منع مكالمات الأنترنيت … الحقيقة الضائعة

تبريرات غير مقنعة لوكالة التقنين وشركات الاتصالات تلقي بالكرة خارج ملعبها ما زال قطع الاتصالات الهاتفية عبر الأنترنيت مثار تساؤلات في أوساط مستعملي التطبيقات التي تتيح إمكانية إجراء المكالمات الهاتفية مجانا سواء داخل المغرب أو خارجه. ولم تنفع التبريرات التي تم تداولها في وسائل الإعلام والبيان الذي أصدرته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات من رفع اللبس حول الأسباب الحقيقية التي دفعت المشرفين على القطاع إلى قطع هذه الخدمة. فالوكالة أشارت في بلاغها إلى أن القانون يمنع على أي جهة تقديم خدمة إجراء المكالمات الهاتفية دون التوفر على ترخيص، في حين أحجمت شركات الاتصالات الثلاث عن التعليق حول الموضوع وكأن الأمر لا يعنيها، ما زاد الأمور غموضا لدى المستعملين. أفاد مصدر مطلع أن قطع المكالمات الهاتفية المجانية عبر الأنترنيت لن يقتصر على شبكات الهاتف المحمول من الجيلين الثالث (3G) و الجيل الرابع (4G)، بل سيشمل، أيضا، خدمة الاتصال غير السلكي بالأنترنيت «ويفي». وأوضح المصدر ذاته أن وقف المكالمات عبر هذه الخدمة سيتطلب بعض الوقت، وذلك لأسباب تقنية، لكن الفاعلين الثلاثة في قطاع الاتصالات سيحجبون إمكانية الاستفادة من المكالمات عبر الأنترنيت بواسطة تطبيقات «واتساب»، و»فايبر»، و»فايس تايم»، و»سكايب»...في الأيام القليلة المقبلة. اختلفت التبريرات والتأويلات بشأن الجهة التي تقف وراء قرار توقيف الخدمة والأسباب. فهناك التبريرات الرسمية التي صدرت عن الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات لتؤكد أن قطع هذا النوع من المكالمات استند إلى مقتضيات قانونية، مشيرة إلى قرار المدير العام، المتعلق ببروتوكول أنترنيت (IP)، الذي يلزم التوفر على رخصة لتقديم خدمة الهاتف للعموم، وبما أن هذه التطبيقات لا تتوفر على أي رخصة مقدمة من قبل الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، فإن نشاطها المتعلق بالمكالمات الهاتفية يعتبر غير قانوني، وعليه يتعين منعه. وذهب البعض إلى أبعد من ذلك عندما اعتبر أن المنع أملته دواع أمنية، بعدما أصبح من المؤكد أن هذه التطبيقات تحولت إلى وسيلة فعالة من أجل التجسس على مستعمليها، كما أنها تتيح الاطلاع على الحياة الخاصة للأفراد. لكن، إذا كان الأمر كذلك، لماذا سمح بالخدمة إلى الآن؟ خاصة أن القانون الذي أوردته الوكالة لتبرير قرار المنع صدر منذ 2004، فلماذا تم التسامح مع خرق هذه التطبيقات طيلة سنوات، ولماذا جاءت الصحوة متأخرة؟ لذا، وإن كان قرار تعليق الخدمة يجد سنده في المقتضيات القانونية، فإن محركه الأساسي يظل ذا بعد تجاري محض، إذ أن الإقبال على هذه التطبيقات، خاصة في ما يتعلق بالمكالمات إلى أو من الخارج، انعكس سلبا على نشاط الفاعلين في القطاع، وتؤكد ذلك المعطيات التي تكشف عنها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، إذ سجلت تراجعا في العائد المتوسط للدقيقة في ما يتعلق بالمكالمات على الهاتف المحمول، الذي لم يعد يتجاوز 0.28 درهم في الدقيقة، مقابل 0.33 درهم سنة من قبل. ويمثل ذلك خسارة بملايين الدراهم بالنسبة إلى الفاعلين في قطاع الاتصالات، ما دفعهم إلى التحرك والتنسيق في ما بينهم من أجل التصدي لهذه المنافسة الشرسة. وأكدت مصادر أن المنع سيطول المكالمات الهاتفية فقط، في حين أن الخدمات الأخرى، لن تعرف أي توقف، إذ يمكن بعث الصور وأشرطة الفيديو عبر هذه الوسائل. من جهة أخرى، فإن قرار المنع، بالمغرب، يأتي أشهرا قليلة بعدما أصدرت سلطة تقنين المواصلات الإماراتية قرارا يقضي بقطع خدمة المكالمات الهاتفية عبر الأنترنيت بواسطة التطبيقات ذاتها، وبررت السلطات الإماراتية قرارها، أيضا، بأن تقديم خدمة المكالمات الهاتفية يتطلب ترخيصا ويتعين أن يمر عبر مستغلي شبكات الاتصالات الحاصلين على رخصة، في إشارة إلى شركة «اتصالات» الإماراتية، التي، للمناسبة تمتلك الحصة الكبرى من رأسمال اتصالات المغرب، بعد اقتنائها حصة المجموعة الفرنسية «فيفندي». فهل الأمر مجرد صدفة؟ أم أن هناك خيطا رابطا بين المنع بالإمارات العربية المتحدة وبالمغرب، خاصة أن الجهة نفسها هي المستفيدة من المنع في البلدين. لكن ليست الوحيدة بالمغرب، إذ أن هناك فاعلين آخرين لا يمكن إلا أن يكونا مع القرار لأنه يصب في مصلحتهما أيضا. الأكيد أن المحرك الأساسي للقرار يظل ذا صبغة تجارية، ما دامت السلطات تغاضت كل هذه المدة، كما أنه يأتي في وقت قررفيه الفاعلون الثلاثة الزيادة في خدمة المكالمات الهاتفية نحو الخارج، ما دفع العديد من مستعملي شبكاتها إلى اللجوء إلى إجراء المكالمات الهاتفية نحو الخارج عبر الأنترنيت. عبد الواحد كنفاوي

منع مكالمات الأنترنيت … الحقيقة الضائعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنكيران وسوء الفهم مع الوزراء الحركيين

منع مكالمات الأنترنيت: درب غلف ... ملجأ المتضررين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات