القمة المغربية الخليجية … المآل المشترك

وحدة الصف في مواجهة المخططات السرية للقوى الكبرى على حساب الشعوب رسمت القمة المغربية الخليجية المنعقدة، بحر الأسبوع الجاري بالرياض، معالم تكتل من مواجهة جماعية للمخاطر والتهديدات، التي تنتصب أمام الدول العربية تحقيقا لنزوات دولية تريد حماية مصالح القوى الكبرى على حساب شعوب المنطقة، على اعتبار أن علاقات المغرب مع دول مجلس التعاون، ارتكزت على وشائج القرب والمصير المشترك ووحدة الهدف وتوطيد الروابط والعلاقات الوثيقة القائمة في شتى المجالات، وخدمة المصالح والأهداف المشتركة والتضامن.وفرضت التغيرات الدولية والإقليمية، والتحولات المتسارعة في المنطقة العربية، تنسيق الجهود بمزيد من التشاور بين المملكة ودول المجلس، إدراكا من الطرفين أن التعاون الكامل من شأنه خدمة شعوبها و تحقيق أهداف العمل العربي المشترك وقضايا الأمة العربية والإسلامية، إذ ذهب صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية، إلى حد اعتبار الموعد الخليجي المغربي "رسالة قوية إلى من يعتقد أن بإمكانه أن يمس ثوابت هذه الدول، ويزرع التفرقة بينها، ويمس وحدتها"، كاشفا أن قادة القمة "أكدوا رؤيتهم وبعد نظرهم، ويبحثون الوضع في إطار رؤية إستراتيجية مشرفة، تنطلق من شراكة مؤسساتية مؤطرة".وقال مزوار خلال ندوة صحافية جمعته بنظيره السعودي بقصر الدرعية بالرياض، بعيد القمة "سنكون حجر عثرة في طريق كل من يحاول المساس بوحدتنا واستقرارنا وثوابتنا"، مشددا على أن العالم العربي يبقى في حاجة إلى نماذج ناجحة، على غرار النموذج الخليجي، معتبرا أن الصورة التي تقدم للعالم حول العالم العربي "بائسة"، يطبعها "الإرهاب وكل ما يتم استغلاله باسم الإرهاب وباسم الدين"، حسب تعبيره.وينطلق المغرب من حقيقة مفادها أن المخاطر المحدقة بالمنطقة تتعاظم اليوم بفعل تنامي تهديدات ناجمة عن بروز قوى غير عربية، أصبحت تفرض الحاجة الماسة إلى تعزيز سبل العمل المشترك، بحكم أن العلاقات المغربية الخليجية لا تتحكم فيها الظرفية السياسية، ولا تتأسس على حسابات ظرفية لأنها تاريخية تتوق إلى استكشاف آفاق جديدة. ووضع المغرب في الاعتبار أن الدول المذكورة لطالما عبرت عن دعمها وتأييدها وتضامنها معه، في الدفاع عن مصالحه ونصرة قضاياه، كما وقفت دوما إلى جانبه، وكانت مواقفها ووجهات نظرها تتسم بالتطابق، ما مكن دول الخليج والمغرب والأردن من الحفاظ على استقرارها، بفضل تجاوبها مع انتظارات شعوبها، والإصلاحات السياسية والديمقراطية التي عرفتها، في أفق إحداث منظومة للعمل العربي المشترك وتكتل اقتصادي إقليمي وازن.وينتظر أن تفتتح القمة آفاقا جديدة في مسار العمل المشترك، وتساهم في ترسيخ أسس التعاون المشترك للرقي بالعلاقات الإستراتيجية، التي تجمع دول هذه المنظومة نحو الأفضل، خدمة للأهداف والمصالح الحيوية المشتركة، وتكريس التضامن القائم بينها، مع مأسسة العلاقات والخروج بمواقف موحدة تضمن إرساء قدرة تفاوضية إزاء مكونات المنتظم الدولي، وكذا بناء نظام عالمي جديد أكثر توازنا وتضامنا وعدلا، لا تكون فيه الغلبة للقوي على الضعيف، ولا تهضم فيه مصالح الأمة الإسلامية العربية لصالح مصالح الدول النافذة. ياسين قُطيب السيادة غير القابلة للجدل قرر قادة دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب تفعيل موقف الدفاع المشترك عن أمن واستقرار بلدانهم، في مواجهة المخططات التي باتت تهدد وحدة أراضيهم وسيادتها.وشكلت القمة، التي انعقدت الأربعاء الماضي بالرياض، بإجماع المتتبعين، تعبيرا عن رد فعل جماعي بشأن الحاجة الملحة لإقامة تكتل قوي ودائم، للدفاع عن المصالح المشتركة، والسيادة غير القابلة للجدل لكل دولة، مع السير معا على طريق تحقيق ازدهار الشعوب تماشيا مع خصوصياتها ووجهات نظرها الخاصة للعالم. وأجمع خبراء في مراكز دراسات إستراتيجية ومحللون مختصون في شؤون العالم العربي والإسلامي، على اعتبار الخطاب الملكي من الخطب النادرة التي يتحدث فيها قائد دولة بهذه الوضوح والقوة في تحليل الأوضاع بالمنطقة العربية. ووصف أنتونيو س. دي دوران، الخبير الدولي في شؤون العالم العربي والاسلامي، خطاب الملك في القمة بـ"الجريء وغير المسبوق، لأنه أثار مواضيع من النادر أن يتصدى لها الزعماء العرب بمثل هذه الصراحة والدقة".وأوضح دي دوران، العضو الباحث في المركز المستقل للدراسات الإستراتيجية ببرشلونة، أن تطرق الملك للمخططات المشبوهة التي تهدد أمن وسلامة المغرب وبلدان الخليج تبرز الرؤية الإستراتيجية للمغرب وتموقعه في الساحة الإقليمية والدولية، كدولة صاعدة يتعين أن يحسب لها ألف حساب.ونوه الخبير بـ "الشجاعة النادرة التي يتحلى بها جلالة الملك محمد السادس، وهو يدافع عن قضية الوحدة الترابية لبلاده "، مشيرا إلى أنه كشف لأول مرة عن خبايا مسلسل اتخاذ القرارات على مستوى الأمانة العامة للأمم المتحدة، وهي الأمور التي لا يتطرق لها عادة رؤساء الدول إلا بالتلميح. وجدد الخطاب الملكي التأكيد على وحدة المصير بين المغرب وبلدان الخليج، معتبرا أن "أمن واستقرار دول الخليج العربي من أمن المغرب، وما يضركم يضرنا وما يمسنا يمسكم"، وهو موقف ينسجم ويتفاعل مع مواقف دول الخليج المؤيدة للحكم الذاتي، ووقوفهم ضد أي مس بوحدته الترابية.وجدد البيان المشترك الصادر عن القمة الموقف الداعم لمغربية الصحراء، ومساندتها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، كأساس لأي حل لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، ورفضها لأي مس بالمصالح العليا للمغرب، إزاء المؤشرات الخطيرة التي شهدها الملف في الأسابيع الأخيرة.برحو بوزياني

القمة المغربية الخليجية … المآل المشترك

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الملك: الوضع خطير

الصحراء ... وقف إطلاق النار على المحك

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات