انتخابات الحسن الثاني بعيون مسؤول سابق بالداخلية

بروكسي: اكديرة أفسد انتخابات 1963 والرئيس الأمريكي دخل على الخط لم تسلم الانتخابات المغربية منذ 1963 من ويلات التلاعب بكيفية متنوعة، على عهد أحمد رضا اكديرة، مستشار الملك الراحل الحسن الثاني، وبعد ذلك في عهد إدريس البصري وزيره القوي في الداخلية.لتسليط الضوء على جزء من هذه المرحلة، كان لنا حديث مع الدكتور لحسن بروكسي، أحد كبار المسؤولين السابقين المشرفين على الانتخابات بوزارة الداخلية، الذي كشف جزءا من الكتاب السري للتزوير. إعداد: أحمد الأرقام سقوط سبعة وزراء في 1963 جـــرت فـــي أبريل وماي 1963 أول انتخابات بالمغرب بعد المصادقة على دستور صنعته نخبة مغـــربية قــــوية، بينهـــا الزعيــــم عــــلال الفاسي، وأحمد رضا اكديرة، والمحجوبي أحرضان، والملك الحسن الثاني، في إطار جدل قوي وحاد لرسم خارطة طريق مغرب جديد.لكن الذي شكل المفاجأة، هو إنشاء حزب الدفاع عن المؤسسات الدستورية، برئاسة وزير الداخلية أحمد رضا اكديرة، شهرا قبل موعد الانتخابات، لكن بما أن تربية اكديرة كانت ليبرالية فإنه لم يتدخل بشكل كبير في الانتخابات، وهذا هو الفرق بينه وبين إدريس البصري، لذلك حصل حزبه على مليون و160 ألف صوت من 4 ملايين و80 ألف مسجل، أي 34 في المائة من الأصوات، وهـــو مـــا يعني 69 مقعدا، فيما حصل حزب الاستقلال، على مليــون صوت، وغـــريمـــه حزب الاتحاد الوطني للقــــوات الشعبية، على 700 ألف صوت، ما مكنهما من الحصول أيضا على 69 مقعدا، والســــؤال هــــو كيـــف حصل الحزبان المعارضان على النتائج مفسها، الجواب ببساطة، لأنهما كان يضمان عمـــلاقــــي السياسة، المهدي بن بركـــة، وعلال الفـــاسي، اللـــذان دافعــــا عن الديمقـــراطية، كما أن سكــــان القرى كانوا يعتمدون على "الكلمة" مع مرشحيهم المفضلين، وعدم احترام ذلك يكون له رد فعل صعب التوقع.كمـــا تمثلت النـــزاهـــة في سقـــوط سبعة وزراء دفعة واحدة منهم المحجــــوبي أحــــرضـــان، وزيــــر الدفاع، وأحمد العلوي، ويوسف بلعباس، وعبد الهادي بوطالب، وإدريس السلاوي، وبنهيمة. الفاسي "يطيح" باكديرة أزم علال الفاسي، الزعيم الاستقلالي، الوضع السياسي، حينما كشف عن فضيحة سياسية، من خلال استعمال أحمد رضا كديـــرة، وزير الداخلية، زعيم حزب الدفاع عن المؤسسات الدستــــورية، المساعـــــدة الأمريكية للدقيق، لأجــــل شراء أصوات المواطنين، في الحي الصفيحي "سانطرال" وذلك في خطاب 13 أبريل 1963، ما زلزل الحكومة والـــدولـــة معـــا، بل وصل الأمر بالفــــاسي إلى مراسلــــة جون كنيدي، الرئيس الأمريكي بشـــأن استغــــلال الدعـــم الأمريكي للفـقراء في الانتخابات، ومع ذلك طلب الملك الراحل الحسن الثاني، من علال الفاسي مرافقتـــه على الطائــــرة نفسها التي كانت متجهة إلى نيويورك، ما اعتبر دلالة على بحث سياسي للأزمة، من قبل القصر الذي لم يكن يغلق الباب. بن بركة يؤجج الخلاف لم يكد الملك الراحل الحسن الثاني يحل الخلاف مع علال الفاسي، بإقالة اكديرة من الداخلية، حتى وقعت أحداث عجلت بإشعال الوضع، إذ أن المهدي بن بركة كان على خلاف مع النظام في حرب الرمال ضد الجزائر، ما اعتبر خيانة وطنية، أدت إلى سد باب الحوار، وقرر الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، مقاطعة الانتخابات البلدية، فنجح رفاق اكديرة بسهولة، ورجع الوزراء السبعة من بوابة الاقتراع غير المباشر، المفضي إلى العضوية بمجلس النواب، دونما حاجة إلى التدخل في النتائج.هذا الصراع السياسي تعاظم منسوبه بإضراب تلاميذ البيضاء في 1965، بتطبيق حالة الاستثناء، التي رفضها ثلة من السياسيين، ودخول المغرب مرحلة صعبة، إذ رفضت الكتلة المشاركة أيضا في الانتخابات الجماعية لـ1969، وقاطعت دستور 1970، وانتخابات السنة نفسها، فأدى ذلك إلى محاولتي انقلاب فاشلتين وتبين أن الحل هو العودة إلى الطبيعة السياسية، لأن الفراغ يقتل. البصري "يؤسس" مختبرا للأحزاب شهـــدت وزارة الداخلية حـــركيـــة كبرى، تمثلت في تطبيق نظام "الخدمة المدنية"، فـــي 1972، والـــذي سمح بولوج جزء كبير من مناضلي نقابـــة الاتحاد الوطنـــي لطلبة المغرب، أغلبهـــم مـــن اليسار، لأم الوزارات، ما سهل من مأمورية الاتصال بين هؤلاء الطلبة الموظفين الجدد بالداخلية، ومسؤولي الأحزاب السياسية المعارضة، فوقع نوع من التوافق بين المعارضة والمخزن.كمـــا لعـــب إدريس البصري، النجم الصاعد في الداخلية، دورا مهما فـــي ذلك، لأنـــه خبـــر العمـــل في جهاز الاستعلامات، وشكـــل رصيــــدا مهما بجمـــع المعطيـــات حـــول واقع الحال الــذي تعيشـــه الأحزاب السياسية، ما جعله يشجــــع على إنجـــاز دراسات دوريـــــة لشهـــر وثلاثـــة أشهـــر ونصف سنـــة، وتقـــديم الحصيلة في نقـــاش بـــين موظفي الـــوزارة تستعمــل فيه أحـــدث التقنيـــات للتعـــرف عن كثب عن كل قادة الأحـــزاب ووزنهـــم الانتخـــابـــي، ثـــم ينقـــل ذلك إلى قســـــم التحليلات الإستــــراتيجية التــــوقعيـــة، وحينمـــا يقترب مـــوعـــد الانتخـــابات، تقـــدم حصيلة التوقعات الواقعية.واتفقــت أطر الداخلية والبصـــري، على وضع سبعة جهـــات يرأسها مســـؤولون معينون، منهم عبد الحفيظ بنهاشم، والغـــزواني الراشيدي، وحسن الراشيدي، والحسين بنحربيط، ولحسن بـوركسي، وآخرون، تحت إشراف إدريس البصري، لأجل تقديم توقع نتائج الانتخابات، ومن سيفوز بها بشكل مسبق. حقائب أموال في 1977 وزع البصري حقــــائب مليئة بالأموال على عمال الأقاليــم، بلغت قيمتهـــا قــــرابة 15 مليون سنتيم، لكل واحد، يصل نصيب منها إلى القـــــائد، حتى لا يقــــع أي تدخل غيـــر محسوب، يؤدي إلـــى زعــــزعـــة الاتفــــاق المسبــــق المنجز مع قــــادة الأحزاب، في شكل كـــوطا، مع تحــــذيرهــــم مــــن صرفها على أنفسهم، كــــي يحصل كــــل واحد على نصيبه الانتخابي، حتى لا تقـــع مفــــاجــــآت، وهكــــذا حصل حزب التجمـــع الوطني للأحـــرار الذي شكــــل من فـــائزين لا منتمين على 138 مقعــــدا، والاستقـــــلال على 50، والحركــــة الشعبية على 47، والاتحادي الاشتــــراكي للقوات الشعبية على 15 والتقدم والاشتراكية على مقعد واحد.بوعبيد والدويري لم يستمعا لتنبيهات الداخلية بتغيير الدائـــرة ولـــم تـــزور ضدهما، كما أسلفت حصل توافق بين وزارة الداخلية وقادة الأحزاب السياسية، بينهم عبــــد الرحيم بوعبيد وامحمد بوستة وعلي يعتة والمحجوبي أحرضان وأحمد عصمان، على توزيـــع المقاعد بشكـــــل مسبق، قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات، من خلال الدراســــات العلمية المنجزة في المختبر، إذ حصل حـــديث بين الزعماء ووزارة الداخلية اطلعوا من خلالها على وضعية أحزابهم في كل منطقة على حدة وعلى حظوظ فـــوزهم، حسب كل دائرة، وعرفوا مقدار وزنهم الانتخابي، فوافقوا على ذلك، لكن حــــدثت إشكالية تهم وضعيــــة عبد الرحيم بوعبيد، القيادي الاتحادي، ووضعية امحمـــد الديوري، القيادي الاستقلالي.وطلب من بـــوعبيد الانتقـــال إلى سلا، أو المحمدية لأنهمـــا قلعتان اتحــاديتان بـــامتيـــاز وسيفـــــــوز بسهولة، لكنـــه رفض رغــــــم جميــــــع المحاولات لثنيـــه عن ذلك، فانهزم في مواجهة أحمـــد رمزي، الذي رفض الانتقـــال إلـــى تارودانت كي يفسح المجال لبوعبيد، فتمكن من الفوز، لأنه متمكن من الدائرة الانتخابية.وحــــدث الأمر نفســــه مـــع امحمـــد الدويـــري الــــذي اعتقد جازما أنه سيفوز بسهولــــة، لكنه كــــان مخطئا، إذ سجلــــت وزارة الداخلية أن الدويــــري لم يقـــم بحملته الانتخابية، وترك الساحة فارغة أمام الاتحادي محمد الدباغ، الذي تصيد الفرصة ففاز بالمعقد. المال مقابل التنازل أسس إدريس البصري الاتحاد الدستوري، كي يحقق الفوز الانتخابي في 1984 بشكل سريع لأجل تطبيق إصلاحات صعبة تهم التقويم الهيكلي، وبدء تراجع الدولة عن القيام بوظائفها الاجتماعية، وإنعاش القطاع الخاص، وبذلك تحكم البصري يتحكم في كل الانتخابات وبشكل مسبق، دون العودة إلى أي دراســــــة. ولم يتردد البصري في منح مبالغ مالية لأشخاص ويلتمس منهم عدم وضع ترشيحاتهم، كي يمنح الفرصة لمترشح الداخلية، وبالتالي لا تقع أي قلاقل، ولا أي طعون، وقد يفرض على شخص ما الترشح رغم عدم رغبته في الترشح للبرلمان، كي يفوز بسهولة لأنه أزاح مسبقا خصومه الأقوياء، كما قد يلتمس منه الترشح كي يفشل انتخابيا، وصارت الأموال تتحرك بين الجميع وفي مشهد مثير للغاية، وحينما تقع مفاجآت غير متوقعة، وهي قليلة يحسم التدخل بتغيير أوراق التصويت في الصناديق. بندورو: التحكم ولد قبل البصري يرى عمر بندورو، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق السويسي بالرباط، في عدد من حواراته الصحافية، أن تزوير الانتخابات قرار سياسي اتخذ من قبل القصر قبل وصول البصري إلى وزارة الداخلية، وهو مرتبط، في نظره، بنتائج الانتخابات التشريعية الأولى لسنة 1963 وبالتجربة البرلمانية التي تلتها (1963 – 1965).ويشرح بندورو "فبعد أن أثبتت الانتخابات التشريعية لسنة 1963 أن الأحزاب المتحدرة من الحركة الوطنية، أي حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، تحظى بثقة أغلب المواطنين، إذ حصلت على أغلب الأصوات المعبر عنها، وأثبتت كذلك التجربة البرلمانية الأولى (1963 – 1965) أن المؤسسة البرلمانية تكون عائقا لممارسة السلطة المطلقة للملك، اتخذ قرار إتباع إستراتيجية تهدف إلى تزوير الانتخابات وتشكيل أحزاب إدارية تابعة للسلطة السياسية العليا من أجل ضمان استمرار السلطة المطلقة في إطار نظام برلماني شكلي". وقال الباحث إن إدريس البصري لم يقم إلا بتنفيذ سياسة مبرمجة مسبقا وتفنن فيها الوزير السابق بطرق جديدة قائمة على إدماج بعض الأحزاب في إستراتيجية التزوير لإعطائها عددا معينا من البرلمانيين وعددا معينا من الحقائب الوزارية.

انتخابات الحسن الثاني بعيون مسؤول سابق بالداخلية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صحافيون قادة أحزاب 3 - رحاب: كنت قريبة من ارتداء الحجاب

شواطئ آسفي... سحر البحر وجمال الطبيعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات