لماذا تحول ليل رمضان، يوما عن آخر إلى سهرات وحفلات غنائية راقصة، يحرص الأفراد والأسر على حضورها؟ السهر وإحياء حفلات غنائية وراقصة خلال رمضان في المغرب، ليست وليدة اليوم، بل إن هذا التحول بدأ منذ الثمانينات من القرن الماضي، بالضبط في الوقت الذي رخصت فيه وزارة الداخلية للمقاهي والمطاعم والمراقص بفتح محلاتها ومزاولة أنشطتها الاقتصادية المصحوبة بالحفلات الموسيقية والأنشطة الترفيهية إلى غاية وقت السحور. كما كانت ولاية الرباط جلبت فرق الدقة المراكشية التي كانت تجوب أهم شوارع الرباط، باعثة فيها جوا من المرح. ومن هذه المرحلة بدأنا نلاحظ التحولات العميقة التي أدخلت على ليالي رمضان، التي انقسمت إلى قسمين: هناك من يحييها في الإكثار من التعبد من خلال الإقبال الكثيف على صلاة العشاء والتراويح بمساجد البلاد، أو زيارة العائلات وقراءة القرآن وحضور الصلوات الخمس بالمساجد. وفئة أخرى تستغل زمن الإفطار بالليل لارتياد المقاهي والمطاعم، أو المحلات التي تحيى فيها السهرات الغنائية والراقصة، خاصة تلك التي توجد على سواحل المدن الشاطئية يلاحظ أيضا إقبال متنام على استهلاك المخدرات خلال رمضان سيما في صفوف الشباب، بل حتى إن الدعارة تنشط خلال هذا الشهر، لماذا برأيك؟ للأسف تنقصنا دراسات سوسيولوجية ميدانية حول هذه الظاهرة، لذلك فالمعطيات المداولة ليست سوى مجرد انطباعات وملاحظات لا تكشف عن حقيقة الظاهرة. لكن في ما يعود إلى استهلاك المخدرات، هذا الاستهلاك يلاحظ أيضا خارج رمضان، وما يقوي ملاحظة استهلاك المواد المخدرة في رمضان هو احتمال غياب هذا التعاطي بفعل الصوم، وبروزه خلال زمن الإفطار، حيث تكون المقاهي ومحلات الغناء والرقص مفتوحة أمام الزبائن، على عكس نهار رمضان.أما في ما يعود لممارسة الدعارة، فنحن نعرف أن بائعات الهوى أيضا يصمن رمضان، ويمارسن نشاطهن خلال الليل، حيث تكون الحركة دائبة والزبائن متوفرون. نهار الصوم يقلص زمن الممارسة، لذلك قد تتكثف هذه الممارسة ليلا. ما الذي برأيك، جعل المجتمع المغربي يغير من عاداته وسلوكاته خلال شهر الصيام الذي كان مناسبة بامتياز لإحياء طقوس روحانية ليتحول اليوم إلى شهر المتعة والاستمتاع بمختلف ألوانه؟ لا يمكن أن ننطلق من أحكام قيمة حول رمضان بالمغرب، فالمغرب مازال بلدا، النسبة العالية من سكانه مسلمون، ومازال إحياء طقوسه الروحية وعاداته الدينية مستمرا لدى شرائح واسعة من السكان، خاصة في بعض مدنه العريقة في حضارتها وتدينها، ويكفي القيام بجولات قصيرة قرب مساجد المغرب قبيل وأثناء صلاة العشاء والتراويح كي نقف عند عمق الشعور بالتدين لدى المغاربة، فليس كل المغاربة من رواد المقاهي والمراقص وأماكن اللهو والتسلية. ويكفي أيضا أن تدخل إلى أي منزل مغربي لتشاهد مدى تعلق المغاربة بعاداتهم وطقوسهم المعتادة خلال رمضان.في المقابل، لا أحد يمتنع عن المتعة والاستمتاع، لكن أذواق الناس تختلف، هناك من يجدها في السهر وحفلات الرقص والغناء، وهناك، وهم النسبة الغالبة من المغاربة من يجدونها في أمور أخرى كارتياد المساجد وقراءة القرآن وصلة الرحم. أجرت الحوار: هجر المغلي