة المدعي وحجز تحفظي لفائدة الغير وحكم قضائي نهائي لفائدة المدعي، مقيدين بالرسم العقاري المدعى فيه، إجراء لا يمكن تصوره أبدا. لأن الحكم الذي تم تقييده يقيد حتما بأثر رجعي وإلا وجب رفضه بعلة وجود حجز تحفظي في حالة إغفال أو تجاهل التقييد الاحتياطي المنصب على الرسم العقاري لفائدة المدعي، لا تقييده بعد تحمل الحجز من قبل المدعي. " ما الفائدة من تحديد التقييد الاحتياطي رتبة الأفضلية للحق المقيد احتياطيا بالنسبة للحقوق اللاحقة له إذا لم يحتفظ أيضا بآثاره المدنية والقانونية"، كما قال الأستاذ محمد ابن الحاج السلمي الموثق حاليا والمحافظ العام سابقا في كتابه "التقييد الاحتياطي في التشريع العقاري (طبعة 2014 الصفحة 308)، "في الحقيقة إن الحق المقيد احتياطيا لم يكن سوى محتملا أو مفترض الوجود، إلا أن اعتراف القضاء بهذا الحق أو واقعة استكمال توفره على كل الشروط الشكلية والجوهرية المتطلبة قانونا، ليس من شأنه خلق واقع جديد أو الإقرار بوضعية قانونية جديدة، فالقضاء لا يصرح ولا يعترف سوى بواقع كان موجودا لكن منازع فيه"، يضيف الكاتب. ليجزم في الأخير، وهذا هو التطبيق السليم لمؤسسة التقييد الاحتياطي "… رجعية التقييد الاحتياطي مطلقة و ليست نسبية و ذلك رغم أن التقييد (أي الجديد) لا يؤرخ بتاريخ التقييد الاحتياطي (القديم) ورغم أن الحق المقيد احتياطيا لا يصير عينيا عقاريا إلا يوم تقييده". وبتطبيق الأثر الرجعي لمؤسسة التقييد الاحتياطي تطبق المادة 19 من المرسوم المؤرخ في 14/06/2014 المتعلق بإجراءات التحفيظ العقاري التي جاء فيها: "يقيد في الرسم العقاري الحق المكتسب مباشرة من يد آخر مالك مقيد في اسمه، وإذا كان الحق العيني أو التحمل العقاري موضوع تفويتات متتالية لم يسبق تقييدها، فإن التقييد في اسم المستفيد الأخير لا يتم إلا بعد تقييد التفويتات السابقة. وطالما أن التقييد الجديد رتبط بالتقييد القديم بقوة القانون فإن الحق المعترف به قضائيا لا يمكن أن يخرج عن هذه القاعدة القانونية، وبالتالي لم يبق للتقييدات اللاحقة للتقييد القديم أدنى مكانة أو موقعا أو منطقا للبقاء بالرسم العقاري، لأن صاحب الحق المقيد بأثر رجعي هو الذي اكتسبه مباشرة من المالك المقيد، قبل أن ترد على الرسم العقاري تقييدات لاحقة له. خلاصة القول، إن التقييد الجديد يذوب في التقييد القديم فينصهران لتكوين تقييد حق واحد ووحيد بإيداعين اثنين وبتاريخين اثنين لا يعتد إلا بأولهما. ولا مجال للقول إنه يجب التشطيب على التقييد الاحتياطي بعد التقييد النهائي. إن تطبيق مقتضيات الفصل 91 من (ظ.ت.ع) لا تطبق إلا في حالة صدور أحكام نهائية ضد المدعي. في الحقيقة لا يشطب على التقييد الاحتياطي بعد التقييد النهائي لفائدة المدعي، لأن التشطيب عليه يفقد رتبة التقييد النهائي التي هي نفسها رتبة التقييد الاحتياطي. ومفهوم الأثر الرجعي لا يمكن تصوره إلا مع وجود تقييدين مرتبطين بالحق المدعى فيه نفسه بعد انصهارهما. فالانصهار كالزواج بين شخصين أي أن الأثر الرجعي لكي يبقى قائما وواقفا وصامدا في مواجهة الغير عليه، أن يحتفظ بتقييدين مندمج أحدهما مع الآخر. فالتشطيب عليه بعد التقييد النهائي لا يستساغ لأنه يزيل منطق الأثر الرجعي. فالذي حجز غرفة بتقييد احتياطي، ودخلها كمالك لها بعد الحكم النهائي، تصبح في ملكه منذ حجزها. فالحق المقيد بعد صدور أحكام قضائية محمي بتقييدين اثنين مدمجين في تقييد واحد، لأن التقييد الثاني مجرد بيان بالسجل المتعلق بالتقييدات، بل التقييد الأساسي والمهم والمعتد به هو التقييد الأول المؤقت. للتوضيح رقم السجل والرقم التسلسلي وتاريخ التقييد الاحتياطي يحتفظ بها لأنها لا تموت خلافا لكلمة "التقييد الاحتياطي" التي ذابت في التقييد النهائي بعد تقييد الحكم القضائي النهائي. ونتيجة لذلك، لا يعتد إلا بتاريخه وإيداعه ولا مجال إطلاقا استعمال رفع اليد قصد التشطيب على التقييد الاحتياطي، إلا في حالة طلب المدعى عليه المحكوم لصالحه محو أثر التقييد الاحتياطي، وكأنه ما كان له وجود أصلا لتنافيه مع حقوقه جملة وتفصيلا. -7 حالات خاصة جديرة بالذكر والتحليل: وحدة موضوع التقييد الاحتياطي مع آثاره : يجب أن يكون موضوع التقييد الاحتياطي منسجما مع المقال الافتتاحي للدعوى، الذي بدوره منسجم مع الحكم المراد تقييده بالرسم العقاري المعني. قد يطلب المالك المدعى عليه التشطيب على التقييد الاحتياطي في حالة رفض الطلب، أو عدم قبول الدعوى، ويجدد المدعي مقاله دون تقييده مجددا، ظانا أن التقييد الاحتياطي الأول كاف في حد ذاته لحمايته، وكأنه "حجز" الرسم العقاري لمدة معينة يقوم خلالها كما يحلو له من تقييدات احتياطية يضمن له هذا "الحجز" حقه لا رتبته. * محافظ سابق وموثق

مفهوم الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التزوير يورط دركيين

"أستاذة" تعلم تلميذات الجنس والسكر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات