اليسار مطالب ببناء جبهة اجتماعية

العزيز منسق فدرالية اليسار أكد أن بنكيران روج خطابا شعبويا ونهج المظلومية سلاحا لاستمالة أصوات الناخبين أكد عبد السلام العزيز، الأمين العام للمؤتمر الوطني الاتحادي، ومنسق فدرالية اليسار أن الضرورة تقتضي بناء جبهة اجتماعية قوية بمطالب شاملة وأرضية واضحة تجمع كل القوى المناضلة من أجل العدالة الاجتماعية. وأعلن العزيز أن الفدرالية خاضت حملة نظيفة ركزت على نقاش البرنامج الانتخابي، وفتح فضاءات الحوار مع المواطن، واستهداف عقول الناخبين، عكس من روج للخطاب الشعبوي والمظلومية، واستهدف مشاعر الناس، واستغل الدين لاستمالة أصواتهم. في ما يلي نص الحوار: < كيف تتهيؤون في الفدرالية باعتباركم حلفاء لمركزيات نقابية وحركات اجتماعية للدخول الاجتماعي الذي يتسم بمواصلة الاختيارات التفقيرية ذاتها من قبل حكومة بنكيران الثانية؟ < تعرف بلادنا تفاقم الأزمة الاجتماعية واتساع حدة الفوارق الطبقية والمجالية والنوعية جزءا من الأزمة البنيوية الشاملة، وتخلي الدولة تدريجيا عن أدوارها الاجتماعية والتوزيعية. لقد طبقت حكومة بنكيران سياسات نيوليبرالية في صيغها الأكثر توحشا، فأجهزت على صندوق المقاصة، وحررت أسعار المواد البترولية في سوق غير تنافسي وشبه احتكاري، وفرضت ما سمي بإصلاح صندوق التقاعد، وأغرقت البلاد في المديونية، وتراجعت نسبة النمو بشكل كبير، ما رفع مستويات البطالة، وغيرها من الإجراءات التي قامت بها تنفيذا لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، دون أدنى اعتبار للتوازنات الاجتماعية، وبمنطق ديكتاتورية الأغلبية العددية متجاهلة كل آليات الإشراك والحوار والتشاور مع تنظيمات المجتمع وتعبيراته الاجتماعية والمدنية بمبرر الشرعية الانتخابية، وهو ما يبرز الفهم الضيق لمعنى الديمقراطية. وأعتقد أن هذا هو المنطق الذي سيحكم الولاية الثانية لبنكيران على رأس الحكومة، ستستمر الحرب الطبقية على الشرائح المتوسطة والفقيرة، وستزداد حدة الهجمة على المكتسبات الاجتماعية والخدمات العمومية من صحة وتعليم وغيرهما ودائما بمنطق الشرعية الانتخابية. وكما قلت سابقا، فالنقابات لوحدها أو الجمعيات أو الحركات الاجتماعية التي تخرج هنا وهناك حاملة مطالب فئوية أو مجالية لن تستطيع وقف هذا المد. الضرورة تقتضي بناء جبهة اجتماعية قوية بمطالب شاملة وواضحة وعلى أرضية تجمع كل القوى المناضلة من أجل العدالة الاجتماعية، وسنعيد في حزب المؤتمر الوطني الاتحادي طرح الفكرة على كل التنظيمات السياسية والجمعوية والحقوقية والنقابية التي تقاسمنا هذا الهم لبناء جبهة مقاومة السياسات النيوليبرالية التفقيرية التي ستجهز على كل المكتسبات التي راكمها الشعب المغربي بفضل نضالات وتضحيات قواه الحية وفِي مقدمتها القوى اليسارية والديمقراطية. < شكلت فدرالية اليسار قيمة مضافة في الانتخابات التشريعية رغم تواضع نتائجها. ما هي الدروس التي استخلصتموها من تجربة التحالف؟ < شكلت الفدرالية بالفعل قيمة مضافة في المشهد السياسي بشكل عام وخلال الانتخابات على الخصوص. ورغم النتائج المتواضعة من حيث عدد المقاعد وعدد الأصوات، إلا أننا استطعنا البروز بشكل لافت، وكسبنا تعاطفا كبيرا من قبل المواطنات والمواطنين ولا أقول الناخبين، وتعاطف عدد كبير من المثقفين والفنانين والفاعلين في المجتمع المدني مع مشروع الرسالة. نعم استطعنا تغطية الدوائر الانتخابية بنسبة فاقت 98 في المائة، بمرشحين كلهم مناضلات ومناضلو أحزاب الفدرالية، مع الانفتاح في بعض الدوائر على فاعلين في المجتمع اقتنعوا بمشروعنا، وخضنا حملة انتخابية نظيفة ومتميزة ركزت على النقاش حول البرنامج الانتخابي، وفتح فضاءات الحوار والنقاش مع المواطن، واستهداف عقول الناخبين، عكس من روج للخطاب الشعبوي والمظلومية، واستهدف مشاعر الناس، واستغل الدين لاستمالة أصواتهم، وحصلت فدرالية اليسار على نتائج مشجعة في مجموعة من الدوائر، خاصة بالمدن الكبرى، وأصبحت الرسالة رمزا للأمل في التغيير، وهي كلها مؤشرات إيجابية يمكن أن تؤسس لمستقبل أفضل. لقد وجب التذكير كذلك بأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة عرفت ممارسات وسلوكات جعلتها من أسوأ المحطات الانتخابية في السنوات الأخيرة، من حيث أشكال الفساد والإفساد باستعمال المال، وتوجيه اختيارات الناخبين والضغط عليهم من قبل بعض رجال وأعوان السلطة واستغلال الدين، والترويج لقطبية وهمية ترسخت في أذهان الناس، والتي كانت مؤثرة بشكل كبير في تصويت العديد من الفئات، بالإضافة إلى الاستعمال غير المتكافئ للإعلام والدعم المالي العموميين، ومشكل التقطيع الانتخابي واللوائح الانتخابية ومسألة الإشراف المستقل على الانتخابات، وهي كلها قضايا سبق أن طرحناها في الاجتماعات التحضيرية مع وزارة الداخلية، لكن دون جدوى. ولعل أبرز الدروس التي يمكن استخلاصها من التجربة، رغم أننا ما زلنا لم نقم داخل أجهزة الفدرالية بتقييم شامل لهذه المحطة، هو ضرورة توضيح مشروعنا المجتمعي في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بمستويات خطاب متعددة من أجل استهداف أوسع الفئات المجتمعية. إن خطاب اليسار عموما مازال نخبويا لا ينفذ إلى عمق المجتمع، رغم ما يحمله من مضمون اجتماعي، ولابد من القيام بمجهود استثنائي للتسجيل في اللوائح الانتخابية، خاصة في فئة الشباب مع الاستمرار في المطالبة بالتسجيل التلقائي في اللوائح لكل من بلغ سن التصويت، لأننا وجدنا مجموعة من الشباب المتعاطف، بل والمتطوع في حملاتنا الانتخابية غير مسجل في لوائح تشوبها عيوب كثيرة، بالإضافة إلى ضرورة القيام بمجهود أكبر لإقناع فئة عريضة من المقاطعين للانتخابات بأهمية المشاركة. وأعتقد أن لليسار أصواتا كثيرة في هذه الفئة التي فقدت الثقة في العملية السياسية، لاعتبارات ربما نتفق مع بعضها، لكن وجب إقناعهم بضرورة المشاركة، باعتبارها آلية للتغيير. ويبقى الدرس الأهم في نظري هو ضرورة الوحدة، لأن واقع الحال يؤكد بشكل واضح تراجع اليسار بكل أطيافه لصالح المد الأصولي والمخزني. < تطرح مهام إعادة بناء اليسار ضرورة تقديم نقد ذاتي جماعي، وفتح الأفق نحو مشروع حزبي كبير يتسع للجميع. ما هي مداخل هذا الأفق؟ < بالفعل، يعيش اليسار أزمة حقيقية تتعدد أسبابها بين الموضوعي المرتبط أساسا بالسياق الدولي، وأزمة اليسار في العالم ككل، وفي محيطنا الإقليمي خصوصا، وكذلك ما مارسته الدولة خلال سنوات السبعينات والثمانينات من تضييق على اليسار، ومحاربته فكرا وتنظيمات، بالإضافة طبعا إلى أسباب ذاتية مختلفة. ولابد في رأيي من اعتماد قراءة نقدية تاريخية لمسار حركة اليسار لفهم واستيعاب الأسباب الفكرية والتاريخية والسياسية والتنظيمية التي أدت إلى الوضع الذي نعيشه، وهو في اعتبارنا وضع أزمة مركبة تعيق قيامه بوظائفه وأدواره كاملة. وسأكتفي بالإشارة إلى منعطف بداية الثمانينات، حتى سقوط جدار برلين، والتحول الإستراتيجي داخل الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، تحت ضغط السياسات الليبرالية الجديدة، وكذا ضغط رأس المال المالي، وهو ما تعمق أكثر مع التحولات الاقتصادية التي فرضتها العولمة، ما جعل مجموعة من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية تساير التيار، وتتبنى نموذج الخط الثالث أو الديمقراطية الاجتماعية أو الاشتراكية الديمقراطية، وهو ما أفقد جزءا مهما من اليسار هويته وعمقه الاجتماعي، وانحصر نضاله حول القضايا المجتمعية، دون إغفال ما عرفه محيطنا الجهوي والإقليمي من تصاعد لظهور تنظيمات الإسلام السياسي بدعم من الأنظمة وتعبيرات الرجوع والتمسك بالهوية بأشكال متطرفة في بعض الأحيان، في تربة ثقافية مستعدة لتبني هذا الفكر. الإشارة الثانية التي لها علاقة مباشرة باليسار بالمغرب، وهي نزعة التموقع الشخصي، بعيدا عن المشروع الجمعي، وهو ما ينتج في أغلب الأحيان حالات الصراع والضعف، ويضيق هامش النقاش والحوار والإنصات والبناء المؤسس على قواعد واضحة لا ترتبط بالأشخاص، بل بالمشروع. إن الضرورة التاريخية تقتضي إعادة بناء حركة اليسار، ونعتبر فدرالية اليسار لبنة أولى في هذا الاتجاه، لكن الفدرالية لا تدعي القدرة لوحدها على إنجاز مهام التغيير الديمقراطي المنشود، بل تدعو من خلال ورقتها السياسية كل قوى اليسار إلى ضرورة الوحدة للنضال المشترك من أجل البناء الديمقراطي الحقيقي. إنضاج الوحدة الاندماجية أعتقد أن من المداخل الأساسية لإعادة بناء حركة اليسار، الحوار بين كافة القوى بتواضع من كل الأطراف، ودون ادعاء امتلاك الحقيقة، والانفتاح على كل القوى الحاملة لقيم اليسار أفرادا وتنظيمات، والاجتهاد النظري لتطوير مشروعنا المجتمعي، الذي لا يمكن أن يبقى منحصرا في مستوى النداءات من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بل يجب البحث عن عناصر سياسة اقتصادية واجتماعية تشكل بديلا حقيقيا للسياسات المتبعة، وتنويع مستوى خطابنا السياسي، وملاءمته مع سياقه الاجتماعي والثقافي، ولابد أيضا من التفكير في المبادرات النضالية الميدانية التي يمكن أن تجمع كل القوى اليسارية حولها مثل القضايا الاجتماعية و الحقوقية. إن الأفق بالنسبة إلينا داخل المؤتمر الوطني الاتحادي، هو إنضاج الوحدة الاندماجية داخل الفدرالية بانفتاح على كل من نتقاسم معه حدا أدنى من المشترك الفكري والنضالي، ليكون منطلقا لبحث مختلف أشكال توحيد كل القوى والتنظيمات الديمقراطية التقدمية لبناء جبهة من أجل النضال الديمقراطي. إعادة النظر في القانون الأساسي للفدرالية < أعادت الانتخابات الأخيرة الأمل في صفوف عدد من المثقفين وجمهور اليسار، يحتاج إلى قراءة عميقة لتحويلها من رصيد معنوي إلى قوة انتخابية وسياسية. كيف تنظر إلى المهام التي تطرحها هذه الانتخابات؟ < بالفعل، عرفت انتخابات سابع أكتوبر التفافا واسعا حول فدرالية اليسار الديمقراطي من قبل مثقفين وفنانين وفاعلين في المجتمع المدني، وعدد كبير من اليساريين الذين استعادوا الأمل من خلال رسالة الفدرالية، لكن لم نستطع أن نحول هذا الزخم من التعاطف إلى قوة انتخابية يمكن أن تؤسس بالفعل لتحقيق تراكم ستظهر نتائجه في المستقبل، شريطة تحمل مسؤولياتنا وبوعي للبناء على أسس سليمة، وهو ما يتطلب في نظري قراءة عميقة وموضوعية لتجربة فدرالية اليسار على المستوى النظري الفكري والسياسي التنظيمي، وعلى مستوى الفعل الميداني والجماهيري للفدرالية، لأن السياسة في نهاية المطاف فعل وتأثير في ميزان القوى. ويجب في هذا الإطار أن نقرأ وضعنا بحس نقدي وقراءات متقاطعة، وأن نشرك في هذا النقاش فاعلين ومهتمين حتى من خارج الفدرالية، للوقوف على مكامن القوة والضعف، والقيام بتقييم شامل لأداء الفدرالية طيلة الفترة الماضية، منذ الإعلان عنها بهدف تجديد وتحسين الأرضية السياسية، وإعادة النظر في النظام الأساسي، والاجتهاد في إبداع آليات تنظيمية تسمح باستيعاب التنظيمات والفعاليات والأفراد الراغبين بالالتحاق بالفدرالية، مع تمكينهم من المساهمة في اتخاذ القرارات، وتمثيلهم في هياكلها في أفق صيغة للوحدة التنظيمية، وسأقدم مجموعة من الاقتراحات في هذا الاتجاه، وفي الاجتماع المقبل للهيأة التنفيذية للفدرالية، سنطرح هذا الموضوع للبحث عن آليات لتفعيل هذا النقاش. مواجهة المد الأصولي < أبانت نتائج 7 أكتوبر عن هامشية قوى اليسار عموما، ما يطرح سؤالا حول مشروعكم المجتمعي. لماذا فشل اليسار في مد الجسور مع الحركات الاجتماعية التي باتت أكثر تأثيرا في الساحة؟ < نتائج انتخابات سابع أكتوبر لم يحكمها منطق سياسي، بل تحكمت فيها اعتبارات أخرى سبق أن أشرت إلى بعضها. فالسلوك الانتخابي في المغرب أصبح رهين عناصر ومحددات خارج مجال السياسة، فنسبة التصويت السياسي هامشية، مقارنة مع تصويت القرب والتصويت مقابل المال، والتصويت تحت تأثير السلطة أو استغلال الدين. فكيف يمكن تفسير نتائج حزب أجهز على المكتسبات الاجتماعية للفقراء والفئات المتوسطة، ويحرز الرتبة الأولى، وحتى إذا افترضنا اقتناع المواطنين بأدائه الحكومي، فكيف نفسر معاقبة حزب يساري اختار التحالف الإستراتيجي مع حزب رئيس الحكومة، ومعاقبة باقي أحزاب الأغلبية الحكومية؟ وبالمقابل، التقدم الكبير لحزب في المعارضة حديث التأسيس، متى استطاع هذا الحزب تحقيق هذا الامتداد وكيف؟ أطرح هذه الأسئلة التي تبدو إجاباتها بديهية لأقول إن الانتخابات في المغرب ليست معيارا أساسيا لقياس مدى امتداد تعبير سياسي معين في المجتمع. ولابد من الاعتراف بأن قوى اليسار والفكر التقدمي العقلاني التنويري عموما يعرف تراجعا وانحصارا غير مسبوقين، في سياق تاريخي تتوفر فيه كل الشروط الموضوعية للنضال الجماهيري الديمقراطي، بسبب الأزمة الاجتماعية الخانقة نتيجة للسياسات النيوليبرالية المتوحشة التي نهجتها الحكومات المتعاقبة، وتعمقت مع حكومة بنكيران، وهو ما أخرج الحركات الاجتماعية والنقابات للاحتجاج وحماية المكتسبات الاجتماعية، أو من أجل الحريات وضمان الكرامة، مثل ما نعيشه من حركة احتجاجية ضد الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الشاب محسن فكري ضحية الحكرة والفساد. مد الجسور مع الحركات الاجتماعية عبرت هذه الحركات عن مطالب اجتماعية بالأساس مرتبطة بشروط الحياة اليومية وبشروط وظروف العمل، بمعنى أننا أمام قاعدة اجتماعية وشعبية واسعة ابتكرت أشكالا جديدة في النضال، وبآليات مختلفة للتعبئة ترتكز أساسا على استغلال مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هذه الحركات الاحتجاجية بقيت معزولة عن بعضها البعض ومرتبطة بمطالب فئوية أو مجالية، لذا، فالمطلوب اليوم العمل على تطوير هذه النضالات وتجميعها ورفع مستوى فاعليتها وتفاعلها مع مطالب أوسع الفئات، وتحويل كل الأشكال النضالية من دائرة العفوية والمحلية إلى التنظيم والتشبيك، ومن المطالب الجزئية إلى مطالب اجتماعية شاملة وواضحة. لقد سبق أن اقترحنا داخل الهيأة التنفيذية لفدرالية اليسار الديمقراطي فكرة بناء جبهة اجتماعية تضم مجموعة من القوى السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية التي وإن اختلفت حول بعض التقديرات السياسية، وسقف أفقها السياسي، لكنها تلتقي حول المطالب الاجتماعية، لكن للأسف الفكرة لقيت تحفظا من البعض. أجرى الحوار: برحو بوزياني

اليسار مطالب ببناء جبهة اجتماعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أزمة فاعل سياسي

تفكيك عصابة لسرقة السيارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات