السباعي: التسويق أهم مشكلة تواجه التعاونيات

الخبير الاقتصادي أكد أهمية تطوير المنتجات لجعلها قادرة على المنافسة اعتبر عزيز السباعي، الخبير في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، والأستاذ في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، في حديث "للصباح"، أن قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني قد يشكل قاطرة لتطوير الاقتصاد المغربي، مثمنا الجهود المبذولة من أجل النهوض به، رغم إقراره بوجود نقاط ضعف، يظل مشكل التسويق أبرزها. < برأيك، ما مدى نجاح الإستراتيجية الوطنية للنهوض بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في حصيلتها الأولى؟< أعتبر أن قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يشكل فرصة حقيقية لتطوير الاقتصاد المغربي، لأنه يهم جزءا كبيرا من السكان. وإذا ما بذلت جهود في هذا المجال، فهي بالتأكيد لن تكون عديمة الجدوى. وفي ما يتعلق بمدى نجاح الإستراتيجية ، اعتقد أن أي تجربة، مهما كانت جيدة، قد تعرف إخفاقات أو نقاط ضعف، تعكسها بعض التجارب الفاشلة. لكن تجربتي الشخصية في مجال تأطير ومرافقة عمل التعاونيات، أكدت لي، أن اعتقادنا بأن العاملين فيها يفتقدون إلى الخبرة والمعرفة اللازمة، خاطئ بنسبة كبيرة، لأننا نلاحظ أنهم يمتلكون آليات العمل الضرورية، ويتمتعون بمعرفة كبيرة في ما يتعلق بتقنيات العمل أو النظافة، لكن، المشكل الكبير الذي يواجه أصحاب هذه التعاونيات، للأسف، يتمثل في غياب منافذ لتسويق منتجاتهم، التي تتمتع عادة بجودة عالية. الأسواق الخارجية تظل مربحة، لكن الداخلية ليست كذلك.هناك محاولة لتسويق هذه المنتجات في الأسواق والمحلات التجارية الكبرى، وهو الأمر الذي لم يكن ممكنا أبدا قبل سنوات. صحيح أن هذه المحاولة صغيرة، لكنها قد تشكل بداية جيدة، لتسويق هذه المنتجات، التي تظل بعيدة عن متناول الجميع.أريد أن أؤكد على شيء آخر، هو ضعف التسويق الإعلامي لمثل هذه المنتجات، فالمعرض الوطني للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لم أكن لأعرف بموعد أو مكان إقامته لو لم أتوصل بدعوة رسمية للمشاركة. فليست هناك وصلات إعلانية للمعرض في القنوات الإذاعية والتلفزيونية مثلا، وعند التجول في أروقة المعرض، نلاحظ أن عدد العارضين أكبر من عدد الزوار! لا أعتقد أن سكان الدار البيضاء والمناطق المجاورة غير مهتمين بمثل هذه المنتجات، التي يقدمها عارضون من مختلف أنحاء المغرب. < تحدث بعض العارضين عن صعوبات تعترضهم في تمويل مشاريعهم. ما مدى استفحال مشكل التمويل؟< تلقت التعاونيات الكثير من الدعم والتمويل، سواء من الوزارات المختصة أو الهيآت التجارية أو السلطات المحلية، كما كانت هناك عمليات متابعة ومرافقة من أجل إنجاح المشاريع. صحيح أن هناك بعض الحالات المعزولة التي تعرضت لمشاكل تمويل، في ما يتعلق بالتوصل بالدعم، إلا أنه لا يمكن تعميم الأمر والحديث عن مشكل عام. يتم اشتراط الإلمام ببعض التقنيات الأساسية للإنتاج على أصحاب المشاريع، وهذا أمر طبيعي. كما أن على العاملين في التعاونيات أيضا بذل المزيد من الجهود لتسويق منتجاتهم والتعريف بها لدى الناس، لأنها أصبحت تلقى إقبالا أكبر مقارنة مع السابق. فالناس الآن لم يعودوا يبحثون فقط عما يسدون به رمقهم، بل يسعون لإيجاد نمط حياة صحي، وأكثر «جودة»، وبالتالي، فكثير منهم لا يتردد في اقتناء منتجات طبيعية عالية الجودة، حتى وإن كانت بثمن أغلى. لكن، يجب الوصول إلى المستهلك من خلال إعلانات تعرف بالمنتوج، وهذا أمر يظل صعبا في ظل ارتفاع أثمنة الوصلات الإعلانية، ومن هنا قد يلعب الإعلام دورا هاما في تشجيع مثل هذه المنتجات.< كيف يمكن جعل هذه التعاونيات والجمعيات قادرة على المنافسة، بعيدا عن الطابع «الخيري» الذي يتم به الترويج لها؟< هناك خلط كبير يشوب مفهوم المنتجات المحلية أو «Les produits terroirs»، ويتم ربطها كثيرا ب»البلدي»، المعروف لدى الناس بارتفاع ثمنه، سواء الدجاج أو العسل أو غيره. لكن هذه المنتجات المحلية تتمتع بجودة عالية وتخضع لمراقبة كبيرة، وبالإضافة إلى ذلك فإنها تباع بثمن مناسب، وهذا أمر معروف في جميع بلدان العالم، مثل فرنسا وسويسرا وإيطاليا، حيث أصبحت منتجات موجهة للشريحة الواسعة من الناس. وبالمقابل، أصبح هناك تطوير مستمر للمنتوجات للاستجابة للطلبات المتزايدة، كما تخضع لمراقبة صارمة، خصوصا مع ظهور العديد من الأمراض مثل جنون البقر وأنفلونزا الطيور والخنازير، وغيرها. وهذا ما يبحث عنه المستهلك، الذي لا يريد منتجات طبيعية «خام» قد تشكل خطرا على صحته، بل يبحث عن مواد طبيعية وآمنة في الوقت نفسه. "صباريف"...تجربة مميزة لإنتاج مشتقات الصبار منذ إنشاء «صباريف» قبل حوالي سنتين، ونساء التعاونية يجبن المعارض واللقاءات، وهن يحملن تجربة جميلة يحاولن إغناءها من خلال لقاء أصحاب تعاونيات أخرى من مختلف أنحاء المغرب، الذين يشاركونهن التطلعات والمشاكل ذاتها.في الجناح الصغير المخصص لها داخل المعرض الوطني للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، الذي نظم أخيرا في البيضاء، صفف عدد من القارورات الصغيرة الملونة، التي تجذب الزائر للاقتراب والاستفسار عنها. «إنها مربى الصبار»، تقول فاطمة الشيخ عمر، رئيسة التعاونية، لتسترسل في شرح فوائد هذه النبتة والفاكهة، وأسباب تفاوت الأثمنة بين منتج وآخر. تتراوح أغلب أثمنة قارورات العصير والمربى بين عشرة دراهم وثلاثين درهما، وهي تظل عموما في متناول الجميع، خصوصا الذين أصبحوا يقبلون على المنتجات الطبيعية بحثا عن نمط حياة صحي، في ظل انتشار المواد الغذائية المصنعة كيماويا. «جميع منتجاتنا تخضع للمعايير الصحية، ونستعين بخبرة مختصة في المجال»، تقول فاطمة الشيخ عمر، وهي تشير إلى القارورات الزجاجية الصغيرة، التي تضم الملصق الخاص بالمعلومات الغذائية. وعند سؤالها عن مدى إقبال الناس على منتجات التعاونية في المعرض، تجيب فاطمة «المهم بالنسبة إلينا هو أن نقابل أناسا مثلكم، ونتعرف على أعضاء جمعيات وتعاونيات أخرى، وهذا ما دفعني للمجيء إلى المعرض رغم مرض الوالدين، بعدما تم اختيارنا من بين تعاونيات أخرى تنشط في المنطقة».أنشئت التعاونية قبل حوالي سنتين، بهدف تحسين وضعية سكان دوار أكني بمنطقة «بني بوفراح» الجبيلة، القريبة من مدينة الحسيمة، من خلال نبتة الصبار، التي تنتشر بشكل كبير في المنطقة. بدأت التعاونية بأكثر من عشرين امرأة قبل أن يختار الكثير منهن المغادرة بسبب دوافع أسرية في الغالب، ولم يتبق منهن سوى 11 امرأة. كانت البداية تحت إشراف إحدى جمعية «حركة من أجل السلام»، الناشطة بالمنطقة، التي رافقت نساء التعاونية في كل مراحل إنشائها، ودبرت التمويل الأولي هيآت مغربية وإسبانية، كما تم الحصول على مخزن من السلطات.وتجد نساء التعاونية في المعارض فرصة لترويج وتسويق منتجاتهن، بعدما استطعن تدبير منافذ للتسويق في المنطقة، سواء من خلال البيع المباشر، أو لأحد تجار الجملة بالحسيمة. وبنبرة ملؤها الأمل، تسترسل فاطمة في الحديث عن تطلعاتها، وزميلاتها في التعاونية، إلى تطوير عملهن، «مشكلة أغلب التعاونيات الأخرى التي لا تستمر هو السعي نحو الربح السريع، إذ بمجرد بيع المنتجات تقتسم النساء الأرباح في ما بينهن لتفض الشراكة، بينما نحن نسعى إلى جعل مشروعنا يكبر وينمو»، وتضيف فاطمة «طموحنا أن نتمكن من إنتاج زيت الصبار، الذي يدر أرباحا أكبر بكثير من المربى والعصير. ننتظر أن ينضج المشروع قليلا قبل أن نقتني الآلة الخاصة بالزيت. كل شي كيجي مع الصبر». أجرت الحوار: صفاء النوينو

السباعي: التسويق أهم مشكلة تواجه التعاونيات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاقتصاد الاجتماعي... طموحات كبيرة وإكراهات هيكلية

جسوس: أصحاب التعاونيات مطالبون بالبحث عن التمويل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات