استبعاد الجدل الديني والوضعي

3 أسئلة < ما هو السياق الفكري والسياسي الذي يأتي فيه تعديل القانون الجنائي؟ السياق الفكري والسياسي والمجتمعي في القانون الجنائي واضح، أولا هناك مستجدات جديدة، أتى بها دستور يوليوز 2011، الذي جاء بمقتضيات حرمت العديد من الأفعال وطالب بتجريمها، وحتى نضمن فعالية المقتضيات الدستورية، يجب إدماج كل ما حرمه، وتجريمه في القانون المنظم، أي القانون الجنائي. نقطة ثانية أراها ساهمت في وجوب تعديل القانون الجنائي، تكمن في بروز ظواهر جرمية جديدة في العديد من المجالات، تقتضي معالجة ملائمة لهذا الوضع الجديد، مثلا ما تفرضه الأوضاع داخل السجون، ذلك أن الاكتظاظ دائما يشار بخصوص أسبابه إلى بعض جوانب النقص في السياسة الجنائية، ومنه أتت مسودة مشروع القانون بالعقوبات البديلة. فضلا عن ذلك، هناك أمور تم تجاوزها، وبالتالي لا يجب أن تظل بالقانون الجنائي، مادام لا طائل منها. في رأيي هذه المحددات الثلاثة، هي التي تكون الساق العام، أي بجوانبه السياسية والقانونية والاجتماعية. < ما هي المصادر المعتمدة في التشريع الجنائي المغربي، المرجعية الدينية أم المرجعية الوضعية؟ < تجب الإشارة إلى أن التشريع الجنائي المغربي تشريع وضعي، لأننا استلهمناه من المنظومة الفرنسية، فأول مدونة وضعناها في الموضوع كانت سنة 1962، وهذا أمر لا يحتاج إلى نقاش، أي أن القانون الجنائي قانون وضعي قد يلامس في بعض الجوانب قضايا لها علاقة بالمجال الديني، لكن هذا لا يعني ضرورة حضور الجانب الفقهي الديني في المسودة. وأعتقد أن هذا الجدل، وما إن كانت المسودة تستند إلى مرجعية دينية محافظة أو وضعية، يجب تجنيب الرأي العام الوقوع فيه، لأن هذه مسائل، دائما تكون خلافية، ولن تحسم بالنقاش العمومي. عادة، وحسب الممارسة المغربية، هذه أمور تحسم داخل لجان خاصة ومختصة تضم فقهاء ورجال القانون والسياسة، مثل ما وقع في مدونة الأحوال الشخصية، والطريقة التي تعامل بها جلالة الملك في قضية الإجهاض، فالنقاش العمومي جيد، لكن سيجعل كل طرف يتمترس وراء معتقده. لهذا أؤكد على أن مرجعية القانون الجنائي يجب أن تكون مرجعية وضعية. الأكثر من هذا أن وزير العدل والحريات أوضح المرجعيات التي استند إليها صدور مسودة القانون الجنائي، ضمنها المرجعية الدولية، أي التزامات المملكة، بخصوص حقوق الإنسان والاتفاقيات ذات الصلة بالإرهاب. < في هذا السياق، هل يخضع التشريع الجنائي لمنطق الخصوصية أم عليه أن يواكب مبدأ الكونية في حقوق الإنسان والحريات العامة؟ < القانون الجنائي يجب أن يساير حالة الجريمة بالبلاد، فهو قانون جاء لينظم وضعها بالبلاد ونحن لا نتحدث في الجريمة عن شق خاص وشق عام. بالطبع يتأثر المغرب بالتزامته الدولية، لأنه عندما يلتزم دوليا فهو أيضا مدرك لخصوصيته، إذا لم تتم مراعاتها في الالتزام، على الدولة تحمل المسؤولية، لكن أن تلتزم باتفاقية دولية وترفع بعدها شعار الخصوصية، فهذا لا يستقيم، حتى من زاوية القانون الدولي، الصريح في هذه النقط وينص على أنه لا يجوز التحجج والتذرع بالقوانين الداخلية للتنصل من الالتزامات الدولية. * أستاذ جامعي بكلية الحقوق بالدار البيضاء أجرت الحوار: هجر المغلي

استبعاد الجدل الديني والوضعي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الإعدام... بين الحق في الحياة والحق في الانتقام

بوانو يتوقع إبعاد الشوباني وبنخلدون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات