زلزال نسب المشاهدة يولد تسونامي المسلسلات التركية

حكومة بنكيران أمام امتحان "الهوية" والتلفزيون العمومي يتهافت على نسب المشاهدة مسلسلات تركية على القناة الأولى، مسلسلات تركية على القناة الثانية ومسلسلات تركية على ميدي 1 تي في، وبطبيعة الحال مسلسلات تركية على القنوات الفضائية في كل وقت وحين. إنه تسونامي من الإنتاجات التركية هدفه الأول والأخير الإقبال الكبير ونسب المشاهدة. يجد الإعلام العمومي تبرير خضوعه لضغوطات وإغراءات الدراما التركية في العديد من النقاط، لكن لابد من النظر إلى "الظاهرة" من ثلاث زوايا أساسية لفهمها وتوضيح مكامن الخلل فيها.سؤال نسب المشاهدةيجد الإعلام العمومي مبررات خضوعه لتسونامي المسلسلات التركية في نسب المشاهدة وظهور اسم الانتاجات التركية على لائحة "التوب 10"، وكل الاحصاءات التي تصدرها "ماروك ميتري"، المؤسسة المكلفة بقياس نسب المشاهدة. لذلك تتهافت القنوات على برمجتها في أوقات الذروة حيث الإشهار الوفير والإقبال الشديد، لكنها مقاربة غير سليمة في قناة لها التزامات ودفاتر تحملات ومكلفة بخدمة عمومية: في فرنسا مثلا يمكن لقناة "تي إف 1" برمجة تلفزيون الواقع في البرايم تايم (وقت الذروة) باعتبارها قناة خاصة لها منطق معين، لكن الأمر مختلف بالنسبة إلى قنوات مثل "فرانس 2" أو "فرانس 3" لأنها ملتزمة بالخدمة العمومية أو المرفق العمومي الذي له أربعة أهداف أساسية: الإخبار والتربية والترفيه والتثقيف.وفي كثير من الأحيان تدعي القناة العمومية (الأمر سيان في الأولى والثانية) أنها ملتزمة بدفاتر التحملات، وبأنها تبرمج الإنتاج الوطني وبرامج التثقيف كما هو محدد في دفاتر التحملات، لكن هذه الأخيرة "حق أريد به باطل" لأن دفاتر التحملات هي أولا وقبل كل شيء مسألة حصص ونسب وأحجام: فالقناة الثانية مثلا تصل فيها نسبة الترفيه 60 في المائة، وهو ما يغلبه على الأهداف الأخرى للمرفق العمومي (أي الإخبار والتربية والتثقيف)، كما أن شبكة البرامج (كما يعلم الجميع) مكونة من حصة نافعة وأخرى غير نافعة، وبالتالي برمجة الدراما التركية وأشباهها في الحصة النافعة من حيث المداخيل الإشهارية، أما الحصة غير النافعة فتخصص للتثقيف وما شابهه! إن محاربة البارابول (وسلبياته) تكون عبر الجودة كما هو الشأن بالنسبة إلى الموديل الفرنسي (70 في المائة من الفرنسيين يشاهدون قنواتهم المحلية مقابل 50 في المائة فقط في المغرب).التمويلالحديث عن الجودة في التلفزيون يجب أن يمر حتما عبر التمويل. هل ميزانية القطب العمومي كافية لتقديم منتوج لائق؟ بالطبع لا، فميزانية التلفزيون في المغرب تبقى ضعيفة جدا ولا ترقى إلى ما نطمح له، كما هو الحال في بلدان أخرى، وبالتالي يجب طرح الحل الحقيقي والأمثل الذي يتهرب منه الكثيرون. أي على الحكومة أن تضع يدها في الخزينة لتزيد في ميزانية التلفزيون العمومي وتحرير رقبته من قبضة الإشهار على غرار ما وقع في فرنسا. لكن بالمقابل فإن هذا الإجراء يجب أن يصاحبه سؤال الشفافية والحكامة الجيدة. وأمام وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، اليوم، امتحان عسير يتجلى في طريقة تدبير كعكة رمضان المقبل، وتفعيل الوزير الشاب مفهوم الحكامة الجيدة الذي رفعه حزب العدالة والتنمية شعارا في الانتخابات التي قادته إلى السلطة، في التعامل مع رمضان و»كواميله» المختلفة. سؤال الهويةاختزل التصريح الحكومي الذي صادق عليها مجلس النواب للخمس سنوات المقبلة السياسة الإعلامية المقبلة في «الهوية المغربية»، لكن أين تتجلى هذه «الهوية» في برامج اليوم؟ هل المسلسلات التركية التي يقصف بها المشاهدون هوية مغربية؟ أم هو اختيار لأخف الضررين؟ فالدراما التركية تمنحنا علاقة بين الرجل والمرأة ليست بالضرورة مسايرة للهوية المغربية، كما أن المسلسلات التركية وحدها قادرة على المزاوجة بين الخمر وسجادة الصلاة و لوحات الأدعية. فهل القبلة التركية أقل إزعاجا من نظيرتها المكسيكية أو الأمريكية؟ وهل نموذج العدالة والتنمية التركي أقرب إلى العدالة والتنمية المغربي؟ إن انكباب وزير الاتصال على إعداد دفاتر تحملات جديدة يطرح أسئلة كبيرة حول كيفية إدماج سؤال الهوية فيها، وماذا سيكون موقفه من تسونامي المسلسلات التركية بعد أن مر علينا التسونامي المصري والسوري والبرازيلي والمكسيكي ... فهل سيتعامل الوزير وشركاؤه مع سؤال الهوية بطريقة راديكالية من خلال التخلي عن الدفاتر القديمة كليا؟ أم الإبقاء عليها بصياغة مختلفة؟ أم ستتسم المقاربة بذكاء من خلال الإبقاء على إنجازات الماضي وإضافة قيمة نوعية والاستجابة إلى انتظارات المغاربة، أي التغيير في ظل الاستمرارية، دون السقوط في المزايدات السياسوية حول مفهوم الهوية. جمال الخنوسي

زلزال نسب المشاهدة يولد تسونامي المسلسلات التركية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العثمانيون يحتلون قلوب العرب

العثــمـانـيــون فـي بيــوتـنـا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات