بحتي … شهيد التحالف العربي

كان طيارا متميزا وخطأ تكتيكي من قبل قادة التحالف عجل برحيله بمقبرة الشهداء بالبيضاء، يرقد جثمان الشهيد الطيار ياسين بحتي بعد أن حظي بجنازة عسكرية مهيبة، نادرا ما يحظى بها عسكريون ذوو رتب كبيرة. من الصدف أن قبره يوجد بمدخل المقبرة، كأنه رسالة للزوار أن المغاربة أبدا لن يبخلوا بالتضحية بخيرة أبنائهم في سبيل قضايا العروبة والإسلام.موقع القبر القريب من باب المقبرة جعله مزارا لمواطنين، يتلون عليه آيات من القرآن والدعاء له، قبل أن ينتشروا باحثين عن قبور ذويهم للترحم عليهم، سيما أن حادثة استشهاده تفاعل معها المغاربة فخرا واعتزازا وتعاطفا مع شاب قدم حياته لرفع راية المغرب عاليا.ولد ياسين سنة 1989 بالمحمدية، وأتم دراسته بالحي المحمدي بالبيضاء، وهو الابن البكر لخمسة إخوة، من بينهم شقيقتان ومحمد البالغ من العمر ثلاث سنوات. والده نور الدين بحتي أستاذ بالتعليم الابتدائي، أشرف على التقاعد.كان ياسين، ابن الحي المحمدي، شعلة من الذكاء والتفوق في تخصصه علوم رياضية، ما فتح الباب أمامه للانضمام إلى المدرسة العسكرية للطيران في 2007.من غرائب الصدف أنه كاد يحرم من اجتياز مباراة ولوج المدرسة العسكرية للطيران بعد تأخر والده في إعداد الوثائق، رغم أنه كان مرشحا فوق العادة بعد حصوله على معدلات عالية في العلوم الرياضية، لكن مدير الثانوية سيخبر الأب أن اسم ابنه أسقط من لائحة المرشحين بسبب هذا التأخر، إلا أن القدر الذي كتب أن يموت ياسين شهيدا على متن طائرته باليمن، دفع قواه الخفية حارسة عامة بالمؤسسة إلى تسلم ملف ياسين من والده، وإرساله إلى المدرسة العسكرية في آخر لحظة، ليكون الناجح الوحيد في دفعته في هذا الاختبار.قضى ثلاث سنوات بالمدرسة العسكرية بمراكش، وبعد تخرجه بميزة عالية، نقل إلى القاعدة العسكرية بمكناس، وهناك خضع لتدريب مكثف على طائرات "الميراج" الفرنسية و"إف 5" الأمريكية الصنع، وبعد أن أنهى سنتين من التدريب، وحصوله على الرتبة الأولى بين زملائه، نقل إلى القاعدة الجوية ابن جرير لقيادة طائرة "إف 16"، ليخضع لتداريب مكثفة بالمغرب والولايات المتحدة الأمريكية، ليعين قائدا لهذا الطراز المتطور من الطائرات بقاعدة ابن جرير برتبة ملازم أول، وهو شرف لا يحظى به إلا نجباء وخيرة أبناء هذا الوطن.أثار ذكاؤه وتفوقه الكبير في قيادة "إف 16" انتباه مسؤوليه العسكريين، لهذا سيتم اختياره رفقة خمسة من رفاقه في السرب، للانتقال إلى الإمارات العربية المتحدة، بعد أن قرر المغرب المشاركة في الغارات على تنظيم "داعش" بالعراق.أبدى ياسين ورفاقه الخمسة كفاءة كبيرة في العمليات العسكرية، لدرجة أنهم نافسوا الأمريكيين والغربيين في دقة قصف أهداف العدو، والمناورة.لم تدم مشاركتهم العسكرية في العراق طويلا، إذ ستندلع حرب أهلية في اليمن، ويعلن المغرب مشاركته في عملية "عاصفة الحزم" لإعادة الشرعية في هذه الدولة، بزعامة السعودية، ليطلب من ياسين ورفاقه الانتقال إلى السعودية للمشاركة في الغارات الجوية على الحوثيين.استغل ياسين مقامه بالسعودية لأداء مناسك العمرة، قبل أن يشارك بطائرته في غارات جوية، مرت في البداية بردا وسلاما إلى أن أعلن عن إسقاط طائرته.يتذكر أشقاؤه اللحظات الأخيرة لياسين، إذ قبل مشاركته في غارته الأخيرة، كان يتواصل معهم عبر تقنية "السكايب" مرتديا زيه العسكري. كانت آخر عباراته "ملي نجي غادي نسافرو"، لكنه لم يكن يعلم أن القدر كان يعد له سفرا آخر إلى السماوات.شكل سقوط طائرة ياسين صدمة للمغاربة، ساهم فيها تضارب الأخبار حول مصيره، سيما عندما صور الحوثيون جثة الشهيد قرب حطام الطارئة وأكدوا أنها لقائدها.شاعت أخبار عن غضب القادة العسكريين المغاربة على مقتل ياسين، بسبب خطأ تكتيكي في الغارة كلفهم حياة شاب كان ينتظره مستقبل واعد في عالم الطيران الحربي، هذا الخطأ تجسد عندما طلب قادة التحالف العربي من ياسين ورفيقه أن يحلقا على علو منخفض داخل اليمن، ما جعلهما صيدا ثمينا للدفاعات الجوية للحوثيين، نجا رفيقه وسقطت طائرة ياسين.ظلت عائلته تترقب مصيره، إذ لم يجب على الرسائل التي أرسلها أشقاؤه عبر "واتساب" و"سكايب" للاطمئنان عليه رغم أن هاتفه كان مشغلا، قبل أن تتوصل بالخبر اليقين أنه شهيد عند الله، وأن جثته ستعود إلى الوطن بعد تسلمها من الحوثيين بوساطة مسؤول مغربي.مصطفى لطفي

بحتي … شهيد التحالف العربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جنود مغاربة في سيناء رغم الأزمة مع الشرق

جيش العرب المشترك... حلم صعب المنال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات