لا يغريني الحضور “الرمضاني”

فاطمة عاطف قالت إن المسرح محارب شرس ومدمر بعد غياب ملاحظ عن الساحة الفنية، تعود فاطمة عاطف بعمل جديد من إخراجها. عن هذا العمل تتحدث عاطف في حوارها مع «الصباح»، مؤكدة أنه فرصة كي تنصت للحس الإخراجي الذي كان حاضرا عندها. وأضافت أن المسرح لم يكن راضيا عن جسده ولا عن روحه ولا عن سياقه، مؤكدة أنها بصدد عمل سينمائي كبير ومختلف. في ما يلي نص الحوار: < ما سبب غيابك عن الساحة الفنية؟ < ليس غيابا بمعنى المقابل البديهي للحضور، إذ ليس هناك أيضا حضور دائم. هناك عمل دؤوب وإنصات يأخذ كامل وقته في اختيار النصوص التي أحس أنها تخاطبني وتخاطب شيئا مختلفا. أفضل أن يأخذ الغياب كامل وقته كي يحبل بحضور مختلف يستحق فعلا أن يكون له مكان في الساحة الفنية، فالصمت يعطي معنى أعمق للصوت لذلك ينبغي أن نجعل من غيابنا إحدى أدوات بناء الحضور الذي يضيف. أما المراكمة لأجل حشو مصارين الجسد الفني فستسبب عسرا في الهضم للمتلقي ولن نكون بالضرورة في خدمة الفن بالتأكيد. الغياب فرصة للفن، حين يكون زمنا للخلق وليس زمنا للموت الفني أو الانسحاب بحجة أن الرداءة تخنق كل شيء. ينبغي أن تكون للفنان مساحة كافية لكي يرى فنه ونفسه وجمهوره بشكل أفضل، إذا لم تكن له تلك المساحة فستخونه حدوسه بالتأكيد. < تستعدين لتقديم عمل مسرحي جديد، لكن الملاحظ أنك اشتغلت عليه دون تعاون مع أحد، ما هي الأسباب؟ < كل عمل مسرحي يستحضر روح الفريق حتى لو كان مونودراما تقوم على الممثل الواحد الذي ينبغي أن يتسع لكل الأصوات الدرامية، كأن المفرد فنيا مستحيل فالمسرح هو لقاء بين النص والممثل وبين الممثل ونفسه وبينه وبين الشخصية أو الشخصيات التي يجسدها وهو لقاء أيضا مع هواجسه وأسئلته ولا يمكن أن يحمل وزر كل شيء لوحده بل ينبغي أن يوزع ذلك على آخرين، أتحدث هنا عن الوزر الجميل. هناك إذن فريق متكامل في العمل، ولكل واحد اجتهاده الخاص الذي لا ينفصل عن نسقية العمل برمته لأن هناك سماء واحدة توحدنا وهي التي تتسع لكل اجتهاد فني سواء على مستوى النص أو على مستوى السينوغرافيا أو الملابس أو الرؤية الإخراجية التي أحملها على عاتقي في هذا العمل، بالإضافة إلى دوري ممثلة في هذه المونودراما. < ما هي الإضافة الفنية التي سيقدمها العمل الجديد، وما موضوعه؟ < طموح الفن كان دائما هو البحث عن قارات جديدة ومساحات مختلفة. السفر هو المبرر الحقيقي لكل فن ومونودراما نزف التي سأقدمها على خشبة المسرح خلال الأيام المقبلة كممثلة ومخرجة، هي بشكل ما فرصة كي أنصت للحس الإخراجي الذي كان حاضرا عندي بشكل ما في أعمالي المسرحية السابقة والتي كانت فيها مجموعة من الأفكار التي قدمتها هي وراء نجاحها. الرؤية الإخراجية في هذا العمل أخذت مني طاقة رهيبة، كما أن العمل ممثلة فيه كلفني مايشبه عزلة المتصوف أو خلوة المعتكف حتى تجد كل مفردة مساحتها ونغمتها ومعناها ولا أسقط في كليشيهات مملة وقاتلة. ينبغي أن نحترم العمل ونتعامل معه بنبل الفارس ووقار الفيلسوف وأيضا أن نكون شرسين معه وندخل معه في حرب ومونودراما تشتغل على المعنى أساسا وهو موضوع غاية في التجريد، وهنا الصعوبة الأساسية كيف تستطيع أن تلعب معنى مجردا وكيف تفلح في أن تجعل المتلقي يشم رائحته ويلمسه ويحسه كما لو كان جزءا من جسده، يحفل النص بمفاجآت كثيرة على مستوى الأداء و السينوغرافيا والرؤية الإخراجية وهو مغامرة جميلة لأنه يحمل تحديا لاتجده في النصوص واضحة الخرائط ، سيخرج المتلقي من هذا النص بروح وجسد مختلفين، وهذا هو رهان العمل أن يدخل جمهور ويولد منه في القاعة جمهور آخر. < كيف تجدين المسرح في الوقت الراهن ؟ < لم يكن المسرح يوما راضيا لا عن جسده ولا عن روحه ولا عن سياقه ، لكنه يحارب ليس من أجل البقاء بل يحارب لأن الحرب جزء من كينونته. هو دائما يحمل أوجاعه، أوجاع التلقي وأوجاع الدوائر المتحكمة وأوجاع الثقافة التي تحيط به، لكني لا أحب الكلام عن وجعه بقدر ما أفضل الحديث عن شراسة إصراره على خوض حربه الجمالية، إنه متطلب جدا وهو مدمر حين تتسع خشبته لتصحبك في كل مكان. < هل لك استعداد للعودة إلى الأعمال التلفزيونية والسينمائية بعد هذا الغياب؟ < وكأن هناك إجماعا على غيابي، مع أني شاركت في أعمال سينمائية وأنا بصدد عمل سينمائي كبير ومختلف، لكن تقاطع الكثير من المواعد بالنسبة إلي كان دائما مساحة للحسم في شيء مهم، وهو الإخلاص للعمل الذي أقوم به ولست على استعداد لفتح مشاريع عديدة في الوقت نفسه، لأن ذلك يهدر طاقة الفنان، وبالنتيجة ليس في مصلحة العمل الفني. الخشوع مطلب فني أيضا. يرسخ التلفزيون غالبا انطباعا بالحضور لأنه يدخل كل البيوت لكني أفضل ألا يكون حضوري من نوع «الفاست فود» أو «الفود الرمضاني»، بل أن يكون له طعم الفن وجوهره وتحديه الذي يذهب عميقا في العقل والوجدان. أجرت الحوار: إيمان رضيف في سطور > خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي > جسدت العديد من الأدوار السينمائية > تألقت في مجموعة من الأدوار التلفزيونية والمسرحية > حصلت على العديد من الجوائز

لا يغريني الحضور “الرمضاني”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"سيليباطير" تلهب مواقع التواصل

متعاقدون مع الإذاعة والتلفزة يقصفون الخلفي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات