لم تكن المبادرة التشريعية المقدمة إلى مكاتب لجنة الشؤون الخارجية بالكونغريس الأمريكي، التي ستصنف بموجبها "بوليساريو" منظمة إرهابية، وثيقة عادية في مسار ملف الصحراء، بالنظر إلى أنها تحظى بموافقة الحزبين الحاكمين الجمهوري والديمقراطي، في شخص النائبين جو ويلسون وجيمي بانيتا. الخطير في وثيقة "جو" و"جيمي" أنها عددت الحقائق المعتمدة للمطالبة بتصنيف الجبهة كيانا إرهابيا، بدءا من هجوم 27 يونيو الماضي بإطلاق خمس مقذوفات سقطت قرب مدرسة وثكنة تابعة لبعثة "مينورسو" بالسمارة، أكدت الميليشيا في بيان لها تبنيها لهذا العمل الهمجي واستمرارها في فعل ذلك، إضافة إلى هجومين آخرين في 28 و29 أكتوبر 2024 على المدينة نفسها، ورابع على المحبس يوم 10 نونبر 2024. وعادت الوثيقة إلى هجوم الكركرات وما تلاه من رد مغربي حازم أمن المنطقة بصفة نهائية، دون أن تغفل اختطاف متطوعين إسبانيين في الأعمال الإنسانية بين نواذيبو ونواكشوط على يد المسمى "عمر الصحراوي"، واختطاف أوربيين من الرابوني في أكتوبر 2011، مذكرة بثبوت مسؤولية "بوليساريو" في استهداف وقتل مدنيين من أمريكا وفرنسا وإسبانيا، سنوات السبعينات. ولم تسلم الجزائر من فضح مؤامراتها في متن الوثيقة التي ذكرت بوجود الجبهة فوق تراب مشجع تابع لدولة مدعمة ومؤطرة للعمل الإرهابي، وارتباط الميليشيا بنظام دولة جارة تحتضن الانفصال وتغذيه في سياق إقليمي مرتبط بالساحل الذي تتقاطع فيه مسارات جماعات الجريمة العابرة للحدود وتنظيماتها الإرهابية، وبتنامي الجرائم في مخيمات تندوف. وذكر النائبان بما كشفته وثائق مسربة من قبل منظمات إنسانية تعمل في مجال توزيع المساعدات، أن عدد الصحراويين يكاد ينعدم بين صفوف مقاتلي "بوليساريو"، التي أصبحت تتشكل في أغلبها من مرتزقة يتم استقدامهم من دول أخرى، إذ تتضمن السجلات المرافقة لمشروع القانون أرقاما تفيد وجود 28 ألف مالي و12 ألف كوبي و19 ألف جزائري و9 آلاف من شمال تشاد والسودان. ونبهت الجهات المسربة إلى خطر وجود أكثر من 20 ألف مرتزق بدون وثائق هوية، ما يؤكد تحذيرات سابقة بالتجنيد المتبادل بين الجبهة الانفصالية والجماعات الإرهابية، خاصة بعدما كشفت عمليات تفكيك عديدة لخلايا إرهابية مرتبطة بالجماعات الجهادية النشطة في منطقة الساحل والصحراء، عن وجود روابط بين "بوليساريو" والإرهاب، ما كرس مخيمات تندوف بيئة مناسبة لظهور حركات إرهابية في العقدين الأخيرين. وحذرت تفاصيل الوثيقة من مستقبل مقلق في المنطقة، بسبب استغلال الجبهة المسلحة توفر الأسلحة على نطاق واسع، من أجل تبادل التجنيد مع حركات إرهابية بهدف تنفيذ أجندة تدميرية. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma