القدر السيئ وتكبر الإدارات

تشكل حالة أسرة الخويل، بالمحمدية، نموذجا ملموسا لـ"تحالف" القدر السيئ مع أعطاب بعض الإدارات والمصالح العمومية بالمغرب، سيما "التكبر"، إذ أنه بعد سنوات طويلة من الفقر المدقع والعيش في كوخ قصديري وأمراض كثيرة أصابت الأب والأم والابنة، تأتي حادثة سير وتداعياتها، سببها شاب طائش على دراجة نارية متهورة، لتضاعف حجم المعاناة.حدث ذلك في 16 فبراير الجاري بشارع الحسن الثاني أمام مقهى رياض بالمحمدية، حينما كانت عائشة الخويل، الابنة اليافعة التي تعاني هشاشة العظام وفقر الدم وضعف البصر، تمشي بالشارع رفقة والدتها، لكن شاءت دراجة نارية قادمة بسرعة فائقة، أن توقف مسيرتهما، المتعثرة أصلا، بصدمهما.أصيبت الفتاة بكسر، اتخذ شكل ثقب عميق في العظام الهشة لفخذها الأيمن، في حين تصلبت الرجل اليمنى، معلنة شللها، وأصيبت والدتها بجروح وكسر في اليد اليسرى، جعلا العظام بادية للعيان من تحت الجلد.تكفل المستشفى الإقليمي مولاي عبد الله بالمحمدية، بعلاج ما هو ممكن، من إصابات عائشة، أما والدتها، فقد قال الأطباء ألا مفر من نقلها إلى المستشفى الجامعي ابن رشد بالبيضاء، قبلت الأسرة واصطدمت بذلك "الشر الذي لا بد منه" أمام المستشفيات العمومية: ابتزاز ذوي سيارات الإسعاف الخاصة، قبل أن ينقذ أحد المحسنين الوضع، ويتكفل بدفع مصاريف الرحلة.وفي "موريزكو" بالبيضاء، لم تكن مهمة الزوج والأب سهلة، إذ تطلب منه أمر "تفضل" الأطباء بإجراء العملية الجراحية على يد زوجته، كثيرا من الأخذ والرد، هو الذي عليه الالتحاق بعمله حارسا ليليا لمقهى بالمحمدية، بأجرة 1200 درهم، وفي الوقت ذاته رعاية الابنة التي ترقد بالمحمدية، والزوجة التي تعالج بالبيضاء، والأبناء الآخرين، الذين يؤويهم الكوخ القصديري.وفي كل الأحوال، لا ينغلق باب في الحياة إلا بعد أن ينفتح آخر، غادرت الضحيتان المستشفيين بعد أيام، ونقلتا إلى الكوخ قبل أن تهدآ آلامهما ودون تيقن مما إذا كانت العمليات ناجحة، غير أن "الأخذ والرد" في المساطر المتعلقة بالحادثة، سيحضر من جديد وسيصر على تعقيد سير الأمور لـ"غرض في نفس يعقوب".توجه الأب إلى مصالح الأمن، لمعرفة مآل ملف الحادثة، طالبا قسم حوادث السير لدى الأمن الوطني بالمحمدية، بأن يرافقه ضابط للاستماع إلى الزوجة وابنتها وإتمام المساطر، وهو على يقين أنه يطلب حقا، ومسطرة يجري بها العمل، وتتمثل في انتقال الشرطة إلى حيث يرقد ضحايا الحوادث لمعرفة هوياتهم ونقل أقوالهم، لكنه حرم من ذلك.الأسرة تعد من بسطاء هذا الوطن، الذين ينؤون بأنفسهم عن التصعيد والمرافعة بمفاهيم المواطنة والحق والواجب، لذلك استعاضت عن كل ذلك، بسؤال "كيف يعقل أن تطالب أم وابنتها، عظامهما مهشمة بالكامل، بالانتقال إلى مقرات الشرطة، من أجل محضر حادثة سير". وبغض النظر عن أي قراءات أو تأويلات سيئة للموقف الذي جوبه به الأب، يبدو أن من شأن تكليف "كونستاتور" بالانتقال إلى الكوخ لإتمام مسطرة الحادثة، والسهر على إعمال القانون في حيثياتها، ودون تمييز، أن يكون خطوة رمزية كبيرة، وبداية للإنصاف وتضميد كثير من جراح حرمان أسرة الخويل من أبسط الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكفولة لمواطني البلد.امحمد خيي

القدر السيئ وتكبر الإدارات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تضامن مع اعتصام المتدربين

احتقان بعد إطلاق سراح مهرب قتل شخصين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات