أمريكا وسياسة التوازن بين الرباط والجزائر

خبراء يستبعدون تخلي واشنطن عن الرباط والرئيس المقبل سيحدد مستقبل ملف الصحراء يرى العديد من الخبراء والمختصين في الدراسات الإستراتيجية أن الرئيس الأمريكي المقبل سيحدد إلى حد ما مستقبل ملف الصحراء المغربية، باعتبار الولايات المتحدة قوة عظمى ترخي بظلالها على توجهات المجتمع الدولي.يستند المحللون للسياسة الخارجية الأمريكية في هذه التوقعات إلى سباق الانتخابات الرئاسية بين هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، والتوجهات المعلنة من قبل الحزبين بخصوص ملفات المغرب العربي والشرق الأوسط. بالعودة إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهد الرئيس أوباما، يلاحظ الخبراء والمختصون في الدراسات الإستراتيجية أنها تمثل اليوم نموذجا للتيار المسمى تيار "الانكماش" القائم على عدم توريط واشنطن في نزاعات وتدخلات قد تكون مكلفة ماليا وسياسيا وعسكريا.وفي هذا الصدد، يمكن قراءة سياسة واشنطن في منطقة المغرب العربي، وحرصها على ضمان نوع من التوازن بين المغرب والجزائر حفاظا على مصالحها الإستراتيجية في المنطقة، وبالتالي الحفاظ على "الوضع القائم"، ومراقبته، ولعب دور الحكم الحريص على ألا يتغير التوازن الذي تفترضه السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة.ومن هذا المنظور، يمكن قراءة مختلف المواقف الأمريكية من ملف الصحراء المغربية، ونوعية العلاقات التي ظلت الإدارة الأمريكية تربطها مع البلدين المغاربيين الجارين، حفاظا على توازن مصالحها النفطية والعسكرية في الجزائر، ومصالحها السياسية والإستراتيجية مع المغرب، الذي تربطه علاقات قوية بالاتحاد الأوربي والقارة الإفريقية.إن أوباما، بهذه السياسة يحافظ على مصالح أمريكا في الجزائر ومن خلالها في عدد من البلدان الإفريقية التي تدور في فلكها، خاصة الأنكلوفونية، من جهة، وعلى مصالحها مع المغرب، من خلال تمكينه من الأسلحة الدفاعية التي يرغب فيها، والرهان على دوره الأمني في المنطقة وفي إفريقيا.ورغم ما يمكن أن يسجله المتتبعون للسياسة الأمريكية من مواقف أمريكية من قضايا المغرب المصيرية، في إشارة إلى موقفها في مجلس الأمن والأمم المتحدة حول الصحراء، فإن واشنطن لن تتخلى عن المغرب الذي يظل حليفها التقليدي، وهو موقف يترجم سياسة تيار "الانكماش" الذي يمثله الرئيس أوباما، والذي لا يرغب في توريط الولايات المتحدة في إشكالات تؤدي إلى التزمات عسكرية تؤدي الولايات المتحدة ثمنها.وبخلاف رهانات البعض على إنهاء نزاع الصحراء في السنوات المقبلة، وتعليق الآمال على فوز هيلاري كلينتون برئاسة الولايات المتحدة، لكسب الجولات المقبلة، يرى خبراء آخرون أن سياسة الحزب الديمقراطي تقوم على الثوابت التقليدية مع المغرب، وقد لا تساهم في أي تغيير في الموقف، وستكرس الوضع القائم، في انتظار تغير المعطيات الخاصة بأطراف النزاع.ولا يستبعد محللون، في حال فوز مرشح الحزب الجمهوري بالرئاسيات، أن يعرف ملف الصراع تزحزحا، لسبب بسيط هو أن السياسية الخارجية الأمريكية ستعرف تغييرا ملحوظا، لأن ترامب ينتمي إلى جيل مختلف من صناع القرار في الولايات المتحدة، يختار الحسم في القضايا، وقد يساعد فوزه في تقديم حلول جذرية، بالنظر إلى "الواقعية السياسية" التي تميز نهجه ونجاحاته في المجالات الاقتصادية. وبالعودة إلى المسار التاريخي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، يلاحظ الباحثون أنها ظلت تتأرجح بين تيارين أساسيين، الأول يقوم على التدخل المباشر في قضايا العالم، وهو التيار الذي قاد الحروب في فيتنام والصراع بين الكوريتين، والانقلابات المتعددة في بلدان أمريكا اللاتينية.أما التيار الثاني، فهو الذي يسميه الخبراء بتيار "الانكماش"، والذي يمثله اليوم الرئيس باراك أوباما، الذي يرفض أن تكون الولايات المتحدة طرفا في أي صراع في الوقت الذي لا يكون هناك حماس لدى باقي الأطراف، وهي سياسة تسعى من خلالها أمريكا إلى عدم التورط سياسيا وعسكريا وماليا في الخارج.ويرى أصحاب هذا الرأي في قراءة السياسة الخارجية الأمريكية أن حضور أمريكا في القارة الإفريقية شبه منعدم، حيث تركت المجال الإفريقي مفتوحا أمام فرنسا التي تجد نفسها متورطة في نزاعات معقدة في مالي وإفريقيا الوسطى، بل حتى التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء.ويستند واضعو السياسة الخارجية الأمريكية في هذا التوجه "الانكماشي"، على اعتبار أن أمريكا في ظل قيادة أوباما لا تريد أن تتحمل مصاريف خيالية، بسبب أي تدخل، في الوقت الذي تقطف بلدان أخرى، مثل الصين ثمار النمو من خلال سياسة عدم التدخل السياسي أو العسكري، ونهج خيارات أخرى من قبيل إحداث صناديق سيادية لتمويل مشاريع إستراتيجية من قبيل "طريق الحرير" الذي سيشمل 74 دولة، والتي تهم تمويل البنيات التحتية من طرق وسكك حديدية ومطارات، ستنال الشركات الصينية صفقاتها في تلك البلدان وضمنها القارة الإفريقية. التقارب مع إيران لحفظ التوازن في الشرق الأوسط ضمن هذه الرؤية للسياسة الخارجية يمكن قراءة الموقف الأمريكي من التقارب مع إيران ورفع الحصار عليها، لما تمثله اليوم من سوق واعد، يمكن أن تستفيد منه الشركات الأمريكية، من قبيل سوق السياحة الذي يحتاج إلى 30 مليار دولار، وتطوير بنيات الإنتاج النفطي التي تحتاج هي أيضا إلى 50 مليار دولار، وهي بذلك سوق واعدة أمام الشركات الأمريكية.كما تقوم سياسة أوباما في التقارب مع إيران على ضرورة ضمان التوازن الإستراتيجي في المنطقة مع تركيا التي تطمح إلى التحول إلى قوة إقليمية مهيمنة في الشرق الأوسط، وهو التوازن الذي تسعى واشنطن في سياستها الخارجية نهجه في العديد من المناطق وضمنها منطقة المغرب العربي.وتحاول أمريكا وفق هذه السياسة لعب دور الحكم الذي يراقب عن كثب التوازنات المطلوبة، بين أكثر من قطب، من قبيل مراقبة القطب السني الذي تقوده السعودية وتركيا في مواجهة القطب الشيعي بقيادة إيران، والتي لها حضور في المنطقة من خلال حزب الله في لبنان وسوريا واليمن، وهو الدور الذي يقدم أيضا حماية لإسرائيل. برحو بوزياني

أمريكا وسياسة التوازن بين الرباط والجزائر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تعذيب شيماء... ساعتان في الجحيم

الناصري:انزعاج من قوة المغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات