بلمختار: أساتذة للغة الفرنسية لا يتقنونها

وزير التربية الوطنية قال إن الطلبة المتدربين وقعوا على الشروط الجديدة في محاضر قبل ولوج مراكز التكوين قال رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية، إن الحكومة مستمرة في تنزيل تدابير إصلاح المنظومة التربوية المستمدة من الرؤية الإستراتيجية للمجلس الأعلى للتعليم 2015-2030. وأكد بلمختار، في حوار مع "الصباح"، وجود إشكاليات كبرى، موروثة عن الماضي، تجتهد الوزارة في إيجاد حلول لها على المديين القريب والمتوسط، منها طريقة ومنهجية تعليم اللغة الفرنسية في التعليم الابتدائي، وما يرتبط بها من مشاكل بنيوية، أهمها أن عدد أساتذة اللغة الفرنسية بالسلك الابتدائي لا يتحكمون فيها. أجرى الحوار: يوسف الساكت < نبدأ معكم هذا الحوار من واحدة من الإشكالات العرضانية التي نبه إليها تقرير المجلس الأعلى للتعليم، ويتعلق الأمر بتعليم اللغات ولغة التدريس. كيف تقاربون هذه الإشكالية؟< هناك مراحل متعددة لإيجاد مقاربات وحلول لهذه الإشكالية، أولا، الانطلاق من المستوى الابتدائي من أجل إعادة النظر في منهاج وأسلوب تعليم اللغة الفرنسية، باعتبارها اللغة الأجنبية الأولى التي أوصى بها المجلس الأعلى في رؤيته الإستراتيجية 2030-2015. لم يعد ممكنا، اليوم، الاستمرار بالتدريس بالطريقة نفسها. وقد انطلقت الوزارة بالفعل في إعداد مشروع لتغيير المنهاج الحالي سيرى النور في القريب.أضف إلى ذلك، مشاكل متعددة مطروحة في تعليم اللغة، ضمنها، أساسا، أن عددا من أساتذة اللغة الفرنسية بالسلك الابتدائي يجدون صعوبة في التحكم في هذه اللغة، وهو مشكل بنيوي تعانيه المنظومة التربوية ككل، ونحن واعون به، ونعد لمشروع في هذا الإطار عن طريق التكوين في المستقبل، لكن لحل الإشكال في هذه المرحلة الانتقالية، نجرب بعض التدابير العملية، منها مثلا حصر العدد الحقيقي للأساتذة السلك الابتدائي الذين يتحكمون جيدا في اللغة، مقارنة مع الآخرين الذين يجدون صعوبة في ذلك (من أصل 128 ألف أستاذ بالتعليم الابتدائي، 60 ألفا منهم تكونوا في لغتين)، ثم العمل على الاستفادة من هذه الكفاءات الموجودة بشكل جيد، عبر تجريب أستاذ متخصص، وهي تجربة بدأ العمل بها في بعض المؤسسات الابتدائية، وأعطت نتائج مهمة.المرحلة الثانية بعد تغيير أسلوب تعليم اللغة وتحبيب التلاميذ فيها عبر أساتذة أكفاء، هي إضافة ساعات جديدة ومتقاربة لتقوية اهتمام المتعلمين بها، قبل أن تأتي المرحلة الأخيرة المتعلقة بالاستعمال، لأن لغة دون استعمال يومي وخارج جدران المؤسسة أحيانا، هي لغة ميتة. إذن هذه هي الأهداف التي نشتغل عليها بمراحلها الثلاث. < من الأرقام الصادمة التي نشرتها وكالة الولايات المتحدة الأمريكية للتنمية الدولية أن 62 من تلاميذ السنة الثانية ابتدائي لا يستطيعون حتى فهم سؤال مكتوب، ومنهم من لا يعرف القراءة والكتابة، كيف تشتغلون على هذه المعضلة؟< بالعكس، التلاميذ يعرفون القراءة والكتابة، وبسرعة أيضا أكثر مما تتصور، لكن لا يستطيعون أن يدركوا، أو يفهوا ما يقرؤون. إن المناهج المتبعة منذ سنوات، للأسف، اختزلت التعليم في تحويل الصورة والحروف إلى أصوات مسموعة فقط، دون فهم أو استيعاب، أو تحويل ما يقرأه التلميذ إلى نموذج ذهني، وهو المطلوب اليوم من العملية التعليمية والتعلمية في المغرب.< أين يكمن الخلل إذن، في التصور أم في التطبيق، أم في الرؤية والمقاربة ذاتها؟< إن المشكل في المقاربة في حد ذاتها مادام الأستاذ يطبق ما يطلب منه، وهي مقاربة تنطلق من خاصية الحفظ والشحن والتكرار، واختزال قدرات وكفاءات وذكاء التلميذ في ملء خزانه بمجموعة من المعارف والمعلومات مطلوب منه إفراغها حين تحين لحظة ذلك، ما يفسر عددا من سلوكات التلاميذ داخل القسم الذين يتسابقون في رفع أصابعهم للإجابة على سؤال، أو معلومة ما، وغالبا ما يرددون الأجوبة نفسها، قبل أن ينسى ما تعلمه إلى ما لا نهاية.نحن واعون بهذا الواقع ونعمل على تجاوزه بعدد من الإجراءات والتدابير على المستوى القريب أو المتوسط، وشرعنا في تنزيل عدد من التدابير وننتظر إنضاج الشروط وتوفر الإمكانيات لتنزيل أخرى.< الانتقال من مقاربة الحفظ والاعتماد على الذاكرة، إلى مقاربة أخرى، ليس موضوعا جديدا، وهو بالضبط ما أسمته الإصلاحات السابقة التدريس بالكفايات أو المهارات...< (يقاطع) يجب أن نعرف أن أي مقاربة لا يمكن الحكم على نجاحها أو فشلها، قبل تطبيقها في كليتها وشموليتها. ما حصل سابقا، أن جميع الإصلاحات والمقاربات السابقة، اكتفت بجوانب دون أخرى. أكثر من ذلك أن المقاربة السابقة توقفت في لحظة من اللحظات، لأسباب مختلفة، ما نتج عنه ضياع جميع المجهودات والتدابير السابقة. المشكل، في نظري، ليس في المقاربة في حد ذاتها، بل في طريقة تطبيقها وأجرأتها التي اقتصرت على تنزيل تدابير، بينما بقيت أخرى معطلة.وفي اعتقادي، أن التدريس بالكفايات، يمكن أن ينجح في مستويات عليا من التدريس، أو التكوين داخل المقاولات، أي أن يكون المستهدفون راكموا قدرا معينا من المعارف والمدارك، بينما يصعب تطبيقها في أسلاك التعليم الابتدائي، لاختلاف الآليات والوسائل.< هذه الرؤية تفترض تكوينا وإعادة تكوين للموارد البشرية التربوية العاملة اليوم في القطاع، ففاقد الشيء لا يعطيه؟ كيف تستحضرون هذا الإشكال؟< طبعا، إن الأستاذة هم بيت القصيد من جميع هذه الإصلاحات، لأنهم يوجدون في الواجهة، وينبغي أن نعطيهم التكوين والمعرفة الأساسية التي تمكنهم من تنزيل ذلك على نحو جيد.هذا الأمر يقتضي تحليلا موضوعيا للواقع، وما يجري بالضبط في هذا المجال. فهناك اختلالات متعددة يجب أن نقر بها ونعترف بها اليوم. اختلالات في التوظيف (توظيف أساتذة بلا تكوين، توظيف أساتذة مكونين بطريقة ما لكن غير صالحين ودون كفاءات، طبيعة التكوين الذي يخضع له الأستاذ...).انتقلنا من طريقة صارمة نوعا ما في التكوين عن طريق مراكز تكوين المعلمين وأساتذة التعليم الإعدادي، وأستاذة التعليم الابتدائي، إلى مرحلة تشتيت التكوين، إذ انتقل جزء منه إلى الجامعات، والجزء الثاني إلى مراكز التكوين الموحدة، ناهيك عن فترة التكوين غير كافية (سنة في الأقصى).< انتم تتحدثون عن مرحلة جديدة من التكوين لا يتجاوز عمرها أربع سنوات (تجربة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لم تبدأ إلا سنة 2011)، بينما الاختلالات تعود إلى سنوات..< طبعا، الاختلالات تعود إلى فترة سابقة، لكن تفاقمت في السنوات الأخيرة، علما أن الأساتذة والأستاذات غير مسؤولين عن هذه الوضعية، فقد طلب منهم يتكونوا وفق شروط معينة، ثم التحقوا بوظائفهم. اليوم، نبحث ونجتهد في وضع حلول للمستقبل، أي البحث عن طريقة لتكوين متماسك وصلب مبني على المعرفة والمهارات والكفاءات، وهذا يقتضي مراجعة عدد من المقتضيات والمواد والتدابير. هناك توجه حكومي لتكوين عدد كبير من الأساتذة في السنوات المقبلة، خصوصا في مواد اللغة الفرنسية والرياضيات واللغة الأمازيغية، بسبب النقص الكبير فيها.لكن، الذي وقع أن من مجموع الطلبة الذين تقدموا إلى إجراء امتحانات ولوج المراكز الجهوية، كان عدد المترشحين في بعض المواد لا يتجاوز 1.2 مترشحا لكل منصب بيداغوجي شاغر في السلكين الإعدادي والثانوي، من الطلبة الحاصلين على إجازات في هذه المواد. أكثر من ذلك أن المقبولين في لوائح اجتياز المباريات الكتابية لا يتمكنون من الحصول على نقاط عالية، وأغلبهم يحصل على معدل 5/20، وهي معضلة أخرى نواجهها، بمعنى أن الوزارة مطالبة، في حالة قبولهم، ببرمجة حصص جديدة في التكوين لرفع مستواهم المعرفي في المواد الحاصلين في إجازات فيها، قبل المرور إلى التكوين البيداغوجي والديداكتيكي، أي أن سنة واحدة من التكوين لم تعد كافية.الانتقال إلى سنة إضافية من التكوين، إضافة إلى كلفته المالية، يطرح مشكلا على مستوى الزمن المدرسي، إذ يمكن أن تمر سنة دون أن نحصل على أساتذة مكونين، يعوضون الأساتذة الذي غادروا إلى التقاعد، وهي مشكلة أخرى ستعترضنا.إشكالية التكوين غير مطروحة فقط على مستوى المراكز والمتخرجين الجدد، بل بالنسبة أيضا إلى بعض الأساتذة الممارسين الذين التحقوا في ظروف معينة بالوزارة. بالنسبة إلى هؤلاء استطعنا أن نجد حلا لإعادة تكوينهم عن طريق ما يسمى التكوين بالمصاحبة، أي تكليف أساتذة أكفاء بمجموعة من زملائهم لمرافقتهم وتأطيرهم وإعادة تدريبهم من جديد وتأهيلهم.< هذا الموضوع يحيلنا مباشرة إلى الوقفات الاحتجاجية للأساتذة المتدربين، أو الطلبة كما تسميهم الحكومة، ما الذي يجري بالضبط، علما أن الحكومة حسمت الموضوع في بلاغ صادر عن المجلس الحكومي؟< أستغل الفرصة لإعطاء مجموعة من التوضيحات للرأي العام الوطني. أولا، يجب الاتفاق أن المناصب المالية الممنوحة لوزارة التربية الوطنية لم تعد توازي المناصب البيداغوجية، فامتحانات الولوج إلى مراكز التكوين (يوليوز) تسبق عادة المصادقة على القانون المالي المحدد للمناصب المالية (آخر شتنبر).ما العمل إذن؟ هل نراجع المناصب البيداغوجية، ونطلب من بعض المتدربين المغادرة، لأنهم لن يوظفوا بعد انتهاء التكوين؟ أم نطلب من الأساتذة التحايل من أجل إسقاط جزء منهم في الامتحانات للحفاظ على العدد نفسه للمناصب المالية؟ وإذا أردنا ذلك فعلا، فأي معايير "موضوعية"؟أسئلة تبدو غير منطقية وغير منصفة، مهما حاولنا التدقيق في المعايير والمقاييس. ليكون الحل الأمثل هو الإبقاء على فرص التكوين والنجاح والاستحقاق، والبحث في مقاربات ومخارج أخرى للتوظيف خارج الإدارة العمومية، بالنسبة إلى هؤلاء الذين لم يتوفقوا في امتحان الولوج إلى الوظيفة العمومية (القطاع الخاص مثلا، ودول الخليج..)، وغيرها من الحلول الذي نبحث فيها.المشكل الآخر الذي كنا نعانيه في مقاربة التكوين مقابل التوظيف، أن جزءا كبيرا من الأساتذة المتدربين كانوا يعتبرون النجاح في الاختبارات الكتابية والشفوية هو جواز الحصول على وظيفة، بالتالي، لا يبذلون أي مجهود في التكوين البيداغوجي والمعرفي، وهو واقع يعرفه المؤطرون أنفسهم، الذين لا يملكون، في الواقع، سلطة النجاح أو الفشل.هذه مجموعة من المشاكل التي طرحناها في الحكومة ووجدنا لها بعض المداخل القانونية عبر إجراء تغيير في مرسوم التوظيف والمنحة. الوزارة والمتدربون...القبضة الحديدية < متهمون من قبل الأساتذة المتدربين بتوريطهم في شروط لا علم لهم بها قبل ولوجهم التكوين؟ < بالعكس، المرسوم صدر في يوليوز الماضي، أي قبل المباراة التي جرت في شتنبر، بمعنى أن الرأي العام الوطني كان يعرف قبل شهرين من المباراة أن هناك إجراءات وشروطا جديدة للولوج إلى مراكز التكوين، أي خفض قيمة المنحة، ثم أن التكوين لا يعني بالضرورة الولوج إلى الوظيفة العمومية.قبل الامتحان، أصدرنا إعلان المباراة لولوج مراكز التكوين، وذكرنا من جديد الطلبة بالإجراءات الجديدة بجميع التفاصيل المرتبطة بها حتى يكونوا على بينة من الأمر ويتخذوا القرار الذي يناسبهم. بطبيعة الحال، تقدم عدد منهم واجتازوا المباراة الكتابية بنجاح، وقبل المرور إلى الامتحان الشفوي، أعدنا تذكيرهم من جديد بالشروط الجديدة. العملية نفسها تكررت مع الطلبة الناجحين الذين وقعوا على محاضر الدخول تتضمن تذكيرا بهذه الشروط.في 12 أكتوبر التحقوا بفصولهم وشرعوا في دروس التكوين، وانتظر الطلبة شهرا كاملا، إلى حين إثارة المشكل في مركز طنجة، حيث خرج بعض الطلبة يحتجون على هذه الشروط التي وقعوا عليها، وطالبوا بالإنصاف إسوة بزملائهم، أي التكوين مقابل التوظيف، بل طالبوا الحكومة بإلغاء هذه المراسيم. هذه الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في طنجة سرعان ما وصلت إلى جميع المراكز الجهوية، حيث خرج طلبتها رافعين المطالب نفسها. سنمهل الخواص إلى 2017 لتوظيف أساتذتهم قطاع التعليم الخاص أساسي وله أدواره الكبرى التي يقوم بها في تأهيل منظومة التعليم، لكن ذلك لا يعني عدم وجود مشاكل على مستوى تطبيق القانون بالنسبة إلى بعض المؤسسات الخاصة، ومشاكل أخرى مرتبطة بالتقييم والمراقبة. صحيح أن هناك قضايا تعود إلى الوزارة (على مستوى المراقبة والمقررات البيداغوجية)، لكن هناك إجراءات أخرى موكولة إلى جهات أخرى (البنايات والتصاميم مثلا).الإشكال الأكبر مطروح على مستوى تحديد أسعار التمدرس في بعض المؤسسات الخاصة، وهي أسعار ترتفع سنة بعد أخرى. لا نستطيع أن نتدخل للحد من ذلك، لكن نستطيع أن نخلق شروط المنافسة للتحكم فيها.القطاع الخاص بعض القضايا أيضا التي ينبغي إيجاد حلول لها، مثل النقل المدرسي الذي يجري في بعض المؤسسات في شروط مسيئة للتلاميذ الذين يؤدي آباؤهم مقابلا عن ذلك، ثم نقاط المراقبة المستمرة التي نجتهد في إيجاد حلول لها عن طريق مراجعة المنظومة التقييمية، ناهيك عن مشكل التوظيف في القطاع، إذ مازالت مؤسسات تعتمد، بشكل كبير، على أساتذة التعليم العمومي، وهي وضعية سنتتهي منها سنة 2017، حين سيتمكن القطاع الخاص من الاعتماد كليا على موارده التربوية. في سطور - عين وزيرا للتربية الوطنية والتكوين المهني بتاريخ 10 أكتوبر 2013- بدأ مساره المهني في شركة IBM الفرنسية في 1967- أسس مع مجموعة من المهندسين أول شركة مغربية للاستثمار في ميدان تكنولوجيا المعلومات في 1973- عمل من 1980 إلى 1995، أستاذا زائرا بالمدرسة المحمدية للمهندسين، قبل أن يتم تعيينه من طرف الحسن الثاني وزيرا للتربية الوطنية.- في 1998 عين رئيسا لجامعة الأخوين- في 2006 عينه محمد السادس رئيسا للمرصد الوطني للتنمية البشرية- شغل منصب رئيس المجلس العلمي لتقرير الخمسينية حول التنمية البشرية (2003-2006) - عضو المجلس الاستشاري لمعهد البنك الدولي (1998-2001) - عضو لجنة خبراء الإدارة العمومية للأمم المتحدة (2009-2001)

بلمختار: أساتذة للغة الفرنسية لا يتقنونها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجيش يستعيد هيبته

الأمن يستمع إلى شبيهة انتحارية باريس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات