تعذيب شيماء… ساعتان في الجحيم

زعيم الحلقية "حكم" بتكبيلها وتعصيبها وحلق شعر رأسها وحاجبيها وتوجيه 100 صفعة لها انحفر حادث حلق شعر الرأس والحاجبين، في ذاكرة شيماء قابضة مقصف كلية العلوم بمكناس، التي تكمل 16سنة في 18 يوليوز المقبل، مخلفا ندوبا نفسية وجسدية تعاني آثارها ولم تستطع التخلص من كوابيسها رغم مرور 11 يوما عليه، وإيقاف 7 طلبة قاعديين مشتبه في تورطهم في محاكمتها. إنها "تعاني من حالة توتر حاد".. ذاك ما استنتجه الطبيب رئيس مصلحة الطب النفسي والعقلي بمستشفى مولاي إسماعيل، في تقريره حول حالة هذه العازبة، والأضرار النفسية البالغة المصابة بها جراء الاعتداء النفسي والجسدي الذي تعرضت له، والمنجز بناء على أمر من المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمكناس. سينبت شعر حاجبيها ورأسها مستقبلا مهما تأخر ذلك. لكن ذلك لن يزيل جرحا نفسيا لازمها وقد لا تعوضه طلبات مدنية قد يتقدم بها دفاعها في حلقات مسلسل محاكمة "محاكميها جماهيريا" ممن قد يثبت تورطهم بالقرائن والأدلة اللازمة في محاكمة عادلة يصان فيها حقهم كما حقوقها المادية والمعنوية. إعداد: حميد الأبيض (فاس) ليلة الثلاثاء 17 ماي استقبل رئيس الفرقة الجنائية الولائية، هذه النادلة ابنة حي مرجان 4، في حالة نفسية وصحية متدهورة وآثار العنف بادية عليها، قبل نقلها للمستشفى الجهوي محمد الخامس لتلقي العلاجات الضرورية من جروحها، وعرضها على طبيب نفساني بموجب تسخير طبي، أملا في علاج جرحها النفسي. كوابيس ساعات الجحيم التي قضتها في قبضة جلاديها، راسخة في ذاكرتها، كما تفاصيل إهانتها وشقيقتها من قبل طلبة قاعديين بعضهم في حالة فرار، دون 5 طلبة بينهم طالبة أجلت محاكمتهم إلى 30 ماي، وطالبتان أحيلتا الثلاثاء على النيابة العامة بابتدائية مكناس، التي قررت إيداعهما سجن تولال 3.في الـ11 صباحا قصدتها طالبة وزميلها، بمقر عملها بالمقصف، وطالباها بمغادرته دون رجعة، تحت طائلة محاكمتها وضربها في أفق ربع ساعة، ما نفذته، إذ غادرت الكلية وانزوت بحديقة بين بابها وشارع بئر انزران، قبل أن تعود بعد ساعتين لاستلام أجرة عملها من مشغلها، إلا أن مفاجأة كانت في انتظارها. كان نحو 20 طالبا في انتظار عودتها، لإيذائها، قبل أن تستنجد بأختها التي لم تسلم بدورها من عنف "قاعدي" منبوذ. بالقوة جرتها طالبة من شعرها لساحة الكلية دون أن تنفع مقاومتها في تدارك سقطة كانت بداية مشاهد تعذيب مرعبة، بعدما أحكم طالب مسكها من سروالها وجرها لمسافة 30 مترا.التف عدة طلبة حولها ليتحول جسدها إلى مفرغ لعنف طلابي لم تعهده، ليغمى عليها وتستفيق على محاكمة بتهمة "تجسسها عليهم وإبلاغ الطلبة الأمازيغيين بتحركاتهم"، والقوادة بمقابل مادي، واستدراج طالبات من الكلية لقضاء ليالي حمراء مع خصومهم السياسيين بهذا الفضاء الجامعي. تهديد ببتر اليدين والرجلينبعد جلسة المحاكمة نطق "زعيم" الحلقية، بحكمه القاضي ب"حلق شعر رأسها وحاجبيها وتوجيه 100 صفعة لها"، ما رحب به محاكموها قبل إبعادها عن الموقع بخمسة أمتار وإجبارها على الجلوس تحت شجرة وارفة بالساحة بعد شل حركتها وتكبيل يديها من معصميها باستعمال قماش (شال) برتقالي مخطط بالأزرق.وضعت طالبة منديلا على عيني شيماء بمساعدة زميلها، كي لا ترى جلاديها في مشهد أحيى وسيلة تعذيب تعود إلى سنوات الرصاص، إلا أنها قاومتها رغم صفعات متتالية تلقتها على خديها، قبل أن يتسلح طالب بثلاث شفرات سلم إحداها ل"قائد أوركسترا" تعذيبها وحلق شعرها وحاجبيها، بمساعدة معاونيه.لا تتذكر شيماء ملامح واسم حالق رأسها بمقص، لوجوده خلفها، إلا أنها ذكرت أسماء كل ما واصلوا العملية باستعمال الشفرات، إذ حلقوا حاجبيها تاركين بقع شعر متناثرة برأسها، قبل أن يصطف "الجلادون" في صف واحد، متناوبين في توجيه الصفعات إلى وجهها، بعدما تحولت لكرة يتقاذفونها في ما بينهم.تكلف طالب بعد الصفعات الموزعة مناصفة على الخدين، إلى أن استقر الرقم في 30، قبل العفو عنها بعد سقوطها أرضا في حالة شبه إغماء استفاقت منه بعد رشها بالماء وإجلاسها فوق كرسي، والتحلق حولها ضمن حلقية ذات شكل دائري بقطر يقارب 10 أمتار، ليشرعوا في الطواف بها بعد لف قماش بوجهها.انتهى مسلسل التعذيب بإبعادها عن الموقع، وتحذيرها من مغبة تكرار تخابرها، متوعدين بعقوبة أقسى قد تصل إلى بتر اليدين أو الرجلين، حسب ما أبلغها طالب ذكرته باسمه في تصريحاتها التمهيدية، "غادر الكلية وتركها وحيدة ملقاة على الأرض تواجه مصيرها" قبل أن تتصل بأختها التي عذبت بدورها. الاعتداءات طالت أخت شيماء ونادلا لم تنج أخت القاصر الحاضرة للكلية لنجدة أختها، من المسلسل نفسه من التعذيب، بعدما وجدت نفسها محاصرة من قبل 5 طلبة وطالبة، استقبلوها بباب الكلية، لا ترحيبا بل لجلدها بعد تهديدها بأسلحة بيضاء، ما أدى لإصابتها بأضرار بدنية نقلت إثرها إلى المستشفى بعد إصابتها بغيبوبة.عكس شقيقتها القاصر، اتهمت الأخت العاملة العازبة البالغة من العمر 20 سنة، معنفيها بباب كلية العلوم، بسرقة هاتفيها أحدهما اشترته ب1800 درهم، وسلسلتين من المعدن الأصفر اشترتهما بألفي درهم، ما فتح في شأنه تحقيق كما تعنيف أختها ونادل بالمقصف نفسه في حادث يعود إلى دجنبر الماضي.تقدم النادل الطالب بكلية الحقوق، بشكاية للدائرة السابعة للأمن، ضد طلبة "البرنامج المرحلي" عنفوه بالضرب أثناء محاكمته، مدعيا استعمالهم سكاكين في ذلك، بعد حضوره وزميله على متن شاحنة في 31 دجنبر، لتوزيع مشروبات وحلوى على مدعوي حفل مناقشة أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه.وزع الضحية الباقي من المشروبات على طلبة بمحيط قاعة المناظرات، قبل سبه من قبل طالب قاعدي وصفه ب"الدخيل على الكلية" و"أحكم قبضته عليه وجره بالقوة مستعملا عصا خشبية برأسها قطعة حديدية على شكل منجل ضربه بها في رجله اليسرى قبل المناداة على رفاقه" حسب ادعاء الضحية في شكايته.تحلق الطلبة حوله ولقنوه درسا في العنف لم يستوعبه في دروسه بمدرجات كلية الحقوق، بعد تعصيب عينيه وإجلاسه أرضا قبل محاكمته، على إيقاع مقترحات ببتر يديه أو رجليه أو صفعه، أو تكبيله وتركه يوما كاملا بدون أكل أو شرب، قبل أن يصدر حكم مخفف في حقه، بما قضى من تعنيف. بدء الاعتقالاتفتحت فرقة مكافحة العصابات بولاية أمن مكناس، تحقيقا في ما تعرضت له النادلة وأختها وزميلهما، واستمعت إليهم قبل تجميع معلومات دقيقة حول ظروف وحيثيات الاعتداءات، والتوصل إلى هويات بعض الضالعين في ذلك، سيما الذين تعرف الضحايا على صورهم بين تلك المعروضة عليهم لطلبة بالكلية.وقف صيد الموقوفين عند سبع طلبة بينهم ثلاث طالبات اثنان منهن أوقفتا في وقت لاحق لاعتقال المتهمين الخمسة المحالين على ابتدائية المدينة، وما زال ثامن وصف ب"العقل المدبر" للمحاكمة، في حالة فرار، كما زملاؤه ممن صدرت في حقهم مذكرات بحث على الصعيد الوطني، بموجب إذن قضائي.طالب جامعي سابق من تاونات، وزميله ابن منطقة الريصاني بالرشيدية، أول المعتقلين بعد يومين من حادث حلق رأس شيماء، قرب مقهى بشارع الزيتون، بعد مطاردتهما إثر محاولتهما الفرار بعد معاينتهما سيارة أمن، إذ حجزت لديهما سلاحين من نوع "زبارة"، قبل عرضهما على القاصر التي تعرفت عليهما. الحياد السلبي للإدارةكرر شاهد بالتفصيل رواية شيماء لحادث حلق شعرها وحاجبيها، مؤكدا أن كل الطلبة المعتقلين شاركوا في ذلك ووجود تعليمات إدارية بعدم التدخل في صراعات الطلبة تفاديا للدخول في مواجهات معهم، مؤكدا اعتياده مشاهدة هؤلاء الطلبة، يتجولون بمرافق الكلية وبحوزتهم أسلحة بيضاء مختلفة الأحجام. غالبية الشهود المستمع إليهم، مستخدمون بالمقصف وأعوان حراسة، أجمعوا على التفاصيل نفسها الواردة على لسان شيماء وأختها والنادل المعنف قبلهما، بل تتكرر أحيانا بالعبارات والتراتبية ذاتها ليس فقط في سرد الوقائع، بل في نسب العنف لفصيل "البرنامج المرحلي" واستقوائه بهذه الكلية منذ سنتين. اعتقال ومتابعةتابع وكيل الملك الطلبة الخمسة أحدهم مجاز واثنان يتابعان دراستهما بكلية العلوم وآخران بكلية الآداب، والمتراوحة أعمارهم بين 25 و29 سنة، في حالة اعتقال بداعي عدم توفرهم على ضمانات الحضور، كما زميلتيهما المحالتين عليه الثلاثاء والمودعتان بسجن تولال 3 في انتظار جولة جديدة من محاكمتهم.ووجهت للطالب المجاز من كلية العلوم بمكناس، ابن تاونات، تهم "الاحتجاز وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم وممارسة العنف ضدهم وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة والضرب والجرح بالسلاح والإيذاء العمدي وحيازة السلاح في ظروف من شأنها تهديد سلامة الأشخاص والأموال والتهديد". ويواجه طالبان آخران، التهم نفسها، عكس ابنة كرسيف البالغة من العمر 25 سنة، التي تواجه التهم نفسها دون "حيازة السلاح"، وزميلها ابن أرفود المحال على العدالة في ملف سابق، المتابع لأجل "الضرب والجرح بالسلاح والإيذاء العمدي والاحتجاز والتهديد"، كما زميلتيه المحالتين لاحقا على العدالة بالتهم نفسها. وتميزت أولى جلسات المحاكمة الاثنين الماضي، بتقدم الدفاع بطلب إخضاع الطلبة الخمسة للخبرة الطبية للتأكد من تعرضهم للتعنيف أثناء إيقافهم، متهما شرطيا بإدخال عصا بمؤخرة أحدهم، مشيرا إلى أن الاعترافات الواردة على لسانهم بالمحاضر، انتزعت منهم تحت طائلة التعذيب الجسدي والنفسي. ضحية الصراع انطلقت شرارة غضب الطلبة القاعديين من شيماء، بشيوع خبر ضبطها قبل 20 يوما من الحادث، من قبل مسؤول في الفصيل، بصدد تصوير بعض الطلبة أثناء ترددهم على المقصف أو التئامهم في حلقات النقاش الطلابي، متهمينها بتسليم التسجيلات إلى طالب منتم لفصيل الطلبة الأمازيغيين بالكلية نفسها. هذه الرواية تناقلها مسؤولو الفصيل في ما بينهم، كما اتهامها بالتوسط لطالبات في التعاطي للدعارة والاعتداء على طالب بالضرب والسب والشتم. وذاك إقرار نقل على لسان الطلبة المعتقلين في محاضر الاستماع إليهم التي فصلت في تفاصيل محاكمتها بدءا من الثالثة عصر الثلاثاء 17 ماي الجاري. وأنكر ابن تاونات الذي لم ينكر تمهيديا تعاطفه مع طلبة التيار القاعدي بهذه الكلية، حضوره محاكمتها أو علمه بهوية حالق رأسها، مؤكدا مغادرته الكلية بعد الشروع في المحاكمة، مؤكدا أن زملاءه المعتقلين لم يكونوا حاضرين، نافيا تعذيب النادل الذي علم من زملائه أنه يتحرش بالطالبات. وجاءت محاضر الاستماع إلى باقي المتهمين متشابهة من حيث الاعتراف بوقائع معينة مرتبطة بمحاكمة شيماء التي حظيت قضيتها باهتمام فعاليات مدنية وسياسية ونقابية، سارعت إلى إصدار بيانات تضامنية معها دعت فيها إلى اجتثاث كل أشكال العنف من داخل الجامعات. محاكمات داعشية استمعت الشرطة القضائية إلى عدة شهود تطابقت شهاداتهم المثبتة لواقعة حلق رأس وحاجبي شيماء، بمن فيهم أعوان حراسة خاصة، غالبيتهم تحدثوا عن استقواء الطلبة القاعديين بشكل كبير في السنتين الأخيرتين، وفرضهم قراراتهم ومواقفهم "تحت التهديد في بعض الأحيان، وبالعنف في أخرى".وسرد أحدهم سوابق في إجبار مسير شركة خاصة من الرباط فازت بصفقة تدبير مقصف كلية العلوم، على إلغاء العقد المبرم مع الإدارة بعد 3 أيام فقط من الشروع في تنفيذه، بعد احتجاجهم الصاخب ضد ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة للطلبة، بعد تعاقد جمعية الأساتذة مع شخص آخر ابن عون خدمة بالكلية.الحقيقة أكدها هذا الشخص الذي لم يسلم من الاتهام بالتخابر مع الشرطة، قبل محاولتهم محاكمته بعد تشابكه مع طالب، وفراره ومقاطعته الكلية منذ دجنبر خوفا بعد تهديده ببتر يده، كما كشف عن ذلك في شهادته التي ختمها برغبته في متابعة هؤلاء الطلبة ممن قال إنهم أثروا سلبا على مواده.الشهادة زكاها عون حراسة، مؤكدا معاينته محاكمة مستخدم بشركة لتموين الحفلات أواخر دجنبر، بداعي امتناعه عن تسليم طلبة قاعديين، مشروبات بالمجان، ساردا الوقائع ذاتها الواردة في شكاية الضحية المعصبة عيناه ب"باندة"، مؤكدا أن محاكمات تمت لأسباب تافهة وخلافات بسيطة.

تعذيب شيماء… ساعتان في الجحيم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رينار: سأواجه الكونغو بتشكيلة مغايرة

أمريكا وسياسة التوازن بين الرباط والجزائر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات