العيايدة..المطاردات اليومية للمجرمين

سقوط "الشاقور" الذي اعترض سبيل 18 امرأة وحاول اغتصاب ثلاث منهن إنجاز: عبدالحليم لعريبي الأحياء التابعة لمقاطعة العيايدة شمال سلا، باتت من النقط السوداء التي تؤرق القائمين على الشأن الأمني بالمدينة. أحياء بنيت بطرق عشوائية فأنتجت مجرمين ذاع صيتهم محليا وجهويا، وباتوا يشكلون رعبا حقيقيا للسكان. ورغم الحملات الأمنية، مازالت مفوضية المقاطعة في حاجة إلى موارد بشرية مؤهلة لإرجاع ثقة المواطن في دور الأمن. «ولد بوجمعة، كليس، ساكو، حموصة، ولد قصو، ولد كورية لزعر، السيكة، طمينة، كمارا، عوشر، بوماضة، ولد غنو، اليالطي، شول وحليوة...»، ألقاب زعماء عصابات ولصوص وتجار مخدرات، سقطوا في يد عناصر مفوضية أمن العيايدة، منذ شهرين، بعدما أثاروا رعبا بالأحياء التابعة للمقاطعة، وأحيلوا على النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط، أو المحكمة الابتدائية بسلا، بعد مواجهات عنيفة مع عناصر مصالح الدوائر والفرقة المحلية للشرطة القضائية والدراجين.لا حديث لسكان بمقاطعة العيايدة بسلا، منذ نهاية الأسبوع الماضي، سوى عن المتهم الملقب ب «الشاقور» الذي سقط في شرك عناصر الفرقة المحلية للشرطة القضائية، بعدما روع النساء بأحياء أرض بنعاشر والضاية ودوار الدوم الذي تحول إلى حي قرية با محمد، وأحياء هامشية أخرى.«الشاقور» ليس لقب الموقوف بل هو اسمه العائلي أحدث رعبا وسط نساء الأحياء التابعة للمقاطعة، وتقاطرت شكايات متطابقة ضده على المصالح الأمنية، التي تعبأت للإيقاع به، وفجأة تلقت الضابطة القضائية إخبارية تفيد بأن المشتبه فيه يتحرك بحرية وسط المنطقة، فداهمته وأحكمت قبضتها عليه، بعدما ساعد أحد المخبرين في الاهتداء إليه. 18امرأة تعرضن للاعتداء والسرقة اختلفت جرائم «الشاقور» عن باقي الجرائم التي اهتزت لها المقاطعة على يد «الجناة» سالفي الذكر. جرائم الموقوف الجديد تركت هلعا وسط نساء المنطقة، وحينما كانت الضابطة القضائية تجري أبحاثها معه، حضرت 18 امرأة إلى مقر الضابطة القضائية أكدن أن «الشاقور» اعترض سبيلهن في الساعات الأولى من الصباح الباكر أثناء توجههن إلى العمل أو لممارستهن الرياضة، وسلبهن مبالغ مالية ومجوهرات وهواتف محمولة...، لكن نساء أخريات لم يتعرفن عليه، فيما رفضت ضحايا الحضور إلى مقر الضابطة القضائية خوفا من انتشار الفضائح وسط عائلاتهن.لكن الفضيحة التي تفجرت أمام المحققــين أن ثــــلاث نســاء ذكرن «الشاقور» حاول اختطافهن واغتصابهن تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض، كما أقرت ثلاث مشتكيات أخريات تعرضهن للضرب والجرح باستعمال السلاح الأبيض، وأدلين بشهادات طبية تثبت عجزهن البدني، فتميزت جرائم الموقوف عن باقي الجرائم المرتكبة من قبل عتاة المجرمين الذين أوقفوا خلال الشهرين الماضيين. اعترافات مثيرة ل"الشاقور" حينما استعاد الموقوف وعيه نتيجة تناوله مواد مخدرة أمام ضباط الشرطة القضائية بمفوضية أمن العيايدة، شرع في الاعتراف بتلقائية أمامهم في التهم المنسوبة إليه في تعدد السرقات بالعنف والضرب والجرح ومحاولات الاغتصاب.وعبر الموقوف عن ندمه أمام المحققين والضحايا وأفادهم أن المواد المخدرة لعبت به، وكان مختصا في النساء، إذ لم تسجل أي شكاية ضده من الرجال. وحينما طرح عليه ضباط الشرطة القضائية أسئلة حول اقتصاره على النساء فقط، أجابهم أن الرجال ينامون في الصباح والنساء من السهل السيطرة عليهن. الزوجة شاهدة على زوجها حينما استدعت الضابطة القضائية زوجة «الشاقور» الحامل، اعترفت أمام المحققين أنها كانت على علم بجرائم زوجها في اعتراض سبيل المارة والاعتداء على النساء وخروجه في وقت مبكر، وأذرفت الدموع وهي تحكي هاجس الخوف الذي تعيشه جراء تهديدها من قبل شريك حياتها.وانتهت الضابطة القضائية من التحقيقات مع الجاني الذي مددت له النيابة العامة مدة الحراسة النظرية، قصد الاستماع إلى جميع الضحايا والتحقق من الشكايات الواردة على المصالح الأمنية، فيما رفضت نساء الحضور إلى مقر التحقيق، تلبية لأوامر أزواجهن أو عائلاتهن أو تفضليهن السكوت خوفا من انتشار أخبارهن بأحياء المقاطعة، وهم ما رفع عدد الضحايا إلى أكثر من 18 امرأة. ملاحقات المجرمين يوميا أحياء العيايدة بنيت أغلبها بطرق عشوائية، وكانت ملاذا للنازحين من القرى المجاورة لسلا حتى من المدن البعيدة كتاونات ووزان وقبائل زعير بالرماني والسماعلة وبني خيران بوادي زم...، نازحون جعلوا من الأراضي الخصبة في سنوات التسعينات موطئ قدم للاستقرار فيها بحثا عن لقمة العيش.ويحكي مصدر أمني متقاعد سبق أن اشتغل بمفوضية العيايدة أثناء تولي العميد الممتاز العربي الحرشي لرئاسة المفوضية، أن أحياء العيايدة من المناطق التي تنتج الإجرام باستمرار، وتصدره إلى باقي أحياء سلا والرباط وجماعة سيدي الطيبي التابعة إداريا لنفوذ إقليم القنيطرة، وجماعة سيدي علال البحراوي التابعة لإقليم الخميسات.ويتذكر المصدر الأمني أنه يستحيل ألا تسجل اعتقالات يومية في حق المبحوث عنهم أو اللصوص الذين يسقطون في حالة تلبس بتنفيذ السرقات أو مروجي المخدرات، الذين تضبط بحوزتهم مختلف أنواع الممنوعات من الأقراص المهلوسة والشيرا والكيف وطابا وكوكايين والمعجون وباقي المواد المخدرة الأخرى.ويعتبر المتحدث نفسه أن أحياء العيايدة كانت ضحية تهميش وفقر وهشاشة اجتماعية، نتيجة معاناة هذه الأحياء من مختلف التجهيزات من إنارة وماء صالح للشرب ومؤسسات التكوين والتأهيل...، ما أنتج شبابا «فارغا» يريد تصريف مكبوتاته على حساب الآخرين عن طريق ارتكاب جرائم. ارتفاع الاعتقالات والجرائم ما يثير الحيرة أثناء الاطلاع على الإحصائيات الرسمية التي يتم تلاوتها في الكثير من المناسبات أو من خلال البلاغات التي تصدرها المديرية العامة للأمن الوطني بين الفينة والأخرى كلما اهتزت المدينة على وقع جرائم نوعية، توضح الأرقام أن هناك ارتفاعا في عدد الموقوفين في القضايا المرتبطة بالحق العام على صعيد المنطقة الأمنية الإقليمية بسلا، والتي تضم كذلك مفوضيتين للأمن بسلا الجديدة ومنطقة العيايدة.لكن ارتفاع هذه الاعتقالات يوازيها ارتفاع في عدد الشكايات التي تسجل يوميا سواء أمام النيابة العامة أو مصالح الدوائر الأمنية، ويرجع رجل الأمن المتقاعد ذلك إلى ارتفاع سكان سلا بصفة عامة الذين فاق عددهم المليون ونصف المليون نسمة، وباتت المدينة ملاذ المئات من الأسر الباحثة عن الشغل أو الدراسة لفائدة أبنائها، وشدد المصدر الأمني، أنه للحد من ارتفاع منسوب الجرائم سواء بالأحياء التابعة لمفضوية أمن العيايدة أو سلا الجديدة وباقي المصالح التابعة للأمن الإقليمي، يجب أن توازيه تنمية مستدامة من خلال تأهيل حقيقي للأحياء الهامشية وتكوين أبنائها قصد إدماجهم في سوق الشغل، مضيفا أنه لا محاربة للجريمة بدون تنمية وتوفير أدنى مقومات الحياة الكريمة، كما ألح من خلال تجربته السابقة في الميدان أن مفوضية العيايدة في حاجة إلى موارد بشرية جديدة وشابة للتغلب نسبيا على الانحراف.

العيايدة..المطاردات اليومية للمجرمين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لهاتك عرض قاصر بمكناس

تقرير: سجون الجهة الشرقية لا إنسانية

مقالات ذات صلة