إكديم إزيك … مزار الحوزة الانفصالية

محاولات يائسة لإحياء ذكرى أحداث العيون بعد انهيار نظام القذافي تعيش جبهة بوليساريو حاليا ما يشبه حالة الموت الإكلينيكي، بعدما فقدت أهم حليف تقليدي لها في المنطقة نتيجة انهيار نظام العقيد معمر القذافي، وبعدما انحسر كذلك دور الجزائر في محيطها الجهوي، بسبب معالجتها المتعثرة للأزمة الليبية، وبسبب مشاكلها الاجتماعية الداخلية، بعدما طالت ألسنة نيران الربيع العربي تلابيب جنرالاتها الماسكين بزمام السلطة. في خضم هذه المتغيرات الجيوسياسية، وفي ظل الدور المتنامي للمغرب كفاعل سياسي واقتصادي بالمنطقة، وشريك إقليمي ينعم بالاستقرار السياسي والأمني، لم يعد بمقدور جبهة بوليساريو الاستمرار في تصريف خطابها الكلاسيكي، الذي تمتص به حنق مخيمات الحمادة، والمتمثل في التلويح بحمل السلاح مجددا أمام المغرب، سيما بعدما برز للمنتظم الدولي تقاطع هذه الجبهة المزعومة، مصلحيا وعضويا، مع نظام القدافي المنهار، ومع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ومع شبكات الإجرام المنظم العابر للحدود، خاصة في مجال تجارة الكوكايين والأسلحة والاتجار بالبشر. وللخروج من هذا المأزق السياسي والدولي الذي تتخبط فيه بوليساريو، وفي محاولة لتخفيف حدة الاحتقان الداخلي الذي تعرفه مخيماتها، خاصة مع ظهور فصيل جديد مناوئ للقيادة المتسلطة بزعامة عبد العزيز المراكشي، راهنت الجبهة في اجتماع أخير على أسلوب اختراق المغرب من الداخل، في محاولة لخلق مشاكل اجتماعية بالأقاليم الجنوبية للمملكة يتم وسمها بطابع سياسي، وذلك لتحقيق هدف مزدوج. فمن جهة سيتم الركوب على الحادث للاستهلاك الداخلي لمخيمات تندوف وتصويره على أنه استهداف للشعب الصحراوي، ومن جهة ثانية سوف يتم تدويل المشكل وتصوير المغرب في صورة البلد الذي ينتهك المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان. فكر ليس بجديد في سجل الجبهة، فقد حاولت القيام بمخططات مماثلة في عدة مناسبات لكنها اصطدمت بموقف راسخ للمغرب وللمنتظم الدولي إزاء القضية العادلة للشعب المغربي. لكن الجديد في المخطط الحالي لبوليساريو هو أنها تحاول إعادة إحياء ذكرى أكديم إيزيك، وتخليد سنة من حدوثها، عبر جعل تلك المنطقة كمزار من مزارات الحوزة الانفصالية! يحجُّ إليها الناس مرة في كل سنة للترويج للطرح الانفصالي البائد.هذا المخطط يوحي وكأن بوليساريو تسعى إلى تشييع الشارع (من الشيعة)، فهي تحاول تقديم منطقة أكديم إيزيك وكأنها كربلاء العراق أو قم إيران، يسعى إليها الحجيج من كل فج عميق، لإحياء ذكرى ما يسمونها «هجرة المواطنين الصحراويين إلى منطقة أكديم إيزيك».بالطبع، يحتاج هذا المخطط إلى آليات للمواكبة، يتم استغلالها لتأجيج الأوضاع، وحشد المواطنين. ولهذا الغرض، أعطت جبهة بوليساريو الضوء الأخضر لعدد من انفصاليي الداخل من أجل اختراق كل التجمعات العائلية والاجتماعية بمدينة العيون لبث إشاعات تقول بأن هناك انفلاتا أمنيا بالمدينة، وإن هناك عصابات إجرامية تستهدف المارة والسيارة وتسلبهم ممتلكاتهم وأرواحهم. هذه الإشاعات يجب أن تكون مصحوبة بقصص خيالية تتحدث مثلا عن موظفة تم افتضاض بكارتها بالعنف، وإمام خرج لصلاة الفجر فتم نحره، وأطفال تم اختطافهم من أبواب المؤسسات التعليمية، ونساء فضلن التخلي عن مجوهراتهن في الأماكن الآمنة بدل حملها في شوارع المدينة.مخطط بوليساريو يهدف، بعد تثبيت هذه الصورة المتماهية في المخيلة الشعبية لسكان العيون، إلى مطالبة هذه الأخيرة، من خلال منتديات اجتماعية مصغرة، إلى ضرورة حمل السلاح الأبيض، وتشكيل ميليشيات صغيرة لحفظ الأمن، والامتناع عن طلب تدخل القوات العمومية، وذلك لتصوير المغرب وكأنه بلد غير قادر على حماية مواطنيه وسكان الأقاليم الجنوبية، والمطالبة بالتالي بتدخل الأمم المتحدة لتوسيع مهمة المينورسو لتشمل في ولايتها حفظ الأمن بمدينة العيون وغيرها من الأقاليم الجنوبية للمغرب.على الجميع أن يدرك أن بوليساريو تعيش حاليا حالة من التخبط المطبق، فليس من السهل أن تخرج من الأزمة الليبية بصورة دولية مشوهة، وبخسران حليف تاريخي، وبتراجع وانحسار الجزائر دوليا وإقليميا، فهذه الأوضاع تدفع قادة الجبهة إلى التحالف مع الشيطان لضرب المغرب، هذا الضرب ليس ممكنا أن يكون بواسطة السلاح، بفعل تباين موازين القوى لفائدة المغرب، فضلا عن شرعية طرحه، ولهذا فهي تحاول اختلاق مشاكل داخلية بظاهر اجتماعي وخلفية سياسية لعرقلة مسلسل الحكم الذاتي بالصحراء المغربية. المصطفى صفر

إكديم إزيك … مزار الحوزة الانفصالية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استنطاق شرطي ربط مواطنا بكرسي بمقهى

حرب الأراضي بين شباط والأصالة المعاصرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات