ارتفاع حالات الاعتداء الجنسي يؤشر على وجود خلل في المنظومة التربوية والأسرية أماط توالي أحداث التحرش والاغتصاب وهتك العرض ومختلف أنواع الاعتداءات الجنسية، التي صار الشارع المغربي مسرحا لها، اللثام عن ظاهرة "الكبت الجنسي"، ليتحول الأمر إلى نقاش مجتمعي حول أسباب تكرار هذه الممارسات التي تجاوزت حالة معزولة لتصبح شبه ظاهرة شاذة، تستدعي التحليل والتفاعل معها، بحثا عن الأسباب والحلول لمحاصرتها، قبل أن تتطور من سلوكات تثير الرعب والخوف في نفوس الضحايا وعائلاتهم، إلى أفعال خطيرة تهدد استقرار مجتمع بأسره. لا يكاد يمر يوم دون أن تشهد مدينة أو إقليم وقائع تحرش أو اعتداء جنسي، إما اغتصاب فتاة أو متزوجة أو هتك عرض طفل، إذ رغم تعدد الوقائع والاختلاف في تفاصيلها، إلا أن مضمون الاعتداء الذي يعبر عن كبت جنسي بدأ يظهر للعيان بشكل لافت ومقلق. وفي الوقت الذي شكلت وقائع التحرش الجنسي والاغتصاب وهتك العرض مادة دسمة لوسائل الإعلام، التي تشتغل على هذه المواضيع لدق ناقوس الخطر ، أثارت الظاهرة انتباه الباحثين في علم الاجتماع وعلماء النفس وتفاعلوا معها لللقيام بأبحاث لسبر أغوارها، بحثا عن وصفة علاج تحاصر سلوكات مرضية مقلقة للرأي العام. وأمام توالي حالات الاعتداءات الجنسية داخل البيوت والشارع، سارع الإعلام لتسليط الضوء على وقائع تختلف في الطرق وتتوحد في نهايات مأساوية، وتم الاشتغال على موضوع الكبت الجنسي في محاولة للبحث عن أجوبة شافية عن سلوكات تتداخل فيها عوامل تدني القيم وعقد نفسية حادة وخلفيات مجهولة، وهو ما تفاعلت معه "الصباح" التي قررت المساهمة في النقاش لإثرائه سعيا لمحاصرة المعضلة وبحثا عن حلول جماعية لمشكل يتربص باستقرار الأسرة والمجتمع. موضوع الكبت الجنسي، يستدعي تنظيم ندوات وموائد نقاش والإشراف على ورشات تكوينية وحملات تحسيس وسط الشارع والمؤسسات التعليمية، تحصينا للنشأة من سلوكات تبدأ بمزاح ثقيل وتنتهي بجرائم مرعبة، تسقط ضحايا وتخلف وحوشا بشرية كانت إلى عهد قريب فئة يعول عليها للمساهمة في رقي المجتمع. استغلال أب لابنته جنسيا من بين الحالات التي تكشف معضلة الكبت الجنسي، الفضيحة التي صعقت سكان منطقة سبت الكردان بإقليم تارودانت، بعد تفجر واقعة استغلال جنسي لفتاة من قبل والدها، الذي قرر تعطيل ضميره وصفته الأبوية لإشباع نزواته الشاذة. وكشفت حينها التحقيقات، أن الجاني البالغ من العمر 50 سنة، اعتاد تفريغ كبته الجنسي عبر ممارسة الشذوذ على ابنته البالغة من العمر 19 سنة، بعد أن تجرأ في المرة الأولى على استباحة جسدها باغتصابها بشكل وحشي. ومن الأمور التي تؤكد التداعيات الخطيرة للكبت الجنسي، اعتياد الأب على معاشرة ابنته معاشرة الأزواج لسنوات قبل بلوغها 19 سنة، مستغلا عدم تجرؤ الضحية على فضح ما تتعرض له، خوفا من تداعيات الفضيحة وبطش والدها الذي كان يهددها. وفي الوقت الذي اعتقد فيه الوحش البشري أن صمت فلذة كبده، سيمكنه من مواصلة استغلالها جنسيا، تم افتضاح القضية، بناء على قرار الضحية مصارحة خطيبها بتفاصيل الاستغلال الجنسي، الذي تتعرض له من قبل والدها، بعد إصرار والدها على رفض زواجها ممن تقدم لخطبتها، دون تقديم سبب مقنع للخطيب وعائلته. وأمام تساؤلات خطيبها عن السبب الحقيقي لرفض والدها تزويج ابنته، كانت الحقيقة صادمة، حين كشفت الشابة أن الأب يرفض الموافقة على زواجهما لأنه اعتاد ممارسة شذوذه عليها، وهي المعطيات التي صدمت الشاب الذي قرر التوجه إلى مصالح الدرك الملكي وتقديم شكاية ضد والد الفتاة، التي أحبها وارتضاها زوجته المستقبلية. وتفاعلت مصالح الدرك الملكي مع شكاية الخطيب، ليتقرر فتح تحقيق في القضية بالاستماع إلى الضحية، التي أكدت ما جاء على لسان خطيبها، مشيرة إلى أن والدها اغتصبها قبل مواصلة استغلالها بشكل دائم وسط بيت الأسرة دون مراعاة لرابطة الأبوة والبنوة، التي تحرم إقامة علاقة بينهما، رغبة منه في إشباع مكبوتاته. واستنفرت المعطيات الخطيرة مصالح الدرك الملكي، التي قررت إيقاف المشتبه فيه واعتقاله، حيث لم يجد بدا من الاعتراف بممارساته غير السوية، التي تساهم في الإخلال بميزان استقرار المجتمع. مدرب يغتصب معاقة تتعدد حالات الكبت الجنسي لتكشف جرائم بشعة لم تراع الحالات الإنسانية لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يفترض دعمهم والعناية بهم، عوض التربص بهم واستغلالهم في إشباع الغريزة الجنسية. ولعل ما وقع بحي الداوديات بمراكش، من اعتداء جنسي على قاصر بالعنف، من قبل مدربها الرياضي في مركز لذوي الاحتياجات الخاصة، يكشف التداعيات السلبية لتطورات سلوكات مرضية تنتشر في صمت. وتتلخص حكاية الواقعة، في أن المتهم اغتصب الضحية المعاقة ذهنيا، بعد استدراجها إلى أحد الأمكنة، مستغلا خلو المكان ليقوم دون تردد بالاعتداء عليها، إلى أن قضى وطره منها لتعود إلى بيتها دون أن تكشف ما تعرضت له. وافتضحت جريمة المدرب، بناء على اكتشاف والدتها لآثار اعتداء جنسي على جسدها، وهو ما جعلها تتقدم بشكاية إلى المصالح الأمنية، التي قررت إخضاعها لفحص طبي للتأكد مما إذا كانت قد تعرضت لهتك عرضها، قبل أن تؤكد النتيجة أن الضحية تم اغتصابها. واعتمادا على نتائج الفحص الطبي، الذي كشف تعرض الضحية للاغتصاب، انتقلت المصالح الأمنية التابعة لولاية أمن مراكش إلى مسرح الجريمة للقيام بإجراءات البحث والمعاينة، التي تقرر أن تشمل المركز الذي تقضي به يومها، وهو ما انتهى باعتقال الفاعل بعد أن أشارت إليه الضحية وسط باقي الموظفين والأطر. وبعفويتها أشارت الضحية إلى المتهم الحقيقي بأنه هو الفاعل، ليتم اعتقاله ونقله للتحقيق معه حول فعله الجرمي، قبل إحالته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش لإحالته على المحاكمة على فعل جرمي عمق جراح ضحية لا حول لها ولا قوة. التحرش بطفل وسط حمام شعبي جرائم الكبت الجنسي، لا تستهدف فئة الجنس اللطيف أو فئة عمرية محددة، بل أضحت تسقط ضحايا من صنف الذكور ضمنهم قاصرون وفي فضاءات عامة. ومن ضمن الحالات، قضية التحرش الجنسي بقاصر وسط حمام شعبي بشيشاوة، حيث حاول الجاني جعل فضاء الاستحمام مسرحا لتفريغ مكبوتاته. وفي الوقت الذي اعتقد الجاني أن القاصر سيكون لقمة سهلة، تفاجأ بنهره من قبله، إثر تأكد الطفل أنه سيقع فريسة ل"شاذ جنسيا"، مباشرة بعد التحرش به، وهو ما دفعه إلى نهر الشخص الغريب أمام استغراب بعض المستحمين الذين كانوا في قاعة أخرى، قبل التوجه مسرعا لإخبار عائلته بحيثيات الواقعة. وانطلقت حكاية التحرش الجنسي، بعد أن عرض الجاني على الضحية المساعدة في تحميمه، وهو ما وافق عليه القاصر بحسن نية، قبل أن يجد نفسه ضحية لممارسات شاذة تستبيح مناطق حساسة من جسده. وتم إيقاف المتهم العشريني، بناء على شكاية توصلت بها المصالح الأمنية بشيشاوة من أسرة الضحية، إثر إبلاغها من قبل ابنها بواقعة التحرش التي تعرض لها وسط حمام شعبي ومحاولة الاعتداء عليه جنسيا داخل فضاء الاستحمام من قبل أحد الشباب. وفور توصل الشرطة بشكاية تتعلق بالتحرش بقاصر داخل حمام شعبي ومحاولة الاعتداء عليه جنسيا، استنفرت مختلف عناصرها وانتقلت إلى مسرح الحادث وباشرت أبحاثا ميدانية وتحريات دقيقة، إضافة إلى الاستماع إلى شهود عيان، ما مكن من التوصل إلى هوية المشتبه فيه الذي تم اقتياده للتحقيق معه حول الأفعال الإجرامية المنسوبة إليه. وخلال الاستماع إلى الضحية بحضور ولي أمره، كشف تفاصيل الاعتداء عليه، بينما حاول المشتبه فيه في البداية إنكار التهمة الموجهة إليه، مدعيا أنه لم تكن له أي نية في ممارسة الجنس على الطفل. وأثناء مواجهة الموقوف بتصريحات الضحية وتفاصيل الاعتداء، انهار ساعتها ولم يجد بدا من الاعتراف بالأفعال المنسوبة إليه، مشيرا إلى أنه كان يرغب في التغرير به واستدراجه لممارسة الجنس عليه، لتتقرر إحالته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش لفائدة البحث والتقديم، قبل أن يقرر متابعة المتهم في حالة اعتقال بعد إقراره بفعله الجرمي. محمد بها