استهتـار السياسـي

بلقاضي قال إن الأخطاء تدل على أن النخب السياسية خارج زمن المعرفة رفض ميلود بلقاضي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، المتخصص في التواصل السياسي، وصف الأخطاء الشفوية للوزراء بأنها زلات لسان، معتبرا أنها وقائع تحمل دلالات على استهتار النخب السياسية، التي تعيش زمنا آخر غير زمن المعرفة وتمارس السياسة دون وعي بأهمية الخطاب السياسي في صناعة الفعل السياسي. < تعددت، في الآونة الأخيرة، زلات اللسان، التي يقع فيها الوزراء وقيادات الأحزاب، وأصبحت تتسبب في إحراج كبير لأصحابها بفعل تداولها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ما هي قراءتكم للظاهرة ؟< من الناحية العلمية، وخاصة من زاوية علم التواصل السياسي، ليس هناك ما يسمى زلات اللسان، بل إنها أخطاء سياسية قاتلة تعكس التنشئة السياسية للفاعل السياسي، على اعتبار أن السياسة هي مجال له معجمه اللغوي يستثمره السياسي بذكاء كسلطة تتباهى فيها الأناقة اللغوية، ولذلك يمكن القول بأن التذرع بزلات اللسان تجسيد لنوعية نخبنا السياسية وانعكاس لخطابها وتواصلها السياسيين .< هل يعني ذلك أن الدفع بالأخطاء الشفوية مجرد تغطية عن نقص في التواصل؟ < لا يتعلق الأمر بأخطاء ولكنها وقائع تحمل دلالات على أن النخب السياسية المغربية تعيش زمنا آخر غير زمن المعرفة واللغة، نخب تمارس السياسة دون وعي بأهمية الخطاب السياسي في صناعة الفعل السياسي بكون العالم السياسي هو عالم الخطاب وبكون لغة الخطاب السياسي هي الوجه الآخر للسياسة، ولن يحذق في السياسة من لم يتقن لعبة اللغة السياسية ويتحكم فيها ويعي خطورتها. لكن يجب أن لا يفهم من هذا أن الخطاب السياسي هو السياسة كلها كما قال شارودو، وإن كان هو الوجه الآخر للسياسة وهو ما يحرك السياسة فعلا. باختصار فإن زلات اللسان عند السياسيين هي تعبير عن الرداءة اللغوية مقابل الأناقة اللغوية التي هي عمق الفعل السياسي السليم. < هناك من يربط الظاهرة بضعف الخبرة عند البعض وعدم التمرس على اللغة، هل تتفقون مع هذا الطرح؟< صحيح، الخطاب السياسي يبقى فضاء صراع - بامتياز- بين الفاعلين السياسيين لأن الحقل السياسي هو حقل تنافس وصراع من اجل إثبات الشرعية .صراع يدفع الفاعل السياسي إلى أن يتخذ من الخطاب السياسي فضاء للتموقع أو للتموضع بهدف تحسين وترسيخ صورة إيجابية عند الآخر، وذلك من خلال الاستثمار في الجانبين اللغوي والدلالي بشكل براغماتي ممنهج ، وهذا ما يغيب عند نخبنا السياسية التي تعتقد أن التواصل السياسي أو الخطاب السياسي هما مجرد لغو، أو استعمال لمفاهيم ولمصطلحات بطريقة اعتباطية دون بذل اي مجهود لاختيار لغة الخطاب والاستثمار الجيد فيها لأنها بمثابة ذخيرة حية في مجرى الصراع .وعلى هذا الأساس نقول إن المشكل – هنا- ليس مشكل تجربة أو خبرة ولكنه انه استهتار السياسي بأهمية اللغة السياسية وعدم الوعي بخطورتها، إنه استهزاء من خصوصية اللغة السياسية المدمرة واستخفاف بأهميتها وتكبر من الفاعل السياسي من أن يتعلم اللغة السياسية من المختصين، على اعتبار أن عالم اللغة السياسية له قواعده.< ألا تعتقدون أن الاعتذار يكفي لتجاوز زلات السياسيين، أم أن طبيعة الخطاب واستثنائية المرحلة تصعب مأمورية المتكلمين في الشأن العام؟ < قمة العبث السياسي والاستهتار اللغوي أن يعتذر السياسي عن زلاته اللسانية فيجب أن يتحمل المسؤولية ويؤدي التكلفة لأنه يمارس مجالا دون وعي بان كيفية صياغة الخطاب وكيفية انتقاء مفاهيم التواصل، يبقى هو جوهر العمل السياسي ذاته.وبأن استعمال المفهوم في السياسية كاستعمال الأسلحة في الحرب إما أنها تدمر العدو أو تدمر صاحبها، إذا أساء استعمالها.ويمكن تفسير هفوات اللغة من زاوية تحليل الخطاب السياسي على أنها لعب بالمفاهيم وبالمصطلحات وبالتالي تغيير دائم للأقنعة، مما يجعل الخطاب السياسي فضاء مناسبا لتبادل الأدوار، لذلك وجب أخذ كل كلمة على قياس ما تعنيه، سواء تم التصريح به أم لا. أجرى الحوار: ياسين قُطيب

استهتـار السياسـي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مافيا العقار تجهز على مشروع بـ 180 مليارا

الشفـوي… مصيـدة بنكيـران ووزرائـه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات