استمرار الاحتقان بوكالة النقل الحضري بفاس

احتجاجات واتهامات متبادلة والمستقبل ينذر بمزيد من التوتر بين الإدارة والمطرودين تعيش الوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس، على صفيح ساخن أمام ارتفاع وتيرة الاحتجاجات في صفوف الغاضبين على مآل ودادية تجزئة سكنية والصراع المحتدم بين الإدارة وبعض المطرودين، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام من تطورات تنذر بمزيد التشنج. وتضيع حقيقة ودوافع الصراع، بين دروب الغموض، في ظل تبادل الاتهامات بين مختلف الأطراف المتداخلة. بعض المستفيدين من التجزئة، أطلقوا العنان لحناجرهم وأجهروا رفضهم لما شابها من خروقات ويطالبون بالمحاسبة، والمطرودون سائرون في درب التصعيد، والإدارة تبرر قانونية قراراتها.. عناوين كبرى لملفات تميط اللثام عن شرخ وتباعد في وجهات النظر، بين وكالة تنخرها عدة مشاكل تهدد مصيرها في ظل تراكم ديونها، واضمحلال أسطولها مقارنة مع سنوات سابقة. في أقل من 10 دقائق وبإشارة ومكالمة من مسؤول نقابي، خمدت نار تأججت في حناجر مستخدمي الوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس، وهم ينفذون زوال الثلاثاء الماضي، وقفة أمام مقر ولاية الجهة، احتجاجا على الفساد الذي طال ودادية تجزئة مولاي إدريس 2، ولإرغام الجهات المعنية والسلطات، على فتح تحقيق في الخروقات والتلاعبات المتورط فيها رئيسها ومن معه. وقفة في 10 دقائق نحو 200 مستخدم مستفيد من التجزئة التابعة للوكالة، نقلوا على متن 5 حافلات تابعة لها، قبل أن يتجمعوا عند المدخل الرئيسي للولاية، لينطلقوا في مسيرة لم تتجاوز بابها الآخر، رافعين شعارات ولافتات نسبة مهمة منها أشادت ب»جهود عمدة المدينة، لإنقاذ الوكالة»، وأخرى طالبت بمحاسبة مسؤولي الودادية ورفع المنع عن عقد جمعها العام لانتخاب مكتب جديد. "يا ملك الفقراء.. أجي تشوف الشفارة"، و"العمال بعتوهم، والقهاوي شريتوهم".. بعض من شعارات رفعت بالمناسبة صبت جام غضب المستخدمين على تسيير مسؤول الودادية الاستقلالي السابق المغضوب عليه، في حين كاد نزع شخص، لافتة يبدو أنها خارج الإجماع، من زميله، أن يتطور إلى ما تحمد عقباه قبيل اختتام الوقفة/ المسيرة بعد إشارة من مسؤول نقابي جديد. وأعلن المكتب النقابي لشغيلة الوكالة التابع ل"إ. ع. ش"، في جوابه على طلب في الموضوع من لجنة المتابعة للملف، دعمه لوقفة المحتجين واستعداده لتوفير كافة أشكال الدعم والمساندة لهم في تحركاتهم ومطالبهم باسترجاع حقوقهم."احنا غير تابعين أخاي".. عبارة فاه بها مستخدم لزميله الموقوف عن العمل قبل مدة، دون أن يدري هوية مصاحبيه، بل لم يدر سبب الاحتجاج، حين عزاه إلى "ما عارفش" و"كيقولو العمال مقهورين"، بينما استغل بعض الحاضرين، المناسبة للتأكيد في تصريحات صحافية، على عدم استفادتهم من الزيادة المقررة في سنة 2007، مستغربين لذلك. المطالبة برؤوس مسؤولي الوداديةيعرف ملف ودادية تجزئة مولاي إدريس الثانية، المفتوح في شأنه تحقيق، تجاذبات أمام بروز فئة من المستخدمين سارعت إلى إطلاق النار على مسؤوليها المتهمين من قبلهم ب"التلاعب بأموالهم ومصالحهم وأراضي الدولة الممنوحة لمستخدمي الوكالة في إطار مشاريعها الاجتماعية"، في غياب محاسبتهم وعقد جمع عام لانتخاب مكتب "يتابع التزامات الودادية خاصة المالية منها".وتؤكد لجنة المتابعة، فشل جهود استعادة المستخدمين، حقوقهم المسلوبة، بعد فقدان المكتب السابق للودادية، شرعيته لعدم عقده جمعه العام لتقديم الحسابات منذ تأسيسه في سنة 1998. وأشارت إلى مراسلتها والي الجهة وباشا رئيس الملحقة الإدارية أكدال، في شأن رغبتها في عقد جمع عام، لكن «لم يتم الترخيص بذلك، لأسباب مجهولة، رغم إرفاق الإشعار بعريضة». هو صراع محتدم وصل إلى حد «التطاحن» بين اللجنة ومسؤولي الودادية، في ظل «غموض يلف تدبير البقع الأرضية التابعة لها»، إذ يتحدث الطرف الأول عن «رائحة تلاعب بممتلكاتها وتجاوزات وشبهات خطيرة طفت على السطح وأصبحت موضوع الحديث اليومي لشريحة العمال»، خاصة أن «موقع المستندات المالية، لا ينتمي إلى الودادية». هذا الصراع تطور بإيداع اللجنة، شكاية لدى النيابة العامة، مشيرة إلى وجوب افتحاص مالي وإداري دقيقين، ابتداء من سنة 1992 إلى نهاية 2006، لإماطة اللثام عما أسمته «جرائم مالية وإدارية في غاية الخطورة، ومخالفات إدارية وقانونية يمكن وصفها بالأكثر بشاعة»، بل امتدت مطالبها إلى الوكالة نفسها، حيث «كان التوظيف يمر تحت بند الرشوة والأتوات». وتحدثت عن خروقات شابت التموين و»فاقت التخمين»، خاصة المتعلقة بالبنزين وقطع الغيار، مؤكدة أن «أيادي النهب طالت مختلف المرافق الاجتماعية للعمال من جمعية الشؤون الاجتماعية وملحقاتها والودادية»، دون أن تغفل ما أسمته «أيادي الفساد والعبث التي طالت مخيمي طنجة وإيموزار كندر، المستغلة أبشع استغلال»، ليبقى هذا الملف، منشورا على حبال المسكوت عنه.صراع الإدارة والمطرودينعلى الضفة الأخرى، يحتدم الصراع بين الإدارة وبعض المطرودين والموقوفين الذين دخلوا في احتجاجات استهلوها بعرائض ووقفة احتجاجية أمام الوكالة منتصف مارس الماضي، ويعتزمون تصعيدها في أشكال احتجاجية مفتوحة على كل الاحتمالات، قد تصل إلى إشراك أسرهم في مسيرة راجلة إلى الرباط، لإبلاغ صوتهم إلى المسؤولين المركزيين. المشاركون في تلك الوقفة، كالوا في شعارات رفعوها، كل الاتهامات لمسؤولي الوكالة الذين ذكروهم بأسمائهم، متحدثين عن أنهم "ضحية طرد تعسفي انتقاما منهم لاحتجاجهم على عدم صرف الرواتب في وقتها المحدد، ما ترتب عنه مشاكل مع البنوك". ويتسلحون بملف صحافي، من ضمن ما به، وثائق تثبت نقاء سيرة (إ. ب) أحد المشمولين بالتوقيف، بدواعي سوابقه. ويذكرون بعض زملائهم بأسمائهم ومهامهم، الذين "ارتكبوا أخطاء جسيمة، لكن لم يشملهم أي قرار، أو أعيدوا إلى مراكزهم، بعد صدور قرارات في حقهم"، بعضهم "ضبط في حالة سكر أو تورط في خلق الفوضى بمكان العمل، أو مغادرتهم أماكن العمل في الفرق المتجولة"، مؤكدين أن زميلهم "ع. ف"، طرد لأنه "شقيق أحد المغضوب عليهم". 19 مستخدما من المطرودين، راسلوا والي الجهة بصفته رئيسا للمجلس الإداري للوكالة، ملتمسين لقاء عاجلا لمناقشة ملفهم ورفع الضرر عنهم، لكن «لم نتلق أي رد»، مستغربين إرجاع زملاء لهم صدرت في حقهم قرارات مماثلة، دونهم، فيما تعتبر الإدارة، أن طرد المحتجين، قانوني وبناء على أخطاء ارتكبوها وتستحق التوقيف أو الطرد. وينفي المشمولون بتلك القرارات، ارتكابهم أخطاء تستدعيها، إنما نتيجة «انتمائهم السياسي (ع. ح) أو احتجاجهم («ع. ر»، «خ. ف» و»ج») أو لخطأ مطبعي في سلسلة التذاكر («ك» و»ع» و»ع. ن»)، أو انتقاما، متحدثين عن «طرد كل من كان في خلاف مع المكتب النقابي أو جمعية الشؤون الاجتماعية، أو كل من ارتكب خطأ بسيطا لا يستدعي الطرد». تضارب التبريرات والإدارة تؤكد قانونية الطرد تستغرب إدارة الوكالة، احتجاج المعنيين، بداعي طردهم تعسفا. وتشير إلى أن "كل المعطيات والوثائق الإدارية، تؤكد أن فصلهم عن العمل في مراحل زمنية مختلفة وظروف متباينة، تم في إطار القانون الداخلي للوكالة، الذي لا يختلف في مضمونه عن قانون الوظيفة العمومية الجاري به العمل في بلادنا بالنسبة إلى المستخدمين الرسميين وقانون الشغل بالنسبة إلى المؤقتين". وأكدت في بلاغ صحفي، إعدادها تقريرا بمعلومات مفصلة حول الحالات المعنية خاصة المتعلقة بالعقوبات التأديبية، مؤكدا أن عددا من الحالات، فصلت من العمل لتورطها في اختلاسات أو بسبب غيابها عن العمل دون مبرر، أو لإثارة الفوضى داخل أماكنه، فيما اختارت حالات أخرى إحالة ملفاتها على القضاء، و"الوكالة حريصة على احترام تنفيذ الأحكام التي ستصدر بشأنها".ويشير البلاغ إلى أن توقيف "ع. ر" في 13 مارس 2010، تم إلى حين بت القضاء في الشكاية المرفوعة ضده من قبل الوكالة، بشأن التحريض والتهديد وخلق الفوضى والتجمهر داخل الأقسام الإدارية واقتحام مكاتب الموظفين ومنعهم من مزاولة عملهم والإخلال بالسير العادي للعمل والسب والقذف وتهديد المدير، المبرر نفسه المنطبق على «ع. ن» الذي أعيد إلى عمله. وتقول الوكالة إن «ع. ح»، تعرض إلى 12 توقيفا عن العمل و3 إنذارات وفصل من عمله بإجماع اللجنة التأديبية ل»جسامة الأخطاء المرتكبة من قبله»، متحدثة عن استغلاله لصفته النقابية، للقفز على عدد من العقوبات، فيما ينفي توضيح المطرودين، توليه مسؤوليات نقابية ب»إ. ع. ش» طيلة عقدين، متحدثا عن تلفيق التهم إليه، لشرعنة تلك القرارات الصادرة في حقه. وأكد أن فصل "ع. ر" جاء لرفضه الخروج بالحافلة من المرأب، لعدم توفرها على فرامل، مشيرا إلى حالة "خ. ف" المفصول دون 15 من زملائه بناء على تقرير مجموعة من المراقبين رفع ضده من قبل مسؤول نقابي، فيما أدى "ع. ف" شقيقه "ثمن سمعة أخيه"، موضحا أن الاختلاسات لا أساس لها، بل ناتجة عن أخطاء مطبعية في سلسلة التذاكر. حميد الأبيض (فاس)

استمرار الاحتقان بوكالة النقل الحضري بفاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

معاناة مؤطري محو الأمية بالمساجد مستمرة

مقتل اثنين وإصابة عشرات في احتجاجات أفغانستان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات