قامت القيامة في "فيسبوك" هذا الأسبوع. ليس بسبب بنكيران والانتخابات، ولا بسبب زيارة الرئيس الفرنسي لبلادنا، ولا حتى بسبب كبش العيد. إنه ظهر كاو "اللي ناضت عليه الحيحة". وكاو، هو تصغير لاسم كوثر، مثلما يحب أصدقاء المنشطة التلفزيونية كوثر بودراجة أن ينادوها تحببا.يتعلق الأمر بابنة مزاب، التي بدأت عارضة أزياء قبل أن تصبح مقدمة العديد من البرامج على قناة "نسمة" التونسية، ثم على قناة "ميدي 1 تي في" (برنامج "جاري يا جاري") وبعدها على التلفزيون الرسمي الجزائري، قبل أن توقع على مرور متألق ومحترف من خلال برنامج "مذيع العرب" الذي بث أخيرا على تلفزيونات "الحياة" و"دبي"، مع أنها لم تستطع أن تنال اللقب. ظهر كوثر بودراجة، الذي بدا عاريا على "فيسبوك"، في صورة لها ضمن حملة ترويجية لإحدى علامات السيارات الشهيرة، أقام الدنيا ولم يقعدها إلى الآن. الجميع تحامل عليها. التعليقات الجارحة انهالت عليها من كل حدب وصوب، وكأنها ارتكبت جريمة أكثر من جريمة "الغابة". (كان خاصها غير عمر السيد يخلعها بصوته المعلوم)، في حين أن الأمر مجرد صورة لظهر عار، تبدو فيها التقنية الاحترافية أكثر من الإغراء. لكن بما أن الشعب "الفيسبوكي" منافق، في الواقع كما في العالم الافتراضي، و"دعشوشي"، وأكثر من نصفه يعاني كبتا جنسيا، لم يعجبه أن تعري كوثر ظهرها، مع أن هذه الفتاة نفسها، هي التي أبانت عن ثقافة وكعب عال في "مذيع العرب" دون أن يفكر في التصويت عليها واحد من هؤلاء الجهلة المتخلفين، الذين يلخصون المرأة في ظهر عار، أو مؤخرة مكتنزة، أو صدر "مبندر". من حق كل شخص أن يرتدي ما يريده. نحن في بلد عصري يكفل حق "التعرية"، أو "التغطية" للجميع، ولا يحق لأحد أن يحاكم الآخر، أو يضايقه، أو يزايد عليه في حرياته الشخصية، ولا في مواطنته أو تدينه... كوثر بودراجة امرأة حداثية عصرية معروفة بمواقفها التي تعبر عنها بكل صراحة ووضوح. ولقد كانت قوية جدا حين أفحمت منتقديها من خلال "الستاتو" الذي كتبته على حائطها ب"فيسبوك". فعلا هي ليست مضطرة لأن تتمنى للجميع "جمعة مباركة" أو تقتسم على صفحتها سورا للقرآن حتى يقال عنها مسلمة. لا تحتاج أن ترتدي قفطانا في كل مناسبة تدعى إليها لتبرهن على "مغربيتها"... إنها تعيش وتتصرف بالطريقة التي تشبهها، "اللي بغاها وعجباتو"... مرحبا.. و"اللي ما حملهاش"... "شغلو هاداك"... فليشرب من البحر... لقد أصبحت هذه الحملات "الأخلاقية" التي انتشرت كالحمى في الشهور الأخيرة، مملة ومقززة وتبعث على الغثيان. ليس لأن البعض يفعل في السر ما لا يجهر به في العلن، فالجميع مجبر أن يكون على الشاكلة نفسها والمنوال نفسه. هناك أشخاص متصالحون مع ذواتهم. لا يهمهم في شيء حكم الآخر ولا نظرته. لماذا تريدوننا أن نكون نموذجا واحدا؟ الله نفسه "خلق وفرق"... فلماذا العباد يريدون الجميع "على القالب"؟ الرجاء كل الرجاء أن لا تكون شخصية كوثر بودراجة وتحررها وجرأتها سببا في غيابها عن التلفزيون وبرامجه، في الوقت الذي "يتنطط" البعض على قنواتنا الوطنية وهو "لا زين" "لا قراية" "لا مجي بكري"... أو ربما هو "الوشام" سبب اللعنة... (*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com