رئاسة مجلس النواب “حقيبة” في المفاوضات

طالما شكل الصراع حول رئاسة مجلس النواب، ورقة بيد رئيس الحكومة يستعملها في إطار مفاوضات تشكيل الحكومة، ولأن الدستور منح المجلس سلطة التعيين الحكومي، إذ تتولى الغرفة الأولى مهمة تنصيب الحكومة بعد المصادقة على برنامجها بالأغلبية في جلسة عامة بالبرلمان، فإن التحالفات حول رئاسة مجلس النواب تشكل عاملا مساعدا لرئيس الحكومة، إذ يفاوض على منحها إلى طرف حزبي حليف ضمن "باكيدج" يشمل عدد الحقائب الوزارية المخولة لكل حزب سياسي ضمن التشكيلة النهائية للحكومة. لقد بدأ الحديث عن رئاسة مجلس النواب ضمن سيناريوهات تكوين حكومة عبد الإله بنكيران، وعادة ما حرص رئيس الحكومة المكلف على أن يكون انتخاب رئيس الغرفة الأولى جزءا من هذه العملية السياسية التي تفضي إلى تشكيل تحالف، وبإدراك مسبق لعبت الأحزاب السياسية دورها في التفاوض على الرئاسة ضمن خيارات المشاركة المطروحة. وهكذا فمع إعلان بنكيران فتح باب المشاورات مع الاتحاد الاشتراكي حتى طفا اسم الحبيب المالكي، عضو المكتب السياسي للاتحاد، مرشحا لرئاسة مجلس النواب، بمعنى أن شرط المشاركة قد يكون رهين تصويت الأغلبية على المالكي مرشحا لهذا المنصب. وبعد أن انتخب رئيسا للحزب، بادر عزيز أخنوش إلى مفاتحة بنكيران في مسألة مشاركة التجمع الوطني للأحرار، وضمن خيار المشاركة برز اسم رشيد الطالبي العلمي، بصفته مرشحا لولاية ثانية على رأس مجلس النواب. وفي مواجهة هذه السيناريوهات التي تربط بين حسم رئاسة مجلس النواب وطرح خيارات الاستوزار على الأحزاب المشاركة في التحالف، يبرز تأثير الأغلبية العددية التي يحتفظ بها حزب العدالة والتنمية من أجل حسم خيار الرئاسة لهذا الطرف أو ذلك. وقد بدا هذا التأثير جليا في انتخابات رئاسة مجلس النواب خلال نصف الولاية التشريعية الماضية، ذلك أن الخلافات التي ميزت العلاقة بين الأحرار والعدالة والتنمية سرعان ما اختفت بعد أن قرر "بيجيدي" التصويت للأحرار في رئاسة مجلس النواب، السيناريو نفسه وقع مع حزب الاستقلال في بداية الولاية الحكومية الماضية 2011-2016. لقد أبانت التجربة أن انتخاب رئيس مجلس النواب يرتهن دائما إلى طبيعة التشكيلة الحزبية للأغلبية الحكومية، فالكثير من التنظيمات تجعل من رئاسة المجلس جزءا من خططها التفاوضية لدخول الحكومة، ولأن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة عادة ما يدرك هذه التفاصيل، فإن مشاوراته لتوزيع الحقائب الوزارية، لا يستثني التفاوض على مرشح الأغلبية لرئاسة الغرفة الأولى. بالمقابل، يختلف الأمر قليلا حين يتعلق الأمر بمجلس المستشارين، ذلك أن محدودية سلطة المجلس على الحكومة في مجال التنصيب، يجعل التنافس حول رئاسة الغرفة الثانية أمرا هينا، فالمعارضة غالبا ما تنافس من أجل الفوز برئاسة هذه الغرفة، والأغلبية الحكومية لا تعير كثير اهتمامها لهذا التنافس، باعتبارها توجد خارج حسابات تشكيل الأغلبية. إلى زمن قريب كان مجلس المستشارين بيد الأغلبية كما مجلس النواب، غير أن هذه المعادلة سرعان ما تغيرت مع مجيء حكومة التناوب، فخلال تلك المرحلة وقع تغيير في إستراتيجية الأحزاب للتعاطي مع الصراع حول رئاسة البرلمان بغرفتيه، وهي الإستراتيجية التي لا تزال قائمة إلى يومنا، لأنها تسمح برئاسة المعارضة لمجلس المستشارين مقابل احتفاظ الأغلبية برئاسة مجلس النواب. إحسان الحافظي

رئاسة مجلس النواب “حقيبة” في المفاوضات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منار: "المصباح" يريد عزل "البام"

الأمطار تعزل دواوير بشيشاوة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات