محطة أولاد زيان…الأمن يحاصر الجريمة

حملات أمنية أطاحت بمشتبه فيهم وتجار مخدرات ووفرت الأمن بكل مرافق المحطة أمام باب الدائرة الأمنية لمحطة أولاد زيان، وضع العميد المركزي الحاج البشتاوي، بتنسيق مع رئيس الدائرة كل الترتيبات والخطط، لضمان فعالية كبيرة للحملة الأمنية، التي تنوي مصالح الأمن الفداء مرس السلطان تنظيمها بالمحطة. كانت التعليمات للعناصر الأمنية، تحث على اليقظة وعدم التساهل مع المشتبه فيهم، الذين اعتادوا استغلال خصوصية المكان وإثارة البلبلة والفوضى والاعتداء على المسافرين، لكن هذه الصرامة طبعا، كما أكد العميد المركزي، ستكون في إطار القانون وبعيدا عن التعسف. عبارات تفاعلت معها جميع العناصر الأمنية، وأبدت حماسة كبيرة لإنجاح هذه المهمة، التي كانت ناجحة بكل المقاييس. خصوصية محطة أولاد زيان، بحكم أنها أكبر بوابة عبور إلى البيضاء، جعلت مصالح الأمن بالبيضاء، توليها أهمية خاصة من حيث المراقبة الأمنية، فهي تشهد يوميا توافد عدد كبير من المسافرين، ما يتطلب مجهودات أمنية كبيرة لفرز المسافر الصالح من الطالح، وإيقاف المبحوث عنهم ومروجي المخدرات. هذه المهمة ليست بالسهلة، إذ تتطلب يقظة أمنية كبيرة، سيما أن مصالح الأمن بهذه المحطة نجحت في فك لغز العديد من الجرائم، سواء كانت قتلا أو ترويج مخدرات أو مواد مهربة، إضافة إلى عصابات، حاول أفرادها استغلال هذا المرفق للفرار إلى وجهات مجهولة. كانت انطلاقة الحملة الأمنية بمقاه توجد في الطابق السفلي لمحطة أولاد زيان، التي يرتادها عدد كبير من المسافرين وحتى من أبناء المناطق المجاورة، وهو ما يشكل فرصة للأمنيين للإيقاع بعدد من المشتبه فيهم، بعد إخضاعهم لعملية تنقيط، كانت البداية مع شاب، يحتسي كوب قهوة، يستمتع بموسيقى هاتفه المحمول. شك رئيس الدائرة في أمره، وطالبه ببطاقته الوطنية، فيما تكلف آخرون بتفتيشه وحقيبته الرياضية الصغيرة، في حين فتش شرطي أسفل الطاولة التي كان يجلس عليها، للتأكد إن تخلص من قطعة مخدرات أو لفافة حشيش. بدا الارتباك على محيا الشاب، خصوصا عندما ظل يجيب عن أسئلة رئيس الدائرة الأمنية حول سبب وجوده في المحطة الطرقية، إذ أجاب متلعثما، أنه عاطل عن العمل، وحل بالبيضاء منذ رمضان الماضي قادما إليها من منطقة سوس للبحث عن العمل، لكنه لم يوفق إلى الآن. اعترافات المشتبه فيه لم تقنع رئيس الدائرة الأمنية، فأخضعه للتنقيط عبر جهاز اللاسلكي. لحسن حظ الشاب أنه دون سوابق وغير مبحوث عنه. يعترف المسؤول الأمني أن مرافق المحطة وإن كانت تقدم خدمة للمسافرين، إلا أنها تشكل بؤرة للتوتر، حيث يرتادها غرباء، ولصوص وكل من خطط لجريمة، وبالتالي وجب عليهم بشكل دوري القيام بعمليات استباقية لمنع وقوع الجريمة، خصوصا بالليل. بعد جولة داخل المقاهي المذكورة، انتقلت عناصر الأمن إلى مدخل الحافلات. في مكان مخصص لجلوس الركاب، سيعاين المسؤول الأمني شخصا نائما على كرسي، تكلف رجل أمن بإيقاظه، فتبين أنه مختل عقليا يقطن بمنطقة "بن جدية"، اعتاد المكوث بالمحطة، ورغم ذلك خضع لتفتيش دقيق، كان سلبيا، قبل أن يطلب منه مغادرة المحطة في الحال. عند مدخل الباب المؤدي إلى الحافلات، اشتبهت العناصر الأمنية في شاب، يحمل حقيبة، أثناء إيقافه سلمهم بطاقة وطنية قديمة، تبين أن تاريخ صلاحيتها منتهيا، ما زاد شكوك الأمنيين حوله، لدرجة أنه خضع لتفتيش دقيق، وصل إلى حد نزع حذائه الرياضي، وفي خضم هذا التفتيش، تدخلت فتاة في مقتبل العمر، وعلى ملامحها دهشة ممزوجة بصدمة، مستفسرة عناصر الأمن سر إخضاع الشاب لهذا التفتيش الدقيق، استفسرها رئيس الدائرة عن قرابتها بالمشتبه فيه، أجابت أنه زوجها، فطمأنها أنه يخضع لإجراء أمني عاد وقانوني، وفي حال تبين أنه ليس موضوع شبهة سيترك لحال سبيله. لم يسفر التفتيش عن حجز أي ممنوعات كما أن تنقيطه كان سلبيا. غادر رفقة زوجته صوب حافلة، لكن بعد أن لقن درسا لن ينساه، حول أهمية تجديد بطاقته الوطنية. "الكورتية" من بين رواد محطة أولاد زيان، الذين تشملهم حملات الشرطة، "الكورتية"، هذه الفئة المكلفة بمساعدة سائقي الحافلات ومساعديهم، على جلب المسافرين مقابل عمولات، غالبا ما يكونون موضوع شكايات، سيما من قبل المسافرين، موضوعها الابتزاز والسب والقذف وقد تصل إلى حد الاعتداء، في حال رفض المسافر مرافقته إلى الحافلة التي تطوع لجلب المسافرين لها. فرغم تغاضي مسؤولي المحطة والشرطة عن عملهم داخل المحطة، بحكم أن منهم من ينفق على أسر، وآخرين غادروا السجن، وأعلنوا توبتهم باحتراف هذه المهنة، وهي مبادرة تستحق التشجيع، إلا أن عددا من "الكورتية" يتجاوز حدود القانون ما يجعله في صدام يومي مع الشرطة، بداية أن عددا منهم يزاول هذه الحرفة، وهو تحت تأثير المخدرات والخمور، تنتهي غالبا بنزاعات تتطور إلى عراك مع مساعدي الحافلات المنافسة للظفر بعدد من المسافرين، وأمام هذا الوضع تضطر الشرطة للتدخل واعتقالهم، بعد استشارة النيابة العامة. خلال هذه الحملة، سيتعم فضاء المحطة فوضى وصخب، بعدها تبين أن اثنين من "الكورتية" دخلا في عراك بعد أن تنافسا على جلب بعض المسافرين، أصيب أحدهما بجروح، في حين حجزت لدى الثاني قطعا من مخدر الشيرا، ليقرر العميد رئيس الدائرة الأمنية وضعهما تحت تدابير الحراسة النظرية بجنحة التخدير وإحداث فوضى في مرفق عمومي قبل إحالتهما على النيابة العامة، فلم يتقبل أحدهما قرار اعتقاله واحتج بشدة على ذلك، في حين دخل الثاني في نوبة بكاء. الباعة المتجولون ينتشر الباعة المتجولون كالفطر داخل محطة أولاد زيان، منهم من اختار مكانا ثابتا، احترف فيه بيع الحلويات والسجائر بالتقسيط، في حين دخل آخرون، منهم من تخصص في بيع "السندويشات" والمشروبات الغازية، و "البسكويت" وساعات يدوية ونظارات شمسية في منافسة حامية الوطيس في صعود الحافلات وإقناع المسافرين باقتناء منتوجاتهم، كل واحد منهم، اخترع لغة خاصة به لإغراء المسافرين . بالنسبة للمسؤول الأمني، يخضع الباعة المتجولون بشكل مستمر لحملات أمنية بتنسيق مع مصالح عمالة الفداء مرس السلطان، فهم ممنوعون من استغلال فضاء المحطة لبيع سلعهم، لكن في مناسبات، يحضر الجانب الإنساني، ويتم التغاضي عن نشاطهم، بحكم أن هذا القطاع يشغل فئة عريضة من الشباب، إلا أن ذلك لا يعني أنه سيتركون لسن قانونهم، إذ يخضعون للتفتيش ومراقبة جودة السلع التي يروجونها للتأكد من أنها غير فاسدة، حماية لصحة المسافرين. إصلاح الحافلات بشروط خلال جولة داخل المحطة، خصوصا في أماكن مجاورة لمحطات البنزين، ستعاين عناصر الشرطة ميكانيكيا منهمكا بإصلاح بعض أجزاء محرك الحافلة. أثار الموقف حفيظة رئيس الدائرة، الذي استفسر الميكاني عن الأمر، قبل أن يتدخل سائق الحافلة وأوضح أن الأمر يتعلق بإصلاح عطب بسيط لن يتجاوز ساعة من الزمن، وهو ما تفهمه المسؤول الأمني. إصلاح محرك الحافلات داخل المحطة الطرقية ممنوع حسب قانونها التنظيمي، إذ يلزم مالكها بنقلها إلى خارج المحطة، يؤكد المسؤول الأمني حتى لا تتحول المحطة إلى "لافيراي". لكن رغم هذه الصرامة، يسمح للسائق بإصلاح بعض الأعطاب المفاجئة التي تتعرض لها الحافلة، شرط أن تكون بسيطة ولا يتجاوز وقت إصلاحها ساعتين فقط. اعتقالات ومحجوزات في حدود الساعة الخامسة عصرا، طرأ تحول جذري على الحملة الأمنية، إذ بدأ بعض المشتبه فيهم يتساقطون في يد الأمن. بداية كان إيقاف شخص مسافر إلى مدينة بالشمال، اشتبه فيه شرطي، وخلال تفتيشه حجزت لديه قنينة من الجعة وقنينة بلاستيكية بها مسكر "الماحيا". نقل على الفور إلى مقر دائرة أمن المحطة، وخلال تنقيطه تبين أنه من ذوي السوابق قضى أزيد من 15 عقوبة متنوعة. تم إشعار النيابة العامة فأمرت بوضعه تحت تدابير الحراسة النظرية. بعد أقل من ربع ساعة، اشتبهت الشرطة في شاب لا يتجاوز عمره 26 سنة، نزل من حافلة قادمة من فاس، كان يتصرف بشكل غريب ومثير. تقدم نحوه شرطي وأمره بالإدلاء ببطاقته الوطنية، وخلال تفتيشه تم حجز قطعتن كبيرتين من مخدر الشيرا، تبين خلال التدقيق فيها أنها من نوع الفاخر. استنفر الاعتقال الشاب، كل العناصر الأمنية، والتي افترضت أن المحجوز جزء من كمية كبيرة من المخدر الشيرا خبأها المتهم بمكان ما في المحطة، إذ تم استفساره عن مكان وجود حقيبته، فأكد أنه حل إلى البيضاء دون حقيبة، ما رجح أنه فعلا أرسل من قبل شبكة للمخدرات إلى أحد زبنائها بالبيضاء، لتسليمه جزءا من البضاعة، قبل الاتفاق على ثمنها والكمية المطلوبة. المثير في هذه القضية أن المتهم عند تنقيطه تبين أنه عديم السوابق، وظل يلح أن الكمية المحجوزة هي للاستهلاك ، لكن تبريراته لم تكن مقنعة بحكم أن الكمية المحجوزة و"جودتها العالية"، تفند ادعاءاته، فأمر رئيس الدائرة بإنجاز محضر الاعتقال، قبل إشعاره النيابة العامة بالأمر التي أمرت بإحالة المشتبه فيه على فرقة مكافحة المخدرات لتعميق البحث معه. القاصر داخل فضاء الدائرة الأمنية بالمحطة الطرقية، كانت قاصر تجلس وحيدة داخل أحد المكاتب، وبجانبها حقيبة صغيرة. أثار وجودها كل زائر للدائرة الأمنية، قبل أن يكتشف أنها "هاربة". قصة القاصر تدمي العين، فقد فقدت والدها وهي صغيرة السن، قبل أن تجد نفسها تعاني اضطهادا من قبل زوج والدتها. "فرت" من منزل والدتها بسلا إلى البيضاء في مناسبة سابقة، وتمكنت من حجز مكان لها في بمقر جمعية للأعمال الاجتماعية، قبل أن تعيدها والدتها إلى سلا. استقرت معهما فترة من الزمن، فلاقت المعاملة الفظة نفسها من قبل زوج والدتها، فقررت "الهروب" مرة ثانية إلى البيضاء. تكشف القاصر، أنها بمجرد أن وطأت قدماها محطة أولاد زيان، توجهت مباشرة إلى مقر الدائرة الأمنية، خوفا من تعرضها لاستغلال جنسي من قبل "وحوش آدمية" تنتهز مثل هذه الفرص للإيقاع بـ"الهاربات". وأضافت القاصر أن الفتيات اللواتي غادرن عائلاتهن، مهددات بخطر كبير بمجرد مغادرة باب المحطة، إذ يتم استدراجهن من قبل أشخاص لاستغلالهن جنسا، بل منهن من يجدن أنفسهن مكرهات في شبكة متخصصة في الدعارة. الفكرة نفسها عبر عنها رئيس الدائرة بالتأكيد أنه يصادف عددا من الفتيات داخل فضاءات المحطة، يرفضن مغادرتها، خوفا على حياتهن، بعد أن يجدن أنفسهن موضوع تحرشات وتغرير من قبل أشخاص، يدركون جيدا أنهم إذا وطأت أقدامهم المحطة، سيكون مصيرهم الاعتقال لا محالة. كلف المسؤول الأمني شرطيا بإعداد تقرير عن القاصر، وأشعر النيابة العامة، التي أمرت بإشعار الجمعية بالأمر، وقتها يتم الاتفاق، إما أن تتكلف الشرطة بنقلها إلى مقر الجمعية أو إرسال الأخيرة ممثلين لها لتسلمها، إذ يبقى على عاتق الجمعية توفير حياة كريمة للقاصر وضمان دراستها إلى أن تبلغ سن الرشد. مصطفى لطفي

محطة أولاد زيان…الأمن يحاصر الجريمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنكيران يشرد نصف مليون تلميذ

إيقاف محتجين ببني ملال بعد مواجهات مع السلطة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات