توجه المغرب نحو الشيخوخة ظاهرة غير صحية

عبد القادر برادة: على الحكومة أن تهتم بشريحة المسنين قال عبد القادر برادة، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط إن على الحكومة ووزارة التضامن أن تهتما بشريحة المسنين، موضحا في حوار مع "الصباح" أن ارتفاع نسبة الشيخوخة في المغرب ناتج عن تحسن الخدمات الصحية في البلاد. بماذا تفسرون توجه المغرب نحو الشيخوخة؟يجب التأكيد أولا على أن هذه الظاهرة غالبا غير صحية، لأنها ناتجة عن تراجع نسبة الولادات من 3 تقريبا منذ 20 سنة إلى 1.20 خلال السنوات الأخيرة، وهذا ناتج عن سياسة التخطيط العائلي التي تبناها المغرب تحت ضغط الوكالة الأمريكية للتنمية ومؤسسة فورد وكذلك نسبة الوفيات التي مازالت مرتفعة خاصة في العالم القروي ووسط الرضع. وظاهريا يمكن أن نقول إن ارتفاع نسبة الشيخوخة في المغرب ناتج عن تحسن الخدمات الصحية في البلاد لأن ارتفاع أمد الحياة من الولادة إلى الوفاة أمر إيجابي يجب أن يتبناه الرسميون، لكن في المقابل نجد نسبة كبيرة من المغاربة وبالخصوص في العالم القروي، فهذه الفئة تعيش في الفقر الهيكلي بالنسبة للمسنين من الجنسين. وأعتقد أيضا أن تحسين أمد الحياة يعني أن الإنسان إذا كان يعيش بطريقة كريمة فإن هذا الأمر جيد وإذا لم يكن يعيش كذلك فماذا يهمه إذا هو عاش حياة أطول، وبالتالي فعلى الحكومة ووزارة التضامن أن تهتما بهذه الشريحة من الناس لكي يعيش الإنسان المغربي في ظروف جيدة.ما هو تأثير شيخوخة المجتمع المغربي على صناديق التقاعد؟يجب على صناديق التقاعد أن تأخذ بعين الاعتبار توجه المجتمع المغربي نحو الشيخوخة، رغم أن المشاكل التي يعانيها الصندوق المغربي للتقاعد اليوم ناتجة إلى حد ما عن المدنيين لأن العجز غير مطروح والدولة بذلت جهودا خلال السنوات الماضية من أجل تجاوز العجز، إلا أنها تبقى غير كافية. والملاحظة الأخرى التي يجب أن أشير إليها تتمثل في أن على الدولة يجب عليها أن تضع سياسة صحية تجعل من هذه الشريحة من المواطنين في صحة جيدة، بحيث إذا كان لدى أي شخص من هذه الشريحة مشكل صحي يفاجأ بأنه ليس له الحق في التداوي، ويكتشف أنه غير مرغوب به وأن العناية تعطى للمرضى الأصغر سنا لأن المؤسسات الصحية والمستشفيات العمومية وخصوصا في العالم القروي غير مؤهلة لأن وزارة الصحة تهمل هذا النوع من المؤسسات. وهناك فكرة خاطئة منتشرة في المغرب تفيد بأن الناس المسنين لا طائل من مداواتهم ويجب عليهم أن ينتظروا أجلهم.ما هو أثر الشيخوخة على الاقتصاد المغربي؟أعتقد أن للشيخوخة أثرا هاما على الاقتصاد المغربي، لأنه إذا كانت شريحة مسنة في حالة صحية وعقلية جيدة، فهي حتما لن تكون عالة على المجتمع، وإذا تم الاهتمام بهذه الشريحة فإنها ستشكل فرصة للاقتصاد لأنها ستشكل طلبا جديدا بالنسبة لقطاع الصحة سواء الخاص أو العام، وكذلك بالنسبة لحاجياتها لأننا نجد في الدول المتقدمة كفرنسا واليابان أنهم لا ينظرون إلى هذه الشريحة كعالة بل كفرصة اقتصادية واجتماعية لتحريك الاقتصاد. وفي المغرب وفي ظل غياب سياسة حكومية تأخذ بعين الاعتبار هذه الجوانب فإن السكان النشيطين والشباب هم من سيتحمل عبء هذه الشريحة، لأن الشباب سيتحملون مصاريف علاج آبائهم في ظل غياب أي تغطية صحية أو معاش لدى هؤلاء المسنين. ويصبح هؤلاء الشباب هم من يلعب دور التأمين الاجتماعي، وهذا الأمر يعقد حياتهم لأنهم يضحون على حساب حاجياتهم الشخصية كالزواج ويصبح هذا الأمر عرقلة لحياتهم لأن الدولة والقطاع الخاص لا يتحملان مسؤوليتهما ويجب أن لا ننسى أن 80 في المائة من المغاربة الذين يعملون بالقطاع الخاص لا يتوفرون على تغطية صحية إذن هؤلاء الأشخاص الذين يشتغلون دون تغطية صحية، أو معاش فإن الشباب هم الذين يصبحون مسؤولين عن صحتهم، وهو ما يرهن مستقلبهم، وعوض أن يتزوجوا في 30 سنة يؤجلون هذا الأمر إلى 35 سنة. وبخلاف دول أخرى التي تشكل فيها فئة الشيوخ عاملا لتحريك الاقتصاد، فإننا نجدهم في المغرب عالة على المجتمع، لأن الدولة لم تقم بدورها ولا تتعامل مع هذا الموضوع بجدية. وأعتقد أن هناك غيابا لإرادة سياسية لأن هذا الموضوع لم يناقش في البرلمان منذ سنة 1977 ولم يناقش كذلك في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لأن الحق في الصحة من حقوق الإنسان الأساسية. وأنا سبق لي أن طرحت فكرة لم يرد عليها أحد، قلت فيها إن إطالة أمد الحياة في المغرب مسألة جيدة بالنسبة للأشخاص الذي يتوفرون على تغطية صحية ومعاش جيد، أما الذين لا يتوفرون على هذه الأمور فإنهم يعانون كثيرا خاصة في العالم القروي. وحتى مراكز إيواء المسنين التابعة للدولة على قلتها وانعدامها داخل القرى فإن وضعية المسنين فيها تبقى صعبة في المغرب رغم مساهمة عائلاتهم في الإشراف على حالاتهم.من الناحية الاقتصادية توجه المجتمع المغربي نحو الشيخوخة سيؤدي إلى استيراد المغرب للعمال؟ هذه مسألة مهمة لأنه في وقت من الأوقات سنحتاج إلى العمالة رغم أن النظام الاقتصادي المطبق في المغرب غير واضح المعالم يقوم على التخطيط المتوسط وبعيد المدى، وفي المجال الديموغرافي هناك دراسة قام بها عالما إحصاء فرنسيان تؤكد أن المغرب سيتوجه نحو الشيخوخة وأن العائلة المغربية تحررت من بعض القيود نتج عنها انخفاض في الولادات. وهناك تخوفات من أن يحصل عجز في العمالة في العالم القروي في المستقبل مع ظاهرة الهجرة نحو المدن، إذ يمكث المسنون اليوم في القرى في أوقات الحصاد لا يجدون العمال للقيام بالأعمال الفلاحية ومشكل العمالة يمكن أن يطرح خلال 20 سنة، ويجب أن نفكر فيه منذ الآن. أجرى الحوار: إسماعيل روحي انخفاض قوي لنسبة وفيات الأطفال والأمهات أكد البحث الوطني متعدد الزيارات أن معدل وفيات الأطفال انتقل من 149 في الألف سنة 1962 إلى 75.7 في الألف سنة 1987 لتبلغ 30 في الألف سنة 2010. وهو ما اعتبره البحث "انخفاضا قويا" إذا ما علمنا أن معدل وفيات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 0 و5 سنوات، كان يصل، إلى 213 في الألف سنة 1962 ثم بلغ 104 في الألف سنة 1987 ، ليصل إلى 36 في الألف سنة 2010. وذلك يعني أن طفلا واحدا من 7 كان يموت في الستينات قبل أن يبلغ واحدا من 33 حاليا، وأن أكثر من طفل واحد من 5 يموتون قبل سن الخامسة مقابل واحد من 28 اليوم.وانتقل معدل وفيات الأطفال في الوسط الحضري من 100 في الألف سنة 1962 إلى 45.5 في الألف سنة 1987 ثم إلى 25.7 في الألف سنة 2010 خلال الفترة نفسها، بمعنى أنه عرف انخفاضا بثماني نقط. وأكد البحث أن سكان الوسط القروي هم الأكثر استفادة من هذا الانخفاض، إذ انتقل معدل وفياتها من 170 في الألف إلى 89.7 في الألف ثم إلى 35.3 في الألف مسجلا بذلك انخفاضا سنوي بلغ على التوالي 1.9 في المئة و2.6 في المائة. وأشار البحث إلى أن انخفاض وفيات الأطفال دون سن الخامسة الملحوظ يضع المغرب على درب إنجاز أهداف الألفية للتنمية في هذا المجال، إلا أنه يستدرك أنه رغم ذلك، "يجب أن تظل انشغالا رئيسيا للسياسات العمومية، وعلى الخصوص في مجال الصحة وتحسين ظروف عيش السكان، خاصة أن مستوى وفيات الأمهات يبقى بدوره رهينا بهذه السياسات". من جهة أخرى انتقلت وفيات الأطفال المرتبطة بالولادة من 227 وفاة لكل 100 ألف (186 في الوسط الحضري و167 في الوسط القروي) خلال الفترة الممتدة ما بين 1994 و2003 إلى 112 (73 و 148 على التوالي) سنة 2010 حسب البحث ذو الزيارات المتعددة.أما في ما يخص الأمهات فيرجع انخفاض وفياتهن، في جزء منه، حسب البحث ذاته، إلى انخفاض معدل الخصوبة ، ذلك أن الخصوبة عندما تنخفض فهذا يعني حملا وولادات أقل، وبالتالي التقليل من خطر تعرض الأمهات للوفاة. ض.ز

توجه المغرب نحو الشيخوخة ظاهرة غير صحية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شعباني: الدولة تتحمل مسؤولية هجرة المغاربة

الخصوبة الحضرية في منعطف خطير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات