بودن: قرار المحكمة الأوربية مشحون سياسيا

الخبير في القضايا الدولية قال إن الاتحاد الأوربي مطالب بإزالة المخاطر عن القضايا الحساسة في علاقاته مع المغرب خلف قرار محكمة العدل الأوربية بخصوص اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحة مع المغرب، الكثير من الجدل في الأوساط الأوربية والمغربية، على حد سواء. وسارعت وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي إلى الرد على القرار، مؤكدة أنها «غير معنية بتاتا» بقرار محكمة العدل، التابعة للاتحاد الأوربي، الذي أبطل اتفاقين تجاريين مبرمين بين الرباط والاتحاد الأوربي بشكل نهائي. وأكدت الخارجية في بيان لها، أن "المغرب ليس طرفا في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوربي من جهة وبوليساريو من جهة أخرى»، مضيفة أن «مضمون القرار تشوبه العديد من العيوب القانونية الواضحة وأخطاء في الوقائع محل شبهات». وطالبت وزارة الخارجية "المجلس والمفوضية الأوربية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي باتخاذ التدابير اللازمة من أجل احترام التزاماتها الدولية، والحفاظ على مكتسبات الشراكة"، مضيفة أن المغرب "يجدد التأكيد على موقفه الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية». وقضت محكمة العدل بإبطال اتفاقين تجاريين مبرمين بين المغرب والاتحاد الأوربي بشكل نهائي، يعودان لـ 2019، ويتعلقان بالصيد والفلاحة. وفي تعليق على القرار، قال محمد بودن، الخبير في القضايا الدولية المعاصرة، إن قرار محكمة العدل الأوربية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري، الموقعين في 2019، لم يقدم أي مساهمة قانونية في الفقه القانوني الدولي بشأن ملف الصحراء المغربية، بل أفرط في إدراج بعض المفاهيم المشحونة سياسيا في متن القرار. وأكد بودن أنه من الناحية القانونية، يمكن تناول قرار المحكمة عبر تقديم خمس حجج تؤكد أنه قرار معيب، أولاها أن قرار محكمة العدل الأوربية بناء على تأويل ضيق ووقائع مصطنعة، خالف روح ميثاق الأمم المتحدة ( الموقع في 1945 )، سيما المقتضيات الواردة في المادتين 01 و 73 منه، فضلا عن قراءة مجتزأة وطارئة لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ( المبرمة في 1969)، والتغاضي عن المادة 26 ، التي تنص على أن العقد شريعة المتعاقدين، والمادة 27 التي تمنع على أي طرف أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي مبررا لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة، مشيرا إلى أن محكمة العدل الأوربية ارتكزت على القانون الأوربي الداخلي. أما الحجة الثانية، يقول بودن، فتهم الوقائع التي ارتكزت عليها المحكمة، والتي تقع خارج نطاق القانون الأوربي بسبب موضوع القضية، التي تتمتع فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن بولاية حصرية، وبالتالي لا يمكن لمحكمة العدل الأوربية أن تقوم بإنشاء اختصاص لا يتوفر لها، ومنح خصائص قانونية وواقعية لكيان وهمي لا شرعية له، لتمثيل السكان المحليين. وأوضح بودن في الحجة الثالثة، أنه لا يمكن للمحكمة تفسير مبادئ تقرير المصير بمنطق أحادي، دون أن تأخذ بعين الاعتبار، الآراء الفقهية (تقرير المصير الداخلي ديمقراطيا وتنمويا)، والاجتهادات القضائية (أحكام محكمة الاستئناف بلندن ومحكمة تاراسكون ...)، والقرارات السيادية للدول التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي، سيما 19 دولة أوربية منها. وبرأي المحلل السياسي، فإن قرار محكمة العدل يتضمن عبارات لا يمكن تفسيرها إلا في الإطار السياسي، وهي بعيدة عن الولاية القضائية لمحكمة العدل الأوربية أو الإطار القانوني لعملها، ورغم عدم قدرة المحكمة على تحديد معنى ونطاق "شعب الصحراء الغربية"، إلا أنها جازفت وارتكزت على سردية وهمية مشحونة بالخلفيات السياسية في صياغة قرارها. وأكد الخبير في القضايا الدولية، أن محكمة العدل لم تأخذ بعين الاعتبار انعكاس التنمية على واقع عيش السكان في الصحراء المغربية، واستقرار المنطقة، وتعزيز المملكة المغربية، عبر شراكات دولية متنوعة واتفاقات مع أطراف متعددة، وفرص الاستثمار والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية. كما لم تنقل الحقيقة بصورة أوفى، ما يجعل قرارها يفتقد التمحيص اللازم في العمل القضائي. وفي قراءته للقرار، أكد بودن أن العبارات والمفاتيح الواردة فيه بعيدة عن الواقعية والتناسب، ومع إيلاء الاعتبار الواجب لنية المحكمة، وافتراض عدم الدراية ببعض الوقائع، فإنه يمكن استخلاص توجه القرار ليس فقط من بعض بنوده وأحكامه القطعية، ولكن أيضا من السياق الذي صدر فيه، وظروف إعداده باستحضار نهاية أكتوبر الجاري، الذي سيكون موعدا لبحث وتبني مشروع قرار أممي جديد بشأن ملف الصحراء المغربية، فضلا عن عمل المغرب على تأكيد أحقيته الجوية والبحرية على صحرائه. إن قرار محكمة العدل الأوربية، من الناحية الإستراتيجية والسياسية يجعل العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوربي تعيش تناقضات واضحة ودوامة من التطورات، التي تؤثر على مصادر الثقة والاستقرار في العلاقات بين الجانبين، وفي سياق تشهد فيه العلاقات الثنائية بين المغرب وعدد من البلدان الأوربية مراحل جديدة وغير مسبوقة من التراكم في الثقة والشراكة. برحو بوزياني المطلوب مخاطب أوربي واحد إن الاتحاد الأوربي، يقول بودن، مطالب بالعمل على إزالة وتحييد المخاطر عن بعض المسائل المهمة والحساسة في علاقاته مع المغرب، كما أنه بحاجة إلى نهج موحد ومنسق للتعامل مع المغرب، ولا يمكن التعامل مع الاتحاد الأوربي بأكثر من مخاطب وتوجه، داعيا إلى ضرورة وضع إستراتيجية أوربية متماسكة وواضحة مع المغرب ومصالحه العليا ومسارات العمل المشترك. وخلص الخبير في العلاقات الدولية إلى أن الرسالة التي ينبغي أن تصل لمختلف مراكز القرار العالمي، هي أن الصحراء المغربية، تعتبر النظارة التي يقيس بها صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، ومن هذا المنطلق فالمغرب متمسك بتنويع شراكاته وفق هذه القاعدة، ومن المسلم به أن أي شريك تقليدي، أو جديد للمغرب لا يلتزم باحترام سيادة المغرب على صحرائه، لن يكون قادرا على المنافسة في السوق المغربية الغنية بالفرص.

بودن: قرار المحكمة الأوربية مشحون سياسيا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الذكاء الاصطناعي يدخل "الأولى"

"الكوديم" يتنفس الصعداء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات