دراسة: إصلاح مهنة المحاماة ومعضلة التكوين

ضرورة إحداث معهد عال للمحاماة للرقي بالمهنة أجرت جريدة الصباح، أخيرا، حوارا مطولا مع وزير العدل وبعض مساعديــــه، تطرق الحوار المذكور إلى مجمل القضايا المتعلقة بشؤون العدالة والقضاء بالمغرب. من جملة القضايا التي تعرض لها الوزير بصفته مسؤولا حكوميا في الجهاز التنفيذي للدولة و كذا بصفته محاميا ونقيبا سابقا لهيأة المحامين بالبيضاء، وهي من باب التذكير فقط أكبر هيأة للمحامين بالمغرب، ما تعلق بضعف التكوين لدى المحامين، وهذا الأمر وإن كان مسلما به من طرف الجميع، إلا أن الوزير لم يتطرق وبشكل واضح إلى الحلول التي يراها مناسبة من أجل الرفع من المستوى المهني و الفكري للمحامي حتى تعود المهنة إلى سابق تألقها.وفي هذا الصدد ومن أجل الرفع من مستوى المهنة مهنيا وفكريا فإنه يتعين إحداث ثورة حقيقية في ما يخص تكوين المحامي بصفة عادية والمتمرن بشكل خاص، ذلك أن ما نعيشه حاليا في مجال تأهيل تكوين المحامي المتمرن، وعلى صعيد كافة الهيآت بدون استثناء لا يمكن أن ينتج إلا وضعا اقل ما يمكن ان يقال عنه انه كارثي. فبالرجوع إلى القانون المنظم لمهنة المحاماة بالمغرب يلاحظ أن الباب المتعلق بالانخراط في المهنة يشير في فصله السادس إلى مايلي:تمنح شهادة لمزاولة مهنة المحاماة من طرف مؤسسة للتكوين تحدث وتسير وفق الشـروط التي ستحدد بنص خاص تنظيمي.تستمر وزارة العدل في تنظيم امتحان خاص بمنح شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة إلى حين دخول النص التنظيمي حيز التنفيذ.والملاحظ أن النص المشار إليه أعلاه قد تم استنساخه حرفيا من القوانين القديمة المنظمة لمهنة المحاماة والتي كانت تتحدث عن معاهد التكوين التي ستحدث بمقتضى نصـــوص تنظيمية ومرت السنوات ثم السنوات ولم تصدر النصوص التنظيمية و لم يتم إحداث معاهد التكوين وبقيت دار لقمان على حالها، وأصبحت الهيآت تتخبط في مشكل أكبر من إمكانياتها، وتحاول تسيير تكوين المحامين المتمرنين بأقل الخسائر الممكنة. إذ أن نقيب أو مجلس الهيأة يكلف عضوا من المجلس يتولى مهمة الإشراف على المحامين المتمرنين، فيحاول هذا العضو أن يجتهد وفق ما تيسر لـــه فيبادر إلى جميع المحامين المتمرنين مرة أو أكثر في الأسبوع لكي يلقنهم سواء شخصيا أو بواسطة من يتعين من الزملاء أو الأساتذة المحامين بعض المبادئ والمسائل القانونية أو المهنية.وهكذا أصبحنا أمام معضلة وإشكالية حقيقية تتعلق بتكوين المحامين المتمرنين خلال فترة تمرينهم التي حددها المشرع المغربي في 3 سنوات، إن هذه الوضعية لا يمكنها أن تنتج لنا إلا محامين عديمي التكوين قليلي التجربة والحنكة القانونية وغير ملمين إطلاقا بالمساطر القانونية من أجل الدفاع عن مصالح موكليهم.إن الرفع من مستوى مهنة المحاماة يتطلب إدخال تعديل أعتبره جوهريا في قانون مهنة المحاماة يتعلق بالنص صراحة على إحداث المعهد العالي للمحاماة وذلك على غرار ما هو معمول به في العديد من الدول، سواء المتقدمة منها أو التي هي في طريق النمو (تونس مثلا).ان الأمر يتطلب إلغاء مقتضيات المادة السادسة من قانون المحاماة برمتها ويشار في المــادة ذاتها إلى أن هذا المعهد مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالـــي، وتشرف على تسيره وزارة العدل، وزارة التعليم العالي، وجمعية هيآت المحامين بالمغرب. ويشتمل المعهد على مجلس إداري يترأسه مديره ويتكون من ممثلين اثنين عن كل من وزارة العدل، ووزارة التعليم العالي، وجمعية هيآت المحامين بالمغرب.ويتم القبول بالمعهد العالي للمحاماة عن طريق مباراة تفتح للحاصلين على شهادة الماستر في العلوم القانونية أو ما يعادها من الشهادات الأجنبية وتدوم الدراسة والتكوين فيه سنتين .وبعد انصرام أجل التكوين و الدراسة بالمعهد العالي للمحاماة، يمكن للمحامي المتمرن أن يلتحق بأحد مكاتب المحامين لقضاء السنة الأخيرة من التمرين لكي يطلــع عن كثب على الإجراءات القانونية وممارسة المساطر القضائية و الحضور الفعلي للجلسات.وأظن، وهذه وجهة نظر شخصية، أن هذا هو السبيل الأمثل من أجل الرفع من مستوى أداء المحاميــــن في المغرب. وأتمنى أن يشاركني مناقشة هذا الموضوع زملائي في المهنة أو بقية الفاعلين في ميدان العدالة بالمغرب. بقلم: ذ/ ابراهيم حصالة: محام بهيأة بني ملال

دراسة: إصلاح مهنة المحاماة ومعضلة التكوين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البيضاء تحتضن المعرض الدولي للفن

المصادقة على قانون الحقوق العينية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات