Page 6 - عدد الخميس صحيفة الصباح
P. 6

‫نحن ورمضان‬                   ‫الخميس ‪ ٢٠٢٠/٤/٣٠‬العدد‪٦٢٠٦ :‬‬                                                                                                                                       ‫‪www.assabah.ma‬‬                                         ‫‪6‬‬

              ‫نهاية حزينة لنجوم ‪5‬‬                                                                                                                         ‫(الحلقة الخامسة)‬                      ‫يوميات درب مولاي الشريف‬

         ‫شوماخر‪ ...‬حادث‬                                                                   ‫ذاكرة محمد فكري‪ ،‬أحد قيدومي مناضلي اليسار الجديد‪ ،‬تشبه التنظيمي‪ ،‬وفي خطه السياسي‪ ،‬وفي تجدد أجيال من مناضليه‪ ،‬من‬
             ‫التزلج‬
                                                                                          ‫خلال حلقات يستعيد فيها بعض الشذرات المتفرقة من أيام وليالي‬                                            ‫مجلدا ضخما‪ ،‬بقي على الرفوف‪ .‬كان قدر هذا المناضل الكتوم‪،‬‬

                                                                                          ‫درب مولاي الشريف‪ ،‬والتي تشكل مقدمة لكتابة مذكرات‬                                                      ‫الفاعل خارج منصات التناظر والخطابة‪ ،‬أن يعيش ويرافق‪ ،‬منذ‬

                                                                                          ‫تعزز خزانة ما يعرف بـأدب السجون‪ ،‬وهي حلقات لا تخلو‬                                                    ‫بداية شبابه‪ ،‬جل محطات الانعطاف في تاريخ الحركة الوطنية‬

                                                                                          ‫من حكي يمزج بين السخرية اللاذعة والإيمان القوي بالقضايا‬                                                                                                   ‫التقدمية واليسارية‪.‬‬

‫في ‪ ،2009‬كشفت مجلة "سبورتس إليستريتد" عن أرقام مذهلة‬                                      ‫التي اعتنقها جيل من الشباب‪ ،‬وأدى في سبيلها ضريبة الاعتقال‬                                             ‫"الصباح" فتحت سجل ذاكرة هذا المناضل شديد‬
‫تتعلق بالمشاكل المالية التي يواجهها رياضيون محترفون معتزلون‪،‬‬
‫وأن نحو ‪ 60‬في المائة من لاعبي كرة السلة يفلسون في غضون خمس‬                                ‫لسنوات‪ ،‬في مرحلة ما يعرف بسنوات الجمر والرصاص‪.‬‬                                                        ‫التواضع‪ ،‬والذي عاش على مدى أزيد من نصف قرن‪،‬‬

                                         ‫سنوات من اعتزالهم‪.‬‬                                                                                                                                     ‫شاهدا صموتا على تحولات كبرى في جسد اليسار‬
‫وهناك من الرياضيين‪ ،‬من أخذت حياته منحا آخر‪ ،‬بعد الاعتزال‪،‬‬                                 ‫إعداد‪:‬برحوبوزيانيتوقيع مقال باسم علال الفاسي‬
‫كالجريمة والإدمان وفي بعض الأحيان إعلان الإفلاس‪ ،‬وهناك من‬
 ‫خطفه الموت في سن مبكرة قبل أن يتذوق طعم النجومية والمال‪...‬‬

‫نور الدين الكرف‬                                                                           ‫أول ما تبادر إلى ذهني حين ولجت المكان هو الوقت الذي سأبقى فيه صامدا وحيا داخل هذا المسلخ‬

‫يأمل ميك شوماخر السير على خطى والده الأسطورة مايكل شوماخر‪،‬‬
‫مـع تـقـدمـه خـطـوة جـديـدة نـحـو الـظـهـور الأول المـحـتـمـل فـي بـطـولـة الـعـالـم‬
                                           ‫لسباقات سيارات "فورمولا ‪."1‬‬                    ‫الـجـنـس"‪ ،‬وقـد قالها باللهجة الـدارجـة‪،‬‬                                                                                                                  ‫إذا كــانــت إرادة الإنـــســـان قــويــة‬
                                                                                          ‫ربـمـا هـذا الـذي جعلهم لا يـركـزون علي‬                                                                                                                   ‫وإيمانه بقضيته أصلب‪ ،‬فبإمكانه قهر‬
‫وتبدو قصة صعود ميك حدثا سعيدا لقصة حزينة يمر بها منذ اختفاء‬                               ‫كـثـيـرا‪ ،‬قـالـوا فـي أنفسهم إن هـذا مجرد‬                                                                                                                 ‫الــظــروف الـقـاسـيـة الـتـي يـوضـع فـيـهـا‪،‬‬
‫والـده بسبب الحادث الكارثي‪ ،‬الذي تعرض له مايكل خلال ممارسة التزلج‬                                                                                                                                                                                   ‫وهــذا مــا يـغـيـظ الأعـــداء‪ ،‬لأن غـايـتـهـم‬
                                                                                                         ‫راقن على الآلة الكاتبة‪.‬‬                                                                                                                    ‫دائما هي قهر المناضل‪ ،‬وكسر صلابته‬
                                                        ‫في دجنبر ‪.2013‬‬                    ‫ولا تـفـوتـنـي الــفــرصــة هــنــا دون‬                                                                                                                   ‫وزعزعة ثقته بمبادئه‪ ،‬وقتل بذرة الأمل‬
‫ويعد شوماخر السائق الأكثر نجاحا في هـذه الرياضة بعد أن فـاز في‬                            ‫الـتـوجـه بـتـحـيـة إكـبـار وتـقـديـر وإجـال‬
‫‪ 91‬سباقًا‪ .‬ويأمل ميك الابن الذي يشبه والده تماما من حيث الشكل وطريقة‬                      ‫لرفيقي العزيزين‪ ،‬علال الأزهر وإبراهيم‬                                                                                                                                    ‫في المستقبل في نفسه‪.‬‬

                                                                                          ‫المــوطــى‪ ،‬لأنــهــمــا تـجـنـبـا ذكـــر اسـمـي‬                                                                                                          ‫قـلـت فــي بــدايــة هـــذه الـــشـــذرات أو‬
                                                                                          ‫وعلاقتي التنظيمية القديمة بهما منذ‬                                                                                                                        ‫"الــخــربــشــات"‪ ،‬إن أول مــا تــبــادر إلـى‬
                                                                                          ‫مـرحـلـة الـتـأسـيـس‪ ،‬وهـــذا مــا جـنـبـنـي‬                                                                                                              ‫ذهني‪ ،‬حين ولجت المكان‪ ،‬كم من الوقت‬
                                                                                          ‫الكثير من العذاب الجسدي الذي لا قوة‬                                                                                                                       ‫سأبقى صامدا وحيا داخل هذا المسلخ؟‪،‬‬
                                                                                                      ‫لدي لتحمله‪.‬‬                                                                                                                                   ‫ولكن بعد أن تطبعت مع الوضع‪ ،‬لم يعد‬
                                                                                          ‫أتـذكـر يـوم أخـذونـي عـنـد كـبـيـرهـم‪،‬‬                                                                                                                   ‫يـهـمـنـي خـاصـي الـشـخـصـي‪ ،‬بـل بـدأت‬
                                                                                          ‫أو صـغـيـرهـم‪ ،‬لـسـت أدري‪ ،‬فـبـادرونـي‬                                                                                                                    ‫أفكر في رفاقي وبعض أقاربي‪ ،‬خوفا من‬
                                                                                          ‫بـالـسـؤال "أجــي أولــد الـحـرام أولــد ‪،...‬‬                                                                                                             ‫أن يمسهم القمع‪ .‬كنت أعتقد‪ ،‬أن لا أحد‬
                                                                                          ‫أنت اسمك علال الفاسي"‪ ،‬قلت لا‪ ،‬علال‬                                                                                                                       ‫يعرف علاقتهم بالتنظيم سـواي‪ ،‬وأول‬
                                                                                          ‫الفاسي‪ ،‬زعيم وطني وأنا مجرد إنسان‬                                                                                                                         ‫هــؤلاء رفـيـقـي وأخــي وصــديــق الـعـمـر‪،‬‬
                                                                                          ‫(خاص) بسيط‪ ،‬كيف أصل لقامته وأحمل اسمه‪،‬‬                                                                                                                    ‫إبـراهـيـم مـوطـى‪ ،‬كنت أخـاف أن يعثروا‬
                                                                                          ‫وحـكـايـتـي مـع هـذا الاســم‪ ،‬أنـنـي وقـعـت‬       ‫ألـحـوا فـي الــســؤال‪ ،‬مـن هـو الــبــدوي؟‪،‬‬                                                            ‫فــي كـومـة الأوراق الـتـي حـجـزوهـا مـن‬
‫(أرشيف)‬          ‫ميك شوماخر‬                                                               ‫بـه شيئا فـي النشرة الداخلية الخاصة‬               ‫فـكـان جـوابـي ربـمـا سموني بـهـذا الاسـم‬           ‫كنت أحرص وأخاف أن يمسه سوء‪ ،‬هو‬                      ‫بـيـت الـرفـيـق الفقيد عـبـد الـسـام المـودن‬
                                                                                          ‫بـالـتـنـظـيـم‪ ،‬والـتـي يـطـرح فـيـهـا الـنـقـاش‬  ‫فـي التنظيم‪ ،‬دون أن يـخـبـرونـي بـه‪ ،‬ثم‬             ‫مصطفى فنيتير‪ .‬كما وضعت بين عيني‬                     ‫بكاراج علال‪ ،‬وبالضبط في عمارة رزق‪،‬‬
‫المـشـي وحـتـى الـصـوت‪ ،‬أن يـنـال الفرصة فـي "فـورمـولا ‪ "1‬وتحقيق إنـجـازات‬               ‫الـداخـلـي الـسـيـاسـي وآراء الـرفـاق حـول‬        ‫بادروني بسؤال آخـر‪ ،‬هل تعرف محمد‬                    ‫أحــد أقــاربــي‪ ،‬الــذي كــان يـعـمـل بـمـديـنـة‬   ‫الــذي كــان مـقـرا مـن مـقـرات ‪ 23‬مــارس‪،‬‬
                                                                                          ‫الـتـنـظـيـم‪ ،‬كــان عــــددا خــاصــا بـنـقـاش‬    ‫الـحـبـيـب الـطـالـبـي‪ ،‬قـلـت لـهـم أسـمـع بـه‬      ‫جـــرادة‪ ،‬لــم تـكـن لــه عــاقــة بـالـتـنـظـيـم‪،‬‬  ‫وكان يقيم فيه الرفيقان العزيزان‪ ،‬علال‬
                                                                                          ‫مسألة الصحراء نشرت فيه آراء الرفاق‬                                                                    ‫ولـكـن كـنـت أتــراســل مـعـه‪ ،‬وفــي إحــدى‬         ‫الأزهــر وعـبـد الـعـالـي بـنـشـقـرون‪ ،‬بـعـد‬
                                                                                                                                                   ‫فقط‪ ،‬ولم يسبق لي أن التقيته‪.‬‬                 ‫المـرات‪ ،‬بعث لـي تقريرا مفصلا عـن أحد‬               ‫أن أصبحا متابعين‪ ،‬إلـى جـانـب الفقيد‬
                                                                                                                ‫حول الموضوع‪.‬‬                ‫ولـحـسـن حـظـي‪ ،‬أنـهـم اكـتـفـوا بـهـذا‬             ‫إضـرابـات عمال جـرادة‪ ،‬استعمل كمادة‬
                                                                                          ‫ولمـا أنـهـيـت طـبـع الـعـدد‪ ،‬ذيـلـت آخـر‬         ‫الـقـدر مـن الأسـئـلـة‪ ،‬ربـمـا لاسـتـنـتـاجـهـم‬                                                                                   ‫المودن وأنا‪.‬‬
                                                                                          ‫صفحة فيه برأيي في النقاش الجاري‪،‬‬                  ‫بــعــدم أهـمـيـتـي فــي الــتــنــظــيــم‪ ،‬وعــدم‬            ‫خام لمقال نشر في ‪ 23‬مارس‪.‬‬                 ‫كــان هــذا الأمــــر يـزعـجـنـي ويـقـض‬
                                                                                          ‫ولـم يـكـن هـذا مـقـررا ضـمـن مـواد الـعـدد‪،‬‬      ‫مـعـرفـتـي بـهـيـكـلـتـه‪ ،‬وكـنـت قـد أخـبـرتـهـم‬    ‫فــي إحــدى الـلـيـالـي‪ ،‬أخــذونــي إلـى‬            ‫مـضـجـعـي‪ ،‬زيــادة عـلـى الـعـذاب الـيـومـي‬
                                                                                          ‫ولا متفقا عليه من هيأة التحرير‪ ،‬التي‬              ‫أنــنــي مــجــرد عــامــل مـقـابـل أجـــر‪ ،‬ولمـا‬   ‫مـكـتـب الــجــاديــن‪ ،‬الــذيــن يـسـمـونـهـم‬       ‫للمعتقل‪ ،‬إلى أن سمعت في أحد الأيام‪،‬‬
                                                                                          ‫كـنـت عـضـوا فـيـهـا‪ ،‬وقــد وقـعـتـه بـاسـم‬       ‫سـألـونـي عـن مـقـدار الأجــر الـتـي أتـلـقـاه‬      ‫المـحـقـقـن‪ ،‬طـبـعـا لا أرى مـن فـي المـكـان‪،‬‬       ‫أن الـرفـيـق المـوطـى اعـتـقـل ويـوجـد معنا‬
                                                                                          ‫علال الفاسي‪ ،‬وأتذكر أن رفيقي الراحل‬               ‫مــقــابــل عــمــلــي‪ ،‬أجــبــت مــائــة درهـــم‪،‬‬  ‫ولكن أسمع أصواتا متعددة‪ ،‬أجلسوني‬                    ‫فـي درب مـولاي الـشـريـف‪ .‬كـيـف اعـتـقـل؟‬
                                                                                          ‫عبد السلام المـودن عاتبني بلباقة على‬              ‫فـاسـتـهـزأ مـنـي كـبـيـرهـم بــقــولــه‪" :‬هـل‬      ‫أرضــا‪ ،‬وبـادرونـي بـالـسـؤال‪ ،‬هـل اسمك‬             ‫لا عـلـم لـي بـالأمـر إلـى حـد الآن‪ .‬وهـنـاك‬
                                                                                          ‫هذا التصرف والنشر غير المتفق عليه‪.‬‬                ‫مـائـة درهـم سـتـأكـل بـهـا أو تـمـارس بها‬          ‫الـــبـــدوي؟ أجــبــت بــالــنــفــي‪ ،‬ولـلـوهـلـة‬  ‫رفـيـق آخـر عـزيـز وصـديـق الـعـمـر أيـضـا‪،‬‬
                                                                                                                                                                                                ‫الأولـى‪ ،‬تـذكـرت رسـائـل الـرفـيـق مـسـداد‪،‬‬

                                                   ‫تقارب ما حققه والده‪.‬‬                   ‫‪" ‬إذا كان المشرق بلاد الأنبياء‪ ،‬فإن المغرب أرض الأولياء"‪ ،‬هي شفاء العليل وتحقيق المستحيل‪ .‬في هذه السلسلة‪ ،‬ستنفض «الصباح»‬                                  ‫أولياء‬
‫مـنـذ شـهـور قـلـيـلـة‪ ،‬كـان بـطـل "فـورمـولا ‪ "1‬الـبـريـطـانـي الـسـابـق ديـمـون‬         ‫مقولة تجسد غنى المملكة بالأضرحة والسادات‪ ،‬وتحمل في طياتها الغبار عن ذاكرة أشهر أولياء العاصمة الاقتصادية‪ ،‬على لسان المؤرخ‬
‫هيل في صالة الانتظار داخـل مطار هيثرو اللندني‪ ،‬يتابع لوحة الطائرات‬
‫المـغـادرة‪ ،‬بحثا عـن أنـبـاء عـن طـائـرتـه المتجهة إلـى كـولـون الألمـانـيـة لحضور‬                                                                        ‫حكايات أشخاص تركوا بصمتهم في تاريخها‪ ،‬قبل أن تتحول مصطفى واعراب‪.‬البيضاء‬
‫افتتاح متحف مخصص لغريمه القديم‪ ،‬مايكل شوماخر‪ ،‬إلا أن طائرة هيل‬                            ‫يسرى عويفي‬                                                                      ‫قبورهم إلى قبلة للباحثين عن التبرك‪ ،‬أو المؤمنين بقدرتهم على‬
                                                                                                                                            ‫"لالة تاجة"‪ ...‬المظلومة‬
                                                                 ‫تأجلت‪.‬‬                                                                                                                                                                             ‫‪5‬‬
‫لـقـد أثــار حــادث إصـابـة شـومـاخـر مـوجـة حـزن عــارم عـلـى حـيـاة لـطـالمـا‬
‫خاضت المخاطرة بالقيادة بسرعة ‪ 200‬ميل فـي الساعة‪ ،‬والـيـوم يبدو أنها‬
‫تـعـرضـت لـلـتـدمـيـر بـسـبـب حــادث مـؤلـم‪ .‬ويـشـعـر الـجـمـيـع فـي عـالـم سـبـاق‬
         ‫السيارات باشتياق كبير لشوماخر‪ ،‬خاصة منافسيه السابقين‪.‬‬
‫لـقـد بـدا شـومـاخـر إلـى محبيه أقـرب إلـى شخصية مـلـحـمـيـة‪ .‬أمـا بعض‬                    ‫يقع ضريح "لالة تاجة" بساحة بلجيكا في المدينة العتيقة‪ ،‬وتحديدا في ركن محاذ الـشـائـعـات فـي صـفـوف سـكـان الـحـي المـحـافـظـن‪ ،‬وتــم اتـهـامـهـا بـربـط عـاقـة غـرامـيـة‬
‫المـنـافـسـن ومـنـهـم هـيـل والأسـطـورة الـراحـل إيـرتـون سـيـنـا وجـاك فيلينوف‬           ‫لابتدائية شيدت على أنقاض القنصلية الألمانية القديمة بالبيضاء‪ .‬هناك‪ ،‬ترقد الراحلة بـكـاتـب الـقـنـصـل‪ ،‬وبــأن عـمـلـهـا الـخـيـري لـيـس سـوى غـطـاء لإخـفـاء حـقـيـقـة علاقتهما‪.‬‬
‫وفيرناندو ألونسو‪ ،‬فلا يبدون إعجابا بالتكتيكات التي اعتمدها شوماخر‬                         ‫تاجة مع أسرار محنتها التي حولتها من فاعلة خير‪ ،‬إلى عاهرة متهمة بممارسة الرذيلة هـكـذا إذن‪ ،‬انـتـشـرت الـشـائـعـات المسيئة إلـى سمعة "لالـة تـاجـة" فـي الأرجــاء كـالـنـار في‬
‫والفريق المعاون له من حين لآخر‪ .‬إلا أن المأساة التي ألمت بشوماخر وأسرته‬                   ‫الهشيم‪ ،‬وأصبحت تتعرض للمضايقات‪ ،‬من قبل رجـال الحي‪ ،‬لدرجة أنهم في إحدى‬                                                                                     ‫مع أحد موظفي القنصلية الألمانية‪.‬‬
                                             ‫بدلت مشاعرهم رغما عنهم‪.‬‬                      ‫ورغـم أن معظم سكان الحي لا يعرفون شيئا عن قصة هذه الولية الغامضة‪ ،‬التي المــرات هـجـمـوا عـلـى بيتها بـالـحـجـارة‪ ،‬وجـردوهـا مـن لـقـب "لالــة"‪ ،‬فيما قـاطـعـوا كاتب‬
                                                                                          ‫القنصل الـكـام وامتنعوا عـن رد التحية عليه‪ ،‬كما منعوها مـن دخـول‬                                      ‫عاشت خـال الربع الأخير من القرن التاسع عشر‪ ،‬فـإن جـدران مـزارهـا تحمل تفاصيل‬
‫مـن جـانـبـه‪ ،‬ازداد رد الفعل الـحـزيـن الأول لـدى هيل فـور علمه بالحادث‬
‫تـعـقـيـدا بـسـبـب عـامـل آخـر‪ ،‬فـهـو أيـضـا يـعـشـق الـتـزلـج عـلـى الـجـلـيـد‪ .‬ويـقـول‬              ‫مقبرة المسلمين‪ ،‬بدعوى أنها أصبحت كافرة‪ .‬‬                                                  ‫نهاية مأساوية لبطلة رقيقة المشاعر‪ ،‬تطوانية الأصل‪ ،‬كرست نفسها للأعمال الاجتماعية‬
‫هيل" مجرد التفكير بالأمر يثير الفزع‪ .‬أيا ما كان شعوري تجاه شوماخر‬                         ‫وتـــروي بـعـض الـــروايـــات الـشـعـبـيـة أن عـشـيـق تـاجـة المــزعــوم‪،‬‬                             ‫لصالح الأطفال اليتامى والمتخلى عنهم‪ ،‬لكنها لقيت حتفها مظلومة‬
‫وأسـلـوب إدارتــه لمـسـيـرتـه المـهـنـيـة فـإن هـذا الأمـر أصـبـح بـا أهـمـيـة الآن‪ .‬من‬   ‫اقــتــرح عـلـيـهـا الاســتــفــادة مــن الـحـصـانـة الـدبـلـومـاسـيـة والـلـجـوء‬                                                                          ‫ومذمومة‪.‬‬
                                                                                          ‫إلـــى الـقـنـصـلـيـة‪ ،‬بـعـد أن أصـبـحـت مــهــددة بـالـقـتـل و عــاجــزة عـن‬
                    ‫وجهة نظر إنسانية‪ ،‬هذا الحادث مثير للأسى بشدة"‪.‬‬                                                                                                                              ‫ويــقـول الـبـاحـث مـصـطـفـى أخـمـيـس‪ ،‬فــي كـتـابـه "أســــرار أضـرحـة‬
‫عندما علم هيل بالحادث الـذي وقع لمايكل برفقة نجله‪ ،‬ميك‪ ،‬الـذي كان‬                         ‫مــغــادرة بـيـتـهـا‪ ،‬فــوافــقــت مــكــرهــة لـتـعـيـش آخـــر أيــامــهــا حـزيـنـة‬                 ‫البيضاء"‪ ،‬إن "لالـة تـاجـة" عرفت بطيبتها وشجاعتها وحبها للعمل‬
‫فـي الــ‪ 13‬ربـيـعـا حـيـنـهـا‪ ،‬شـعـر بـأسـى مـن نـوع خـاص‪ .‬وصــرح‪ ،‬قـائـا" كنت‬            ‫ومـحـاصـرة فــي إحــد غـرفـهـا‪ ،‬وتـصـيـر الـحـمـايـة الـتـي وفـرتـهـا لـهـا‬                           ‫الإحـسـانـي‪ ،‬إذ كـانـت تعيل عـددا كبيرا مـن الأطـفـال المساكين والمتخلى‬
‫أتـمـنـى لـو أنـي أيـضـا خـرجـت لـلـتـزلـج عـلـى الـجـلـيـد مـع والــدي"‪ .‬إلا أن والـده‬   ‫القنصلية آنــذاك‪ ،‬دلـيـا على مـا حيك عنها مـن إشـاعـات واتـهـامـات‪ .‬‬                                  ‫عنهم‪ ،‬ممن وجـدوا فـي بيتها (المـجـاور لمقر القنصلية الألمـانـيـة) مـأوى‬
‫غراهام هيل الحائز على بطولة العالم مرتين‪ ،‬توفي في حادث تحطم طائرة‬                         ‫ورغـم مـوقـف رجـال الـحـي المـعـادي لـلـراحـلـة‪ ،‬والـذي جعلهم يرفضون‬                                  ‫لهم‪ ،‬فكانت تقضي الساعات في مطبخها الصغير تعد لهم الوجبات‬
                                                                             ‫عام ‪.1975‬‬    ‫الـسـمـاح بـدفـنـهـا فـي المـقـبـرة الإسـامـيـة‪ ،‬فــإن تـعـاطـف الـنـسـاء معها‬                        ‫الغذائية‪ ،‬معتمدة بشكل كبير على تبرعات بعض الصيادين من السمك‪،‬‬
‫الـيـوم‪ ،‬مثلما فـعـل ديـمـون مـن قـبـل‪ ،‬يسير مـيـك شـومـاخـر الـصـغـيـر على‬               ‫واقتناعهن ببراءتها‪ ،‬دفعهن لإقناع القنصل الألماني بمواراة جثمانها‬                                                                          ‫بحكم قربها من ميناء المدينة‪.‬‬
‫خطى والده بعالم سباق السيارات‪ .‬في سن ‪ 19‬وبعد فوزه ببطولة "فورمولا‬                         ‫في قطعة أرضية تملكها المفوضية الألمانية‪ ،‬ليتم بذلك تشييد بناء‬                                         ‫وأضاف المصدر ذاته‪ ،‬أن تضحية الشابة الجميلة العازبة استرعت‬
‫‪ "3‬هـذا الـعـام بتحقيقه ثـمـانـيـة انـتـصـارات مـن ‪ 30‬بـدايـة وحـسـم الـلـقـب على‬         ‫متواضع فوق قبرها‪ ،‬لم يلبث أن تحول إلى مزار تقصده النساء من كل‬                                         ‫انتباه القنصل الألمـانـي‪ ،‬فـقـدم لها هبة مالية‪ ،‬مـن أجـل المـسـاعـدة على‬
‫مضمار فـرانـكـورشـومـب‪ ،‬وهـو المـضـمـار نفسه الـذي سجل فيه والـده مايكل‬                   ‫حدب وصوب‪ ،‬للتبرك وإنشاد قصيدة تتغنى بمناقب لالة تاجة "المرأة‬                                          ‫رعـايـة الأطـفـال‪ ،‬الـذيـن أخـذتـهـم تحت عهدتها‪ ،‬إلا أن التفاتته الطيبة‬
‫شوماخر ظهوره الأول في "فـورمـولا ‪ "1‬في ‪ ،1991‬وفـاز على المضمار نفسه‬                       ‫الخيرة المظلومة"‪ ،‬يتم ترديدها أيضا في الحفلات النسائية الخاصة‬                                         ‫سـرعـان مـا تـحـولـت إلــى حــدث درامــي‪ ،‬خـاصـة بـعـد أن أصـبـح كـاتـبـه‬
                                           ‫بأول سباق له في العام التالي‪.‬‬                                                 ‫والحمامات النسائية الشعبية‪    .‬‬                                        ‫يـتـردد على منزلها بـن الفينة والأخـرى لأغـراض خيرية‪ ،‬إذ تناسلت‬
                 ‫عـــقـــارات وكــــوكـــايـــين‬
                                                                                                                                                                                                                                                    ‫لصوص البلاط ‪5‬‬

                 ‫الخادمة اقتنت لعشيقها سيارة وشقة وصرفت الباقي في الجلسات الخمرية‬                                                                                                                                                                   ‫سرقة غريبة يشهدها البلاط‬
                                                                                                                                                                                                                                                    ‫الملكي‪ ،‬تفجرت فصولها بداية السنة‬
‫الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط‪ ،‬بتوجيه انتدابات‬              ‫(أرشيف)‬      ‫المتهمون اغتنوا من سرقة القصر الملكي‬                            ‫أظـهـرت الأبـحـاث التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية‬                              ‫الجارية‪ ،‬بعدما أوقفت الفرقة‬
‫كتابية لدى مؤسسات بنكية قصد جرد مبالغ الأموال سواء في الحساب‬                                                                                              ‫بالبيضاء مـع لـصـوص الـبـاط المـلـكـي‪ ،‬أن الـعـائـدات المـالـيـة المتحصل‬                  ‫الوطنية للشرطة القضائية‪ ،‬خادمة‬
‫الجاري لخادمة القصر أو لخليلها‪ ،‬وتوصل ضباط البحث التمهيدي‬                    ‫وخمور من مختلف الأصـنـاف ومختلف الحاجيات اليومية‪ ،‬كما أدى‬                    ‫عليها جرى استثمارها من قبل المتهمين الرئيسيين وخصوصا من قبل‬                               ‫بالقصر الملكي بالرباط وسلا‪.‬‬
‫على الفور بجواب عن الانتدابات‪ ،‬جرى استغلالها في الأبحاث‪ ،‬وتبين‬               ‫العشيقان الـديـون المترتبة عنهما لفائدة المـقـرضـن‪ ،‬مـا زاد جشعهما‬           ‫خادمة القصر وعشيقها‪ ،‬كما ظهر الثراء الفاحش على تجار المجوهرات‬                             ‫استولت الموقوفة على أزيد من‬
                                                                             ‫في البحث عن مسروقات القصر الملكي وتسويقها بـأي طريقة للغير‪.‬‬                                                                                                            ‫‪ 36‬ساعة باهظة الثمن من داخل‬
       ‫للمحققين وجود حركية مالية من عائدات العمليات الإجرامية‪.‬‬               ‫وبـعـدمـا تـوصـل المحققون إلـى استثمار عـائـدات المـبـالـغ المـالـيـة أمرهم‬                                         ‫وتغيرت وضعيتهم المالية‪.‬‬                            ‫غرف البلاط‪ ،‬عبر مراحل‪.‬وكشفت‬
‫وبـعـدمـا وضـع المـحـقـقـون أيـديـهـم عـلـى مختلف عـمـلـيـات توظيف‬                                                                                        ‫ازداد رصيد سكينة مـن عـائـدات بيع الساعات اليدوية المسروقة‪،‬‬                               ‫التحقيقات أزيد من ‪ 20‬شخصا‬
‫الـعـائـدات المـالـيـة المتحصل عليها مـن جناية الـسـرقـات‪ ،‬أمـرت النيابة‬                                                                                  ‫وتمكنت رفقة عشيقها من اقتناء سيارة من نـوع "فولسفاغن" بمبلغ‬                               ‫تورطوا في النازلة‪ ،‬واستحقوا لقب‬
‫العامة بالحجز على السيارتين المسجلتين في اسم العشيق سيف الدين‬                                                                                             ‫سبعة ملايين سنتيم ونصف المليون‪ ،‬بات يستعملها ابن خادمة القصر‬                              ‫"لصوص البلاط"‪ ،‬فاغتنوا من‬
‫وابـن سكينة‪ ،‬والـعـقـار والأرصــدة المـالـيـة‪ ،‬فـي انـتـظـار مـا ستسفر عنه‬                                                                                ‫في تنقلاته‪ ،‬وبعدها اقتنت سيارة أخرى سجلتها في اسم الخليل بمبلغ‬                            ‫عائدات السرقات‪ ،‬وقاموا بتبييض‬
                                                                                                                                                          ‫‪ 16‬مليونا سنتيم‪ ،‬كما اقتنت له شقة ب ‪ 27‬مليونا سنتيم بموجب عقد‬                             ‫المتحصل عليه في المنقولات‬
                                              ‫جلسات المحاكمة‪.‬‬                                                                                             ‫بينه وبين زوجة شقيقه التي سبق لها الاستفادة في إطار إعادة إدماج‬                           ‫والعقارات‪.‬‬
‫وخلص المحققون إلى أن خادمة القصر وعشيقها باتا يبحثان عن‬                                                                                                   ‫قاطني دور الصفيح بمنطقة سيدي حجاج ضواحي البيضاء‪ ،‬وذلك‬
‫أصحاب المـال لتسويق المجوهرات بمبالغ مالية محترمة بالمقارنة مع‬                                                                                            ‫في انتظار مرور خمس سنوات لتسجيلها رسميا باسم الخليل العامل‬                                ‫إنجاز‪ :‬عبد الحليم لعريبي‬
‫السابق‪ ،‬حينما كانا يبيعان الساعة الـواحـدة بخمسة ملايين لفائدة‬
‫الـصـائـغـن‪ ،‬وأرادا توظيف هـذه الـعـائـدات فـي المـنـقـولات والـعـقـار‪ ،‬إلى‬                                                                                                            ‫بشركة صيانة المكيفات الاصطناعية‪.‬‬
‫جانب وضع مبالغ مالية بحساباته البنكية‪ ،‬وهي العناصر الجرمية‬                                                                                                ‫ولم يكتف العشيقان بتوظيف العائدات المتحصل عليها في العقارات‬
‫التي دفعت الوكيل العام للملك إلى توجيه أمره بالحجز على حساباتهم‬                                                                                           ‫والمـنـقـولات‪ ،‬بـل كـانـت أغـلـب مبيعات المـجـوهـرات المـسـروقـة تـذهـب في‬
                                                                                                                                                          ‫إحياء السهرات واقتناء المخدرات من شيرا وكوكايين وأقراص مهلوسة‬
              ‫وأملاكهم‪ ،‬بعد مراسلة بنك المغرب والمحافظة العقارية‪.‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11