انتهى زمن الخوف من “بيجيدي”

نبيل بنعبد الله شدد على أن المشاركة في حكومة بنكيران كانت خيارا صائبا أكد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وزير السكنى وسياسة المدينة، أن مشاركة حزبه مع العدالة والتنمية في الحكومة الحالية، كانت أمرا صائبا للمساهمة في إشعاع تفرد النموذج المغربي إقليميا ودوليا، ودفاعا عن التوجه الحداثي للمغرب. وقال بنعبد الله إنه وحزبه ضد تيار التحكم السياسي الذي يريد أن يجعل من أشخاص غير مساهمين في صناعة القرار على مستوى المؤسسات، شخصيات نافذة على جميع المستويات، ما يضر بالتجربة الديمقراطية المغربية. < تتحدثون دائما عن التحكم، ماذا تقصدون بذلك؟ هل هو تيار سياسي مرتبط ببعض دواليب الدولة ، أم حزب معارض اسمه الأصالة والمعاصرة؟ < نحن نواجه إرادة التحكم في المجال السياسي طيلة الصراع الديمقراطي الذي عرفناه في بلادنا منذ عقد الاستقلال، والتحكم ليس أسلوبا وليد اليوم، بل اتخذ أشكالا مختلفة متنوعة، فعقد الخمسينات، ليس مثل الستينات أو السبعينات أو الثمانينات، أو التسعينات، أو بداية الألفية الثالثة، وبيانات الأحزاب الوطنية إبان تلك الحقب دالة على ما كان يجري ونتائج التحليلات الصائبة لحزبنا الذي يبلغ من العمر أزيد من 70 عاما. واتخذ التحكم لنفسه أشكالا منذ 2008 ، إذ نجد أطرافا غير مساهمة في صناعة قرار مؤسسات الدولة بل وغير موجودة فيها، لكنها نافذة على جميع المستويات، وهذا يعد من الغرائب بما فيها المؤسسات الحزبية، لذلك كان حزبنا رافضا لهذا التوجه السياسي العام، هذا ما يفسر تحالفنا مع حزب العدالة والتنمية بعد حراك 2011 لتدبير مرحلة من تاريخ البلاد. وحزب الأصالة والمعاصرة كمؤسسة لا يشتغل بشكل مباشر في التحكم، بل إن من كان وراء تأسيسه، له يد مباشرة في محاولة السيطرة على الطبقة السياسية المغربية، لذلك سبق أن قلت في 2008 أنه لا يمكن مشاطرة هذا التوجه، لذلك اعتبرنا أنه يشكل خطرا على المغرب الذي كان يسير بخطى حثيثة نحو دمقرطة المؤسسات وتطبيق العدالة الاجتماعية. ماهو مطروح اليوم للصراع، هو ما هي الصلاحيات الدستورية بين مختلف المؤسسات، و ما هي التوجهات الاقتصادية التي يمكن أن نختلف حولها، وكيف يمكن حل القضايا المجتمعية المطروحة، وهي مسائل مرتبطة بالتدبير، يعني أن هذا الأمر ليس أصلا في حاجة إلى التدخل المصطنع من أجل توجيهه. < بالمقابل يمكن للعدالة والتنمية أن يشكل خطرا على السياسة في المغرب إذا ظل وحيدا بدون منافسين؟ < سأظل مقتنعا كما الحزب بالرأي نفسه أن التحكم لا يفيد المجتمع ولا الدولة، والجميع تابع مجريات التحالفات الانتخابية وكيف تم تكسير بعضها ودفع البعض للتصويت ضد حلفائه، علما أن ذلك لن يخدم حتى المستفيد ظرفيا من هذه الطريقة العتيقة التي تسمى تحكما . و حتى أكون واضحا حتى حزب العدالة والتنمية كان يخيفنا في بداية الأمر، وشكل هاجسا مؤرقا في لحظة ما، لكنه أعطى الدليل أنه بعد مرور 5 سنوات من تدبيره الشأن العام، نضع السؤال الآتي، هل تزعزع المغرب في أعماقه، هل تحول مشروعه المجتمعي الديمقراطي الحداثي، هل دخل إلى آفاق مظلمة وأدخله معه البلاد باختلافاتها وتعددها الفكري . < هل سبق لكم أن تعرضكم لأي ضغوطات من قبل تيار التحكم لأجل الانسحاب من الحكومة؟ < لا أبدا، تيار التحكم يعلم أنه لا فائدة من ذلك، الحزب موحد على هذا الخط، لأننا نتميز باستقلالية القرار السياسي في حزبنا بل أن بعض الرفاق في الحزب كانوا متخوفين من فشل التجربة الحكومية. من منظور تحليل رزين، اتضح مع مرور الوقت أنه كانت مجرد تخمينات، ولا تجد صوتا واحدا ضد استمرار هذه التجربة، سواء في اجتماع اللجنة المركزية أو المؤتمر الاستثنائي المنعقدين بسلا. ورغم أنهم حاولوا تسميم العلاقات لكن دون جدوى وأقول لهم " ودخلوا سوق راسكم". < البعض يعتبر أنكم ذبتم "هوياتيا "إن صح التعبير في حزب العدالة والتنمية؟ < لا أبدا فحزب " الكتاب" حافظ على هويته وكان صوته مؤثرا في قرارات الحكومة، وإن في بداية التجربة خوفنا حزب العدالة والتنمية، لذلك نبهنا في بداية الأمر لمنزلقات الخرجات الإعلامية غير المحسوبة لبعض وزرائه، وفعلا انتبه رفاق بنكيران لهذا الأمر لأنه كانت تعوزهم التجربة، وكان حزبنا صوت الحداثة في الحكومة، بل وفي كل القرارات الحكومية. وبعد مرور خمس سنوات حصل تحول مجتمعي لم ينتبه له المثقفون الذين يدرسون كل حيثيات التجربة بتحليل علمي دقيق بعيدا عن التحليل السريع للظرفية، المرتكز على المنظور الإيديولوجي المحض، ويتعلق الأمر بوجود محافظين وحداثيين يتصارعون في سلم ويبحثون عن حلول عملية تطور البلاد أكثر. < ماهو تفسيركم لانتقادات قادة حزب التجمع الوطني للأحرار للحكومة وخطاب رئيسه صلاح الدين مزوار؟ < لم أفهم الخروج الأخير لمزوار، وامتنعت عن التعليق العميق ولسنا في حاجة للتراشق الإعلامي ونحن في الأنفاس الأخيرة من التجربة الحكومية، فهناك قضايا جوهرية تحتاج إلى تآزر كبير سواء بالنسبة إلى القضية الوطنية، أو رفع تحديات الاتحاد الأوربي، كما أننا نحتاج إلى تماسك لأجل إثبات أن التجربة الديمقراطية المغربية نموذجية، وستنتهي بشكل طبيعي لتنظيم انتخابات بشكل عاد، على الجميع السعي إلى تحقيقها، بما لا ينفي الحق أن نتنافس لأجل صدارة نتائج الانتخابات، لمن يستحقها ديمقراطيا على بعد أشهر من نهاية الولاية الحكومية التي تنتظرها قوانين تنظيمية ذات أهمية من قبيل ترسيم الأمازيغية، وقانون تنظيم الإضراب، وقوانين مجلس اللغات، ومراجعة القوانين الانتخابية لوضع الجميع في صف التنافس الديمقراطي النزيه، وحل إشكالية إصلاح أنظمة التقاعد، إذ دعونا رئاسة الحكومة والمركزيات النقابية إلى العودة إلى طاولة الحوار الاجتماعي وتغليب مصلحة الوطن. وأريد القول إنه والحمد لله لدينا الملك محمد السادس الذي له حنكة كبيرة في قيادة البلاد ونحن بجوارحنا وأجسامنا وقناعتنا مستعدون لخدمة المصلحة العليا للبلاد تحت توجيهاته النيرة. < هل نفهم من ذلك أنكم قمتم بوساطة بين رئيس الحكومة والنقابات؟ < نعم لعبنا دورا في ذلك وساهمنا في تليين بعض المواقف وحصل اتفاق على عقد لقاء لتفادي جو الاحتقان. < تأخرتم في المصادقة على قانون مكافحة العنف ضد النساء في حلته الأولى، هل الاعتراض جاء من قبل حزب العدالة والتنمية المحافظ أم من قبل الحداثيين ما أدى إلى حدوث تأخير في إخراجه؟ < بعض الأطراف تقارب مواضيع حساسة بمنطق " بينير" بالمفهوم الرياضي للكلمة، يعني ثنائي، إذ يوجد (0،1) لكن حدثت مفاجأة جاءت من الأوساط الحداثية التي تحفظت على بعض بنود قانون مكافحة العنف ضد النساء بخلاف حزب العدالة والتنمية، وأخص بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن التي ذهبت بعيدا في القانون. وكان هناك طرف آخر رفضها سياسيا، لأنه لم يعجبه أن يصدر هذا القانون عن حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية، وبذلك فإن احتجاجاته غير ذات سند قانوني أو حقوقي، أو دفاعا عن النساء المعنفات، لذلك تأجلت المصادقة لمدة سنتين، ووضعت صيغة أخرى وإن كانت إيجابية في عموميتها، فهي أقل مقارنة مع الأولى، علما أن للبرلمان حق تعديل بعض البنود. < هل هناك قرار حكومي يخالف توجهكم الحداثي؟ < لا بالقطع، وتذكرون جيدا أننا باعتبارنا حزبا ساهمنا من تجربتنا في حل إشكالات وتم تضخيم بعضها من قبيل وضع دفاتر تحملات الإعلام العمومي، أو التوسط للمساعدة للعودة إلى طاولة الحوار الاجتماعي، وأثرنا في جميع القرارات عبر تحسين جودتها، إذ نقترح إصدار قانون الإطار لإصلاح التقاعد. كما أعتقد أنه سيكون من المستحسن إصدار قانون يحمي النساء من العنف، وقابل للتعديل في البرلمان الحالي أو مجلس النواب المقبل، بدلا من عدم إصدار أي قانون، والأمر ينسحب أيضا على قانون هيأة مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة. أتخوف على مصير الأساتذة المتدربين توصلت برسالة قبل أسبوعين من قبل الأخوين الأمينين العامين العماري ولشكر، إذ طالبا بموعد لمناقشة ملف الأساتذة المتدربين وفعلا حصل لقاء معهما واقترحا أن يدخل الجميع غمار المباريات دفعة واحدة، التي تجرى في يوليوز ، بدلا من دفعتين كما اقترحت الحكومة. كما طرحا إشكالية الضمانات التي ستمنح للأساتذة لضمان مرور الدفعة الثانية في يناير. واتضح أن قانون المالية نص فقط على 7 آلاف منصب والضمانة للدفعة الثانية المحددة في 3 آلاف منصب هي من رئيس الحكومة وربما سيكون هو رئيس الحكومة المقبلة، أو آخر يعوضه، فهناك استمرارية الدولة، علما أن هؤلاء لا يخضعون للتوظيف المباشر، بل للتكوين ومباريات، وفي حال استمرار هذا الوضع أتخوف من أن يفقدوا وظائفهم، وهذا ما لا نريده نحن في الحكومة، وما نسعى إلى بحث حل ناجع له في الحزب بتنسيق مع الحكومة. التاريخ سيشهد لنا باسترجاع هيبة الدولة إن رصد إيجابيات العمل الحكومي، مسألة واضحة لا تحتاج لبرهان، ويلمسها المواطنون، وسيصدر الفريق الحكومي وثيقة مدققة، لما أنجزته، وملخصا يتضمن خطوطا عريضة للمنجزات والإجراءات الجريئة التي قامت بها وأثبتت صحة نجاعتها وتفوقت في توقعاتها. وأول ما يمكن تسجيله لفائدة الحكومة، والتاريخ سيشهد بذلك، هو استرجاع هيبة الدولة، إذ الجميع تابع الحراك الشعبي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، واستنتج حقائق، وحصلت تطورات وأحداث، فيما شكل المغرب نموذجا في المنطقة بترسيخ الديمقراطية، وتثبيت حقوق الإنسان، والرفع من قيمة وظيفة المؤسسات، وإنجاز الإصلاح في ظل الاستقرار. وكما يتذكر الجميع كانت جل القطاعات الإنتاجية والخدماتية والاجتماعية مشلولة، بفعل الاحتجاجات، والإضرابات، والاعتصامات التي مست الوزارات والولايات والعمالات، والمحاكم والمدارس وغيرها، إذ كان لحكومة انتخابات 25 نونبر 2011، الفضل في السمو بالقوانين والحفاظ على المؤسسات، فعادت الحياة الطبيعية لكل القطاعات، ويتم القطع مع سياسة التوظيف المباشر التي كانت تتم بمنظور حزبي ضيق، لأنها كانت تهمش طاقات أخرى في مدن بعيدة عن مقر البرلمان بالرباط الذي كان يشهد الاحتجاجات لأجل التوظيف المباشر، وتم سن نظام المباريات لضمان الشفافية بين كافة طالبي الوظيفة من كل أصقاع المغرب، في ظل الشفافية، وعولجت الاختلالات المالية التي كانت تتخبط فيها الميزانية العامة جراء ارتفاع نسبة العجز بشكل كبير، وإصلاح صندوق المقاصة الذي كان عصيا على الحكومات السابقة، بل شكل تحولا في مباشرة الإصلاحات الضرورية، وتلبية حاجيات المواطنين المهمشين من أرامل ومطلقات وطلبة، والتوجه نحو مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوسيع حجم المستفيدين من نظام المساعدة الطبية، وتخفيض أسعار ألفي دواء في سابقة أولى بالمغرب، ونقل المواطنين بواسطة مروحيات للعلاج، وتنشيط السكن الاقتصادي والاجتماعي ومحاربة دور الصفيح، ومباشرة حل مشاكل السكن العتيق.. ويصعب ذكر كل الإيجابيات. الميزانية سبب قصور العمل الحكومي < لماذا تتلاعب الأحزاب الثمانية الممثلة في البرلمان بورقة حاملي الشهادات الجامعية، فإن كانت في المعارضة تشجعهم على الاحتجاج في الشارع، وإن شاركت في الحكومة تبرر الموقف؟ < الأمر ليس بهذه الطريقة، لأنه يتطلب وضع نموذج تنموي وهو ما تسعى الحكومة إليه، من خلال تنشيط القطاع الخاص في شراكة مع القطاع العام، لجلب الاستثمارات الأجنبية وتسهيل عمل مناخ رجال ونساء المال والأعمال المغاربة، في إطار تآزري لرفع نسب التصدير وتقوية القدرة الشرائية للمواطنين وتطبيق برامج التنمية. < لماذا لم تتمكن الأحزاب من وضع مقترح قانون يرمي إلى تعويض كل باحث عن شغل، بألف درهم شهريا كما في أوربا؟ < أصدقك القول إننا بحثنا في العديد من السيناريوهات، لكن الحقيقة هو أن ميزانية الدولة لا تسمح بذلك، إذ يصعب التكفل بكل طالب شغل شهريا إلى حين إيجاد عمل له، ونحن واعون أن هذا جزءا من قصور العمل الحكومي، لكن تأكدوا أننا تمكنا من إخراج مقترح دافعت عنه المركزيات النقابية منذ عشرات السنين ويهم التعويض عن فقدان الشغل، وهذا إجراء اجتماعي يحسب للحكومة، وحل معضلة الطبقة الشغيلة من الذين لم يتمكنوا من تغطية 3340 يوم عمل للحصول على تقاعدهم، ومباشرة إصلاح أنظمة التقاعد. أياد خفية حركت الاستقلال تعرفون أن تصريحات شباط ضد وزراء حزبنا، لم تكن لائقة حتى لا أصفها بشيء آخر، ودبرنا هذه المرحلة بتعقل و ببعد نظر، بما يتسم به حزب التقدم والاشتراكية، من بعد نظر ومن تربية تجعله يعطي الأولوية للمصلحة العليا للوطن على حساب المصالح الحزبية، فبالأحرى الذاتية الضيقة لأجل مصلحة البلاد في محيط جيو إقليمي مشحون. ولم يكن الخلاف حول كيفية إصلاح المقاصة أو تخفيض الأدوية، وكل ذلك تركناه وراءنا، والمغاربة سيحكمون على ما جرى، لأننهم واعون وليسوا مستهلكين سلبيين، علما أن البعض انتقد مشاركتنا لمساهمتنا الفعالة في التجربة الديمقراطية بالمغرب، وساروا يروجون أننا فقدنا هويتنا الحزبية لأننا انخرطنا مع حزب العدالة والتنمية، لكن ما يحدث الآن لبعض الأحزاب التي أخلفت موعدها مع التاريخ، يؤكد صوابية تحليل التقدم والاشتراكية، الذي أنصفته الأحداث الحالية كما أنصفته سابقتها والكل يتذكر مواقف حزبنا في بداية التسعينات وموقفنا من الدستور وحكومة التناوب التوافقي الأولى التي أجهضت، بل ومواقف الحزب في العديد من القضايا المصيرية في البلاد، فنحن لا نغرد خارج السرب، بل نعتمد تحليلا رزينا من قبل أطر الحزب كيفما كان موقعهم في الهياكل المسيرة. لهذه الاعتبارات فإن استقلالية القرار الحزبي، من حيث المبدأ تساهم في تطوير البلاد وترسيخ استقرارها. نعم أنا مقتنع بأن هناك أيادي خفية كانت وراء الخطوة التي قام بها حزب الاستقلال العتيد والديمقراطي ، علما أن الاستقلاليين والاستقلاليات يعرفون جيدا أنني أكن لهم كامل الاحترام والمودة. أجرى الحوار: أحمد الأرقام - تصوير (عبد المجيد بزيوات)

انتهى زمن الخوف من “بيجيدي”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

20 سنة لأب اغتصب ابنته بخريبكة

والي الأمن: لن يستثنى أي متورط في الشغب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات