ثورة الدبلوماسية

وجوه جديدة لإعادة الروح إلى عمل السفارات حمل المجلس الوزاري الذي عقد، أخيرا بالعيون، رسالة سياسية بتعيين عشرات السفراء من مشارب وكفاءات وخبرات متنوعة، تزاوج بين الفاعل السياسي والحقوقي وكفاءات من داخل وزارة الخارجية، كما حملت حضورا لافتا لوجوه نسائية بصمت المشهد الحقوقي والسياسي ببلادنا. واعتبر المتتبعون الأسماء الجديدة في سفارات المغرب، ثورة حقيقية في العمل الدبلوماسي للمملكة، في ظرفية تتطلب نشاطا فعالا للدفاع عن القضية الوطنية ومصالحه العليا في المحافل الدولية. سياسيون لكسب رهانات التمثيلية الخارجية اعتماد مقاربات جديدة في إسناد السفارات لأطر حزبية وحقوقية وجمعوية بقطع النظر عن الأسماء الحزبية التي تسربت أسماؤها، مرشحة لشغل مناصب دبلوماسية في العديد من العواصم، فإن العديد من المهتمين اعتبروا الأمر تحولا مهما في التعاطي مع الشأن الدبلوماسي، وأن المقاربة الجديدة في اختيار «البروفايلات» من شأنها أن تعطي نتائج إيجابية.وقال محللون إن المقاربة الجديدة في اختيار الأسماء، خصوصا المنتمية سياسيا وحقوقيا وتنشط في المجتمع المدني، من شأنها أن تجعل المغرب يتقدم دبلوماسيا، ويقتحم منتديات ظلت توجه ضربات إلى بلادنا بطريقة مبالغ فيها، ولا تستند إلى حجج، وذلك من قبل الدور المتعاظم لتطوير حقوق الإنسان، باعتبارها ركيزة تتخذها الدول، معيارا لتصنيف المغرب الذي عانى كثيرا تقصير الدبلوماسية الرسمية التي عوض أن تشتغل على ملفات، راحت مع كامل الأسف للاهتمام بأشياء أخرى لها علاقة بالمصالح الشخصية. والآن يتعين على أطر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون أن تلتقط هذه الإشارة، وتغير من منظورها الضيق للعمل الدبلوماسي، إذ تزعم أن وزارة الخارجية هي فقط من اختصاص «أبناء الدار»، الذين يشكلون في جزء ضئيل منهم، قامات كان لها حضور قوي في الشأن الدبلوماسي، الذي كثيرا ما أسال مدادا كثيرا. ومن أبرز الرسائل التي حملتها التعيينات الجديدة في صفوف السفراء، تفعيل الترقية الداخلية من خلال الدفع بالكفاءات على مستوى الخارجية، وإخراجها من فضاء الوزارة بحي حسان بالرباط، وتعيينها في بعض العواصم، وإعادة انتشار الأُطر الدبلوماسية /السفراء الذين انتقلوا من دولة إلى أخرى من خلال شبكة تقييم الأداء، وذلك وفق رؤية تحددها أولويات الدبلوماسية المغربية اليوم، وإعطاء مكانة خاصة للمرأة، خصوصا السياسية منها، نظير لمياء الراضي، نجلة عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التي كانت تشغل منصب مديرة مركزية مكلفة بالتواصل، وهي المهمة التي سبق أن تحمل مسؤوليتها في مجلس النواب، وحزب «الوردة» لشهور قليلة، قبل أن تتركها. وسبق للراضي أن اشتغلت مع الحزب الاشتراكي الفرنسي، وراكمت خبرة دبلوماسية مهمة، مكنتها من تقلد منصب سفير. وساعدت اللغة الإسبانية التي تجيد كنزة الغالي التحدث بها بطلاقة، بل تولت في مرحلة سابقة ترجمة كتب من العربية إلى الإسبانية للسفير السعودي السابق، وغيره من المسؤولين، في تعيينها سفيرة في بلد في أمريكا اللاتينية. كما أن الوعاء الحقوقي التي تحمله آمينة بوعياش، الرئيسة السابقة للمنظمة المغربية لحقوق الانسانية التي تجيد التحدث باللغة الفرنسية والإسبانية، منحها فرصة تحمل مسؤولية سفيرة في السويد، وهو البلد الذي تنشط فيه العديد من الجمعيات الحقوقية المعادية للوحدة الترابية. وبعدما كان سياسيــون من الأصالة والمعاصرة ينتظرون تعيين فتيحة العيادي في منصب سفيرة بحكم كفــاءتها، واشتغالها الجيــد على مستوى لجنة الشــؤون الخارجية بمجلــس النواب، ورد اسـم رفيقتها خديجة الرويسي التــي يكــن لهـــا بنكيران عداء مطلقــا، بسبب مواقفها ودفاعها عن الحريات الفردية. وبكلمة يمكن القول إن ما تحكم في التعيينات، سواء الحزبية، أو من داخل الوزارة الوصية، هو الانفتاح على الطاقات والبروفايلات الجديدة، بما في ذلك كفاءات من عالم الاقتصاد، ومناضلو حقوق الإنسان، ضمنهم «خريجو» السجون، وأطر حزبية، وأخرى من المجتمع المدني، متمرسة في الدبلوماسية الموازية، ما يعني، حسب عضو في ديوان صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية والتعاون أن رهانات الدبلوماسية اليوم متعددة الأبعاد، يحضر فيها التقني الخبير والحقوقي المتمرس والسياسي صاحب المرجعية، وفقا لأولويات واضحة وأهداف محددة، وعلى رأسها القضية الوطنية، وضمان دينامية في العمل الدبلوماسي.عبد الله الكوزي

سفراء محيط القصر... ممثلون فوق العادة

سفيرات "النضال"

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات