مستشرقان روسيان: فوز العدالة والتنمية انتصار للديمقراطية

بوتسيروب وديميكولسكي أكدا أن المغرب يعتبر الشريك التجاري الثالث لروسيا في العالم العربي حل أليكسي بودتسيروب، وديمتري ميكولسكي، المستشرقان الروسيان، أخيرا، بالمغرب، لإلقاء محاضرات في عدد من المؤسسات الجامعية والمعاهد، تركزت حول العلاقات الثقافية والسياسية بين موسكو والرباط، وسبل تطويرها، وشملت هذه المحاضرات، كذلك، مواضيع أخرى ذات الصلة بما يعرفه العالم من أحداث، خاصة في العالم العربي. “الصباح” التقت الخبيرين من المعهد الاستشراقي الروسي، بمناسبة وجودهما بالرباط، وحاورتهما في موضوع الربيع العربي وفوز العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية، إضافة إلى العلاقات المغربية الروسية. في ما يلي نص الحوار: ماهي أسباب زيارتكم إلى المغرب؟ أليكسي بودتسيروب: جئت بدعوة من المركز الثقافي الروسي، لإلقاء مجموعة من المحاضرات في الجامعات والمعاهد المغربية، وقد انصب حديثي عن العلاقات المغربية الروسية منذ القرن الثامن عشر إلى يومنا هذا، وعن فن الصخور الصحراوية، سيما في ليبيا، على اعتبار معرفتي الجيدة بهذا البلد، إذ سبق أن اشتغلت منصب سفير سابق لروسيا به. المحاضرات تركزت، بالخصوص حول الثقافة العربية، وسبق أن ألقينا محاضرات في فاس، وطنجة، والبيضاء، والرباط، ومن المقرر أن أحاضر، كذلك، في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، هنا، بالرباط. هل تُعتبر هذه أول زيارة لكم إلى المغرب؟ لا، زرت المغرب ثلاث مرات. المرة الأولى بصحبة ألكسي كوسيكن، رئيس مجلس وزراء الاتحاد السوفياتي في أكتوبر عام 1971 ، ثم في 2002. كيف تقيمون العلاقات القائمة بين المغرب وروسيا؟ جيدة، وفي تطور مستمر. العلاقات السياسية متينة جدا، وهو ما تحرص عليه روسيا، بالنسبة إلى علاقتها بالعالم العربي، ودول حوض البحر الأبيض المتوسط. لقد سبق لجلالة الملك أن زار موسكو، في إطار السعي إلى تمتين التعاون بين البلدين. وأشير، بالمناسبة، إلى زيارة الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء الحالي، فلاديمير بوتين، إلى المغرب في شتتنبر 2006 ، كما زار مسؤولون روس المغرب في مختلف المناسبات، مما يؤشر على تزايد الروابط التي تجمع البلدين. على مستوى العلاقات الاقتصادية، فهي مثمرة، ويمكن الإشارة إلى التعاون في مجال الطاقة الكهربائية، ووجود خمس شركات مختلطة تعمل بالمغرب، وهناك التعاون في مجال الصيد البحري. بصورة عامة، العلاقات السياسية بين البلدين، يمكن أن نعتبرها نموذجية للبلدان الأخرى. صحيح أن هذه العلاقات كانت تمر بفترات يخيم عليها الفتور، وتميزها، أحيانا، توجهات سياسية مختلفة، إن لم نقل صعوبات، لكن المهم أننا استطعنا أن نتجاوزها، ونواصل دعم علاقاتنا الثنائية.العلاقات الاقتصادية مرشحة للتطور، وهناك مؤشرات إيجابية، إذ أن المغرب يعتبر الشريك التجاري الثالث لروسيا، في العالم العربي، بعد مصر، والإمارات العربية المتحدة. ولدينا قناعة في روسيا أن العلاقة الاقتصادية بين البلدين لا ترقى إلى مستوى العلاقات السياسية، ما يدفعنا إلى ضرورة تطويرها، والدفع بها نحو الأمام. من جهة أخرى، أعتبر أنه من المهم جدا أن نعمل على تعزيز العلاقات الثنائية، في المجال الثقافي و العلمي، فالمغرب يزخر بالطاقات والكفاءات العلمية، تماما كما هو الحال بالنسبة إلى روسيا، ويمكن أن يعمل البلدان على توطيد الاتصالات في هذا المجال ، خاصة على مستوى حوار الحضارات والأديان، إذ أن هذه القضية أساسية، بمعنى أن نركز على حوار الحضارات، وليس صدام الحضارات، وعلى الكفاءات العلمية الروسية والمغربية أن تُسهم بقوة في هذا المجال، من أجل أن نجعل الإنسانية تتبنى طريق الحوار، لتعزيز السلم في العالم. من منطلقكم مستشرقا، كيف تنظرون إلى الثورات العربية التي عرفتها بعض البلدان العربية، في ما يسمى الربيع العربي؟ هناك قاسم مشترك بين جل الدول العربية، يتجلى في تطلع الفئات المجتمعية، خاصة الشباب، إلى الديمقراطية والحرية. هناك، أيضا، تطور البورجوازية الوطنية التي تطالب بالديمقراطية، وكذا الفئات المتوسطة. المشكل في بعض البلدان التي عرفت الربيع العربي، أنها تأخرت في تحقيق الإصلاحات الضرورية، ما جعلها تواجه أزمة، عكس المغرب، الذي تمكن من استباق الأحداث، والإعلان عن الإصلاحات الضرورية في وقتها، وهذا يُشهد به للمغرب، أنه ساير طموحات وتطلعات المواطنين، فقام، بقيادة جلالة الملك، بإصلاحات سياسية ودستورية، وأثبت، بالتالي، أنه يساير الوقت. عرف المغرب انتخابات تشريعية أدت إلى فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ما هو تقييمكم لهذا الحدث، وهل تعتبرون هذا الفوز طبيعيا في ظل الحراك العربي السائد؟< أعتبر فوز العدالة والتنمية، مسألة إيجابية، ولا أرى أي خطر في فوز الإسلاميين، فهذا الحزب يمثل التيار الإصلاحي، الذي يمثله حزب النهضة في تونس، أو حتى جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بمعنى أن التيار الإصلاحي يتبنى توجها معتدلا، لكن الخطر قد يأتي من التيار الأصولي المتطرف، الذي تمثله، في نظري العديد من الجماعات الإسلامية، التي ترفض الاشتغال في إطار المؤسسات، وتسعى إلى إقامة دولة إسلامية، وأسلمة القطاعات، مثل القطاع الاقتصادي، وتبقى المسألة الأشد خطورة، هي محاولات تصدير الثورة نحو بلدان أخرى. تميزت السنوات الأخيرة بالمغرب بتحقيق إصلاحات دستورية و سياسية، تُوجت بإقرار دستور جديد للبلاد، كيف ترون هذه المبادرات؟ هذه مؤشرات إيجابية، خاصة أن الدستور الجديد أدخل المغرب مرحلة جديدة، تتميز بتعزيز دور المؤسسات، مثل الحكومة، التي سيترأسها رئيس منتخب، ومعين من الحزب الذي حل في الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، هذه خطوة هامة، وينبغي التركيز، في كل الأحوال، في نظري، على الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، الرامية إلى رفع القدرة الشرائية للمواطنين، وتحسين مستواهم المعيشي، خاصة بالنسبة إلى الفئات الفقيرة، والحد من الهشاشة. هل بإمكانكم، السيد ميكولسكي، أن تسلطوا المزيد من الضوء على مسار العلاقات الروسية المغربية، مستقبلا؟ ديمتري ميكولسكي: هناك، في رأيي، إرادة قوية لتطوير العلاقات الثنائية بين المغرب وروسيا، اقتصاديا، وسياسيا. صحيح أن العلاقة السياسية، كانت دائما جيدة وميزها التعاون الوطيد بين البلدين، لكن هناك فرصا عديدة في المجال الثقافي، وهناك إمكانيات لا تزال قائمة في المجال العلمي. في وقت سابق، كان هناك إقبال متزايد للشباب المغربي على التعليم في الجامعات والمعاهد الروسية، واستفاد العديد من الطلبة المغاربة من التحصيل في روسيا، والعديد منهم يتبؤون، اليوم، مناصب مرموقة في المغرب، ونحن مستعدون للترحيب بالراغبين في تحصيل العلم، وهناك أيضا، مجال واسع جدا للبحث في مجال الثقافة المغربية والعربية، بشكل عام، ونحن نعي أن المثقف المغربي، والمهتم بالقضايا الثقافية، برغم انفتاحه على الثقافات واللغات الأجنبية، فهو متشبث بتراثه المغربي والعربي الأصيل، وهذا مهم، وهو ما عايناه، خلال استضافتنا من طرف معهد التدبير والتسيير التابع لجامعة عبد المالك السعدي، إذ رأينا شبانا مغاربة يُتقنون الفرنسية، لكنهم، يتقنون، بالدرجة نفسها، لغتهم العربية، و أثبتوا أنهم مطلعون على ثقافتهم المغربية الأصيلة، والثقافة العربية الكلاسيكية، بمعنى أنهم رغم تلقيهم التعليم الحديث، فهم يحتفظون بنواة الثقافة المغربية. بماذا تفسرون فوز الأحزاب الإسلامية في عدد من البلدان العربية، خاصة في شمال إفريقيا؟ أعتقد أن هناك خيبة أمل في الاشتراكية، خاصة بعد زوال المنظومة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي، سابقا، وهناك خيبة أمل في بناء مجتمع رأسمالي يتميز بالعدالة الاجتماعية، ما جعل الكثيرين يقتنعون أنه لم يعد هناك سوى سبيل ثالث متمثل في الإسلام. وأعتقد أن فوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية المغربية، ظاهرة إيجابية، لأن تؤشر على أن هذه الانتخابات كانت ديمقراطية، ونزيهة، وتفتح المجال للتداول على الحكومة. والعدالة والتنمية، في نهاية المطاف، هم إسلاميو صاحب الجلالة، يشتغلون في نطاق المؤسسات القائمة، وملتزمون بمؤسسة إمارة المؤمنين، وبالتالي لا أرى أي خطر أو تهديد في صعود الإسلاميين إلى الحكومة، بل بالعكس، بإمكان المغرب أن يظهر لنا سبيلا آخر، هو السبيل الديمقراطي، عكس ما حصل في الجزائر، على سبيل المثال، بعد فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية في الانتخابات التشريعية لسنة 1991، والتي أدت إلى حرب أهلية حصدت أرواح المئات من الجزائريين. أجرى الحوار: جمال بورفيسي

مستشرقان روسيان: فوز العدالة والتنمية انتصار للديمقراطية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استخبارات الجزائر استبقت الاهتمام ببنكيران

الدشيرة يعزز صدارته في بطولة الهواة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات