مشروع قانون اختصاصات رئاسة النيابة العامة

قضاة النيابة العامة متميزون عن قضاة الأحكام في المهام المكلفين بها (3/3) بقلم:عبد الكبير طبيح* تطبيق الدستور الجديد، يعني رفع واقع المجتمع إلى المستوى الأعلى، لترتقي الدولة والمجتمع في تعاملهما مع بعضهما ومع المواطن، بينما مفهوم تنزيل الدستور هو العكس تماما، لأنه يعني إنزال الدستور إلى الواقع، أي إلغاء الغرض من كل ما هو جديد في الدستور، لهذا فإني لا أفهم لماذا يصر البعض على كلمة تنزيل، وهي تتضمن حمولة تذهب إلى إبقاء الحال على ما هو عليه. وأعود للجواب حول صيغة «التمايز». الغرض من استعمالها هو الوعي بأن قضاة النيابة العامة متميزون عن قضاة الأحكام في المهام المكلفين بها. فإذا كان قاضي الحكم هو ملزم بتطبيق القانون وحده، أي له مهمة قضائية صرف لا يمكنه تجاوزها، فإن قاضي النيابة العامة ملزم بتطبيق القانون في ممارسته لمهامه القضائية، لكن له مهام ذات طبيعة تنفيذية تظهر للعيان من خلال : 1 - خضوع كل الوكلاء العامين و وكلاء الملك و نوابهم لسلطة الوكيل العام لدى محكمة النقض. 2 - إلزامهم بتنفيذ تعليمات الوكيل العام لدى محكمة النقض. 3 - إلزام المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمراعاة التقارير التي يقدمها الوكيل العام في كل القرارات التي يتخذها بخصوص قضاة النيابة العامة. لكن أهم قاعدة تترجم وجود طابع تنفيذي في مهام النيابة العامة هو ما قررته القوانين التنظيمية المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتلك المتعلقة بالنظام الأساسي للقضاء في هذه القاعدة المتمثلة في: 1 - أن راتب الوكيل العام والتعويضات والمزايا التي سيستفيد منها منصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاء، من جهة كما أنها تماثل تلك المخصصة للوزراء. 2 - بينما التعويض ومختلف المزايا العينية المتعلقة بالرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية هي تماثل ما يستفيد منه رئيس مجلس النواب. أي أن رئيس المجلس الأعلى يماثل رئيس السلطة التشريعية، بينما الوكيل العام للملك يماثل عضوا في الحكومة. هل يمكن أن تجرى مقارنة بين الوضع المالي والإداري لرئاسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية والوضع نفسه لرئاسة النيابة العامة؟ بالفعل هناك وجه آخر للتمايز بين وضع يستند إلى القواعد الدستورية وهي القوانين التنظيمية التي تعتبر مكملة للدستور، وبين وضع يستند إلى القواعد العادية، أي إلى القانون العادي. ذلك أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية أسند له بصفته مؤسسة، وليس لرئيسه، الاستقلال المالي والإداري وألزم الدولة بوضع رهن إشارته الوسائل المادية والبشرية، ووفر له مقرا خاصا بمقتضى القانون التنظيمي أي القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. بينما في المقابل، لا نجد هذا الاعتراف القانوني بالنيابة العامة كمؤسسة، وإنما نحن أما اعتراف قانوني برئاسة النيابة العامة التي عهد لها بصفتها تلك، باعتمادات مالية من ميزانية الدولة وخولت لرئيسها صفة الآمر بالصرف و ألزمت الدولة بأن تضع رهن إشارته العقارات والمنقولات الضرورية للقيام بعملها. لكن كل ذلك بمقتضى قانون عاد، وهو مشروع القانون موضوع نقاش. وليس بمقتضى قانون تنظيمي مكمل للدستور. > هشاشة الوضع القانوني للنيابة العامة في المشروع يجب أن نعلم أن القانون التنظيمي هو قانون مكمل للدستور، وبالتالي لا يمكن تعديله بمقتضى مقترح من قبل عضو من أعضاء البرلمان وحتى بمقترح من الحكومة، وإنما لابد من أن يعرض ذلك المقترح على المجلس الوزاري. هو التنبيه الذي وجه إلى الحكومة السابقة عندما قبلت بعرض مقترح لتعديل قانون تنظيمي بدون علم المجلس الوزاري. لكن عندما يتعلق الأمر بقانون عاد، فإن أي عضو من البرلمان يمكنه أن يتقدم بمقترح تعديله أو يمكن لأي حكومة أن تقوم بذلك، دون أي إلزام دستوري بعرضه أمام المجلس الوزاري. هذا الوضع القانوني الذي وصفته بالهش، مفاده أن القانون يخضع لسياسة الحكومة ولأغلبيتها البرلمانية التي تستطيع، دستوريا، أن تدخل عليه كل ما تريده من تعديلات أو أن تلغيه حتى، دون أي التزام دستوري، يفرض عليها عرض قرارها على المجلس الوزاري، وإن كان من الناحية العملية سنكون في وضع آخر. هذا التخوف هو مبرر وصفي لوضع النيابة العامة الهش في مشروع القانون. > الانطلاقة الحقيقية للإصلاح في تقديري هذا المشروع هو الانطلاقة الحقيقية لإصلاح منظومة العدالة في المغرب، خلافا للزمن الذي أهدرته الحكومة السابقة في الاجتماعات الماراثونية على طول وعرض المغرب، والتي لم تسفر عنه أي شيء، بل حتى خلاصات 5 سنوات من النقاش لم تقدم رسميا لأي جهة و لم تنظم الندوة الوطنية التي وعد بها وزير العدل السابق من جهة أخرى. وهذا يعني أن كل تلك الندوات لم تنتج أي شيء يمكن أن يفيد في تطوير العدالة، إلا ما فرض على القضاء بما سمي بالزمن الافتراضي للبت في أي ملف، وهي السياسة التي دفعت القضاة إلى الاهتمام أكثر بعدد الأحكام التي يصدرونها، فأصبح عدد الأحكام القاضية بعدم القبول يتجاوز ما كان معروفا في السابق. بينما يتكون مشروع القانون من 11 مادة فقط، إذ استطاع أن يخلق التحول الإستراتيجي الأول منذ نشر دستور 2011، هذا التحول أكدته ورقة التقديم لمشروع القانون في الفقرة الأخيرة التي ورد فيها: «إن مشروع هذا القانون يعد دعامة إضافية لقيام سلطة قضائية مستقلة وفق أحكام الدستور والتوجيهات الملكية السامية.» وهي إشارة واضحة لمرجعية هذا القانون المحددة في الدستور وللتوجهات الملكية السامية. * محام بهيأة البيضاء

مشروع قانون اختصاصات رئاسة النيابة العامة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مقتحم معبر مليلية يعاني اضطرابات نفسية

30 سنة لقاتل بالزمامرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات