محاربة الفساد… لعبة خلط الأوراق

مستثمرون وتجار معتقلون في سجن الجديدة بسبب أخطاء الإدارة تناسلت، بحدة، تساؤلات حول حقيقة ملف المقاهي الشاطئية بمدينة الجديدة التي وجد أصحابها (9 أشخاص) أنفسهم بين عشية وضحاها وراء قضبان سجن «سيدي موسى»، بتهم لم يتبين لا المتهمون ولا الرأي العام ما هي بالضبط. والسؤال المحوري الذي يختزل كل التساؤلات هو: كيف يمكن الزج بمستثمرين غير مصنفين مبدئيا في خانة «الأشخاص الخطرين» في السجن، وإدراجهم في ملف مرتبط بالفساد لا علاقة لهم به أصلا، إذ يهم هذا الملف اختلاس المال العام، وهو ما لا يمكن أن يكونوا ضالعين فيه، بالنظر إلى أنهم ليسوا موظفين عموميين، بل تجار اختاروا الاستثمار في الواضح. لا يصح في بلد يصبو إلى مزيد من الديمقراطية أن تتحول محاربة الفساد إلى حق يراد به باطل، فيقدم أشخاص حطبا في محرقة من المفترض أن يكونوا بمنأى عنها. إن هؤلاء المستثمرين، الذين هم قيد الاعتقال الاحتياطي، نصبت عليهم الإدارة أولا، ليتم تمريغ كرامتهم وسمعتهم في وحل الشبهات ثانيا. وقد أصبح الرأي العام المحلي بالجديدة، بعد اطلاعه على وضعيتهم، وبعد تلاشي إشاعة أنهم استغلوا أرضا دون ترخيص من المصالح المعنية، مقتنعا أكثر ما يكون الاقتناع بأن التهم التي يريد البعض إلصاقها بهم قد تكون من أجل تسخين الملف ليس إلا.ولرفع الالتباس، وتقديم الحجة على أن هؤلاء المستثمرين لا يستحقون أبدا، بالنظر إلى القضية المطروحة، أن يزج بهم في السجن والتحقيق جار (هل كانوا سيهربون؟ وإلى أين؟ ولهم مشاريع رهنوا فيها أموالهم وزوجات وأبناء والتزامات وسمعة وكرامة؟). نشير إلى أنه في حوزة هؤلاء المستثمرين جملة من الوثائق التي تثبت أنهم حصلوا على الترخيص الفعلي من طرف سلطات البلدية، والعمالة، والوكالة الحضرية، للاستثمار في المقاهي التي تكبدوا كثيرا من المتاعب والضنك من أجل تشييدها وتسييرها. وهذه الوثائق هي: قرار الاستغلال المؤقت (من رئيس المجلس البلدي)، وتصاميم بناء المقاهي مرخص لها من طرف العمالة والوكالة الحضرية، ووثيقة التزويد بالماء والكهرباء من طرف الوكالة المختصة بالجديدة (راديج)، وبيانات أداء الرسوم على المشروبات للبلدية إلى حدود 31 دجنبر 2010. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك استغلال فعلي للمقاهي التي استفاد منها سكان الجديدة لمدة أربع سنوات، وتم تتبع أشغال البناء من طرف مصالح البلدية، والعمالة، والوكالة الحضرية، كما تم تتبع الأشغال من طرف مهندس معماري من القطاع الخاص.والواقع الذي لا يرتفع، هو أن هؤلاء المستثمرين شجعتهم السلطة المحلية على الاستثمار في مشروع ذي طابع سياحي وترفيهي، وعبدت لهم الطريق لإنجازه تحت مراقبتها، وبتنسيق مع المصالح التقنية والبلدية، ضمن مشروع قيل ساعتها إنه متكامل، ويتكون، زيادة على المقاهي، من مكاتب لإدارة الشاطئ، وإيواء الشرطة السياحية، وكذلك مراحيض ورشاشات للاغتسال، ومسالك لولوج الشاطئ. وما كانت كل هذه الإنجازات لتتم لولا موافقة وتشجيع المصالح البلدية التي سهرت على وضع التصاميم والتتبع اللازمين، كما لم يكن ممكنا الانخراط فيها لولا سهر السلطات المحلية بجميع رتبها من عامل الإقليم إلى آخر عون سلطة، على مراقبة تنفيذها واستغلالها، إلا أنه بعد مرور أزيد من أربع سنوات على تشغيل هذه المقاهي يتم اعتقال أصحابها بدعوى عدم أداء واجبات الكراء، وهم الذين كثيرا ما ترددوا على مصالح البلدية لتأدية هذا الواجب، إلا أن مصالح البلدية كانت تتعلل بعدم الاستطاعة (وقد اعترف وكيل المداخيل بالبلدية –القابض البلدي- لدى النيابة العامة أنه لم يستخلص هذه المبالغ لأنه لا يتوفر على قرار من وزارة الداخلية، رغم موافاتها بمحضر مقررات المجلس البلدي)، مع العلم أن البلدية استخلصت رسوما أخرى (خاصة بالمشروبات) من المستثمرين في هذه المقاهي على مدى أربع سنوات. إن مناخ الاستثمار سوف يتأثر من كل هذه القضايا التي تعتبر، حسب عائلات المتضررين، عملية نصب واضحة، وذلك بناء على طبيعة التعامل مع هذا الملف، والتي لا يمكن إلا أن تؤدي إلى انهيار الثقة بين المستثمرين والمسؤولين. ففي الوقت الذي كانت السلطة المحلية، وعلى رأسها عامل الإقليم تشجع العملية، وتحث المستثمرين على الإسراع في تنفيذ المشروع، وكان المجلس البلدي يتباهى بإنجازه مشروع شاطئ من أزهى شواطئ المغرب، أصبحت كل هذه المكونات في الوقت الحالي تتهرب، وتتنصل من الملف (مسؤولون، وإداريون، ومنتخبون) ليتم الزج بالمستثمرين في السجن بدعوى عدم أداء مبالغ الكراء، وإلحاقهم بملف المفسدين وهم منه براء، إذ هم ضحايا قبل كل شيء. المصطفى صفر

محاربة الفساد… لعبة خلط الأوراق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفرقة الوطنية تحقق في إرشاء عضو بمجلس طنجة

لجنة المالية تفتح ملف التحفيظ العقاري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات