Page 7 - عدد الإثنين صحيفة الصباح
P. 7

‫‪7 www.assabah.ma‬‬                                                                                                                                                                 ‫الثلاثاء ‪ ٢٠٢٠/٥/١٩‬العدد‪٦٢٢٢ :‬‬                                                                 ‫نحن ورمضان‬

                                                         ‫يوميات هارب‬                                                         ‫التاريخ السري للشبيبة الإسلامية‬

          ‫من جحيم الرصاص محجوب‬                                                                                  ‫زلزال جهيمان يطيح بمطيع‬                                                                                                                                             ‫الحلقة التاسعة‬
          ‫بنموسى‬                    ‫‪3‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                ‫يهدف عبد الرحيم مهتاد‪ ،‬أحد‬
‫محجوب بنموسى‪ ،‬مثقف مغربي اختار المنفى الاختياري في هولندا‪ ،‬هربا‬                                          ‫(خاص)‬  ‫جهيمان العتيبي كان على تواصل مع عبد الكريم مطيع‬                                                           ‫فــي خـضـم الــصــراع بــن تــيــار الــربــاط‬        ‫رموز تنظيم الشبيبة الإسلامية‪ ،‬من‬
‫من جحيم الاعتقالات والملاحقات‪ ،‬التي طالته في منتصف الستينات وبداية‬                                                                                                                                                        ‫والبيضاء حـول قـيـادة التنظيم‪ ،‬عمدنا نحن‬              ‫خلال هذه الحلقات‪ ،‬توجيه رسائل إلى‬
‫السبعينات‪ ،‬كاتبا عاما للشبيبة الاتحادية‪ ،‬ومناضلا سياسيا ذا مواقف معارضة‪.‬لكن‬                              ‫حـشـد أنــصــاره ودعــاهــم إلــى مـبـايـعـة رفـيـقـه‬                 ‫الحصول على دعم مالي مهم‪.‬‬                   ‫تيار البيضاء إلى تبني مواقف أكثر راديكالية‪،‬‬           ‫الشباب المغربي‪ ،‬مفادها ضرورة التعامل‬
‫مواقفه المعارضة ستقوده إلى السجن إبان فترة محمد أوفقير وإدريس البصري‪،‬‬                                    ‫محمد عبد الله القحطاني‪ ،‬خليفة للمسلمين‪،‬‬                  ‫لــكــن خـــال إحــــدى الــــزيــــارات لمـطـيـع‬       ‫ضـدا في قيادة الأربـعـن‪ ،‬ضمنت في مناشير‬               ‫بذكاء وحذر مع رسائل الاستقطاب‬
‫ولم ينج من ملاحقتهما إلا بعد هروبه صوب الجزائر وتونس وليبيا‪ ،‬ومنها إلى‬                                                                                            ‫بالسعودية‪ ،‬غير أبو النعيم وبكار توجههما‬                 ‫وكـتـابـات عـلـى الــجــدران‪ ،‬ووصـلـت إلــى حـد‬       ‫من أي تنظيمات سياسية أو دينية أو‬
                                                                                                            ‫وإماما لهم على أساس أنه المهدي المنتظر‪.‬‬               ‫السياسي والتنظيمي‪ ،‬بعد أن تم استقطابهما‬                                                                       ‫أجهزة أجنبية‪ ،‬لتفادي المصير الذي‬
             ‫فرنسا‪ ،‬قبل أن يختار هولندا منفى له‪ ،‬وظل يستقر بها إلى الآن‪.‬‬                                 ‫واستغل جهيمان وأنصاره فتح الحرم في‬                       ‫مـن قبل رمـوز دينية سعودية‪ ،‬وتـأثـرا بالفكر‬                           ‫الدخول في مواجهات معهم‪.‬‬                 ‫عاشه رفقة باقي أعضاء التنظيم‪.‬‬
‫عاد محجوب بنموسى إلى المغرب في بداية الألفية الحالية‪ ،‬بعد مبادرة‬                                         ‫وجه الجميع‪ ،‬فأدخلوا جميع أنـواع الأسلحة‪،‬‬                 ‫الوهابي‪ ،‬خصوصا الألباني‪ ،‬فنقلا هذا المذهب‬               ‫لـم يـكـن الـنـظـام وقـتـهـا فـي مـوقـف محايد‬         ‫يؤمن مهتاد بفكرة أن «اللعب» مع‬
‫الإنصاف والمصالحة‪ ،‬لتتجدد صلته من جديد بزملائه السابقين‪ ،‬ممن اشتغل‬                                       ‫حتى الثقيلة منها لمدة طويلة‪ ،‬قبل أن يعلنوا‬               ‫المـتـطـرف إلــى المــغــرب‪ ،‬ولــم يـعـودا يـعـتـرفـان‬  ‫من هذا الصراع‪ ،‬بل كان يتابع هذه التطورات‪،‬‬             ‫هذه الأجهزة والتنظيمات المتطرفة‪،‬‬
‫وإياهم في المسرح والتلفزيون والسينما‪ .‬ألف بنموسى العديد من النصوص‬                                        ‫احـتـالـهـم الـحـرم وتـنـدلـع مـواجـهـات شـرسـة‬          ‫بـوجـود الـشـبـيـبـة الإسـامـيـة وتـنـكـرا لمطيع‬        ‫وعــمــد إلــى اسـتـقـطـاب عـنـاصـر إلــى صـفـه‪،‬‬      ‫يشبه رمي الصياد الطعم في صنارته‬
‫المسرحية والتلفزيونية وشارك في أعمال فنية عديدة سواء في التلفزيون‬                                        ‫كـبـدت الـقـوات الـسـعـوديـة خـسـائـر فـادحـة في‬         ‫نهائيا‪ ،‬وصـارا ينسقان مـبـاشـرة مـع مشايخ‬               ‫خصوصا تـيـار عبد الإلـه بـنـكـيـران‪ ،‬الـذي بدأ‬        ‫للسمكة‪ ،‬إذ أنها تتمهل في أكلها‪ ،‬ولما تقع‬
‫أو المسرح أو السينما‪ ،‬كما اشتغل مقدم برامج في قنوات فضائية هولندية‪ .‬في‬                                   ‫الأرواح‪ ،‬دفعها إلى الاستنجاد بجيش أجنبي‪،‬‬                                                                         ‫نفوذه يتقوى‪ ،‬والنتيجة‪ ،‬صارت توزع صكوك‬                 ‫في الفخ‪ ،‬تكون أمام ثلاثة احتمالات‬
‫السلسلة الحالية يستحضر بنموسى ذكريات مع نضالاته في الستينات والسبعينات‬                                   ‫وعـلـى الـخـصـوص الـفـرنـسـي‪ ،‬الــذي تـمـكـن من‬                            ‫وقيادات في السعودية‪.‬‬                  ‫الـغـفـران على أعـضـاء الشبيبة الإسـامـيـة‪ ،‬إذا‬       ‫صادمة‪ ،‬إما أن تؤكل أو يتم الاحتفاظ‬
                                                                                                         ‫فك الحصار وإخـمـاد التمرد‪ ،‬لتكون المفاجأة‪،‬‬               ‫ظل مطيع ضيفا عزيزا بالسعودية إلى أن‬                     ‫تنكروا للمؤسس مطيع‪ ،‬واصطفوا في خندق‬                   ‫بها في مجمد لمدة طويلة‪ ،‬أو تستعمل‬
                                ‫والاعتقال والهروب من جميع الملاحقات‪.‬‬                                     ‫أنه من بين المعتقلين إلى جانب جهيمان‪ ،‬عبد‬                                                                        ‫«الفئة الناجية» أي تيار بنكيران‪ ،‬في حين كان‬           ‫طعما للإيقاع بفرائس أخرى‪.‬‬
                                                                                                         ‫العزيز فـوزي‪ ،‬قيادي في الشبيبة الإسلامية‪،‬‬                 ‫أبو النعيم وبكار‬                                       ‫مصير من ظل مخلصا لمطيع مؤسس التنظيم‪،‬‬                  ‫مصطفى لطفي‬
‫عيسى الكامحي‬                                                                                             ‫حينها فر عبد الكريم مطيع إلى الكويت ومن‬                   ‫استقطبا من قبل‬                                         ‫المـضـايـقـات والاعــتــقــالات‪ ،‬إذ عـانـى عــدد من‬
                                                                                                         ‫ثـم إلـى أوربـا‪ ،‬بعد أن بينت تحقيقات النظام‬              ‫رموز دينية سعودية‬                                       ‫الـقـيـادات‪ ،‬مـن قبيل إدريـس شاهي والراحلين‬                    ‫عبد الرحيم مهتاد‬
 ‫الرصاص لإخماد ثورة فاتح ماي‬                                                                             ‫السعودي أن مطيع كـان على علاقة مع حركة‬                   ‫خلال زيارتهما لمطيع‬                                     ‫الـشـيـخ زحـل والـعـمـرانـي مـنـهـا بـشـكـل مـبـالـغ‬
‫وجد محجوب بنموسى صعوبة بالغة في العودة إلى الدراسة‪ ،‬بعد انتهاء فترة التجنيد‪،‬‬                             ‫جـهـيـمـان‪ ،‬ووسـيـلـة الـتـواصـل بـيـنـهـمـا‪ ،‬عبد‬                                                                ‫فيه‪ ،‬إذ كان يتم اعتقالهم واستجوابهم‪ ،‬كلما‬
‫ولـم يستطع اللحاق بزملائه الطلبة‪ ،‬مـا جعله يلجأ إلـى مهنة أخـرى لمساعدة عائلته على‬                       ‫الكريم فـوزي‪ ،‬الـذي ذاق الـويـات لمـدة شهرين‬             ‫انقلبت الأمور رأسا على عقب‪ ،‬وصار المطلوب‬                ‫تـوصـلـت مـصـالـح الأمــن بـمـعـلـومـات عـن عقد‬
                                                         ‫مواجهة تكاليف الحياة اليومية‪.‬‬                   ‫في سجون السعودية‪ ،‬وكـان سينفذ فيه حكم‬                    ‫رقم واحد فيها‪ ،‬بعد الأحـداث الدموية بالحرم‬
‫يقول محجوب بنموسى‪ ،‬وهو يستحضر معاناته القاسية “التحقت بمعمل النسيج "‬                                     ‫الإعــدام‪ ،‬لـولا الـحـركـة الـتـضـامـنـيـة مـعـه الـتـي‬                                                                         ‫اجتماعات سرية للتنظيم‪.‬‬
‫سيفيطا"‪ ،‬واشتغلت مع العمال‪ ،‬كنت حينها انتهيت من قراءة كتاب رأس المال لكارل ماركس‪،‬‬                        ‫أطلقها مطيع من أوربـا‪ ،‬إضافة إلـى مبادرات‬                   ‫المكي‪ ،‬بزعامة جهيمان العتيبي في ‪.1979‬‬                ‫فـي خـضـم هـذه الـتـطـورات‪ ،‬كـان قـيـاديـان‬
          ‫وأصبحت أومن بالثورة العمالية على أساس أنها مفتاح التغيير"‪.‬‬                                     ‫أعضاء التنظيم بالمغرب ورفاقه‪ ،‬عبر مراسلة‬                 ‫فـاجـأت هـذه الأحــداث الـنـظـام الـسـعـودي‪،‬‬            ‫سابقان للشبيبة الإسلامية في منأى عن هذه‬
‫كان كتاب كارل ماركس عاملا حاسما في تغيير نمط تفكير بنموسى‪ ،‬الذي أصبح أكثر‬                                ‫جهات عليا سعودية وغيرها وتحميل النظام‬                    ‫الذي لم يكن مهيأ لها‪ ،‬ما استغله جهيمان‪ ،‬إذ‬              ‫الـصـراعـات والـفـوضـى التنظيمية‪ ،‬وهـمـا أبو‬
‫ثوريا من ذي قبل‪ ،‬الشيء الذي جعله ينضم إلى الاتحاد المغربي للشغل باعتبارها أكبر نقابة‬                     ‫السعودي مسؤولية موته‪ ،‬ليتقرر في النهاية‪.‬‬                                                                         ‫النعيم وبكار‪ ،‬اللذان أعلنا انسحابهما‬
‫عمالية‪ ،‬وأكـثـر مـن ذلـك سيصبح مـن نشطائها الـبـارزيـن "تلقيت اهتماما ملحوظا مـن قبل‬                                                                                                                                      ‫مـن الـشـبـيـبـة الإسـامـيـة فـي ‪،1979‬‬
‫مسؤول نقابة العلمي الكراوي‪ ،‬وكان يحثني على الانخراط في التنظيم الحزبي التابع للنقابة‪،‬‬                                               ‫الإفراج عنه‪.‬‬                                                                          ‫إذ كـانـا يـسـافـران إلــى الـسـعـوديـة‬
‫حينها كان الاتحاد الوطني للقوات الشعبية يعرف انشقاقا تنظيميا‪ ،‬خاصة فرعي الرباط‬                                                                                                                                            ‫لـلـقـاء مـطـيـع وتـلـقـي التعليمات‬
‫والبيضاء"‪ ،‬إذ كان يترأسه عبد الله إبراهيم‪ ،‬الذي أفصح عن هويتي التنظيمية‪ ،‬خصوصا‬                                                                                                                                            ‫مـنـه ونـقـلـهـا إلـى بـاقـي أعـضـاء‬
‫كنت التحقت بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية‪ ،‬الذي كان يتزعمه وقتذاك عبد الرحيم بوعبيد‬                                                                                                                                       ‫الـتـنـظـيـم فــي المــغــرب‪ .‬كـان‬
                                                         ‫وعـبـد الـرحـمـان بـنـعـمـرو‪ ،‬قـبـل أن‬                                                                                                                           ‫مـطـيـع يـسـتـغـلـهـمـا وبـاقـي‬
                                                         ‫ألتحق باللجنة الإداريـة للاتحاد‬                                                                                                                                  ‫أعــضــاء الـتـنـظـيـم الــذيــن‬
                                                         ‫المغربي للشغل ثم مكتب الشبيبة‬                                                                                                                                    ‫يزورونه‪ ،‬إذ كان يستجدي‬
                                                                  ‫العاملة"‪.‬‬                                                                                                                                               ‫بــهــم مــشــايــخ وأثـــريـــاء‬
                                                         ‫شــارك مـحـجـوب بـنـمـوسـى‬                                                                                                                                       ‫الـسـعـوديـة‪،‬‬
                                                         ‫في مظاهرة فاتح ماي سنة ‪،1972‬‬                                                                                                                                     ‫مــن أجـل‬

                                                         ‫وكــانــت أكــبــر المــظــاهــرات الـتـي‬
                                                         ‫شهدتها مـكـنـاس‪ ،‬هـكـذا يـواصـل‬
                                                         ‫حـديـثـه "اتــفــق المـكـتـب المـحـلـي‬
                                                         ‫لـلـنـقـابـة مـع الأمــن عـلـى الـطـريـق‬                                                                                ‫جرائم مروعة ‪3‬‬
‫بنموسىكاتباعامالنقابة النسيج (خاص)‬                       ‫الــذي يـمـر مـنـه المـتـظـاهـرون‪ ،‬أي‬
                                       ‫الانــطــاق مــن بــاب بـوعـمـايـر عـبـر‬
‫طريق الحاجب ومنه إلى شارع الجيش الملكي‪ ،‬إلا أننا اخترنا عقبة كابوبلان‪ ،‬قبل أن تعترض‬                      ‫جرائم اهتز لها استقرار مدن جهة فاس وارتكبها مجرمون رضعوا حليب وجرائم فوق العادة‪ ،‬نعيد تركيب ظروف وأسباب وحيثيات ارتكابها في هذه‬

‫طريقنا قوات من الشرطة والجيش أمام "لافوار" يتقدمهم كوميسير لم أتذكر اسمه‪ ،‬فتوجهت‬                         ‫حميد الأبيض (فاس)‬                                                       ‫الجريمة من ثدي الانحراف المبكر‪ ،‬فشبوا عليها دون أن تردعهم سنوات قضوها السلسلة‪.‬‬

‫إليه لأخبره بأننا سنصعد في حال التضييق علينا حاليا‪ ،‬ليرد علي بصوت جاف ""اسمع‬                                                                                                                                              ‫خلف أسوار السجن‪ .‬مجرمون يهابهم الجميع وسمعتهم ملطخة بدماء الأبرياء‪،‬‬
‫السي بنموسى ‪ ،‬اتفقنا مع النقابة على شارع الجيش الملكي وليس غيره‪ ،‬وإذا اخترقت الاتفاق‬                                                                              ‫معلم قتل ‪ 3‬ضحايا‬
                                       ‫سنطلق الرصاص‪ ،‬وهو ما تم فعلا"‪.‬‬
‫لم يكن بوسع القوات الأمنية إلا اختيار الرصاص لتفريق المتظاهرين‪ ،‬الذين فروا هربا‪،‬‬
‫خوفا على أرواحهم‪ ،‬تاركين بنموسى وحده في المقدمة‪ ،‬قبل أن يضطر بدوره إلى الهرب نحو‬
‫منزل صديقه الفلسطيني سالم العطاونة‪ ،‬الذي كان يستشيره باستمرار لفكره التقدمي‪.‬‬                             ‫رأسه‪ .‬مات الضحية الثالث وأصيب مرافقه بالشظايا‪ ،‬كما عائد‬                                     ‫يمنعاه من مواصلة إطلاق النار عليه‪.‬‬         ‫في تلك الليلة المقمرة‪ ،‬كانا في غاية الانتشاء يسقيان شجرة‬
‫ظـل هـدف محجوب بنموسى فـي بـدايـة السبعينات تنظيم عمال "سيفيطا"‪ ،‬الـذي كان‬                               ‫من السوق الأسبوعي‪ .‬أما المعلم فعاد لمنزله متحصنا به‪ .‬جلس‬                ‫مـات الـزوج ولطمت زوجـتـه العشرينية خـدهـا حـسـرة على‬          ‫الـجـوز خـلـف منزلهما بـقـريـة حـشـادة آيـت يـحـيـى وعـا بـقـيـادة‬
‫يديره الراحل العلمي التازي‪ ،‬العضو في البرلمان المغربي‪ ،‬فربط اتصالاته بالعمال الشباب‬                      ‫يدخن سيجارة تلو الأخـرى‪ ،‬كما لـو أن شيئا لـم يقع‪ ،‬منتشيا‬                ‫فقدانه وغدر العم‪ .‬صراخها كسر هدوء ليلة مقمرة وأخرج جميع‬        ‫إركلاون ناحية أزرو بإقليم إفران‪ .‬كانا في قمة الانتشاء والسعادة‬
          ‫واستقطب العديد منهم تحت شعار "العمل النقابي من أجل الحقوق والمطالب"‪.‬‬                                                                                                   ‫سكانها لتقصي حقيقة ما وقع‪ .‬ترجل إلى منزل الضحية وواصل‬          ‫بنفسيهما وعلاقتهما الـزوجـيـة النموذجية الـتـي أثـمـرت ابنين‬
‫انـتـخـب بـنـمـوسـى كـاتـبـا عـامـا لـنـقـابـة عـمـال الـنـسـيـج "سـيـفـيـطـا"‪ ،‬إلا أنـه وجـد الـعـديـد‬    ‫بإزهاق أرواح أبرياء لم يرتكبوا ذنبا يستحقون عليه عقابا‪.‬‬                                                                              ‫صغيرين كانا حينها في المنزل المجاور في حضن الجدة والعمة‪.‬‬
‫مـن المضايقات مـن قبل إدارة المعمل رغـم أن المـطـالـب ظلت عـاديـة‪ ،‬وتـابـع "بـدأت التحرشات‬               ‫حـيـنـهـا كــان الــدرك المـلـكـي أخـبـر بـتـفـاصـيـل المــجــزرة‪ ،‬قبل‬      ‫إطلاق النار عشوائيا على النوافذ والأبواب وكل ذي حركة‪.‬‬      ‫لم يخطر ببالهما أن طارئا سيعكر صفو بهجتهما ويحول الفرح‬
‫والاعتقالات‪ ،‬وعندما بلغ السيل الزبى أعلنا إضرابا عاما‪ ،‬فكان رد فعل الإدارة والأمـن هو‬                    ‫حلول عناصره بتعزيزات مهمة إلـى هـذه القصبة‪ ،‬وإحكامهم‬                    ‫أصـيـب عـم الــزوج وأخــتــه‪ ،‬بـجـروح مـتـفـاوتـة الـخـطـورة‪،‬‬
‫القمع والاعتقال وتشريد رموز النقابة‪ ،‬من ضمنهم عبد ربه‪ ،‬قبل أن يطولنا الطرد من المعمل‪،‬‬                    ‫السيطرة على الجاني بعد وضع خطة محكمة انتهت بإصابته‬                      ‫والتحقت شقيقته الثانية وزوجها السائق بعد لحظات‪ ،‬دون أن‬                             ‫دموعا منسابة على خدود كل العائلة‪.‬‬
‫حينها التحقت بمكتب المحامي للاشتغال عنده كاتبا‪ ،‬ثم سجلت اسمي في كلية الحقوق‬                              ‫بطلق نـاري بعدما حـاول إيـذاءهـم‪ .‬أوقـف المعلم المتقاعد قبل ‪5‬‬           ‫يسلما‪ .‬أضـاف "المعلم السفاح"‪ ،‬السائق إلـى ضحاياه‪ ،‬وتعقب‬        ‫قبالتهما ببضعة أمتار‪ ،‬جلس ذاك المعلم المتقاعد ابن أزرو‬
‫بطلب من الأستاذ المناضل محمد الخصاصي ك"طالب كفاءة"‪ ،‬حتى يسمح لي بالانضمام إلى‬                            ‫سنوات من ارتكابه هذه المجزرة‪ ،‬وعولج بالمستشفى قبل انطلاق‬                ‫زوجته بين القصب وأشجار الزيتون‪ .‬ولما خفتت حركتها‪ ،‬عاد‬          ‫المطلق‪ ،‬على قارعة الطريق المعبدة‪ ،‬يدخن سيجارته بعدما شرب‬
                                                         ‫الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"‪.‬‬                   ‫التحقيق معه لفك لغز جريمة تعتبر الأخطر والأبشع في تاريخ‬                 ‫أدراجه إلى منزله‪ ،‬مواصلا التربص بعابري الطريق‪ ،‬إلى أن جاء‬      ‫من الخمر الكثير بشكل أفقده تركيزه وتوازنه الجسدي والنفسي‪.‬‬
‫كـان الاتـحـاد الوطني في تلك الفترة يضم فريقين قويين‪ ،‬وهما الاتـحـاديـان‪ ،‬نسبة إلى‬                                                                                               ‫الدور على سائق سيارة استفسر عابرها‪ ،‬عما يقع‪ ،‬قبل أن يطلق‬       ‫كان المعلم انطوائيا لا يخالط أحدا من أبناء هذا الدوار ممن‬
‫الاتحاد الوطني للقوات الشعبية‪ ،‬والجبهة‪ ،‬وهو تحالف بين اليسار المتطرف‪ ،‬الذي كان ينعت‬                                                               ‫إقليم إفران‪.‬‬                                                                                  ‫بـدورهـم كـانـوا يتحاشون مجالسته أو الـحـديـث معه احتراما‬
‫"الاتـحـاديـن " بالبلانكيين" والانقلابيين‪ .‬يقول بنموسى "كـان صـراعـا دامـيـا بـن الفريقين‪.‬‬               ‫لا أحـد اهـتـدى لسبب مـعـقـول يـبـرر جريمته‪،‬‬                                                      ‫النار عليهما من مسافة قريبة‪.‬‬         ‫لرغبته وعزلته‪ ،‬خاصة بعد فشله الزوجي وطلاقه من أم ابنته‬
‫استقرت بالرباط من أجل الدفاع عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب‪ ،‬فكونت خلية من المناضلين‬                     ‫رغـم ادعـائـه سـمـاع عـبـارة "خصنا نـرحـلـوه" من‬                                                   ‫حـــــاولا الـــهـــرب لـكـن‬
‫لـلـدفـاع عـن الاتـحـاديـن‪ ،‬ومـن بـن أعـضـاء الخلية الـراحـل بوشتى بوعسرية ولعناية يحيا‬                  ‫قبل زوجة جاره في حديثها مع زوج ابنة أخيه‬                                                             ‫الـسـيـارة علقت فـي مجرى‬                                          ‫التي تزوجها بخنيفرة‪.‬‬
‫وآخــرون‪ .‬أتـذكـر أن رفيقنا يحيى لعناية تـعـرض للمحاكمة وضـرب ضـربـا مبرحا مـن قبل‬                       ‫أول ضحاياه‪ .‬حيلة لم تنطل على أحـد‪ ،‬ولن‬                                                                 ‫مــاء الـسـاقـيـة المـجـاورة‪،‬‬   ‫وحده عالم بما دار في خلده في تلك الليلة ولم يكشف عنه‬
‫أعضاء " الجبهة" وكـان يترأس المحاكمة عبد الواحد بلكبير‪ ،‬الشيء الـذي جعلني أترصده‬                         ‫تخفف عقابه الـذي سيكون شـديـدا بعدما‬                                                                    ‫فـكـانـت الطلقة الثانية‬        ‫في ما بعد‪ .‬وكل ما يعلمه الجميع‪ ،‬أنه سرعان ما تسلح ببندقية‬
‫رفقة بوشتى بوعسرية‪ ،‬وأشبعناه ضربا‪ ،‬أثناء خروجه من منزل شقيقه عبد الصمد بلكبير"‪.‬‬                          ‫تـوبـع أمــام غـرفـة الـجـنـايـات الابـتـدائـيـة‬                                                         ‫رصـــاصـــة أصــابــت‬         ‫صيد‪ ،‬وغـادر المـنـزل عـائـدا إلـى حيث كـان قبل دقـائـق‪ .‬لكن هذه‬
                                                                                                         ‫باستئنافية مكناس التي واصلت في ‪18‬‬                                                                          ‫الـــســـائـــق وهـــو‬      ‫المـرة بإصرار منه على إجهاض حلم الزوجين في الفرح‪ .‬صوب‬
                                                                                                         ‫ماي ‪ ،2020‬محاكمته في عاشر جلسة‪.‬‬                                                                              ‫صــاحــب مـنـبـت‬          ‫البندقية وأطلق رصاصة لم تخطئ الهدف كعادته‪ ،‬فهو قناص‬
                                                                                                                                                                                                                       ‫لــــلــــورود‪ ،‬فـي‬      ‫حـاز جـوائـز فـي مسابقات محلية‪ .‬إصـابـة الـزوج وصـراخـه‪ ،‬لم‬

‫إذا كان الديربي يحبس أنفاس البيضاويين ويشد أنظار المتتبعين الرياضيين المغاربة داخل الوطن مسار لاعبين اعتبروا نجوما في فترات زمنية متباعدة‪ ،‬واستطاعوا تدوين أسمائهم بمداد من ذهب في‬                                                                                              ‫"طرائف‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                ‫الديربي"‬
‫وخارجه‪ ،‬نظرا لما يعرفه من قتالية داخل المستطيل الأخضر من قبل لاعبين يعتبرون المباراة بطولة تاريخ الكرة الوطنية‪ ،‬حتى صاروا اسما موشوما في الذاكرة المغربية لدى الجماهير التي مازالت تتغنى بهم‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫‪3‬‬
‫محمد بها‬                                                                                                 ‫وسط البطولة الوطنية‪ ،‬فإنه لا يخلو من طرائف تحولت إلى نكت يتم تداولها كلما حان الموعد الكروي وتستحضر إنجازاتهم‪.‬‬

                                                                                                                            ‫بالبطولة الوطنية‪.‬من خلال سلسلة "طرائف الديربي» سيتم تسليط الضوء على أهم الوقائع الطريفة في‬
                                       ‫اللويسي‪ :‬شارة عمادة بضمادة‬
          ‫نجم الوداد اضطر إلى الاستعانة بضمادة ومدرب خاض اجتماعا بدون ارتداء "شورط" أو سروال‬

‫مـع الـاعـبـن اسـتـعـدادا لمـبـاراة الـديـربـي داخـل‬     ‫(أرشيف)‬                                         ‫هشام اللويسي‬                                                            ‫كبير من الجماهير تمثل اثنين من كبار وأشهر‬                      ‫مــن بــن الــطــرائــف الــتــي يـتـذكـرهـا هـشـام‬
‫المعسكر الذي كنا نخوضه‪ ،‬قرر استدعاء أربعة‬                                                                                                                                        ‫الأنـصـار والمشجعين فـي المـغـرب والـخـارج ليس‬                 ‫الـلـويـسـي‪ ،‬نـجـم الــــوداد الأســبــق‪ ،‬فــي مــبــاراة‬
‫لاعـبـن مـن بينهم أنــا‪ ،‬حـيـث أبـلـغـنـا للالتحاق‬                                                                                                                                                                                              ‫الـديـربـي الـبـيـضـاوي‪ ،‬نـسـيـانـه شــارة الـعـمـادة‪،‬‬
‫بـغـرفـتـه لـعـرض بـعـض الـخـطـط الـتـي لا بـد من‬                                                                                                                                                                ‫بالأمر السهل‪.‬‬                  ‫"أول ديربي سأكون فيه أنا هو العميد‪ ،‬وجدت‬
‫اعتمادها‪ ،‬إلا أننا تفاجأنا به وهو يتكلم دون أن‬                                                                                                                                   ‫لــلــديــربــي طــعــم خــــاص لــــدى الــجــمــهــور‬        ‫نفسي قـد نسيت الـشـارة فـي مـسـتـودع الملابس‬
‫يرتدي سرواله أو حتى "شورط" بل كان مرتديا‬                                                                                                                                         ‫والـاعـبـن عـلـى حـد ســـواء‪" ،‬لـكـي تـتـحـول من‬
‫فقط تبانه‪ ،‬قبل أن يتم تنبيهه ليستدرك سهوه"‪.‬‬                                                                                                                                      ‫مـشـجـع وفــي يـشـجـع خـلـف المــدرجــات وتصبح‬                              ‫بعد صعودي إلى أرضية الملعب"‪.‬‬
‫وأضـــاف الـلـويـسـي وهــو يـغـالـب ضحكته‬                                                                                                                                        ‫مـن بـن الـاعـبـن الـذيـن يـعـول عليهم لتحقيق‬                  ‫وأضـــاف الـلـويـسـي وهــو يـضـحـك "بـعـدمـا‬
‫"بعدما انتبه المـدرب إلـى موقفه المضحك تـدارك‬                                                                                                                                    ‫الانـتـصـارات والـدفـاع عن ألـوان الفريق العريق‪،‬‬               ‫وجدت نفسي بدون شارة العمادة ولأن الوقت لم‬
‫الأمــر وارتـــدى سـروالـه‪ ،‬وأكــد لـنـا أنـه مـن كثرة‬                                                                                                                           ‫ليس بالأمر السهل‪ ،‬وهي عوامل جعلتني أصاب‬                        ‫يعد يسعف على الانتظار اضـطـررت إلـى وضع‬
‫الـضـغـط الــذي يـسـيـطـر عـلـيـه اسـتـعـدادا لمـبـاراة‬                                                                                                                          ‫بالرهبة نـظـرا لجسامة المـسـؤولـيـة المـلـقـاة علي‬
‫الديربي اعتقد أنه يرتدي سرواله دون أن يشعر‬                                                                                                                                       ‫ولمـا تـحـظـى بـه المـبـاراة الـشـهـيـرة الـتـي تحبس‬                                               ‫ضمادة"‪.‬‬
                                                                                                                                                                                 ‫أنفاس سكان البيضاء والمغاربة داخـل وخـارج‬                      ‫وكـشـف نـجـم الــوداد أنـه اضـطـر إلـى خـوض‬
  ‫أنه في غرفته كان مرتديا فقط ملابس النوم"‪.‬‬                                                                                                                                      ‫أرض الـوطـن مـن مـكـانـة فـي مـنـافـسـات البطولة‬               ‫مباراة الديربي بوضع ضمادة مكان الشارة التي‬
‫ومــن بــن طــرائــف الـديـربـي الـتـي عـايـشـهـا‬                                                                                                                                ‫الـوطـنـيـة ولــدى الـصـحـافـة الـوطـنـيـة والـعـربـيـة‬        ‫نسيها في المستودع ولم يظهر لها أثر‪ ،‬ما جعل‬
‫اللويسي‪ ،‬ارتداء عدد من لاعبي الفريقين أقمصة‬                                                                                                                                                                                                     ‫الجمهور يتساءل عن سبب وضع الضمادة وما‬
‫بلاصق ثمنها "تكيت ديالها"‪ ،‬من شـدة التوتر‬                                                                                                                                                              ‫والعالمية"‪ ،‬يحكي هشام‪.‬‬
‫والارتباك الذي سيطر على نفسيتهم باعتبارهم‬                                                                                                                                        ‫سلسلة الطرائف المرتبطة بـأجـواء الديربي‬                                    ‫إن كان هناك حادث أصاب اللاعب‪.‬‬
‫يـخـوضـون مـبـاراة هـي بـطـولـة وســط الـبـطـولـة‬                                                                                                                                ‫البيضاوي‪ ،‬لا تتوقف عند هشام‪ ،‬إذ يتذكر نجم‬                      ‫واعـتـبـر الـلـويـسـي أن الـرهـبـة الـتـي يحظى‬
                                                                                                                                                                                 ‫الوداد أن أحد المدربين الذين أشرفوا على تدريبه‬                 ‫بها الـديـربـي تجعل الـاعـب مهما كـان مستواه‬
                                    ‫الوطنية‪.‬‬                                                                                                                                     ‫كيف جعلتهم رهبة الديربي يقعون في موقف‬                          ‫وتـجـربـتـه يـصـاب بـالارتـبـاك والـدهـشـة لأنـه لن‬
                                                                                                                                                                                 ‫مضحك‪" ،‬بعدما انتهى المـدرب من عقد اجتماع‬                       ‫يـلـعـب مــبــاراة عــاديــة‪ ،‬إذ مــبــاراة الـديـربـي لها‬
                                                                                                                                                                                                                                                ‫خصوصيتها التي تميزها واللعب أمـام تعداد‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12