السلطة السورية تصمم على الحل الأمني

المعارضة تطالب بعقد مؤتمر وطني شامل تشارك فيه مختلف التيارات السياسية لبحث واقع الأزمة يقول معارض سوري إنه منذ بدء الانتفاضة السورية في منتصف شهر مارس الماضي، رأت المعارضة السورية أن على النظام أن يدرك أنها انتفاضة شعبية، تهدف لتحقيق المشاركة في السلطة والثروة، وتتحقق الأولي باحترام معايير الدولة الحديثة وتطبيقها، والممثلة باعتماد مرجعية المواطنة كمرجعية وحيدة للسوريين، وتطبيق مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص وفصل السلطات وغيرها من المعايير المعاصرة للدولة، أما المشاركة في الثروة، فتتحقق بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والفاسدين، ومحاصرة تغوّل الأغنياء الجدد، وأهل النظام، الذين لم يعودوا يشبعون من نهب ثروات الشعب السوري، وكان علي رأس هذه المطالب إعادة أجهزة الأمن لتكون أجهزة أمن للدولة، فالمعارضة السورية تعتبر أن الدولة في سورية هي دولة أجهزة الأمن وليس العكس. وعلى ذلك، فإن الحل يقتضي عقد مؤتمر وطني شامل يضم كل فئات المجتمع السوري علي مختلف تياراته السياسية وطبقاته الاجتماعية لبحث واقع الأزمة السورية، واقتراح الإصلاحات المطلوبة، فالحل سياسي إذن برأي المعارضة.كان رأي السلطة وأهل النظام، حسب هذا المعارض، مخالفاً جذرياً لرأي المعارضة والانتفاضة، وأسبابها وأهدافها، فمنذ اليوم الأول لقيامها، صرحت مستشارة الرئيس للشئون السياسية والإعلامية، أن هذه الانتفاضة هي تمرد تحركه عصابات إرهابية ويحرض عليه سلفيون، وتدعمه مؤامرات خارجية، ومادام الأمر كذلك، فإن الحل برأي السلطة هو مواجهة المتمردين المتآمرين والعصابات التي تدعمهم بالقوة، وبالتالي، فقد فوضت أجهزة الأمن بالقضاء علي الانتفاضة في مهدها، وكشف تآمرها وتآمر المساهمين فيها، وبالفعل بدأت القوات الأمنية حملة لتفريق التظاهرات بقوة السلاح، واعتقلت مشاركين وعذبتهم، وافترضت السلطة أن هذه الإجراءات ستحل المشكلة في مهدها.إن رفض السلطة رؤية الظروف القائمة والشروط السياسية والاجتماعية والاقتصادية في سورية والأسباب الحقيقية للانتفاضة، أدي إلي شمولها مدناً جديدة كل أسبوع، وتعمق شعاراتها التي تطورت من المطالبة بالكرامة ثم بالحرية إلي المطالبة بإصلاح النظام ثم بإسقاطه ، وقد تنامي العنف حتى بلغ عدد الضحايا حتى اليوم أكثر من ستة آلاف وخمسمائة قتيل، وتجاوز عدد المعتقلين الثلاثين ألفاً، إضافة إلي عشرات آلاف الجرحى، وآلاف المعتقلين، واستمرار المظاهرات يومياً في مختلف أنحاء سورية، واستعانــت السلطة بالجيش والميليشيا لقمع التظاهرات، ثم بدأ التدخل العربي والدولي، فخرج الصراع من أيدي السلطة ومن أيدي المعارضة، وتداخلت الظروف والمطالب والممارسات، حتى كادت الأزمة السورية أن تصبح عاتية علي الحل.إن هذا التصعيد، ورفض السلطة أي حل سياسي يشارك فيه الجميع، وإصرارها علي الاستمرار بالعنف واعتباره كفيلاً بحل الأزمة، أدي إلي تطورات جديدة، تقول أطراف المعارضة إنها كانت تتحسب لها، ومن هذه التطورات تسلح بعض المتظاهرين دفاعاً عن النفس، واستخدامهم السلاح ضد الجيش والقوات الأمنية، وتتساءل المعارضة كيف يلام من يقتل أهله، ويحرق بيته، ويسجن أقرباؤه، وتُدمر حياته إذا حمل السلاح. وتعتبر المعارضة والمنتفضون أن حمل السلاح أصبح أمراً مفهوماً، وفي الوقت نفسه، أدت سياسة رفض النظام للإصلاح والحوار إلي حدوث انشقاقات في الجيش، وسمي المنشقون أنفسهم (الجيش السوري الحر) وهكذا، وباختصار شديد، بدأ استخدام السلاح هنا وهناك ضد القوات الأمنية والعسكرية التي تقتل وتعتقل وتقصف (ولا تحلل ولا تحرم)، كما بدأ الانشقاق داخل الجيش يتوسع، ومازال النظام السياسي السوري يعتقد أن الحل يتوفر في المدفع وفوهة البندقية، وأن العنف كفيل بالقضاء على الانتفاضة، دون أي إصلاح، إلا إذا كان حسب وجهة نظر النظام.لقد تغولت أجهزة الأمن والقوات العسكرية السورية، ولم يعد يثقل ضميرها إطلاق الرصاص علي المتظاهرين وقتلهم أو هدم بيوتهم أو إحراقها، وتعتبر ذلك مقاومة لعصابات إرهابية وتآمر خارجي، دون أن تقدم متآمر واحد أو إرهابي واحد للمحاكمة رافق هذا كله، أزمة اقتصادية حادة وتدخل عربي ودولي، وانحلال إدارات الدولة، وتراجع الصناعة وإغلاق المعامل، وانعدام السياحة، وتضخم سعر الليرة بما يزيد علي النصف، ونقص حاد بمواد الطاقة والكهرباء، وفلتان أمني، وبداية انتشار عصابات الخطف والسرقة وغيرها، ومع ذلك تصر السلطة علي أن إجراءاتها الأمنية سوف تقضي علي الانتفاضة وتعيد الأمور إلي ما كانت عليه.أصبح إيمان السلطة بجدوى الحل الأمني إيماناً مطلقاً، رغم التدهور المتصاعد خلال الأشهر العشرة الأخيرة، بسبب فشل هذا الحل، وأذنت هذه السلطة بمزيد من استخدام السلاح والقمع والقتل والتدمير، واعتبرت أن ذلك مشروع حتى أن وزير الخارجية السورية، قال في مؤتمر صحافي إن الشعب يطالب بالحل الأمني.. إذن، وحسب هذا المعارض، رفضت السلطة وترفض أي حل عن غير طريق العنف، وحولت الحل الأمني إلي حل حربي، وهاهي تحارب في شوارع المدن السورية. حسين العودات: عن الأهالي المصرية

السلطة السورية تصمم على الحل الأمني

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الهـيـبــة المـفـقـودة وعـطـش البـطش

مهرجان القصة القصيرة جدا يحتفي بالمرأة الأديبة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات