تحالف “جي 8″… نهاية البلقنة

قادة التحالف نفوا وجود خطوط حمراء ودافعوا عن تشكيل تيار مجتمعي وانتقدوا الوصاية على المجتمع لم يتطلب ميلاد التحالف من أجل الديمقراطية كثيرا من الجهد، كما يستنفد النقاش والوقت حتى تكتمل الفكرة. في البدء كانوا أربعة، التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والأصالة والمعاصرة، ثم تحولوا إلى تحالف ثماني، باستقطاب الحزب العمالي والنهضة والفضيلة واليسار الأخضر والحزب الاشتراكي. بالمقابل، رأى البعض في التحالف، أنه تفرق فيه ما تجمع في غيره، فهو يتشكل من قاعدة أساسها اليمين، وفيه مكونات اليسار وحتى الإسلاميين وجدوا مكانا لهم في التجمع الحزبي. يحسب للتحالف أنه تشكل قبل الانتخابات، عكس ما عرفته الساحة السياسية المغربية من تحالفات انتخابية بعدية، ويحسب عليه أنه يجمع بين التناقضات، حتى أن تبرز، بين الفينة والأخرى، في خطابات وقراءة الواقع السياسي بين فرقاء هذا التحالف من أجل الديمقراطية. هل يتعلق الأمر بتحول حقيقي يؤسس لثقافة سياسية جديدة مبنية على التقاطبات، أم هي هبة انتخابات فقط؟ هل يلغي التحالف فكرة الهوية السياسية لفائدة البرنامج الانتخابي والمشروع؟ ماذا ينتظر التحالف من المغاربة وما ذا ينتظر المغاربة من التحالف، هل نحن أمام «براديكم» سياسي جديد ينبني على الواقعية السياسية أكثر منه على التكتلات الحزبية القائمة على الإيديولوجيا؟ ما حقيقة العلاقة الصدامية مع العدالة والتنمية، والجري وراء استمالة الاتحاد الاشتراكي إلى التحالف الحزبي؟ «الصباح»، استضافت قيادات «التحالف من أجل الديمقراطية»، في نقاش حول مستقبل التحالف وبرنامجه الانتخابي المشترك وأفقه السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية لـ25 نونبر المقبل. شكل إعلان التحالف من أجل الديمقراطية، منعطفا جديدا في طبيعة التحالفات السياسية التي طبعت الحياة الحزبية منذ الاستقلال، فقد أنهت فكرة التحالف بين اليسار واليمين والإسلاميين، خصوصية التحالفات التي ظلت تستند إلى الهوية السياسية أو الانتماء الإيديولوجي، وتجعل كل انحياز عن هذا المعيار خروجا عن المألوف.فكرة "جي 8"يراهن التحالف، يقول صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، على مواجهة تحولات فرضتها مرحلة الدستور الجديد، وجعل الانتخابات التشريعية المرتقبة ممرا لإعطاء دفعة جديدة في جو إقليمي متحول، باعتبارها تحولات تسير بوتيرة لا تسمح للفاعل السياسي أن يبقى معزولا عنها. وأضاف مزوار أن إعلان التحالف الثماني قبل الانتخابات يروم «وقف البلقنة وإعادة الثقة إلى الناخب في السياسة»، فالأمر، يقول رئيس الأحرار، يحمل رسالة مفادها أن هذه الأحزاب التقطت إشارات المرحلة الجديدة وبدأت الاشتغال على بنائها»، مثيرا أن المغاربة لن يتعاملوا مع الفاعل السياسي والمؤسسات المنتخبة بالطريقة ذاتها، لأن الأمر يتعلق بحاجة وتحديات جديدة.من جهته، اعتبر امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أن فكرة التحالف تنبني على خلق تيار مجتمعي، مضيفا أن هناك لجنة تشتغل على إعداد برنامج انتخابي مشترك يراعي مختلف الحساسيات التي توجد داخل التحالف من أجل الديمقراطية.وفي السياق ذاته، قال عبد الكريم بنعتيق، الأمين العام للحزب العمالي، إن النقاش الحقيقي اليوم هو إعطاء دينامية حقيقية للحياة السياسية، مضيفا أن التحالف لا يشكل عملية انتخابية حسابية، لأنه تحالف مرجعي وليس عددي، مشيرا إلى أنه من حسنات المبادرة الملكية خلال الإعداد للدستور، أنه أنشأ آلية سياسية ضمت الأحزاب السياسية، وهي الآلية التي ساهمت في التقريب بين وجهة نظر مجموعة من الأحزاب التي تتحالف اليوم في إطار «جي 8».وفي حديثة عن السياق التاريخي للتحالف الثماني، قال عبد الله الفردوس، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، إن الأمر يتعلق بمشروع تاريخي له جذور تعود إلى أكثر من 15 سنة، مذكرا بتجربة الوفاق، التي شكلت مدخلا لفكرة التقاطبات الحزبية قصد توضيح المشهد السياسي والحزبي. وقال الفردوس، إن التحالف مع اليسار ليس وليد اليوم، لأنها تجربة قد تعود إلى بداية التناوب التوافقي، حين ساهم اليمين في دعم انتقال اليسار من المعارضة إلى الأغلبية، ودعمت أحزاب الوفاق حينها أحزاب المعارضة في تسيير الشأن العام، فما وقع حينها، يقول عضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري، أنه تم «جلب اليسار من المعارضة إلى الحكومة بمباركة من اليمين». رهانات الأحزاب الثمانيةاعترف لعنصر بصعوبة تقديم ترشيحات مشتركة في الانتخابات التشريعية، بالنظر إلى إكراه الوقت ونمط الاقتراع الذي لا يسمح بهذا النوع من الترشيحات، مضيفا أن هناك تنسيقا في بعض الدوائر المحلية. وأشار امحند العنصر، إلى أن التحالف من أجل الديمقراطية، قد يكون في المعارضة وقد يكون في الأغلبية بعد الانتخابات، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بالتزام بين الأحزاب الثمانية، وهذا هو الأهم أن يكون الصراع الانتخابي قائما على أساس برامج ومشاريع مجتمعية وليس تحالفات بعد الاستحقاقات. من جهته قال الفردوس، عضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري، إن التحولات السياسية والدستورية التي تعرفها البلاد، منذ خطاب 9 مارس، «خلقت شروطا ومعطيات جديدة ساهمت في التحول من التحالفات بمنطق الإيديولوجيا إلى تحالف على قاعدة البرنامج الانتخابي والمشروع المجتمعي، ما ينهي ثقافة اليمين واليسار»، سيما أن الأمر، يقول الفردوس، يتعلق بتحالف بين أحزاب قوية بمرجعيتها وأفكارها وقوتها الاقتراحية، مؤكدا «أن النقاش الحقيقي اليوم هو ما سيقدمه التحالف للمجتمع المغربي من أجوبة مقنعة حول تحسين ظروف العيش الكريم وحلول لمشاكل اجتماعية، نراهن على ملامستها في برنامجنا الانتخابي المشترك».الكاتب العام لحزب اليسار الأخضر، اعتبر أن سياق التحالف يندرج في إطار مختلف اليوم، بعد أن تصالح المغاربة مع ماضيهم، ونشرت تقارير هيأة الإنصاف والمصالحة، مشيرا إلى «أننا اليوم انتهينا من الصراع حول الشرعية والمشروعية، والآن نحن بصدد تعاقد جديد بتطورات ورهانات جديدة، وهذا هو المهم». بالمقابل، اعتبر الأمين العام للحزب الاشتراكي، أن المغرب دخل مرحلة حاسمة في تاريخه، وأنه «يطمح اليوم إلى بناء مرحلة ما بعد 9 مارس، مرحلة يجب أن تلعب فيها الأحزاب السياسية دورا تاريخيا، لأن المغرب، منذ الاستقلال أخلف موعده مع التاريخ». وقال بوزوبع إنه لم يعد ممكنا إخلاف الموعد مرة أخرى، سيما أننا، يقول الأمين العام للحزب الاشتراكي، «أمام مرحلة بناء بإصلاحات سياسية ودستورية يجري تنزيلها»، مشيرا إلى أن سيناريو هذا التحالف الثماني يوجد في تجارب أخرى والظرفية التاريخية تلعب دورا في هذا الاتجاه، محذرا من مخاطر التعددية القاتلة التي أجهزت على دور الأحزاب السياسية، وجعلت البلاد تعيش تجربة تعددية حزبية وليس وتعددية سياسية بالمعنى الواسع.الخطوط الحمراء للتحالفأكد الأمين العام للحركة الشعبية، أن التحالف لم يطرح للنقاش وجود خط أحمر في مسألة التحالفات، مضيفا أن التجمع ليس موجها ضد العدالة والتنمية، «لأنه لا يمكن حرمان حزب سياسي ديمقراطي يشارك في الحياة السياسية من أن تكون له تقاطبات حزبية»، معتبر أن العدالة والتنمية، إلى حدود الآن «لا يشارك التحالف المشروع والرؤية، بالمقابل، كانت هناك اتصالات مع الاتحاد الاشتراكي». في حين اعتبر بنعتيق أن التحالف ليس موجها ضد أحد، بل موجها «من أجل دفاع عن القيم والمشروع الحداثي»، محذرا من أن هناك من حارب الأمازيغية وهاجم تعدد الهوية المغربية، وهنا، يقول الأمين العام للحزب العمالي، «قررنا أن نتحول إلى تيار مجتمعي يدافع عن هذه القيم ويواجه المحافظين الذين يوزعون الأدوار في ما بينهم لهدف واحد هو تنميط المجتمع».في السياق ذاته، لاحظ مزوار أن ردود الفعل بشأن إعلان التحالف تعكس جميعها منطقا حزبيا يحاول أن يمارس الوصاية على المجتمع، وهذا أمر خطير، يقول مزوار، لأنه يسير ضد التيار الديمقراطي والمجتمعي الذي يتوق إلى التغيير، معتبرا أن التحالف ليس نهاية الإيديولوجيات، و»هذه بنفسها في حاجة إلى مراجعة وتطوير»، مشيرا إلى أن البحث جار عن القضايا التي تجمع وليس تلك التي من شأنها أن تفرق التحالف، إذ نبه رئيس التجمع الوطني للأحرار، إلى نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات التشريعية لسنة 2007، تساءل الجميع اليوم من أحزاب وفاعلين سياسيين ومجتمع، مضيفا أن هذا المعطى يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في تحليلاتنا، لأن «الرهان الحقيقي هو إقناع الناخبين بضرورة التصويت في الانتخابات المقبلة لأن شيئا قد تغير». مقتطفات من البرنامج الانتخابي المشترك يقدم التحالف من أجل الديمقراطية يوم غد (الثلاثاء)، برنامجه الانتخابي المشترك بخصوص استحقاقات 25 نونبر المقبل. وينطلق البرنامج من مرجعيات أساسية، تشمل التمسك بثوابت الأمة المغربية، من الدين الإسلامي السمح والملكية الدستورية والوحدة الوطنية متعددة الروافد والاختيار الديمقراطي. وصيانة وتوسيع المكتسبات في مجال الحقوق والحريات، والتشبث بقيم التحالف المعلن، ومنها الديمقراطية والتضامن والمساواة والتقدم والعدالة الاجتماعية، وكذا تبني خيار المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، بما يؤسس لمغرب متعدد ومتنوع لغويا وثقافيا، ويكون نموذجا منفتحا للتنمية، يوفق بين المبادرة الحرة ودور الدولة كفاعل وضامن للمنافسة الشريفة.ويرفع التحالف الثماني ثلاثة تحديات، تبن على الثقة والكرامة والازدهار الاقتصادي، فيهدف تحدي الثقة إلى تعزيزها لدى المغاربة في المؤسسات، وخلق مناخ سليم وشفاف يمنح الثقة لكل الفاعلين. وتتطلب الكرامة جعل العدالة الاجتماعية حقا وليس امتيازا، وشرطا أساسيا للتماسك والاستقرار الاجتماعيين. فيما يتحقق الازدهار الاقتصادي، وفق برنامج التحالف من أجل الديمقراطية، من خلال بناء اقتصاد قوي وتنافسي يعزز مكانة بلادنا على المستوى الدولي، والإجابة على التحديات الاجتماعية على المدى البعيد.ويلتزم التحالف بتعزيز البناء الديمقراطي، ووضع نظام فعال للحكامة يربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان نجاعة السياسات العمومية، وتوفير الأمن بمختلف أبعاده، وتعزيز المساواة بين الجنسين وتثمين دور المرأة في المجتمع، وتحقيق الإشعاع على المستوى الدولي.ويراهن التحالف على تنزيل أمثل للدستور كإطار لـدولة القانون والمؤسسات، والتقيد بنصه وروحه لممارسة كل الصلاحيات سواءً في الأغلبية أو المعارضة، وبناء الجهوية وجعلها فضاءً يضمن المواطنة الكاملة وتحقيق الذات.كما يقتضي وضع نظام فعال للحكامة يربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان نجاعة السياسات العمومية، الربط الصارم بين المسؤولية والمحاسبة، وانتهاج إستراتيجية جريئة لمحاربة الفساد، من الرشوة والريع الاقتصادي والسياسي ووضع حد للإفلات من العقاب.وبشأن تحقيق الكرامة، يلتزم التحالف بتحقيق قضاء مستقل وفعال ونزيه، ومحاربة الفقر وتوفير خدمات اجتماعية أساسية لفائدة المناطق الهشاشة، وترسيخ مبادئ التعدد والتنوع اللغوي والثقافي، وذلك من خلال إجراءات يعرضها البرنامج الانتخابي للتحالف. بالمقابل، يراهن التحالف الثماني، على تحقيق انطلاقة اقتصادية جديدة تكرس موقع المغرب كقاعدة جهوية للإنتاج والخدمات والتصدير... مزوار : لم يعد يسمح للسياسيين بالخلود إلى الراحة يأتي ميلاد التحالف من أجل الديمقراطية استجابة لتحديات المرحلة التي يعيشها المغرب الذي ولج محطة سياسية جديدة، توجت بوضع دستور جديد للبلاد، في ظل تحولات عميقة يعرفها المجتمع وما يجري بالمنطقة العربية، وحظي باهتمام الجميع من فاعلين سياسيين وفعاليات مدنية ومهتمين.الشوط الجديد الذي تعيشه البلاد اليوم يأتي تماشيا مع التحولات العميقة التي تعيشها المنطقة العربية، كما أن انتظارات الأجيال الجديدة كبيرة في ظل الاختلالات والفوارق الاجتماعية السائدة، ما يفرض على المغرب تحديات جديدة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.لا يجب أن ننسى أيضا تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على شركاء المغرب الاقتصاديين، وتحول مركز القرار الاقتصادي من الغرب إلى الشرق، وعمق التحولات التي سنعيشها في العشر سنوات المقبلة،فضلا عن التصور الجديد الذي أصبح يطبع الاقتصاد العالمي والذي تواكبه تحولات جهوية عميقة.إن كل هذه المعطيات تطرح علينا اليوم نوعين من التحديات، الأولى عالمية متسارعة، والثانية داخلية تفرض على المغرب الاستجابة إلى مطالب الأجيال الصاعدة من جهة وتعزيز موقعه الجيوإستراتيجي من جهة أخرى، في ظل التحولات الجوهرية التي تعرفها الدولة والمجتمع معا. فالديمقراطية هي تقوية الذات، من خلال تحصين المغرب على كافة المستويات، لذلك اشتغلنا ضمن التحالف من أجل الديمقراطية على أرضية تحاول الإجابة على هذه التحولات، من خلال التساؤل حول مسؤوليتنا، باعتبارنا أحزابا سياسية، في المساهمة في مسار بناء المؤسسات والمجتمع، فسرعة التحولات الجارية لم تعد تسمح للفاعل السياسي بالاستمرار في موقعه الذي كان فيه. طرحنا على أنفسنا سؤالا في مجموعة الثمانية، مفاده: كيف يمكن للمغرب أن ينجح في تطوير المجتمع وتفعيل الدستور الجديد وإعطاء دفعة للمسار الديمقراطي وتقوية موقع المغرب على كافة المستويات؟كيف يمكن للأحزاب السياسية المساهمة في هذا المسار من خلال إثراء النقاش السياسي، وبالتالي قررنا تسريع وتيرة هذا النقاش إيمانا منا بأن التحولات التي يعيشها العالم، والتي لم يعد المغرب بعيدا عنها، لم تعد تسمح للسياسيين بالخلود إلى الراحة.فلم يعد بإمكننا انتظار نتائج الانتخابات لبناء تحالفات قوية، فالمغاربة يريدون معرفة ما تقترحه الأحزاب عليهم من برامج قبل الانتخابات، كما أن تشرذم الخريطة السياسية بالبلاد لم يعد صالحا لتقديم إجابات صحيحة وواضحة للمواطن المغربي، وثمة فإننا قررنا المساهمة في الحد من ظاهرة البلقنة السياسية التي عاشها المغرب سنوات طويلة، ولم تعد صالحة اليوم لإفراز مؤسسات قوية وفاعلة، لذلك فنحن نريد أن نمنح للمواطن إشارة قوية بأن هذا الواقع لم يعد صالحا، من خلال إعطاء مضمون سياسي واضح لمقاربتنا للأوضاع التي نعيشها اليوم، من أجل كسب ثقة المغاربة في السياسة، وإعطائهم نموذجا فاعلا وحيا بأننا فهمنا الرسالة جيدا، إذ لا يعقل أن يوجد بالبلاد 35 مشروعا مجتمعيا.المسار الذي انخرطنا فيه هدفه تقريب المسافات بين الأحزاب السياسية من خلال تشكيل أقطاب سياسية تحمل الهم والمشروع نفسه، سواء كانت في الأغلبية من خلال التضامن الحكومي أو في المعارضة عبر التحلي بالقوة في مراقبة العمل الحكومي، والمساهمة في التنزيل السليم للدستور، خاصة أن هناك 22 مشروع قانون تنظيمي ستحدد مسار بلادنا خلال الخمس سنوات المقبلة، إضافة إلى انخراط البلاد في مشروع الجهوية الموسعة التي تعتبر تحديا كبيرا ينبغي على الأحزاب أن تنخرط فيه بقوة.رغم الخلافات الظاهرة حول المنطلق الايديولوجي، فإن مصلحة الوطن تفرض على الأحزاب السياسية البحث عن قواسم مشتركة للاستجابة إلى انتظارات المجتمع، إذ لا يمكن للمغاربة أن يتفاعلوا مع المؤسسات إلا بوجود حكومة فاعلة ومؤسسات مسؤولة. ففي المجتمعات الديمقراطية نجد أن هناك صراعا بين مشروعين مجتمعيين، لذلك ارتأينا أن من مهامنا التقريب بين الكم الهائل من المشاريع المجتمعية الموجودة، ليبقى النقاش في المجتمع المغربي منحصرا بين اثنين أو ثلاثة مشاريع مجتمعية كبرى.الوقت لا يرحم، والأحزاب ملزمة بإيجاد صيغ سياسية لمواجهة تحديات القرن والمجتمع والمؤسسات. بنعتيق: سنواجه التيار المحافظ في الشارع والمؤسسات نحن في المغرب في حاجة إلى نقاش سياسي عميق، إذ تعودنا دائما على التفاعل مع اللحظة، وهي ردود فعل إما انتخابية أو من أجل التحضير لتشكيل الحكومة، والنقاش الحقيقي غائب أو مغيب دائما، وتقع المسؤولية في هذا الإطار على الفاعل السياسي.أفرزت مبادرة التحالف من أجل الديمقراطية هذا النقاش الغائب، فمنذ 1956 ، تعودنا دائما على "التحالف ضد" وليس "التحالف من أجل".لأول مرة نبني تحالفا من أجل الديمقراطية بالبلاد، فهذا معطى جديد، يجب أن نأخذه بعين الاعتبار، لأنه تحول في المعطي السياسي وفي المقاربة السياسية، ولأنه بمجرد أن نقوم بقراءة للواقع سياسي في المغرب، نجد أنه يوجد دائما تخندق سياسي، أي "من مع من" و"من ضد من"، أما الآن فإننا نتحالف "من أجل"، فاختيار الكلمة له دلالاته القوية.من ناحية أخرى وجب التأكيد على أنه لو أراد باقي الإخوان الدخول إلى الحكومة، لما قبلوا أن نتحالف معهم، أو يتحالفوا معنا، فبمفهوم حسابي محض، الرباعي مرتاح لموقعه، إذ من المتوقع أن يكون إلى جانب مكونات أخرى، في الصفوف الأمامية في الانتخابات، وحتى لو كانت لدينا قيمة مضافة في المقاعد التي سنحصل عليها، فإن ذلك لن يمنعهم عمليا وحسابيا من التحالف مع قوى سياسية أخرى، بدليل أن التحالف الحكومي عددي وليس مرجعي.كما التقينا مع مكونات التحالف منذ النقاش الذي كان جاريا حول الدستور، ولم نكن نعرف بعضنا سياسيا، ولما اقتربنا من بعضنا في تلك اللحظة، اكتشفنا أننا الأقرب في قضايا ثابتة، وهي التي تشكل خطا أحمر.وجدنا أن مواقف مجموعة الرباعي متميزة في قضايا المرأة، وقضايا أخرى.لا يمكن أن نمسح لأحد بأن يعود بنا إلى الوراء بخصوص قضية المرأة، وهذا خط أحمر، فوجدنا أن القضية تشكل ثابتا لدى باقي الإخوان نقتسمه وإياهم.وكذلك الأمر بخصوص التعددية اللغوية، أي قضية الأمازيغية، وهي قاسم مشترك بيننا أيضا، مع استحضار الجرأة الملكية من خلال تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مقابل وجود رؤية شمولية دينية حاربت القضية، وتزعجها التعددية الهوياتيه لأنها تخلق لأصحابها حدودا جغرافية.التعدد الهوياتي يشكل بدوره خطا أحمر، وهو لا يعني فقط الأمازيغية، بل تعدد روافد الأمة المغربية، في امتدادها الافريقي، والصحراوي، واليهودي والعبري، والإسلامي..ما يجمعنا أيضا القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، التي تم التوقيع على الاتفاقية المتعلقة بها من لدن المغرب أخيرا. فمن هاجمها في الجرائد؟ أليست الجمعيات المحسوبة على التيار الإسلامي؟ دون أن يحرك أحد ساكنا.هاجم أصحاب التيار الإسلامي هذه الاتفاقية، واعتبروا أن المغرب حقق تراجعا وأنها علمانية و...فهذا النقاش يعكس توزيع الأدوار بين الجناح الديني والجناح الموجود في المؤسسات.لا يمكن أن ننتظر من أحد أن يفرض علينا رؤيته للإسلام، فهذا أمر غير مقبول، خاصة إذا استحضرنا أن المغاربة تعايشوا منذ أربعة عشر قرنا بين مكونات القبيلة والمكون الأمازيغي والعروبي والمسلم في إطار مؤسسة إمارة المؤمنين.وجدنا في الإخوان في حزب النهضة والفضيلة نموذج الإسلام المغربي الذي ينهل من عمق فقهي كبير، لأننا نختلف عن إسلام الشرق، فلدينا قيم متميزة منذ قرون تتضمن اجتهادات فقهية غنية، فليس لدينا إسلام الإخوان المسلمين أو التطرف الذي كان موجودا في الجزائر أو في الشيشان، وعندما نختلف في قضايا فقهية، نحتكم إلى الحوار والنقاش.لقد عمقنا النقاش داخل التحالف حول هذه النقاط، وبذلنا لأجله جهدا كبيرا.لو كان تحالفنا انتخابيا، لتحالفنا من قبل، وليس عشية الانتخابات، وقدمنا قوانين انتخابية مشتركة وفرضنا نمط الاقتراع في دورتين.لذلك قررنا التحول إلى تيار مجتمعي، فلن يستعمل أحد الشارع غدا، لأننا سنكون بدورنا في الشارع، لن يستعمل أحد غدا أيضا سلوك الابتزاز، وآنذاك سيكون المغاربة أمام مشروعين، الأول حداثي ديمقراطي والثاني محافظ يريد الرجوع بالمغاربة إلى الوراء.لذلك فإننا لن نضيع فرصة تنزيل الدستور الجديد وقبله الجهوية التي بدأت قبل عشرين فبراير، فهي مبادرة ملكية جريئة أرادت إعادة بناء صناعة مراكز القرار داخل الدولة المغربية. لأن القرار لن يعود مركزيا.نحن ضد التيار المحافظ وسنواجهه في المؤسسات أو في الشارع. العنصر: التحالف مفتوح لمن يريد الالتحاق به هناك برنامج مشترك، مدقق بالأرقام، تشتغل عليه الأحزاب الثمانية، سيعلن عنه قريبا، لكن ومراعاة للمكونات السياسية للتحالف فإن هناك فرقا في بعض الأولويات لكل منها.أما بخصوص الترشيحات، فلا يمكن التقدم بها بشكل مشترك بسبب ضغط الوقت، ونمط الاقتراع، لكن هناك تنسيقا مشتركا بيننا في بعض الدوائر الانتخابية من خلال دراسة السيناريوهات المحتملة لمعرفة حظوظ كل طرف على حدة.بخصوص وجود خط أحمر إزاء حزب العدالة والتنمية، لم يطرح بتاتا للنقاش هل هناك خط أحمر أو أزرق، لأننا قلنا إن تحالف الثمانية مفتوح، والحد الحصري الوحيد هو هل من يريد الالتحاق بنا مؤمن بثوابتنا وبالمشروع الذي نراه صالحا للمغرب؟ فإذا تحقق ذلك فلماذا نحرم حزبا ديمقراطيا مشاركا في الحياة السياسية من الالتحاق بالتحالف.لحد الآن أعتقد أن حزب العدالة والتنمية لا يشاركنا في الرؤى السياسية التي نعسى إليها، هذا هو الخط الأحمر الذي يجعلنا نقر هل نلتقي مع هذا الحزب أو غيره غدا أم لا؟أما في ما يتعلق باتصالات جرت بيننا وبين الاتحاد الاشتراكي فإنها كانت غير رسمية وانخرطنا فيها في السابق لأننا نعتبر الاتحاد أقرب الأحزاب السياسية إلى رؤيتنا.يبدو الآن أن للاتحاد الاشتراكي أولويات الانتخابات، فهو ينتظر لحظة ما بعد الإعلان عن نتائجها، وحسب ما بلغ إلى علمي، فإنه لا توجد مفاوضات اليوم بيننا وبين الاتحاد بالمعنى الحقيقي للمفاوضات، فقط هناك انفتاح على هذا الحزب الذي رحبنا به، وأكدنا له أن وجوده معنا سيدعم هذا الاتجاه الذي هو مشروع المغرب.أريد الرجوع إلى التقديم، قلتم إن هذا التحالف لم يكن له تحضير مسبق، وهذا خطأ لأن رؤية مكونات تحالف الثمانية للتقاطب وتجميع القوى، كانت دائمة داعمة لهذا المنحى، منذ تأسس التحالف الرباعي، وقبل ذلك في 2009 ضمن إطار أحزاب الوسط الليبرالي، كما حمل الإخوة في اليسار الفكرة ذاتها، وهو ما أدى إلى نضج فكرة التقاطب من خلال ميلاد التحالف من أجل الديمقراطية، أريد بهذا أن أشدد على أن النقاش السياسي بيننا كان دائما حاضرا من أجل خلق قطب سياسي.أما في ما يخص أنه خليط من اتجاهات سياسية وإيديولوجية مختلفة، أود القول إن الجميع ومنذ فبراير الماضي أصبح يتحدث عن ضرورة التغيير، ورأينا نحن كذلك أن قراءتنا للتغيير تجعلنا ننظر إلى تقاطب يمين ـ يسار بأنه لم يعد صالحا اليوم، وأن حساسيات مختلفة داخل المجتمع: اشتراكية، ليبرالية، إسلامية ... تجعلنا نطرح سؤال لماذا لا يتم تجميع هذه الحساسيات ضمن إطار مشروع مشترك؟.بخصوص تجميع مكونات التحالف من أجل الديمقراطية، فإنني أود التأكيد على أن إيمانها بمبادئه وقيمه وبأهمية التغيير، هو ما دفعها إلى الانخراط فيه. بوزوبع: التعددية بالمغرب حزبية وليست سياسية عشنا مرحلة ما قبل تاسع مارس وما بعد تاسع مارس، التي فتحت الباب أمام الأحزاب السياسية للعب دور تاريخي، لأن المغرب، ومنذ الاستقلال، أخلف مواعيد عديدة مع التاريخ.وبعد الإصلاحات السياسية والدستورية الأخيرة لا يمكن أن نحلف من جديد موعدنا مع التاريخ، لأننا ستعطل مستقبل المغرب من جديد لسنوات، عندما نرى مكونات التحالف، نجد هناك توجهات سياسية مختلفة كان من الصعب أن تجتمع في كتلة واحدة، إلا أن تجارب دلوية عديدة، في الهند وأمريكا وبريطانيا، علمتنا أن هذا السيناريو ممكن أن يتحقق إذا ما فرضته الظرفية التاريخية.منذ الاستقلال، كانت التعددية السياسية بالمغرب مغرضة وقاتلةن فلم تكن تعددية سياسية بل حزبية مفرطة فقط.الواقع الحزبي في المغرب اليوم، يفرض وجود أربعة أقطاب على الأكثر، ونحن في الحزب الاشتراكي اقتناعنا مع باقي مكونات التحالف بضرورة تبذ العلاقات الصدامية بين الأحزاب، والعمل على تعميق ما يجمعنا من أسس وقيم، وتأخير الحسم في القضايا الخلافية. فردوس: قررنا الاشتغال على القواسم المشتركة وتأجيل الاختلافات تجب الإشارة إلى أن التحالف الرباعي بدأ منذ خمس عشرة سنة، عندما تأسس تحالف الوفاق الذي جمع أحزاب الحركة الشعبية والأحرار والاتحاد الدستوري والحزب الوطني الديمقراطي، وشاركنا معا في حكومة 1995 باعتبارنا آنذاك قطبا سياسيا.وبعدها جاء التناوب التوافقي ولعبت فيه أحزاب اليمين دورا اساسيا، إذ ساهمنا في إنجاحه في البداية حتى لا ننعت بأننا ضد التغيير، من خلال مناقشة القوانين والتصويت عليها في البرلمان.الآن، نحن أمام معطيات جديدة، فهناك الأزمة المالية والحراك العربي توج بصدور الدستور الجديد، كما أنه ومنذ سنة 2009 كان هناك تنسيق مشترك بين مكونات التحالف الرباعي في عدد من مجالس المدن، وشكل أغلبيتها، ثم صدر بلاغ عنه منذ أزيد من سنة، تحدثنا فيه عن ضرورة التنسيق المشترك لبناء قطب سياسي كبير، ونرى اليوم انه حان الوقت في ظل الدستور الجديد الذي منح صلاحيات كبرى للحكومة والبرلمان، من أجل الدفع قدما بعجلة هذا التحالف القوي بمرجعيته الفكرية والسياسية وعطائه الايديولوجي الذي يضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار، من أجل التزيل السليم للدستور، فارتأينا أن نتفق حول ما جمعنا داخل التحالف من أجل الديمقراطية ونرجئ ما يفرقنا.ما يهم المواطن المغربي اليوم هو الصحة والتعليم والشغل والسكن، وهذه أولويات اجتماعية لا لون سياسيا لها، ونشتغل على برنامج مشترك للاستجابة لانتظارات المواطنين من تحالف مجموعة الثماني الذي يبقى همه المشترك خدمة الصالح العام. خاصة أن مفهوم يمين ـ يسار اندثر عالميا كما توضح ذلك تجارب الديمقراطية الغربية. فارس: المغاربة تصالحوا مع ماضيهم والأحزاب مطالبة بالاجتهادأسباب نزول التحالف يمكن حصرها في الآتي، فالمغاربة تصالحوا مع ماضيهم من خلال التقرير الختامي لهيأة الانصاف والمصالحة في سنة 2006، فهناك مسلسل وتراكمات بدأت في المغرب منذ سنوات، ما جعله بمنأى عما يقع في تونس ومصر وليبيا واليمن، جعلته يتمتع بخصوصيات في الحراك العربي الحالي.وأود الإشارة هنا إلى أن خصوصية المغرب نابعة من أن المغاربة تصالحوا مع الشرعية والمشروعية منذ أربعين سنة، ، فلقد تجاوزنا وثيقة المطالبة بالاستقلال نحو تعاقد جديد بمضامين جديدة قائمة على قيم الديمقراطية والحداثة، فنحن بصدد تأهيل الدولة والمجتمع معا، ومطالبون بالمزيد من الاجتهاد في مفاهيم الاشتراكية والليبرالية، وحزب الخضر هو اجتهاد للاشتراكية انطلاقا من دينامية سياسية انخرطنا فيها منذ سنوات.الآن نحن بصدد قوتين أو تيارين داخل المجتمع، الأولى حداثية ديمقراطية والثانية أصولية متشددة، إسلامية كانت أم يسارية.الايجابي في التحالف من أجل الديمقراطية أنه تحالف قبلي، فلن ننتظر نتائج الانتخابات لنقول " أمولا نوبة"، لقد خرجنا إلى الوجود لنقول لا للقوى المحافظة التي تريد الرجوع بنا إلى الوراء، التي تهدد كل مشاريع البلاد، همها المشترك التأسيس لتيار مجتمعي حداثي قوي وأن نكون فاعلا سياسيا ونتحمل مسؤليتنا بكل جرأة.

تحالف “جي 8″… نهاية البلقنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مزوار: نسعى إلى الخروج من مفهوم "السميك"

3.5 ملايير درهم قيمة الاستثمارات السياحية في مراكش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات