مسؤولون أقاموا بفندق على حساب شركة وتسلموا هدايا واقتنوا 14 شاحنة غير صالحة ربط المسؤولية بالمحاسبة في الصفقات الداخلية للأمن، هو العنوان الأبرز لمحاكمة كبار ضباط المديرية العامة للأمن الوطني. وأصبحت جل الصفقات تخضع لمراجعات دقيقة من قبل لجن افتحاص داخلية للتأكد من مدى مطابقتها لشروط دفاتر التحملات. وهز استيراد شاحنات غير صالحة لضخ مياه تفريق الشغب مقابل رشوة من شركة كورية، وأيضا استيراد خيول لمسابقات الحواجز تبين أنها مريضة واختفاء أجهزة لمصحة متنقلة وآليات نصب السدود القضائية "البراجات" أركان مديرية التجهيز والميزانية ومدرسة الخيالة. إنجاز: عبد الحليم لعريبي تصدت المديرية العامة للأمن الوطني في الشهور الماضية إلى صفقات الأمن الفاسدة والتلاعب بالأموال وإقصاء الشركات المنافسة ومحاباة أخرى، مقابل الحصول على رشاو وامتيازات. وباتت لجن التدقيق الداخلي تراجع مختلف الصفقات سيما المبرمة مع شركات أجنبية، للوقوف على مدى جدية العروض الموافق عليها ومطابقتها مع شروط ودفاتر التحملات. وأطاحت التلاعبات بعدد كبير من مسؤولي الأمن، سيما بمديرية الميزانية والتجهيز المسؤولة الأولى على تمويل مختلف الصفقات. رشوة من شركة كورية أطاحت أبحاث داخلية إدارية بعدد من المسؤولين بمديرية التجهيز والميزانية، بعدما تسلم ضباط كبار بمديرية التجهيز والميزانية والقيادة العامة لحفظ النظام، رشوة من شركة بكوريا الجنوبية مقابل تسلم عتاد وإقصاء شركات دولية أخرى. وفجرت الفضيحة إقامة أربعة مسؤولين أسبوعا كاملا، على حساب نفقة الشركة بالعاصمة سيول، وسلمتهم هدايا عبارة عن لوحات إلكترونية، فهمت منها لجنة افتحاص أنها محاباة ورشوة لإقصاء شركات أخرى أوربية، وأيضا مقاولة أخرى بكوريا منافسة رئيسية للشركة النائلة للصفقة متخصصة في بيع شاحنات ضخ ذاتي للمياه لتفريق المحتجين، رغم أن مديرية الأمن منحتهم 30 ألف درهم للمسؤول الواحد، نفقات للسفر. تحقيقات خلص المحققون إلى ارتكاب المسؤولين خروقات، تزامنت مع اكتشاف توفرهم على عقارات ومنقولات، سيما بعد فضيحة وصول 14 شاحنة لتفريق المحتجين تبين أنها غير صالحة وبها أعطاب. المتورطون في هذا الملف، المسؤولون الأربعة الكبار الذين بعثتهم مديرية الميزانية والتجهيز إلى سيول، ويتعلق الأمر بعميد إقليمي يشغل رئيس قسم حظيرة السيارات، وقائد وحدة رئيس قسم وحدات المحافظة على النظام بمديرية الأمن العمومي، وعميد ممتاز بقسم المشتريات، وأيضا عميد شرطة، كما توبع مستشار شركات أجنبية وبائع للحلي والمجوهرات بمكناس، إضافة إلى امرأة أخرى تتحدر من العاصمة الإسماعلية، وضابط أمن بمديرية الأمن العمومي. حضور استعراض تبين أن المسؤولين الأمنيين، الذين زاروا الشركة الكورية بالعاصمة سيول، حضروا استعراضا للشرطة حول كيفية استعمال الشاحنات وطريقة ضخها المياه وتفريق المحتجين، في الوقت الذي توجد شركة أخرى تعتبر منافسة قوية للشركة التي باعت الشاحنات غير الصالحة للمديرية العامة للأمن الوطني. وتبين أن الشاحنات تعرضت لأعطاب متكررة، رغم أنها مازالت في فترة الضمان، كما هو الحال للشريحة الإلكترونية لشاحنات ثكنة التدخل بالرباط، وعطب بمفتاح إيقاف التشغيل بشاحنة بالبيضاء، والأمر نفسه بثكنات التدخل ببني ملال والداخلة ومراكش والحسيمة، وتم تسجيل تشققات بخزانات الضخ وإتلاف الشرائح الإلكترونية التي تلعب دورا في التواصل مع قيادة العمليات، انطلاقا من الشارع العام، وأيضا شرائح التحكم في توجيه قاذفات المياه لمختلف الاتجاهات أثناء التدخل. وخلصت التحقيقات إلى أن مطابقة العناصر الضرورية للشاحنات تجعلها دون نفع، علما أن المعطيات المتلفة تلعب دورا كبيرا في توثيق التدخلات وبثها على المباشر إلى قاعة القيادة، وجرى تسجيل ذلك رغم أن هذه الشاحنات مازالت جديدة. المطالبة بخبرة اعتبرت هيأة دفاع المسؤولين الأمنيين في مناقشة الدفوع الأولية، أن الشركة الكورية أخبرت المديرية العامة للأمن بأن عناصرها الأربعة سيقيمون على حسابها بالفندق، وأنه كان هناك إخبار سابق، وطالبت بإجراء خبرة ميكانيكية على شاحنات تفريق الشغب، كما طالب بعض المحامين بإجراء خبرة حسابية على ممتلكات المسؤولين الأمنيين، بعدما أكدت المحاضر المنجزة أن بعضهم له ممتلكات لا تتناسب وطبيعة وضعهم الاعتباري والاقتصادي. والتمست هيأة الدفاع أيضا بإحضار أصل الوثائق المتعلقة بطلبات العروض والصفقات، بعدما أوضحت المحاضر أنها مزورة، وأن هناك حذفا لأرقام وجمل، ومعطيات لتفادي السقوط في مغبة المتابعة القضائية، كما التمست إحضار مدير الميزانية والتجهيز الذي أبرمت في عهده هذه الصفقات، إضافة إلى استدعاء المصرحين. واستجابت الغرفة لاستدعاء بعض المصرحين دون مدير الميزانية والتجهيز، كما قبلت إحضار بعض أصول وثائق صفقات الضخ. تكييف كيفت قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف هذه المعطيات، إلى جناية الارتشاء بتلقي مبالغ وهدايا للقيام بعمل غير مشروع، إضافة إلى جنايات أخرى تتعلق بتكوين عصابة إجرامية واختلاس وتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ وإفشاء السر المهني والتزوير والمشاركة في ذلك كل حسب المنسوب إليه في الواقعة. زجر مسؤولين بعد مراحل من المحاكمة أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، عقوبات زجرية في حق المسؤولين الكبار بمديرية التجهيز والميزانية ومديرية الأمن العمومي، بعدما اقتنع قضاة الغرفة بتلقيهم رشوة من الشركة الكورية الجنوبية أثناء زيارتهم لها، من أجل إبرام صفقات اقتناء شاحنات للضخ الذاتي للمياه الخاصة بتفريق مظاهرات الشغب، قبل أن يتبين أن أسطول الشاحنات غير صالح. وصفعت الغرفة عميدا إقليميا رئيس قسم حظيرة السيارات بمديرية الميزانية والتجهيز بعقوبة أربع سنوات ونصف سنة حبسا نافذا، كما قضت في حق عميد ممتاز رئيس قسم مشتريات السيارات بعقوبة ثلاث سنوات ونصف سنة حبسا نافذا. ونال رئيس قسم وحدات الحفاظ على الأمن العام بمديرية الأمن العمومي عقوبة سنتين ونصف سنة حبسا نافذا، وغرامة 11 مليونا لكل واحد منهم. وتم الحكم على عميد مسؤول كان مكلفا بسكرتارية مدير الميزانية بسنتين ونصف سنة حبسا بدوره، فيما نالت زوجته عقوبة عشرة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ، وغرامة 5000 درهم لكل واحد منهما. أما ضابط الأمن الذي جرب الشاحنات دون أن يدلي لمسؤوليها بأعطابها، فكان نصيبه سنتين حبسا نافذا، فيما نال مستشار شركات يحمل الجنسية الفرنسية سنتين ونصف سنة حبسا نافذا، كما عوقب بائع للمجوهرات يتحدر من مكناس بعشرة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، وغرامة 5000 درهم لكل واحد منهم. وبخصوص المطالب المدنية قضت الغرفة بمليار و200 مليون لفائدة المديرية العامة للأمن الوطني التي انتصبت طرفا مدنيا في النازلة، بعدما كشفت لجنة افتحاص داخلية أداء قيمة صفقات دون عتاد صالح، بعد إقصاء شركات منافسة بكل من إيطاليا وفرنسا والنمسا وألمانيا، وأيضا مقاولة أخرى بكوريا الجنوبية. خيول مريضة... قصة أخرى بعدما انتهت المديرية العامة للأمن الوطني من أبحاثها في قضية شاحنات ضخ المياه الفاسدة، وأناطت البحث بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وأحيل المسؤولون على الوكيل العام للملك بالرباط، ليتم إيداعهم بالسجن بأمر من قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال، بدأت الأبحاث في قضية ترتبط باستيراد خيول مسابقات الحواجز لفائدة مدرسة الخيالة للشرطة بتمارة. تبين أن الاختلالات الجديدة أظهرت تلاعبا في صفقة اقتناء خيول من هولندا، بعضها اتضح أنه مريض، واقتني بـ 50 مليونا، كما جرى التلاعب أيضا في معدات صفقات تتعلق بالمصحة المتنقلة لتلك الخيول، بعدما أكدت لجنة التفتيش عدم وجود أجهزة طبية بيطرية مخصصة لعلاج الخيول المستوردة. ووقفت لجنة التدقيق الداخلي على أن الصفقات لم تحترم مجموعة من الشروط، كما أن الخيول المستوردة لفائدة المشاركات في سباق الحواجز لم تكلل بالنجاح، بعدما أظهر التحري أن أغلبها مريض وأن القيمة المالية المؤداة لفائدة الشركة الأجنبية ضخمة، ممثلة في الفواتير المدلى بها لفائدة مديرية الميزانية والتجهيز. وبعدما انتهى قضاة الجرائم المالية من مناقشة موضوع الخيول المريضة واختفاء أجهزة المصحة المتنقلة، انتقلوا إلى استفسار المتهمين عن صفقات أخرى تتعلق بآليات الحواجز الأمنية بالطرقات "البراجات" التي عرفت بدورها تلاعبات من قبل المسؤول عن حظيرة السيارات بمديرية الميزانية والتجهيز السابق. وتوبع المسؤول عن حظيرة السيارات الذي أدين في ملف سابق بأربع سنوات حبسا نافذا ونصف سنة، في قضية ترتبط باستيراد شاحنات ضخ المياه المخصصة لمحاربة الشغب. عقوبات جديدة أصدرت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بالرباط، الاثنين الماضي، عقوبات حبسية في حق المسؤولين المتورطين أولهم المدير السابق لمدرسة الخيالة. ونال المدير السابق، وهو برتبة مراقب عام، عقوبة ثلاث سنوات ونصف سنة حبسا نافذ، وأداء تعويض قدره 500 مليون لفائدة المديرية العامة للأمن الوطني، التي انتصبت ضده طرفا مدنيا، بعد متابعته من أجل جرائم اختلاس وتبديد أموال عمومية والمشاركة في صنع، عن علم، شهادة تتضمن بيانات كاذبة والمشاركة في التزوير في محررات تجارية. كما أصدرت الغرفة في حق عميد إقليمي كان مسؤولا عن قسم حظيرة السيارات عقوبة سنتين ونصف سنة حبسا نافذا، وهي العقوبة التي نالها عميد آخر كان يشتغل بمديرية الميزانية والتجهيز بحي أكدال بالرباط، مع الحكم عليهما بتعويضات تفوق 200 مليون لكل واحد منهما، بعد متابعتهما بجريمة تبديد أموال عمومية. أما أربعة وسطاء وأصحاب شركات وردوا للمديرية العامة للأمن الوطني عددا من الخيول من بلجيكا وهولندا، فنال كل واحد منهم سنتين حبسا نافذا، كما قضت المحكمة بتعويضات متفاوتة لفائدة مديرية حموشي في حقهم، فيما نالت ابنة صاحب شركة موردة البراءة. العناصر المكونة لجريمة الاختلاس تبقى العناصر المكونة لجرائم الاختلاس والتبديد واضحة ولا بد من توفر أركانها، وهي صفة الجاني والفعل المادي المرتكب وتسلم الأشياء بمقتضى الوظيفة، ثم أيضا الركن المعنوي. وغالبا ما ترتبط جريمة اختلاس المال العام بجريمة استغلال النفوذ التي لا يرتكبها إلا الموظف العمومي بالمفهوم، الذي حدده الفصل 242 من القانون الجنائي الذي جاء فيه: "يعد موظفا عموميا في تطبيق أحكام التشريع الجنائي كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه في حدود معينة بمباشــرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح أو الهيآت البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفـــــع عام". الفصلان 241 و242 من القانون الجنائي نص الفصل 241 من القانون الجنائي أنه يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقولات موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها . ونبه الفصل إلى أنه إذا كانت الأشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة تقل قيمتها عن ألفي درهم، فإن الجاني يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات. أما الفصل 242 من القانون الجنائي فنص على أن كل قاض أو موظف عمومي أتلف أو بدد مستندات أو حججا أو عقودا أو منقولات ائتمن عليها بصفته تلك أو وجهت إليه بسبب وظيفته وكان ذلك بسوء نية أو بقصد الإضرار، فإنه يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات. وتبقى جريمة الاختلاس تعتمد على مبدأ إخلال الموظف بالثقة والأمانة التي أولتها إياه الدولة، حيث تعتبر من الأمور التي يجب على الموظف المحافظة عليها، فإذا استولى على المال الذي وضع بين يديه أو على أي شيء يدخل في حكمه بسبب وظيفته، يعد مرتكبا لجريمة الاختلاس المعاقب عليها.