الصحراء … وقف إطلاق النار على المحك

بدأ العد العكسي لإنهاء زمن "مينورسو" التي كرست اللا سلم واللا حرب تمكن المغرب على مدى أربع عشرة سنة مضت، من أن يتصدى للكثير من المناورات التي تحاك ضد وحدته الترابية، وأن يحقق بعض الانتصارات في النزاع المفتعل حول صحرائه، وذلك في مواجهة جيو إستراتيجية مع جارته الشرقية، التي لم تعد لها القدرة، مع قرب نهاية عبد العزيز بوتفليقة وتفاقم أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، على تحمل أعباء الصحراويين المحتجزين فوق ترابها، فقررت أن تدفعهم نحو الشريط العازل وتشعل فتيل الحرب بعيدا عن أراضيها و هو ما انتبه إليه المغرب منذ مدة وتأكدت مخاوفه مع انخراط أمين عام الأمم المتحدة في المخطط الجزائري. بان كي مون يعيد الملف إلى ما قبل المفاوضات استعمل عبارات ترجع إلى سبعينات القرن الماضي ورهن الحل باستفتاء تقرير المصير حاول بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، خلال تقديمه التقرير السنوي حول الصحراء، الذي حمل رقم /2016/355 الادعاء أنه غير متحيز لحرب الجزائر الاستنزافية تجاه المغرب في ملف الصحراء، بالتأكيد أن زيارته لتندوف بالجزائر قوبلت من قبل المغرب بالاحتجاج الشعبي والرسمي، لأنه صرح بمواقف معادية لوحدة تراب المغرب، مشددا على أن الحل السياسي يجب أن يضمن اتفاق الطرفين على وضعية الصحراء، لكنه استعمل عبارات تعود لعقود من الزمن، وترتبط بمقترح ماضوي يسمى استفتاء تقرير المصير بناء على تحديد هوية المصوتين، علما أنه هذا الحل فشل فشلا ذريعا في إحصاء سكان مخيمات لحمادة، لتدقيق مصدر جنسيتهم، إذ نزحوا إلى المنطقة بإغراء أموال جزائرية متأتية من عائدات النفط والغاز الطبيعي المقدرة سنويا ب40 مليار دولار، وهم سكان من جنسيات موريتانية وتشادية و نيجيرية وجزائرية ومن قبائل الطوارق ومن المغرب. وعبر كي مون عن قلقه من المحيط الذي تشتغل فيه بعثة المينورسو العسكرية، لأن عملها غير مكتمل في ظل غياب البعثة السياسية التي رحلها المغرب والمشكلة من 84 شخصا، وهي البعثة الاستخباراتية التي كانت تصيغ تقاريرها من محبرة الاستخبارات العسكرية الجزائرية ذات النفوذ المالي بالمنطقة، والتي تتجاوز ما يصرفه المغرب على هؤلاء من إيواء بالفنادق واستعمال البنزين والسيارات والتغذية، والتي تقدر بنحو ثلاثة ملايين دولار سنويا.وادعى كي مون أن سحب المملكة المغربية مساهمتها المالية، أدى إلى تقليص إمكانيات البعثة، واقترح الرفع من عدد عناصرها ب14 شخصا من الأطباء العسكريين، في انتظار تقييم معمق لإمكانياتها،علما انه لم يؤكد أن بعثة المينورسو المدنية، تلاعبت بفواتير كثيرة، وحولت عملها الإداري إلى تجاري محض، ساعدت به أسرها لدرجة أنه ظهر بينهم أغنياء كثيرون.ارتكب كي مون خطأ قاتلا حينما التمس تمديد بعثة المينورسو إلى غاية 30 ابريل 2017، بالارتكاز على إسناد مرجعي لاختصاص بعثة هذا المكون الأممي من خلال إشارته إلى تقرير 1050 الصادر في 1996، في حين أن هذا الأخير لا صلة له بقضية الصحراء، وإنما يتعلق بدراسة لمجلس الأمن بخصوص الوضع المأساوي الذي كانت عليه دولة رواندا. وخلال زيارته إلى مخيمات تندوف، يؤكد كي مون، أنه وقف على الوضع الصعب الذي يعيشه سكان المخيمات، دون أن يسائل الجزائر التي تحضنهم فوق ترابها، عما فعلته وتفعله، علما أن العالم بأسره يعرف أنها تتاجر بهم لكسب عطف المساندين للحالات الإنسانية التي توجد في حالات صعبة.ورغم أن رجب طيب أردوكان، رئيس تركيا، رفض أن يعقد فوق أرضه أي مؤتمر دولي لجمع الأموال لسكان تندوف، لأنه ضد الحركات الانفصالية التي تعاني منها بلاده على مستوى الحزب العمالي الكردستاني، فإن كي مون أصر على حماقته برفع المساعدات لسكان تندوف من خلال عقد مؤتمر للمانحين.المثير في تقرير كي مون أنه قدم صورة مغايرة للواقع في ما يتعلق بالأوضاع في مخيمات تندوف، إذ اعتبر أن السكان يعيشون في حالة من السلم والهدوء، وأن هناك حياة اجتماعية عادية، متجاهلا أنه زار فقط بعض الخيام التي وضعتها المخابرات العسكرية الجزائرية رهن إشارته عبر عملائها الموزعين في المخيمات، التي تشهد حالة من الغليان، وصد كل من يريد مغادرة تلك المخيمات بالتنقل والعودة إلى بلدانهم الإفريقية الأصلية، تحت طائلة الاعتقال القسري، والاحتجاز في معتقلات سرية، والتعذيب.وبالمقابل أقر الأمين العام أن المعيشة في المخيمات قد تراجع مستواها بسبب تراجع المساعدات الإنسانية، في حين تغاضى عن الإشارة إلى تورط قيادة بوليساريو في التلاعب بالمساعدات الإنسانية، حسب ما كشف عنه الاتحاد الأوربي، كما أنه لم يتحدث عن الوضع المزري الذي يعيشه ساكنة المخيمات بعد الفيضانات التي عرفتها المنطقة، ما دفع منظمة اليونيسيف إلى إطلاق نداء استغاثة لمساعدتهم.ولم يتغير خطاب كي مون في تجنب الإشارة إلى حل النزاع المفتعل حول الصحراء، يمكن أن يكون في مقترح الحكم الذاتي، على اعتبار أنه يشكل التخريجة الوحيدة التي تجمع بين كافة المقترحات التي وضعت منذ 1975، ويرجع ذلك إلى أن بان كي مون ومعه مبعوثه الشخصي كريستوفر روس، وخبراؤهم، لم يستوعبوا جيدا أن الحكم الذاتي هو منح صلاحيات واسعة لسكان الصحراء لتدبير شؤونهم بأنفسهم في ظل سيادة المغرب على كافة أراضيه، كما فعلت فرنسا مع كورسيكا، وفعلت بريطانيا مع إيرلاندا، وحتى اسبانيا مع الباسك، وغيرها من دول العالم بما فيها أمريكا مع صحراء نيفادا وجزيرة غرينادا. لذلك نسخ كي مون تقريره السابق، واعتبر أن التقدم في المفاوضات حول نزاع الصحراء يمكن أن يتحقق في حال قررت الأطراف تغيير مواقفها، مؤكدا أن المغرب يعتبر أن الصحراء جزء من ترابه وبأن الحكم الذاتي هو المقترح الوحيد الذي يمكن التفاوض على أساسه، بينما تصر جماعة بوليساريو بقيادة الجزائر على تنظيم استفتاء بناء على خيار هوية المصوتين، يضم إمكانية فصل الأقاليم الجنوبية الصحراوية عن التراب المغربي، مؤكدا أن التفاوض يجب ألا يشمل الجزائر، وهو يعرف جيدا أنه تلقى منها أموالا لضمان تقاعده المريح عند ولايته نهاية العام الجاري، علما أن الحكم الذاتي لا هو بضم الأقاليم ولا فصلها، وهو حل وسط ذكي يجمع بين كافة المقترحات. سقوط ورقة حقوق الإنسان السيادة خط أحمر توقع الملك محمد السادس، منذ سنة الأخطاء التي سيقع فيها الأمين العام لهيأة الأمم المتحدة، في كيفية التعامل مع القضايا العادلة، وذلك في خطاب تلاه نيابة عنه شقيقه الأمير مولاي رشيد، في 30 شتنبر 2015 بهيأة الأمم المتحدة بنيويورك، سجل أن العديد من القوى الدولية تدرك، تماما، أن التصورات البعيدة عن الواقع، التي تم إعدادها داخل المكاتب، والمقترحات المغلوطة، لا يمكن إلا أن تشكل خطرا على الأوضاع في المنطقة.وأعرب الملك عن أمله في أن تواصل هيأة الأمم المتحدة جهودها من أجل حل الخلافات بالطرق السلمية، والتزامها باحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، لتحقيق تطلعات شعوب العالم إلى السلم والأمن والاستقرار، مشيرا إلى أن المنظمة الدولية، التي تحتفل بذكراها السبعين، قد بلغت سن النضج والحكمة والمسؤولية "وهي المبادئ والقيم نفسها التي يجب أن تحكم عمل المجموعة الدولية في حل الخلافات الإقليمية"، كما أن عملها لا ينبغي أن يكون سببا في زعزعة استقرار الدول التي تساهم في العمل والتعاون متعدد الأطراف.لذا، فإن المغرب سيرفض أي مغامرة غير مسؤولة بخصوص الخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية. ياسين قُطيب

الصحراء … وقف إطلاق النار على المحك

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

القمة المغربية الخليجية ... المآل المشترك

أطباء الكرة يناقشون القانون الأساسي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات