يتيم: لا وجود لتيار الاستوزار

وزير الشغل طالب النقابات بالانتقال إلى جيل جديد من الحوار يتجاوز ثقافة الصراع أكد محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، أن الحكومة مع مأسسة الحوار، مضيفا أن الحكومة جادة في التعاطي مع المطالب الموضوعية والمعقولة والممكنة في إطار الإمكانيات المتاحة، داعيا النقابات إلى العمل بقاعدة "خذ وطالب" المعروفة عند النقابيين في التفاوض، نافيا في الوقت ذاته وجود تيار الاستوزار كما يدعي من وصفهم بـ"المغرضين". في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني < دعت الحكومة النقابات والباطرونا للحوار ، ما هي مقترحات الحكومة بشأن مطلب مأسسة الحوار؟ < الحكومة مع مأسسة الحوار، أي مع انتظامه ودوريته وطابعه الثلاثي التركيب، وأن يكون موضوعيا ومسؤولا ومنتجا، وأن يكون له بعد قطاعي وبعد مركزي، وأن ينتهي في نهاية المطاف إلى اتفاق يحدد المطالَب التي تمت الاستجابة لها، في إطار الإمكانيات المتاحة لدى الدولة وبجدولة زمنية لتنفيذها مع تحديد القضايا التي لم يحصل فيها اتفاق وتحديد طريقة مواصلة معالجتها والحوار حولها من أجل تقريب وجهات النظر. هذا النوع من الحوار يتطلب إرادة مشتركة واحتراما متبادلا وطرحا موضوعيا ومسؤولا . أما في ما يتعلق بالآليات، فهناك أكثر من طريقة لتنظيم الحوار، وعموما يمكن القول إن الحوار يمكن أن ينتظم حول لجنتين، الأولى تتولى قضايا القطاع الخاص، وأخرى تتولى قضايا القطاع العام. كما يمكن الاتفاق على إحداث لجن موضوعاتية، حسب الحالة والحاجة، وكل ذلك عبر جدولة زمنية محددة، وكل هذا ينبغي أن يكون موضوع اتفاق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين. إن الشكليات أو الآليات ليست هي الأهم، بل مردودية الحوار المبنية على إرادة مشتركة من أجل إنجاحه، وإنصات مشترك وطرح موضوعي. < انتقدت النقابات تجميد الحوار خلال ولاية بنكيران. هل يمكن الحديث عن مقاربة تشاركية خارج منطق الهروب باسم الإكراهات المالية؟ < المقاربة الإيجابية التي تنظر إلى المستقبل وبناء علاقات ثقة بين الشركاء الاجتماعيين مطلوبة، وليس مفيدا لأي طرف الانطلاق من أحكام مسبقة أو الرجوع إلى الماضي، وليس من المفيد الوقوف عند الأسباب التي أدت إلى توقف الحوار خلال الولاية السابقة، بعد أن كان قريبا أن يخلص إلى عدد من الخلاصات الإيجابية التي كان ممكنا أن تصبح اليوم من مكتسبات الشغيلة. إن الحكومة لا تتهرب، ولن تتهرب وليس لها "منطق هروب" من استحقاقات الحوار بدعوى الكلفة المالية، فإمكانيات الدولة المالية معروفة وليست سرا، وتوازنات ميزانية الدولة معروفة أيضا، ولهذا كان دائماً من مطالب النقابات تخصيص دورة شتنبر لعرض معطيات مشروع قانون المالية كي يكون الجميع على بينة. وفي نهاية المطاف، فميزانية الدولة هي ميزانية المغاربة، جزء منها يذهب إلى الاستثمار، بما في ذلك القطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة ودعم المواد الأساسية والمقاصة من أجل المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين، وجزء آخر هو استثمار في البنيات الأساسية، والآخر يتجه إلى التسيير ومنه الأجور وكلفتها وجزء آخر إلى أداء الديون. هذه كلها أمور معروفة وأرقام محددة، حاكمة ومحددة لنطاق تصرف الحكومة ولأي مسؤول انتقل إلى التدبير بعد أن كان في المعارضة، واستحضارها ليس هروبا باسم الإكراهات المالية. وإلا فأي حكومة سياسية منبثقة من أحزاب وحريصة على إرضاء المطالب سترفض الاستجابة لمطلب رفع الأجور، إذا كانت إمكانيات الدولة تسمح بذلك؟ وأي حكومة سياسية يمكن أن تكون مصرة هكذا على الدخول في مواجهات اجتماعية مجانية؟. < تحملتم مسؤولية قيادة النقابة، وتعرفون جيدا الملفات المطروحة. ما هي القرارات التي تنوون إعلانها تعبيرا عن الإرادة في إنجاح الحوار؟ < من السابق لأوانه الإعلان عن إجراءات، لأن في هذا مصادرة على المطلوب ككل، فضلا عن أن القرار في ذلك، يرجع لرئاسة الحكومة كما أن قرارات أخرى قد ترجع إلى الحكومة بأكملها، وأخرى تقتضي تعديلات في قانون المالية قد تأتي من البرلمان، لكن للحكومة إرادة جادة في التعاطي مع المطالب الموضوعية والمعقولة والممكنة في إطار الإمكانيات المتاحة، علما أن مطالب أخرى يمكن جدولتها والاتفاق على تنفيذها تدريجيا، وحسب القاعدة المعروفة عند النقابيين في التفاوض، أي قاعدة "خذ وطالب" يمكن العمل جميعا على التقدم في الحوار، علما أن الحوار لا يشمل فقط مطالب مادية، بل إنه يشمل مطالب أخرى لا تتطلب كلفة يمكن اتخاذ إجراءات عملية فيها. الولاية الثالثة من صلاحيات لجنة القوانين < يستعد "بيجيدي" لعقد المؤتمر الوطني، في ظل صراع بين تياري بنكيران والعثماني. كيف تنظر إلى مستقبل الحزب في ظل الفرز الذي خلفته التجربة الحكومية؟ < أولا لا يوجد صراع داخل العدالة والتنمية، ولكن توجد تقديرات مختلفة و"بيجيدي" حزب مؤسساتي يحتكم إلى قرار المؤسسات، وإلى قوانين ومقررات صادرة عنها. لذلك، فالحديث عن تيارين هو كليشيهات يطلقها البعض ولا تعكس ثقافة الحزب ولا واقعه، ولا آلية اتخاذ القرار عامة والقرار الخاص بانتخاب الأمين العام وغيره من مسؤولية الهيآت وأعضائها. نعم، يوجد بعض من يرى ويتمنى أن تكون للأستاذ عبد الإله بنكيران ولاية ثالثة، ويوجد من لا يرى ذلك، ولكن ذلك لا يعني تصنيف الأولين في تيار بنكيران، كما أنه لا يمكن وصف من يرى عكس ذلك، بأنه من تيار العثماني. وما يطلق عليه البعض بتيار "الاستوزار" لا أساس له من الصحة، وهي كلمة خاطئة مغرضة لسبب بسيط، أن الحزب شارك في الحكومة بقرار من المجلس الوطني، وليس بقرار من الوزراء، والحزب هو الذي اختار وزراءه من خلال لجنة ثلثاها منتخبون في المجلس الوطني، والفريق البرلماني أسهم في تنصيب حكومة العثماني، وما زال يواصل مساندتها من خلال التصويت على المشاريع التي تتقدم بها للبرلمان . أما ما يتعلق بموضوع الولاية الثالثة، فهو طلب جاء من بعض أعضاء المجلس الوطني، كي يضمن في جدول أعماله، وأحاله مكتب المجلس على لجنة القوانين والمساطر، لتقول كلمتها فيه، وليحسم فيه المجلس الوطني، وفقا لمقتضيات النظام الداخلي. الانفتاح على النقابات < تتهم النقابات الحكومة بالانحياز إلى أرباب العمل. ما هي المقترحات التي تحملونها لضمان حقوق كل الأطراف في مشروع مدونة الشغل؟ < الحوار ثلاثي من جهة، كما يمكن أن يكون في الوقت نفسه حوارا ثنائيا لتقريب وجهات النظر بين الأطراف. الحكومة لن تنحاز إلا إلى الصالح العام، وكما أن النقابات تمثل فئات اجتماعية معينة هي الشغيلة التي تمثلها، فإن منظمات أرباب العمل تضم أيضا مواطنين يسهمون في بناء الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص الشغل وعليهم مسؤوليات اجتماعية، وهناك أيضا فئات اجتماعية هي الأكبر والأوسع، ليست منتظمة ضمن إطار نقابي، ولا هي من أرباب العمل تؤدي بشكل أو بآخر الضرائب، وليست مأجورة ينبغي أن تكون حاضرة، ويتعين على الدولة توفير حقها في السكن والصحة والولوج إلى الخدمات. إن الحوار في نهاية المطاف ينبغي أن يأخذ كل هذه الأبعاد، ويهدف إلى بناء توافقات تقرب الطرفين، وتوفير أجواء إيجابية تمكن المقاولة من أن تكون منافسة، ولكن دون مساس بمسؤوليتها الاجتماعية أو بالحقوق الأساسية للشغيلة. ونحن نأمل أن ندخل إلى جيل جديد من التفاوض والحوار الاجتماعي ينطلق من ثقافة جديدة تتجاوز نظرة الشك وثقافة الصراع المضرة بالطرفين. < يمثل مشروع قانون الإضراب موضوع خلاف بين النقابات والباطرونا. كيف تردون على مطلب سحب المشروع من البرلمان ومناقشته في جلسات الحوار الاجتماعي؟ < القانون المذكور بعد إحالته على البرلمان، أصبح شأنا برلمانيا، وخرج من مسؤولية الحكومة، ودخل إلى مسؤولية المؤسسة التشريعية، وهو مشروع قانون تنظيمي تم اعتماده في المجلس الوزاري. والحكومة الحالية اتخذت قرارا صائبا بعدم سحب أي مشروع أحالته على البرلمان، تفاديا لما كان يمكن أن يترتب على ذلك من انعكاسات، أخذا بعين الاعتبار تأخر تشكيل الحكومة وتأخر المصادقة على قانون المالية تبعا لذلك، فسحب المشروع غير ممكن، غير أن الحكومة ستكون منفتحة على اقتراح النقابات وآرائها في الموضوع، وسنعمل ما أمكن من أجل بناء توافق حوله وجعله متوازنا، ونتمنى أن نوفق في ذلك. < أعلنتم عن إستراتيجية وطنية من أجل التشغيل. هل يعني ذلك الرهان على القطاع الخاص وحده وإعفاء الحكومة من المسؤولية؟ < العكس هو الصحيح حيث إن البرنامج يؤكد على مسؤولية الحكومة كلها وليس الوظيفة العمومية أو وزارة الشغل والإدماج المهني. ولهذا أنشئت لجنة وزارية للتشغيل، على اعتبار أن المقاربة الناجعة لهذه المعضلة لا يمكن أن تكون ناجحة، إلا إذا كانت مقاربة أفقية التقائية، مما يستدعي استحضار بعد التشغيل في كل السياسات والإستراتيجيات القطاعية. من جهة ثانية، تعتبر السنة الحالية استثنائية من حيث عدد المناصب المالية، إذا أخذنا بعين الاعتبار التوظيف عن طريق التعاقد، لكن يبقى أن حل معضلة التشغيل، كما هو الشأن في جميع بلدان العالم، لا يتم من خلال التوظيف فقط، بل من خلال التنمية وتطوير النشاط الاقتصادي ودور المقاولات والخدمات، فضلا عن الدور الذي ما زال يحتله القطاع الفلاحي في المغرب، باعتباره قطاعا مشغلا، ثم بعد ذلك، تأتي البرامج النشطة التي تبقى مقاربة معمولا بها في جميع دول العالم، للتغلب على معضلة البطالة، حيث إن النمو أو الاستثمار قد لا ينتج مباشرة فرص الشغل المطلوبة والكافية لتدفقات الوافدين الجدد على سوق الشغل. التكتل غريب عن ثقافة الحزب كل تكتل مبيت أو دعاية لهذا الاتجاه أو ذاك، هو مخالف لما درج عليه الحزب، وغريب عن ثقافته، وقيمه وأخلاقه التي جعلت اختياره لمسؤولين علامة مضيئة في تاريخه، وهو لا يدخل في حرية التعبير، بل هو خرق لقوانين الحزب وثقافته وقيمه، وتأسيس لسابقة قد تكون لها تداعياتها. لقد تعودنا أن لحظة التداول تسبق عملية الترشيح التي يتولاها المؤتمرون، وهي التي تسمح بتكوين قناعات المؤتمرين. أما القدوم للمجلس الوطني أو إلى المؤتمر بفكرة مسبقة تتضمن تواطؤا، سيكون انتكاسة أخلاقية ومنهجية قد لا يصبح للحزب، لو قدر الله تحولها إلى اتجاه غالب، أي قيمة مضافة مهما كان تبريرها والسعي للتطبيع معها!! فعالية الحكومة < تعيش حكومة العثماني تضخما في عدد كتاب الدولة، أملته ضرورة تشكيل الأغلبية. كيف تقيم أداء الفريق الحكومي، خاصة أمام التحديات الاجتماعية التي فجرتها أزمة الريف؟ < هيكلة الحكومة تمت من خلال تكوين أقطاب كبرى، أي وزارات كبرى ووزارات وكتابات دولة. وهذه المقاربة لها ما يبررها، ويشهد لها كما يوجد للتقليص، ما يبرره أيضا، وينبغي أن نأخذ في الحسبان أن الدول التي تتجه إلى تقليص عدد الوزارات، هي في الغالب دول فدرالية أو فيها جهوية متقدمة. ولذلك، فالتقليص له ما يبرره. وفي الحالة المغربية، من الممكن الوصول إلى حكومات مقلصة نسبيا، لكن عدد الأحزاب المشاركة في الحكومة هو أحد الأسباب التي تفسر ذلك التضخم في العدد، والتصور الذي انطلق منه رئيس الحكومة هو حكومة لا تتجاوز ثلاثين وزيرا، غير أن مسار التفاوض وتمثيل مناسب لجميع الأحزاب المشاركة، كانا إذن أحد الأسباب، والمهم اليوم هو الفعالية والنتيجة، وأن تكون كتابات الدولة قيمة إضافية للفريق الحكومي. في سطور - من مواليد 16 غشت 1956 بالبيضاء - حاصل على الإجازة في الفلسفة وعلى دبلوم الدراسات العليا في علوم التربية - استاذ للفلسفة ولعلوم التربية لعدة سنوات - عضو بالأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية - رئيس المجلس الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب وكاتبها العام لولايتين متتاليتين - نائب برلماني منذ 2002 - عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى غاية 14 أكتوبر 2016. - وزير الشغل والإدماج المهني في حكومة العثماني - له أربعة أبناء - عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح - من مؤلفاته: العمل الإسلامي والاختيار الحضاري - الحركة الإسلامية بين الثقافي والسياسي - مقالات التغيير الحضاري

يتيم: لا وجود لتيار الاستوزار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فيديو .. الجيش يفوز على أولمبيك خريبكة في كأس العرش

الحبس الموقوف لفلاحين بأزرو

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات