“فتوات” بقوة السلاح والعضلات

يلجأ إليهم مرشحو أحزاب لفرض الأمر الواقع على الناخبين تهتز أحياء بفاس وترتعش بناياتها بذكر أسماء "فتوات" رضعوا الجريمة من أثداء أمهاتهم، قبل بسط هيمنتهم ميدانيا بقوة السلاح وكلاب شرسة تعد سلاحا لمهاجمة ضحاياهم وخصومهم في معارك خلف بعضها قتلى في جرائم محفورة وقائعها في ذاكرة الفاسيين. واللافت للانتباه أن هؤلاء "الفتوات" أضحوا في فترات متباعدة، قاعدة سياسية يلجأ إليها مرشحون وأحزاب، لفرض الأمر الواقع على الناخبين في حملات نهجت السلاح بديلا عن الإقناع السياسي بالبرامج والمخططات ونظرة الحزب إلى المستقبل وصور التنمية. واشتهرت عائلات معروفة بكثرة أفرادها وسوابقهم القضائية، بصولاتها وجولاتها الإجرامية إلى درجة أضحت أسماؤها تثير الرعب والفزع في كل سامع لها، لما نسج عنها من حكايات وصور مآسي اجتماعية رافقت بسط هيمنتها على بعض الأحياء المرتبطة بها. أربع أسر على الأقل تجاوزت شهرتها الإجرامية حدود العاصمة العلمية، واختصت في جرائم مختلفة ومتنوعة سيما في السرقات الموصوفة المقرونة بظروف التشديد والاعتداء الجسدي والابتزاز والنصب، قبل أن يخفت بريقها مؤقتا في السنوات الأخيرة. وطالما عانى أصحاب عدة مقاه وفنادق وحانات وملاه وعلب ليلية، "بطش" بعض أفرادها لما يفرضونه من إتاوات يومية أو شهرية، يرافقها إتلاف للمرافق والتجهيزات واعتداءات جسدية على كل من لا يرضخ لابتزازهم أو "ينبطح" لفتوتهم المبالغ فيها. عدة ملفات ابتزاز عرفت طريقها إلى القضاء وامتدت إلى الباعة الجائلين بمواقع مختلفة، المفروض أداؤهم مبالغ مالية متفاوتة، ل"فتوات"، نظير سلامتهم الجسدية وتركهم "يسترزقون الله" في ملك عمومي محتل يستلم منحرفون إتاوات عن استغلاله.ونظرت المحكمة الابتدائية بفاس في ملفات تطور فيها الابتزاز لضرب وجرح ب"سويقات" عشوائية تقض مضجع جيرانها بعوينات الحجاج ومونفلوري والسعادة وغيرها، حيث يستأسد منحرفون فارضين "قانونهم" الخاص المطبق بقوة العضلات والسلاح.وتلك مظاهر "فتوات" جدد ابتليت بهم عدة أحياء تخلصت نسبيا من "فتوات" عفا الله عنهم أو "قهرهم" السجن والمحاكمات أو سلموا "المشعل" لصغارهم ممن دخلوا السباق نحو فرض الذات المقهورة اجتماعيا أو أسريا، تحقيقا لحلم "ريادة" ميدانية معلقة.وخفت بريق "فتوات" فاسيين مشهورين، بعد اغتنائهم بما جنوا من عمليات النصب والابتزاز واستثمروه في مشاريع خاصة، أو لقهر السجن أفرادها، دون أن تذوب "هيبتهم" وسط الناس المتذكرين لتفاصيل الإجهاز على حقهم في السلامة الجسدية وحتى الحياة.ويتذكر الشارع الفاسي عائلة "فتوات" استثمر بعض أفرادها، في قريبتيهم الجميلتين، لاستدراج والتغرير بضحاياهم الباحثين عن اللذة الجنسية، وسرقتهم وقتلهم إلى أن فاق رقم ضحاياهم العشرة، ليسقطوا في قبضة الأمن ويحاكموا ويدانوا بمدد سجنية مختلفة.هذه الأسرة فقدت فردا منها في "انتفاضة نزلاء سجن عين قادوس" بعد ساعات قليلة من كتابته رسالة ضمنها اتهامات خطيرة لشخصيات نافذة بفاس، والباقي "خفت نجمه" بعدما كسرت سنوات السجن، عظامه وجمدت أمله في استرجاع "فتوة" مفقودة. وينطبق الأمر نفسه على عائلة أخرى "اختارت" الصيد بعيدا عن الماء العكر بعد سنوات كان فيها اسمها "نارا على علم"، عكس أخرى ما زالت مستأسدة بأحياء هامشية بمقاطعة المرينيين، رغم قنص الأمن لأفرادها بشكل مستمر ومتكرر في ملفات مختلفة.وما زالت أسر أخرى فارضة الأمر الواقع بمواقع أخرى، بما تباشره من "فرض للذات" في ميادين مختلفة سيما بمسك والاتجار في المخدرات بمختلف أنواعها بما فيها تلك القوية والأقراص المهلوسة والمعجون وما جاورها من "أسلحة" فتاكة للشباب الضائع.هذا الشباب الطائش يتسلح بأسلحة دمار نفسه قبل غيره، ليخرج إلى الشارع محاولا استنساخ تجارب إجرامية مشهورة، إن بالسرقة باعتراض السبيل وتحت التهديد بالأسلحة أو بالنشل، سيما لما يكن في حالة غير طبيعية تحوله لوحش كاسر دون تقدير للعواقب. وأمثالهم كثر يفرضون قانونهم الخاص المقتبس من بنود "الغاب" بقوة الأسلحة وسيوف "الساموراي" لحسم معارك غير متكافئة مع مارة عزل مسلحين بأمل تنقية الأحياء من شوائبها ومظاهر الانفلات الأمني وتكثيف الحملات الأمنية الكفيلة بتخليصهم من فوضاها.ولا يكاد كل حي من أحياء المدينة، سيما الواقعة في هامشها، يخلو من فتوة ابتليت بها، باسطة هيمنتها بقوة الخنجر و"بونقشة" وما جاورهما من أسلحة "الدمار الشامل" التي تجهل مواقع صنعها وكيفية ترويجها، حارمة سكانها من الطمأنينة وراحة البال. وليست الأحياء وحدها المبتلية ب"الفتوات"، إنما تشكل "الباركينات" صورة مختصرة لما تعيشه بعض الأحياء، إذ يسود قانون "الغاب" فوق كل القوانين، بمواقع حولها ذوو سوابق قضائية إلى ضيعة خاصة يغتنون من مداخيلها.هؤلاء عادة ما يسخرون شبابا عاطلين، لحراستها ليل نهار نظير استلامهم مبالغ مالية عن شوارع يستخلصون عنها مداخيل وكأنهم ورثوها عن آبائهم، في انتظار تفعيل المجلس الجماعي، قراراته المعلنة ب"تنقية" مواقف السيارات من "فتواتها".حميد الأبيض (فاس)

“فتوات” بقوة السلاح والعضلات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منحرف يرعب سكان أولاد افرج

تلاعبات وراء حذف أقنان مستخدمي التعاضدية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات